الخوف على نفسي وعائلتي
يُواجه “المؤمن الجديد بالمسيحية” صراعات ومخاوف نفسية وروحية قوية، يفرضها عليه مجتمع، لا يؤمن بحرية الرأي والعقيدة، مجتمع مسجون في أشكال وأنماط محددة للفكر والشكل والرأي، وهنا ينتاب العابر ذلك الشعور بعدم الأمان والرفض، متوقعًا السيناريو الأسوأ، ويظل يُفكر في حياته وأسرته وعائلته وأصدقائه خوفًا من أن يتأذوا بسبب اختياره الحر، ويخرج منهكًا من التفكير بدون حل واضح.
ولحل هذه المعضلة فلنضع “قاعدة ذهبية” بسيطة تنير لنا الطريق وتذيب التعقيد عن الأمور. القاعدة هي، كلما شعرت بالخوف اسأل نفسك: “ما نوع هذا الخوف هل هو “خوف صحي” أم “خوف مَرَضي”؟
هناك نوعان من “الخوف”، الخوف الصحي والخوف المَرَضي، وقد اصطلح الكتاب المقدس على تسمية النوع الأول بـ “مخافة الله”؛ كما ورد في سفر يشوع بن سيراخ: “رأس الحكمة مخافة الله، إنها تولدت في الرحم مع المؤمنين”، ولاحظ أن عبارة “مخافة الله” مساوية – في معناها – لعبارة “محبة الله”؛ بكلمات أخرى، كلما اشتعلت محبة الخالق في قلبك، أحببت ما يجعلك بقربه، وتملكك الخوف من كل المشاعر والأفعال التي تغضبه. بينما “الخوف المَرَضي” خوف مُهلك، يُشير إليه الكتاب المقدس بأن عدوه الأول هو “المحبة” قائلاً في رسالة يوحنا الأولى 4: 18: “المحبة الكَامِلة تَطْرَح الخوف إلى خَارِجٍ”؛ واضعًا المحبة في مقابل الخوف.
وقد جمع الرب يسوع نوعي الخوف في جملة واحدة، وبكلماتٍ صريحة طلب منا ألا نخاف على أنفسنا، وقدم لنا دعوة أن نمتلأ من الخوف الصحي ونرفض الخوف المرضي، كما هو وارد في إنجيل متى، قائلاً: ولا تخافوا من الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الجسد (الخوف المرضي)، ولكن النفسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بالحريِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِر أن يُهْلِكَ النفسَ والجسد كليْهما فِي جَهَنمَ (الخوف الصحي)”. ويؤكد بوعدٍ صريح قائلاً: “وأما أنتم فَحَتَّى شعور رؤوسكم جميعها مُحْصَاةٌ. فلا تَخَافُوا! أنتم أفضل من عَصَافِيرَ كثيرةٍ!”.
وعلينا أن ننتبه أيضًا لخطورة الخوف المرضي على الأسرة لأنه يحيدنا عن طريق الإيمان السليم، ففي إنجيل لوقا الإصحاح التاسع قال أحدهم ليسوع: «أتبعك يا سيد، ولكن ائذن لي أولا أن أودع الذين في بيتي».” فقال له يسوع: «ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله»”.
نستخلص مما سبق، أنه على المؤمن الجديد التحلي بـ “مخافة الله” التي تقوده إلى الملكوت، رافضًا القيود الفكرية غير السليمة للمجتمع، رافضًا فكرة الخوف المرضي على نفسه وعلى أسرته، وأن يعلم يقينًا أنها فكرة شيطانية هدفها زعزعة سلامه الداخلي ليرفض مخافة الله في مقابل الأمان الشخصي، وعلى المؤمن الجديد أن يتسلح بسلاح “المحبة” الكاملة لله لمواجه الخوف المرضي ويثق في قدره الله على حمايته ويؤمن أن الله له خطة مُحكمة خالية من المخاطر الوهمية، ولكن ربما نعبر في رحلة حياتنا بتحديات فكرية هدفها ارتقائنا وسلامة وصولنا.
سؤال للتفكير: ربما يُهيأ لنا أننا في خطر وهمي، يجعلنا نحيد عن الطريق السليم الذي وضعه الله لنا منذ البدء، وكنتيجة لمخاوفنا على أنفسنا وعلى من حولنا نترك الخيار السليم، تأمل معي الآن النتائج السلبية للخوف المَرضي على الإنسان؟
آية للتذكر: “«سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ.” (يوحنا 14: 27).