الزواج بعيني الله

الزواج هو “نظام إلهي” وضعه الله – منذ أن خُلق الإنسان على الأرض – بهدف خدمة الجنس البشري، وأهم عنصري هذا النظام هو أن يكون الزواج من رجل واحد لامرأة واحدة، والثاني أن يكون الرابط بينهما هو رباط روحي قائم على المحبة والمودة والتفاهم. بكلمات أخرى؛ الزواج هو “علاقة اتحاد” بين ضلعين، وحجر الأساس فيه هو الله، منه يستطيع أن يستمد الطرفين الأمان والمحبة حتى يمتلئ كل طرفٍ ويفيض على الآخر.

وقد أوضح لنا الله أدوار كلٍّ من “الرجل والمرأة” في تسيير هذه العلاقة – بشكل واضح وصريح – دون أن يضع واحدًا منهما قائدًا أو رقيبًا على الآخر، لأن القائد الوحيد هو الله، وإن قاد آخر العلاقة سيكون مصيرها الفشل. هذا يعني؛ أن الطرفين متساويان في هذا “النظام الإلهي” في الحقوق والوجبات، كل منهما مكملٌ للآخر في محبة متبادلة وتفاهم، هدفهما واحد: أن ينميا العلاقة كلٌّ بحسب موهبته التي أعطاها الله له؛ على سبيل المثال: إن كان الرجل موهبته في تقييم الأمور المالية فليديرها، وإن كانت المرأة لها حكمة أكثر في التخطيط، فليترك لها الرجل الدفة في هذا الاتجاه – دون تدخل – واثقًا في الحكمة التي أعطاها لها الله.

وقد عبَّر الوحي الإلهي بكلماتٍ مباشرةٍ عن الدور النفسي للمرأة تجاه الرجل؛ وهي أن تكون “معينًا نظيرًا“؛ حيث تحمل كلمة “معين” كل المعاني الجميلة للمحبة – عضد وعون، مساعد ومساند، مناصر ومُغيث – وأما كلمة “نظير” أي أن تكون رفيقة كُفء وقديرة على المسؤولية في هذه العلاقة الزوجية.

وعبَّر الرجل الأول “آدم” عن شعوره النفسي تجاه شريكته بكلمات تعكس حب الخالق غير المشروط، تشير إلى النضج والمحبة الكاملة والوحدة مع معينته وبقناعة تامة بنظيرته، قائلاً: “هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي” (تكوين 2: 23).

وبالنظر من هذه الزاوية نستطيع أن نُصلح المفاهيم المغلوطة عن الزواج، فهو ليس قيد يحد الحرية، وليس مجرد تحمل مسئولية، أو فرض مجتمعي أو رخصة لإقامة علاقة جسدية، ضف على ذلك الشعور بصعوبة تربية الأبناء. “الزواج بعيني الله” بعيد كل البُعد عن هذه البرمجة المشوهة التي تعودنا عليها في مجتمعاتنا العربية، فالعكس هو الصحيح، علاقة الزواج مصممة خصيصًا للتعبير عن الذات بحرية، وتحويل الإحساس بالعبء والمسئولية إلى رحلة ارتقاء بالنفس البشرية، ورخصة لعلاقة نقية سوية – نفسية وروحية وجسدية، وشعور إلهي رائع بالأبوة والأمومة هدفه تأسيس عائلة قوية صامدة في المجتمع.

وإن عَرِف كل ضلعٍ في العلاقة دوره النفسي تجاه شريكه، وموهبته التي أعطاها الله له في الحياة، واستثمر الاثنان ذلك في الآخر؛ سنرى “علاقة زواج” بعيني الله، علاقة مثالية ناضجة ناجحة بكل المقاييس؛ علاقة استقرار واشباع عاطفي وجسدي ونفسي، هدفها التطور والارتقاء من الأنانية إلى العطاء والبذل بفرحٍ، مثمرين أطفالاً صالحين للمجتمع ولله.

سؤال للتفكير: الآن بعد أن عرفت المغزى الحقيقي من علاقة الزواج، كما قصدها الله من البداية، تساءل معي أيها القارئ، ما النية من الزواج؟ وما هي مواصفات الشريك المناسب في هذه العلاقة؟

آية للتذكر:غَيْرَ أَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنْ دُونِ الْمَرْأَةِ، وَلاَ الْمَرْأَةُ مِنْ دُونِ الرَّجُلِ فِي الرَّبِّ”. (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 11: 11).

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع