الفرق بين الوحي في المسيحية والأديان الأخرى

- هل الكتاب المقدس هو كتاب مُنزل (موحى به) من الله؟
- كيف لكتاب مكتوب بواسطة البشر أن يكون وحيا من الله؟
- هل مفهوم الوحي في المسيحية يختلف عن مفهومه في الأديان الأخرى؟
- هل الكتاب المقدس منتج إلهي أم بشرى أم كليهما؟
هل جالت هذه الأسئلة وغيرها في عقلك ولا تجد إجابة شافية أو مقنعة لها، أدعوك عزيزي القاريء لنكتشف معا تلك الحقائق.
الوحي في المسيحية – المفهوم والمعنى الصحيح!
كما أشرنا في مقال سابق عن مفهوم الوحي في المسيحية أنه “أنفاس الله” أو “نفخة الله”، وعلى الرغم من أن الكتاب المقدس هو كلمة الله وأنفاسه لنا، فهذا لا يعني إطلاقا أن الله أنزله تنزيلا. لكن الله اختار أشخاصا لهم علاقة روحية معه، لينطقوا ويسجلوا ما يريده الله في أشكال أدبية متنوعة مستخدما ثقافاتهم وأفكارهم ولغتهم وعاداتهم بل وظروفهم الشخصية (أي دون إلغاء لشخصياتهم) لكن حدث كل ذلك تحت سيطرة تامة وفائقة من روح الله القدوس بحيث كل ما كتبوه – معنى ولفظا – هو ما أراده الله تماما بكل دقة دون أي خطأ (العصمة).
المفاهيم الخاطئة – الفرق
– الوحي في المسيحية ليس تنزيلاً أو إملاءً أو كما قلنا في المرة السابقة ليس “حصة إملاء”، بل هو نتاج مشترك بين الله (المُرسل) صاحب الكلمة والمهيمن بروحه والبشر”الكاتب/ أداة الوحي”، فيبدو الأمر كما لو كان الله يؤلف تحفة موسيقية باستخدام مجموعة من العازفين تتكون من أربعين شخصا، فكر – عزيزي القارئ – في المايسترو الكبير الذي قام بتأليف المقطوعة لكنه استخدم لعزفها مجموعة آلات متنوعة لأغراض مختلفة وفي النهاية خرجت لنا بكل دقة “سيمفونية” رائعة كما يريدها المايسترو تماما.
– الوحي في المسيحية لا يرتبط بمواقف معينة – أسباب تنزيل- تُنزل فيها آيات من عند الله لحل مشكلات محددة تواجه الأنبياء، لكنه هو رسالة الله إلى بنى البشر التي تحكي خطة وطريق الله الوحيد للخلاص والفداء.
فلا يوجد ما يسمى “أسباب للنزول” لأن الله العالم بكل شئ الذي لا يحد معرفته زمان أو مكان يرسل كلماته على لسان أنبيائه بنبوات قبل حدوثها بعشرات القرون!
– الوحي في المسيحية ليس لإرضاء البشر أو تماشيا مع أهوائهم وما يريدونه، بل هو دستور الله الكامل ووصاياه الطاهرة المقدسة وأفكاره السامية نحونا نحن البشر.
– كُتاب الوحي في المسيحية ليسوا معصومين من الخطأ في حياتهم إلا عند كتابة الوحي وفيما يخص كتابة الوحي فقط.
– الوحي في المسيحية ليس هدفه سردا تفصيليا للأحداث التاريخية وقصص الأولين، بل هدفه توصيل رسالة محبة الله للبشر. إلا أنه يعبر عن تاريخ الله المقدس مع شعبه والمتوافق مع الاكتشافات التاريخية وماذكره المؤرخون وعلماء الآثار.
– الوحي في المسيحية ليس هدفه أن يقول لنا كيف نأكل ونشرب أو نمارس طقوسنا من صوم وصلاة وصدقة أو كيف نرتدي ملابسنا أو كيف نمارس واجباتنا الزوجية ونربي أولادنا، صحيح مما لا شك فيه أنه يوجد به العديد من الوصايا والأفكار التي تساعدنا في حياتنا العملية، لكن هذا ليس الهدف أو الغاية. بل الهدف إعطاؤنا فكر الله وتجديد أذهاننا وتغيير قلوبنا وكشف خطة ومشيئة الله للإنسان.
أخيرا، يمكننا أن نقول إن “الكتاب المقدس” هو وحي الله المعصوم – لفظا ومعنى – وهو منتج إلهي بشري نتاج مشترك بين الله الذي سيطر وهيمن بروحه على كُتاب الوحي – عاصما إياهم – من الخطأ ليكتبوا ما يريده الله في رسالة للبشر.
وسنتناول في سلسلة مقالات متتالية جارٍ إعدادُها عن الفرق بين الوحي والإعلان، وكيفية تفسير الكتاب المقدس بطريقة صحيحة وفقا لأسس وقواعد سليمة، وكيفية قراءته بشكل صحيح.