تحديات ما بعد القرار
نحوَ حياةٍ مُنتصرة
أعظم قرار مصيري يمكن أن يغير الحياة هو قرار اتباع المسيح، في الواقع أن اتِّباع المسيح مغامرة مدهشة، فالمسيح نفسه قال: “أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَاماً لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الاِبْنِ وَالاِبْنُ عَلَى الأَبِ وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا». (إنجيل لوقا 12: 51- 53).
هذه الكلمات أثارت الكثير من الجدل، ولكن لن يفهمها إلا من يجتاز هذه المشكلة، أن يكون من بيت له معتقدات أو ديانة تختلف عن رسالة السيد المسيح، فمن يقرر اتِّباع المسيح سيجد نفسه بين حجري رحى؛ بين أن يحافظ على بيته وسلامه وبين أن يتبع الرب يسوع المسيح ليدمر سلامه مع أهله، فالموضوع ليس موضوع ديانة فقط، ولكن قبلية وميراث ودم وأنساب. لذلك استخدم المسيحُ لفظ “انقسام”.
وفي السطور القادمة سنقدم اقتراحات لنؤجل الصدام هذا لأكبر فترةٍ ممكنةٍ، فربما مع هذا التأجيل يذوب الجليد، وتتغير بعض المفاهيم في العائلة… في البداية سنسير المشوار كالسلم… في الدرجة الأولى من السلم أنت قبلت المسيح… ماذا حدث لك؟
الدرجة الأولى من السلم: لقد قبلت المسيح- حياة جديدة وتحدِّيات جديدة
أنت الآن ابن للمسيح وعضو في جسد المسيح، الذي يُسمَّى الكنيسة، وتتَّخذ الكنيسةُ أشكالًا متعددةً وكيانًا واحدًا، فهناك من لا يستطيع أن يدخل لمبنى اسمه الكنيسة، لكن هذا لا يمنع كونه عضوًا في جسد المسيح، هو مكان الراحة والتعليم والفهم، فهو مصدر التشجيع والنمو، إن كنت لا تجد مثل هذا المكان راسلنا، ولكن وأنت عضو في كنيسة المسيح قد بدأت حياة جديدة بتحديات جديدة، فأنت أصبحت تلميذًا عليه أن يتعلَّم في مدرسة المسيح وله واجبات تجاه المسيح… فما هو هذا الدور الذي عليك أن تعيشه؟ هذه هي المرحلة الثانية:
الدرجة الثانية من السلم: الدور المطلوب معايشته وما يطلبه الكتاب
يقول السيد المسيح: “الحصاد كثير، والفعلة قليلون”، فمن هؤلاء الفعلة؟ إنهم هم من اختاروا أن يعيشوا للمسيح، وأنت واحدٌ منهم، يعلِّمنا تلاميذُ المسيح في الإنجيل الطاهر أن أول من ينبغي التفكير فيهم هم أفراد عائلتك؛ أندراوس عندما وجد المسيح بحث عن أخيه، وفي سفر أعمال الرسل يحدثنا أن كلَّ من آمن يبحث عن عائلته، هذه هي البداية، ولكن مع الأسف هناك من يتَّخذ قرار أن يعرف المسيح فيهرب تمامًا عن عائلته، ويكون الهروب هو شغله الشاغل، فعائلته تمثل خطرًا حقيقيًّا عليه… لذلك يهرب، وبهذا يبدأ الخطأ الأساسي في تنفيذ مهمة الإرسالية العظمى… ولكن كيف يمكن أن نحل المعادلة، الخطر الآتي من العائلة مع ضرورة توصيل رسالة المسيح؟ ولتسكين الضمير يلجأ المؤمن الحديث لتنفيذ المهمة بصورة أسهل… فينزرع وسط مجتمع أصله مسيحي ويحاول أن يخدم فيه هاربًا من عائلته.
أخطاء ينبغي تجنبها وظروف يجب دراستها
هذا يقود للدرجة الثالثة من السلم وهي رد فعل المؤمن تجاه عائلته/ وهو هنا أحيانا يكون لديه موقعة (عنترية) تجاه عائلته، فيجاهر بإيمانه بصورة فجة تخلو من الحكمة، وأحيانًا يلجأ للإساءة لما كان عليه من معتقدات، فيستخدم تعابير محطِّمة لمعتقدات عائلته، وتكون مصطلحات مشروعة، مثل أنا كنت أتبع الشيطان، أو أنتم في ظلام… إلخ، فيكون بالنسبة لهم ابنًا عاقًا مرتدًّا، ويزرع العداوة في القلوب، وهذا يبني سدودًا بينه وبين عائلته، هذه السدود ينتج عنها الحرب والفشل، ومحاولة الهروب وعدم العيش في أمان.
الدرجة الثالثة من السلم: دعهم يراقبون ويكتشفون
الموضوع هنا يحتاج إلى لباقة في الكلام، وربما عدم الكلام من الأصل في هذا الموضوع، ولكن يبدأ المؤمن التغيير التدريجي في أسلوب الحياة، في البداية ينبغي أن يروا في المؤمن يسوع، ويكتشفوه في البداية.
أنت قبلت المسيح… دعني أرى المسيح، ومع الوقت ضَع إيمانيات جديدة في الحياة بناءً على اكتشافك للمسيح.
احترس
- أن يكون إيمانك محل مساومة بمعنى ألا تقبل ضغط هذه الفكرة “جاهر بإيمانك وإلا فأنت تُنكر المسيح”.
- أن يتعارض مبدأ المجاهرة بالإيمان مع حكمة السلامة الشخصية.
- أن يخدعك الضمير بمفاهيم تضرك.
- عالما أن دور الروح القدس لك قيادي؛ بمعنى هو مَن يقودك لمتى تُعلن ومتى تُخفي “أمر إيمانك”.
الدور الذي يطلبه منك الكتاب
- أن تكون صورةً للمسيح ونورًا للناس وملحًا للأرض… أن يكون وجودك فارقًا في مجتمعك… لذلك لا تدخل في اشتباكات وتحديات جانبية، لكن احرص أن يظهر فيك صورة المسيح، ومن يعرف يتأكد أن قبولك للمسيح جعل منك شخصًا جديدًا
- الابتسامة أفضل من الوجه المتجهم، والسلام الداخلي رغم الظروف يجعل الحياة أبسط، ورغم أن المسيح قال إنه في العالم سيكون ضيق لكن مصدر أماننا أنه يرافقنا في الطريق من البداية إلى النهاية، ومعرفتك لهذه الفكرة ستغير من سلوكك.
- ليس صدفة وجودك في عائلة مهما كان ظروفها، أنت المصباح الذي وضعه الله لينير هذه العائلة، وهذا المجتمع الصغير الذي تنتمي إليه، لا تغادره بقرار منك، بل احرص أن ينير بك المسيح ذلك المجتمع، فتضم لعائلة المسيح آخرين من مجتمعك.