شَخصيَّة المسيح .. النَّاسوت!

يأتي تساؤل الناقد المتكرر: كيف يمكن لإله أن يكون به نقص فيحتاج ويجوع ويعطش وينام؟… وفي الواقع، هذا التساؤل يبين عدم القدرة على فهم طبيعة المسيح فهمًا صحيحًا. تعالَ معي لنفهم سر التجسد ببساطة. 

يقول إنجيل يوحنا: “والكلمة صار جسدًا وحل بيننا”. 

والتساؤل الأول يقول: هل يحق لنا أن نقول إن الانسان الذي خلقه الله ناقصٌ؟ في الحقيقة، على الرغم من الإنسان مخلوق من تراب، ويحتاج دائمًا لبعض الاشياء لكي يتمكن من البقاء حيًّا، فإنه مخلوقٌ كاملٌ بالنسبة لنظرة الله… لقد حدث تشوه لهذا الكمال من خلال العصيان، ولكن عندما خلق الله الإنسان يقول سفر التكوين إنه خلقه “على صورة الله” فهل هذا معناه أنه ناقص؟

اعتراض: هل تريد أن تقول إن الإنسان قبل الخطية هو الله؟ أو مساوٍ لله؟

الإنسان قبل الخطية كان في الله، ويستمد كماله من الله. خاطبت الخطية الإنسان وداعبت أفكاره لكي يستقل وينفصل عن الله، (تكونان كالله) وتعبير “تكونان مثل الله” فيه تجرد وانفصال عن الله، الأمر الذي من خلاله فقد الإنسان كماله.

اعتراض: المسيح ولد من امرأة فهو عيسى بن مريم، ولا يستطيع أن يتبرأ من هذا، لذلك إذا كان الإنسان أصبح غير كامل فالمسيح بالتبعية غير كامل 

الإجابة: هذا ما يريد أن يصوِّره لنا الشيطان، لذلك كان إصرار الإنجيل أن ينفي صفة أن المسيح هو ابن مريم… بل هو ابن الله بحسب الإنجيل، أي إنه لا يزال ضمن الكيان الإلهي حتى وهو في الجسد، المسؤول عن التناسل هو الرجل، وهذا لم يحدث بالنسبة لميلاد المسيح فميلاده عذراوي، وبالتالي هو ولد بحسب تعبير الإنجيل “من الروح القدس” الذي هو الله المبارك. وبالتالي المسيح في الجسد هو إنسان كمال، وكماله مستمدٌّ من كونه مولودًا في الله.

اعتراض: يتساوى المسيح وآدم قبل الخطية

الإجابة: بل الأمر يختلف؛ لأن آدم قبل الخطية هو صورة الله المخلوق، ولكن المسيح أو آدم الثاني فقد تجسد كلمته، والكلمة أزلية قبل الزمن، وبالتالي فإن المسيح الذي هو الكلمة هو من خلق بفيه آدم الأول… ولكن التشابه هنا في اتحاد الناسوت الذي لآدم الثاني (المسيح) بالله… بنفس الصورة التي كان ينبغي على آدم الاول أن يظل بها متحدًا مع الله.

أن يظل آدم الاول (في الله) رغم تحديات الخطية، وهذا ما نجح فيه المسيح، فالإنجيل الطاهر يسجل لنا تجارب مختلفة حاولت أن تبعد المسيح عن هدفه الرئيسي وأن يخرج خارج المشيئة الإلهية ولكن التجارب سقطت وبقي المسيح في الله. بقي لم يعرف خطية، وبقي متحدًا في الله. 

اعتراض: كل هذه التعبيرات التي استخدمها تؤكد أن الله والمسيح مختلفان… فكيف يكونان واحدًا؟ 

الإجابة: كلمة الله صار جسدًا، وسبحانه تجلت قدرته؛ فأصبح الإنسان العادي يستطيع أن يرى الله متمثلًا في شخص المسيح… والمسيح صار له طبيعية إنسانية، عليه أن يعيد التحديات التي واجهها آدم الأول ويظل (في الله متمسكا بإيمانه) رغم وجودها. وهذا ما نجح فيه المسيح كإنسان. 

المسيح إنسان كامل، ليس به نقص فهو مولود بقوة الروح القدس على صورة الله، ونجح في كل تحديات إبليس ليظل في النهاية (في الله)… هذا التحدي الذي جعله مؤهلًا للفداء.

تستطيع أن ترى الناسوت وتصفه بصفات الناسوت بمنتهى الأريحية تمامًا كما تستطيع أن ترى اللاهوت متمثلًا في صفاته وتعلن أنه هو الله الظاهر في الجسد.

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع