طريقة التعامل الصحيحة مع المال

يُحكي عن أحدهم أنه مر من باب دخول أحد متاحف المدينة وهو فارغ اليدين، إلا أنه قام بعمل غريب؛ إذ بدأ يجمع اللوحات الفنية وينزلها من على الحائط ويضعها بحرص تحت ذراعه. فذهب إليه أحد المارة وسأله ماذا تفعل؟ فأجابه: “أنا جامع لوحات فنية وأريد تجميع أكبر قدر ممكن من اللوحات الفنية الجميلة لاستخدامها في العديد من الأغراض!” فرد عليه: “لكنها ليست مِلكك، ولن يسمحوا لك بالخروج بها. ستُضظر للخروج بدونها تمامًا كما دخلت!” لكنه أصر أنه سيخرج بها ولن يفرط فيها واصفًا نفسه بـ”تاجر يحمل لوحاته الفنية ويتنقل بين الصالات والمتاحف!” وطلب ألا يُفسد أحد فرحته!

القارئ العزيز… ما رأيك في هذا الشخص؟ كيف تصفه وتصف فعلته وكلامه؟! هل ستقول عنه إنه مجنون ويعيش في عالم بعيد عن الواقع. الحقيقة هذا هو حال كل إنسان يقضي حياته في محبة المال وكأنه سيخرج من العالم ومعه حسابه البنكي. لكن بكل وضوح يقول الله على لسان الرسول بولس: “لأَنَّنَا لَمْ نَدْخُلِ الْعَالَمَ بِشَيْءٍ، وَوَاضِحٌ أَنَّنَا لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَخْرُجَ مِنْهُ بِشَيْءٍ” (رسالة تيموثاوس الأولى 6: 7)، إذًا إن كنا لا نستطيع أن نخرج به فلا بد أن نحسن إدارته واستخدامه هنا على الأرض. لكن هذا لا ينفي أننا جميعا في احتياج للمال من أجل قضاء حاجياتنا والتزاماتنا وتتميم عمل الرب ومساعدة الآخرين، لكن في هذا الإطار بعيدا عن إطار استعباده لنا.

الوكالة والمسؤولية

لقد منحنا الله المال كعطية وبركة، ونحن مدينون له بأن نكون وكلاء صالحين على هذه الهبة الإلهية لنستخدمها حسب معيار الوكالة، ألا وهو “مجد الله” أي يكون سببًا لتمجيد وتسبيح اسمه سبحانه.

كيف نستخدم المال بطريقة تمجد الله؟

وكما أشرنا، أننا وكلاء ومسئولون أمام الله عن كل ما أعطانا من مال، لذلك يحب أن تكون لدينا خطة نستخدم بها المال بطريقة كتابية:

أولًا، بالعطاء: كن سخيًّا في العطاء؛ فالفكر الأساسي في المسيحية هو العطاء والتضحية واضعين الرب يسوع مثالًا على ذلك. أعطِ بشكر وتوقع بأنك ستحصد أضعاف ذلك.

ثانيًا، بوضع خطة جيدة لإدارة ما تملك؛ التزام بميزانية محددة ولا تُغرق نفسك في الديون.

ثالثًا، بالعمل والاجتهاد بأمانة دون طمع؛ لنُحافظ على عطية الله، فدور الإنسان لا يتعارض أبدًا مع دور الله!

رابعًا، بالتفكير فيما تنفق عليه من مالك؛ تعامل بحكمة ولا تضيع وقتك ومالك على عادات سيئة تافهة لا تمجد الله.

خامسًا، استخدم أموالك لمساعدة الآخرين، ولكن بتمييز وإرشاد من الله.

سادسًا، قاوم النزعة إلى الشراء دون تخطيط مسبق، لا تنجذب نحو “العروض” الاستهلاكية التي قد لا تحتاجها!

سابعًا، لا تتسوق بقصد التسلية وتحسين المزاج.

ثامنًا، اعرف وضع المالي بين الحين والآخر، واجلس لحساب النفقة دائمًا!

تاسعًا، تعلم ثقافة الاكتفاء والقناعة؛ إذا لم نتعلم القناعة سنكون عرضة لكل الأمراض الروحية!

عاشرًا، اكسب كل ما يمكن كسبه، هذا لا يتعارض مع كل ما سبق؛ فالله دائمًا يريد لنا الأفضل.

ضع ثقتك في الله لا المال!

 تدعونا كلمة الله بأن تخلو سيرتنا -حياتنا- من محبة المال والاتكال عليه وبأن تكون لدينا القناعة والاكتفاء بما لدينا، ليس معنى ذلك أننا لن نقلق بشأن أمورنا المادية، بل لكي تساعدنا في السيطرة على مشاعر الهم؛ فلا ننهار إذا تعرضنا لخسارة مالية، بل نعيش بالفكر الذي عاشه الرسول بولس عندما قال: “أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ وَأَعْرِفُ أَيْضًا أَنْ أَسْتَفْضِلَ. فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَدْ تَدَرَّبْتُ أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ، وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ. أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي”.

*صلاة: اللهم أشكرك يا مُدبر أحوالي… أسألك أن تمنحني الحكمة في إدارة ما لديَّ من عطايا، علمني يا سيدي أن أشكر وأكتفي بما عندي. آمين.

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع