فكر الله تجاه المال

هل تقول المسيحية إن المال شرٌّ، وتُوصي بالزهد والتقشف تجاه جمع الأموال؟
هل يأخذ الله في الكتاب المقدس فكرا عدائيا تجاه المال والأغنياء؟
سنتعرف في هذه المقالة على ما هو فكر الله تجاه المال، أو ماذا يقول الكتاب المقدس عن المال. الحقيقة هذا السؤال غاية في الأهمية؛ لأن طريقة تفكيرك عن المال ستؤثر على سلوك وتعاملاتك في حياتك الجديدة.
هل حقا المال شر في ذاته؟
السؤال الأول الذي يدور في أذهاننا ويسبب لنا حيرة، ما فكر الله تجاه المال؟ وحتى لا أطيل عليك عزيزي بكل تأكيد (وكما أوضحنا في المقال الأول) يريد الله البركة للإنسان. يريد له الأفضل في كل مناحي الحياة.
والمال أو الغنى هو إحدى هباته، مثله مثل أي خير في الحياة، بل هو “عطية الله”؛ إذ تقول كلمة الله “أَنَّهُ هُوَ ٱلَّذِي يُعْطِيكَ قُوَّةً لِٱصْطِنَاعِ ٱلثَّرْوَةِ، لِكَيْ يَفِيَ بِعَهْدِهِ ٱلَّذِي أَقْسَمَ لِآبَائِكَ كَمَا فِي هَذَا ٱلْيَوْمِ”. (سفر التثنية 8: 18). وهذه العطية لا بد أن نقبلها بشكر من الله. إذا أين المشكلة؟!
محبة المال هي أصل كل الشرور!
المشكلة ليست في المال، فهو في حد ذاته ليس شرا – كما أوضحنا مسبقا – لكن يكمن الخطر في التعلق به، أو كما تقول الكلمة المقدسة، إن “مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ.” (رسالة تيموثاوس الأولى 6: 10).
السؤال الذي يقفز الآن إذن: لماذا محبته هي أصل لكل الشرور؟
أربعة أسباب تجعله أصلا لكل الشرور!
السبب الأول: التوهم بأن المال هو “عماد الحياة”، فيصبح الإعتماد عليه وكأنه هو الإله الذي يعبده! وهذا شرك بالله؛ لأنك بالإتكال عليه تجعله مصدر حياتك، وقد حذر الله في (سفر الأمثال 11: 28) “مَنْ يَتَّكِلْ عَلَى غِنَاهُ يَسْقُطْ، أَمَّا ٱلصِّدِّيقُونَ فَيَزْهُونَ كَٱلْوَرَقِ”.
السبب الثاني: الطمع والرغبة في المزيد؛ أحيانا تسبب الوفرة راحة، والراحة تطلب المزيد؛ فتصبح الرغبة والتعلق أكثر فأكثر؛ ومعه يُولد الطمع، وقد حذر السيد المسيح في الإنجيل بحسب البشير لوقا 12: 15 من ذلك.
السبب الثالث: وهو أن نتيجة السبب الأول والثاني تجعل الإنسان يهتم بالأخذ أكثر من العطاء، لأنه بدأ يحب المال ويتعلق به، وهذا ضد تعاليم السيد المسيح والإنجيل، التي تدعو الإنسان أن يُعطي أكثر مما يأخذ.
السبب الرابع: وهو أن محبة المال، تجعل الإنسان عبدا له، فالمال صُمم ليكون خادما للإنسان في احتياجاته، لا ليكون سيدا يتحكم فيه ويستعبده! (الإنجيل بحسب البشير متى 6: 24).
النظرة الإلهية للمال
– في ختام هذه الفكرة نقول إن الله لم يتركنا دون توضيح عن فكره تجاه المال والماديات والغنى، بل كشف لنا الخطوط الأساسية لذلك، فلم تصرح المسيحية بأنها ضد الأغنياء، أو أن المال شر، أو تدعو للزهد فيه، بل وضحت أن محبته والتعلق به هي أصلٌ لكل الشرور.
– المال “منحة” من الله وهو الذي أعطانا القدرة والمهارة لإكتسابه.
– المال “غير يقيني”؛ أي غير مضمون؛ لذا لا يمكنك أن تكون عاقلا فتتكل عليه أو تظنه ثابتا!
– المال “وكالة” من الله، نحن وكلاء ويسيأتي اليوم لنعطي أمام الله حسابا عن ماذا فعلنا به خيرا كان أم شرا!
– المال لا يمكنه أن يشتري السعادة أو الصحة أو راحة البال.. فكل هذه الأمور أساسها العلاقة الحقيقية مع الله، عندما تسلم حياتك وقلبك للسيد المسيح وتؤمن به ربا ومخلصا لحياتك.
*صلاة: اللهم أشكرك لأجل عطاياك الثمينة.. شكرا لأجل كل مال منحته لي، علمني يا سيدي أن أكتفي بما عندي مثبتا عيون قلبي عليك يا مُشبع بالخير عمري.. أمين.