لم يُعطِنا روح الفشل!

النجاح والفَشل.. كلمتان لها مفهوم في الإيمان المسيحي، يختلف كثيرا عن مفاهيم العالم!
لهذا سنتناولهما بشيءٍ من الإيضاح والتبسيط في هذه المقالة.
- أولا: النجاح في الكتاب المقدس
- مفهوم النجاح :
- النجاح هو القُدرة على التقدم والتطور والإنجاز، وبلوغ الأهداف المرجُوة بكفاءة وفاعلية.
- فالشخص الناجح هو الذي يستطيع أن يُسخر إمكاناته وطاقاته لمصلحته وتحقيق ذاته.
- لكن النجاح المسيحي ليس مقياسه الغِني أو الثروة، الشهرة أو الجاه.
- إنما معرفة الله الذي هو وحده مصدر كل نجاح وفَلاح وبركة.
- ولا يُبنى النجاح المسيحي على عطايا وهِبات أرضية زمنية يُمكن أن تفني وتزول.
- بل هو عطية الله المُحب لأبنائه، إذ هو يعرف كأب مصلحتهم أكثر منهم.
- والنجاح الحقيقي هو النجاح الروحي، وإن كان في الماديات، يكون أيضا بأسلوبٍ روحي.
- وأن يكون في تحقيق هدف شريف بطرق ووسائل شريفة نظيفة بمعونة الله دون مُخالَفة وصاياه.
- النجاح أيضا يحتاج إلى إيمان وصلاة، وهو ليس مشوارا سهلا.
- بل طريقٌ طويلٌ شاق ومُكلِفٌ، لذا ضَع أمامك دائما سِيَر الناجحين.
- الله مصدر النجاح :
- النجاح عطية من الله: إن النجاح الحقيقي مَنبعه ومصدره الله “إله السماء يعطينا النجاح..” (نحميا 2: 20). وهو أحد أشكال بركة الله، ناهيك عن أن إرادته الصالحة تُريد النجاح لكل البشر، سواء في العمل، في البيت، المدرسة، الكنيسة، وفي كل شيء.
- النجاح من الله لحافظي وصاياه: يعطي الله النجاح في الحياة للإنسان الذي يحفظ ويعمل بكلام الله “لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح (تنجح).” (يشوع 1: 8).
- معونة الروح القدس في النجاح :
- روح القوة: أيَّد الرب يسوع أولاده، بقوة الروح القدس، لكي ينجحوا في حياتهم “لأن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح” (تيموثاوس الثانية 1: 7). اهتم بنجاحك الروحي، وانتصارك على نفسك من الداخل، ونجاحك في حروب الشياطين، ونجاحك في عدم مقابلة الشر بالشر.
- الامتلاء بالروح: إن امتلاء الإنسان بالروح القدس، يعطيه قوة روحية فائقة، تُمكنه من العبادة والسلوك بالروح والخدمة المؤثرة “لكي يعطيكم الله بحسب غِني مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن” (أفسس 16:3).
- نجاح الأشرار :
- نجاح زائف مؤقت: قد ينجح الأشرار بطرق شريرة، كالغش والخداع والكذب أو السرقة.. إلخ، وهذا نجاح زائف إلى حين نهايته الهلاك، وينصحنا الكتاب المقدس، بعدم تقليد الأشرار في الحصول على نجاح زائف سريع، بالغش أو بالمال أو الحيلة “لا تغر من الأشرار ولا تحسد الأثمة. لأنه لا يكون ثواب للأشرار سراج الأثمة ينطفئ.” (أمثال 24: 19، 20).
- ليس نجاحا حقيقيا: إن نجاحهم في أمور مادية عالمية، ليس نجاحا بالحقيقة، قارن ذلك مع قصة الغني ولعازر (لو16)، الذي كان مصيره النار، وقصة الغني الغبي الذي اتسعت كورته (لو12) فأتاه الهلاك بغتة.
- الحياة المقدسة والنجاح:
- الايمان والنجاح: يدفع الإيمان الإنسان إلى العمل والجهاد والمثابرة بفرح، بغير خوف من المستقبل، ولا من الناس أو المرض أو حتي الموت، اذ يحمل في داخله الرب القائل “ثقوا أنا هو لا تخافوا” (مرقس 6: 50).
- التوبة والرجوع إلى الله: التوبة ليست غفران الخطايا فحسب، وإنما هي رجوع إلى الله، الذي فيه كل احتياجاتنا “من يكتم خطاياه لا ينجح، والذي يقر بها وتركها يرحم.” (أمثال 28: 13).
- الطهارة والعفة: إن أردت أن تكون ناجحا في حياتك، تمسك بحياة القداسة، واهرب من الشهوات والإغراءات التي تقودك إلى النجاسة “ولكن الذين هُم للمسيح قَد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات” (غلاطية 5: 24).
- مقومات النجاح :
- الثقة في الله: أي الثقة في تدبيره لأن “كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله” (رومية 8: 28)؛ فالله يعطي النجاح للواثقين فيه ثقة كاملة “فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة (نجاحات عظيمة)” (عبرانيين 10: 35).
- الثقة بالنفس: على الإنسان الذي يريد النجاح، أن يكون واثقا في نفسه، مؤمنا بأن الرعاية الإلهية، تواكب خطواته؛ إذا بذل الجهد المطلوب، على أن يُمارس دائما توكيده، بقوله “أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني”(فيلبي 4: 13).
- الأمانة: طوَّب السيد المسيح الإنسان الأمين في كل أعماله “فمن هو العبد الأمين الحكيم، طوبي لذلك العبد.” (متي 24: 45)، كذلك الرب يبارك الانسان الأمين، ببركاتٍ كثيرة، في مختلف مناحي حياته.
- الحكمة: يحتاج النجاح إلى حكمة وذكاء، والحكمة باختصار هي التصرف المناسب، في الوقت المناسب، وبالأداة المناسبة “أما الحكمة فنافعة للإنجاح” (جامعة 10: 10)، فكثيرون يفشلون في حياتهم الروحية أو المادية أو العائلية، بسبب نقصٍ في الحكمة وحسن التصرُّف.
- المثابرة: يرتبط النجاح بعدل الله، وهو أن “الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضا” (غلاطية 6: 7)؛ فالمثابرة المستمرة نتيجتها النجاح والفوز. وإن فشلت فانهض ثانيةً، مهما كلفك الأمر.
- ثانيا: الفشل
الفشل! ما أقساها كلمة، كم حطمت كثيرين، وحوَّلت رحلة حياتهم، إلى رحلة يأس وكآبة، لا يمكن احتمالها. فما هي الأسباب؟ وماهو العلاج؟ لنذهب معا إلى كلمة الله؛ حيث نجد حلا وعلاجا لكل شئ.
- رجال عِظام تعرضوا للفشل:
- داود: رجل الانتصارات العظيمة، الذي نجَّاه الرب مرارا كثيرة، من عدوه الملك شاول، أصابه اليأس فجأة، وظن أنه لن ينجو من المطاردة؛ فهرب إلى بلاد الأعداء للنجاة. لكن انظر ماذا حدث؟ (صموئيل الأول 27-30).
- إيليا: الرجل الذي استخدمه الله بقوة أمام الملك الشرير أخاب، وبصلاته أنزل الله نارا من السماء؛ جَبُن فجأة، وأصيب بالإحباط، من تهديدات الملكة الشريرة إيزابيل. لكن ماذا كانت النتيجة؟ (ملوك الأول 18-19).
- بعض الأسباب التي تقود للشعور بالفشل:
- وَضْع توقعات شخصية بعيدا عن فكر الله: هل تتذكر تلميذي عمواس وهما يسيران عابسين؟ كانا يعانيان من الفشل بسبب توقعاتهما غير الصحيحة عن المسيح (لوقا 24: 13-27).
- الانشغال بالقدرات الذاتية لتحقيق النجاح: كثيرا ما ينتابنا الشعور بالمقدرة الذاتية، عندما نحقق نجاحا معينا (ويغيب الرب عن المشهد)، عندها نتعرض مباشرة للشعور بالفشل؛ تذكر إيليا.
- غياب عنصر الإيمان، والتصرف بحسب أفكار البشر: كثيرا ما نضع مقاييس عالمية للنجاح، وننسى أنه يجب أن نعيش بالإيمان لا بالعيان، فيصيبنا ما أصاب آساف قديما (مزمور73: 14).
- مكايد وحيل إبليس ضدنا: يحاول العدو الضغط علينا، بتجارب متنوعة؛ حتى يُفقدنا تمتُّعنا بالحياة، ويوهمنا بأنه لا توجد نتيجة لكل ما نعمله (كورنثوس الثانية 1: 8).
- لكن هل هناك حل؟
- اعلم: أن هناك خطة عظيمة متكاملة أعدها لك الله المحب القدير منذ البداية (رومية 8: 29).
- ثق: أن الله نفسه في جانبك، وهو الذي ابتدأ بهذا العمل الصالح؛ ولابد أن يُكمل للنهاية. (فيلبي 4: 13).
- اشكر: على الضيقات التي تجتازها، فالله سيستعملها لتحقيق أفضل النتائج (كورنثوس الثانية 4: 16).
- انتبه: أن سقوطك مرة ليس نهاية المطاف. فالهزيمة في موقعة لا تعني خسارتها (ميخا 7: 8).
- لاتتعجَّل: لكل شئ وقت؛ تأمَّل الزارع الذي يبذر البذار، وهو يعلم أن الحصاد قادم (غلاطية 6: 19).
- صحح: أفكارك عن المقاييس التي تقيس بها أمور الحياة، وليكن لك فكر المسيح (مزمور 73: 17).
- اتكل: على قوة الله العاملة فيك، ولا تنظر لإمكانياتك (تيموثاوس الثانية 1: 7).
الآن؛ هل ما زلت تمشي متثاقلا، مهموما، بلا رجاء في المستقبل، وقد أصابك سهم إبليس؟
قم مسرعا: وارجع إلى مخلصك، واسمعه يقول لك على الدوام، «تشدد وتشجَّع.. لأن الرب إلهك معك»