مؤمن جديد .. واستايل جديد!

سبق أن تناولنا في المقالة الماضية نُبذةً سريعة عن الطريقة التي على “المؤمن الجديد” أن يتعامل بها مع مجتمعه ودوائره ومحيطه السابق، أي مجتمع ما قبل إيمانه بالسيد المسيح.

هنا سيجد “المؤمن الجديد” نفسه أمام تحدٍّ آخر لا يقل صعوبةً عن تحدي تعامُله مع مجتمع “ما قبل الإيمان” ألا وهو المجتمع الجديد “المجتمع المسيحي”.

مشاعر مختلطة .. ما بين الفرح والحذر

يشتاق “المؤمن الجديد” كثيرا للمجتمع الكنسي، يشتاق وبشدةٍ أكثر وأكبر أن ينضم لكنيسةٍ محلية، أو إخوة مؤمنين، يشتاق لأجواء من العبادة والتسبيح، أجواء من الشركة مع إخوة مسيحيين، أو إخوة من نفس خلفيته وظروفه.

هنا نجد أن “بعض” المؤمنين الجُدد تُتاح لهم تلك الفرصة، وهي فرصة غير شائعة الحدوث لدى الأغلبية بسبب ظروف شرقنا الأوسط، لكن مَن تتسنى له هذه الفرصة يمر بمشاعرَ مُختلَطة متقلبة كثيرة.

فللوهلة الأولى من دخوله كنيسة محلية، يخالطه هذا المزيج من الفرح العارم أنه دخل بيت الرب، وأن صار بإمكانه أن يتعبد مثل باقي المسيحيين، وشعوره بالخوف والرهبة.

خوف من أن ينكشف أمره لأي سبب. ورهبة من إحساسه بعدم قدرته على التعامل أو التواصل أو الاندماج مع هذا العالم الجديد الغريب عليه.

يختلط ويتضارب لديه وعليه رغبته في الانطلاق وسط هذا التجمع والوسط والتعرف على الجميع ومشاركتهم باختباره، وخوفه من عدم قبوله أو تقبُّله أو خطورة لو تعرف عليه أحد.

هنا يتحتم علينا أن نُقدم ونُسدي بعضَ النصائح والاقتراحات لـ”إخوتنا المؤمنين الجُدد”!

  1. الحيطة والحذر

يتوجب على “المؤمن الجديد” أن يتحلى بالحكمة والقدرة على ضبط مشاعره وانفعالاته كما سبق وأوضحنا في المقالة السابقة، فيكون حكيما حريصا منضبطا في كل كلمة تخرج منه في بداية تعرفه وتواصله مع هذا المجتمع الجديد، لأن كلماته قد تجعل المحيطين إما يخشون منه أو يطمأنون إليه وينفتحون عليه لأن المجتمع الجديد (الكنسي) أيضا تكون لديه مخاوف في البداية من “المؤمنين الجُدد”.

  • عدم التسرُّع والاندفاع

عندا يبدأ “المؤمن الجديد” في الشعور بالارتياح والاطمئنان وسط المجتمع الجديد “الكنسي” قد يريد بكل حماسة واندفاع أحيانا أن يتشارك مع الجميع باختباره وكل تفاصيله وأحيانا خصوصياته وأسراره، وقد يكون سعيدا جدا جدا بتعرُّفه على أشخاصٍ جُدد فينفتح على الجميع مرةً واحدة بنفس المقدار والاندفاع والحماسة والفرح، هذا على قدر ما هو رائع على قدر ما يُفقد “المؤمن الجديد” بعض خصوصياته وأسراره وقد يجعل حكايته تنتنشر كانتشار النار في الهشيم ما قد يجعل أمر إيمانه معروفا أو مُتداولا وهذا ليس في خير أو مصلحة “المؤمن الجديد”.

  • اكتشاف الآخر

على “المؤمن الجديد” أيضا كما أشرنا ونوَّهنا في المقالة السابقة أن يتعلم عن الآخر يتعلم عن لغته وثقافته وخلفياته، لا يحاول أن يصطنع لغةً مسيحية ليتقرب من المسيحيين لكن أن يبدأ في الدخول إلى الروح المسيحية من حيث الوداعة والمحبة واللغة الإيجابية المشجعة وكلمات الإيمان التي يتعلمها ويكتسبها من كلمة الله والتعليم الكتابي الذي يستمع إليه.

أن يبدأ في تشرُّب الروح والمباديء المسيحية من صدق وأمانة وسماحة واستقامة وجدية ومحبة للجميع وهدوء وغفران، فالقلب يُقرَأ، فأي تغيير داخلي ينتج عنه “سلوك خارجي” يستطيع أن يلمسه ويتفاعل مع المجتمع الكنسي، وكلما لمس ووجد عضو المجتمع الكنسي من أخيه “المؤمن الجديد” لغةً وروحا وأرضية مشتركة على مستوى الفكر واللغة والقلب والروح والتغيير، وجد بيئةً خصبة تتيح التواصل السهل السلس المريح البنَّاء الفعَّال.

  • إرسال رسائل طمأنينة لهذا المجتمع

على قدر ما يفرح المجتمع المسيحي باي “مؤمن جديد”، على قدر ما كثيرا يخشى – على الأقل في البداية – من هذا المؤمن، قد يخشى ألا يكون حقيقيا أو أن يكون مدسوسا أو يخشى من حدوث مشكلات، هنا على “المؤمن الجديد” أن يرسل ويبعث بـ”رسائل طمأنينة” تبث في نفوس أعضاء المجتمع الكنسي الراحة والارتياح تجاهه، كأن يتعامل بحرص وعدم اندفاع أن يجد في سلوكياته روح المحبة الكنسية ووداعتها أن يجد فيه قلة الكلام والثرثرة أو القيل والقال أن يطمأن أن قلبه تلامس فعلا مع نور الحق الإلهي أن يجده يتواصل معه بلغة مفهومة مشتركة. هذا كله من شأنه أن يُطمئن المجتمع الجديد لهذا العضو الوافد الجديد ويجعل التعامل معه مريحا لا يحمل كُلفةً أو عناء.

  • الحرص من الغرور والكبرياء

يفرح كثيرا المجتمع الكنسي بأي “مؤمن جديد” وينهال عليه بكلمات البركة والإعجاب والامتداح والإطراء والثناء والروعة لا سيما لو تشارَك “المؤمن الجديد” باختباره على الملأ، ذلك في الوقت الذي يكون فيه “المؤمن الجديد” في أمَس الاحتياج لكلمات التشجيع والمدح والتعضيد بسبب ما يمر به من تحديات وعالم ومجتمع جديد، فيُصاب أحيانا هذا “المؤمن” بشيء من التفاخر أو التعالي أو التكبر وإحساس النشوى أو أنه “بطل خارق” أو “قديس عظيم” ما يعوق إيمانه عن النمو في هذه الفترة الخاصة جدا من بداية إيمانه، لهذا الحذر مطلوب في كل وجميع التحركات والتصرفات بل أيضا ردودات الأفعال.

ختاما.. سنتطرق في المقالة القادمة لكيفية تعامُل “المؤمن الجديد” مع مجتمع “الإخوة المؤمنين الجُدد” الذي هم من نفس خلفيته وظروفه. فلكل مجتمع طبيعته الخاصة وطريقة التعامل السليمة الحكيمة معه.

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع