في بحث منشور في سنة 2003 في موقع يهتم بالأبحاث الطبية، يحكي عن شخص حدث لهُ تغير في ميولهِ الجنسية فجأةَ!! وأصبح منجذبًا للجنس مع الأطفال (بيدوفيليا).

يقول أنه لم يكن لديه مثل هذه الميول من قبل ولا يعلم كيف تحول وتغير الى هذه الميول الغير مستقيمة. وبعد الفحص اكتشف أنه مصابٌ بورم في منطقة معينة في المخ، وعندما تم استئصال الورمٍ عاد إلى ميولاته الطبيعية، ولكنه بعد فترة شعر بنفس الميولات غير السوية تجاه الأطفال، و عندما أجرى فحص على المخ وُجد أن الورم قد نبت مرة أخرى في نفس المكان.

هذه القصة بغض النظر عن مستوى صحتها استخدمها بعض الدارسين ليستنتجوا ان كل قرارات الإنسان مجرد تفاعلات كيميائية تصدر عن المخ، وقراراته هو غير مسؤول عنها، أن ميولنا وشهواتنا، وعواطفنا ليست سوى كيمياء، ونبضات كهربائية تخدعنا بشكل احترافي لنظن أنها مشاعر وعواطف حقيقية.

فهل معنى هذا أننا مسيرون؟

في الواقع البحث هو بحث طبي يحتاج إلى تأكيد، وبالتالي لا يمكن الوصول إلى نتيجة من خلال حالة واحدة فقط.

ولكن هذا يجعلنا نفكر هل الإنسان مخير أم مسير؟

⬅️ وهنا ثلاث مجالات يمكن أن نفكر فيهم،

١- الظروف الخارجة عن الإرادة:

يولد كل إنسان مسير في مجموعة كبيرة من الأشياء التي لا ناقة له ولا جمل، مثل مكان الميلاد والعائلة والمستوى الاجتماعي والثقافي، الاب والام والاخوة. كلها اشياء نخرج للنور وهي معنا. اطفال الصومال والمجاعات يولدون في هذا الموضع المزري وهم لم يختاروا هذا، وبالتالي تكون هذه الظروف والنشأة هي أشياء لم نتحكم فيها. ولكن في واقع الأمر كلما يكبر الإنسان يصبح مسؤولًا عن تغيير واقعه، فيحول ما هو كان مسير إلى مخير بسلسلة من القرارات التي لو اتخذها لتغيرت ما كانت نشأته. ولكن القرارات نفسها لها عوامل أخرى في التربية، فعندما يخرج الإنسان لا يعرف ان يتخذ قرار.

٢- الظروف التي تحتاج إلى قرارات:

هل أذهب لأعمل في بلدة اخرى؟ ام ابقى هنا؟ هل ادرس الانجليزية او الاسبانية، ام اتعلم حرفة. ابي لم يعلمني الكتابة بسبب الظروف، هل اسعى لتعلمها؟ أم أرثي لحالي؟ هل اتزوج؟ ام اظل عازبًا، هل انجب؟ وفي حال أن اكون عقيمًا هل اسعى للتبني ليكون عندي اطفال؟ كلها قرارات إذا اتخذتها نصل إلى نتيجة تختلف عما إذا اتخذنا غيرها، وهذه المنطقة بالذات هي منطقة اختيار للإنسان، ولكن يحددها موارد الانسان وطبيعة ذهنه، وطبيعة تراكمات أفكاره.

ملاحظة: هل يستطيع الإنسان أن يكسر دوائره؟

الله خلق الانسان وفي داخله طاقة كبيرة تحتاج الى استكشاف، كثير من لاعبي الكرة الافارقة كانوا يعيشون في جوع شديد، ولكنهم يمتلكون الموهبة، والطبيعة حبتهم لياقة بدنية متميزة، والبعض اتخذ القرار واستثمرها والبعض لم يتخذ هذا القرار وبقي على حاله.
الله خلق الجنس البشري، ولكن كل فرد من هذا الجنس البشري كانت لديه ظروف ليس صاحب قرار فيها، ولكن الله خلق في داخله ما يجعله يتمرد على تلك الظروف، من خلالها يكسر دوائر في حياته ولكنه يفشل في كسر دوائر اخرى بسبب تلاقي الإرادات او تخالفها.

فهناك من عاش في هيروشيما مثلًا، وأصيب مع غيره من الاطفال بالتشوهات الاشعاعية، ولكن البعض كسر دوائر الظروف الصعبة، ليخرج الى دوائر جديدة.

الأمر يحتاج إلى إيمان … والإيمان هو قرار شخصي، كثيرون يفكرون في أن الإيمان هو اختيار إلهي، ولكن في حقيقة الامر هذه الزاوية هي ملك الله وحده، ولكنه أعطانا من جانبنا حرية اتخاذ هذا القرار، الذي من شأنه يمكن أن تتحول الكثير من القيود التي في حياتنا إلى معجزات حقيقية تنقلنا راحة أوسع

الموضوع يحتاج الى كلام اكثر.. هو مجرد فتح مدارك عن هذا الموضوع.

عماد حنا

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع