الله.. خلاص الإنسان!

قضية الإيمان والأعمال في المسيحية

(الإيمان الحقيقي يُثمِر أعمالا صالحة!)

  • مَدخَل إلى الدرس

الإيمان أم الأعمال؟! يَصعُب الاجابة عن هذا السؤال؛ بسبب ما تمَّ ذِكرُه في أسفار الكتاب المقدس المختلفة، فان قمنا بمقارنة ما هو مكتوب في (رومية 28:3)، “ إِذًا نَحْسِبُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإيمان بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ.“، بما هو مكتوب في (يعقوب 24:2)، “ تَرَوْنَ إِذًا أَنَّهُ بِالأَعْمَالِ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ، لاَ بِالإيمان وَحْدَهُ.

هنا، يُمكن للمرء لأول وهلة، أن يعتقد أن بولس ويعقوب غير متفقين؛ إذ يقول بولس (الخلاص بالإيمان فقط)، ويعقوب (أن الخلاص بالإيمان والأعمال)، لكن في الحقيقة، بولس ويعقوب متفقان تماما. لكنَّ نقطة الجدال التي يدَّعي البعض وجودها، هي حول العلاقة بين الإيمان والأعمال.

ومن جهة المبدأ، فالكتاب هو كلمة الله، و“كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب، الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهِّباً لكل عمل صالح» (رسالة تيموثاوس الثانية 3: 17،16). وما دام مصدر الكلمة، والموحى بها، واحدا، فلا يمكن أن تتناقض آيات الكتاب بأي حال، إلا لو انتُزعت قسرا من سياقها، ولكنها تتكامل، وفي تكاملها يُستعلَن الحق الإلهي. ولا يُعقل أن يُنادي كارزٌ بإيمان سطحي كلامي، مجرد من الفاعلية، مقطوع الصلة بوصايا الكتاب، ولا يُترجَم إلى أفعال، واتجاهات تشهد بانتقال الحياة من الظلمة إلى النور؛ أو يُنادي كارزٌ بأعمال شكلية، وعبادات شفوية، هي ليست ثمارا طبيعية، لإيمان مسيحي حي، وشركة عضوية في شخص المسيح، والكنيسة التي هي جسدُه.

  • إلى الدرس بشيءٍ من التفصيل والإيضاح
  • مفاهيم هامة

لكي نتعرَّض لدور كلٍّ من الإيمان والأعمال، في قضية الخلاص، على ضوء كلمة الله، ربما يكون من المفيد أن نحدد في البداية المعنى الدقيق لكلٍّ من الإيمان، والأعمال، والنعمة، والخلاص.

  1. الإيمان:
  • تعريف الإيمان
  • إن كلمة ”الإيمان“ حرفياً faith تكاد تقترن أكثر بالروحيات، متجاوزةً الواقع، والمحسوسات، قابلةً أمورا فوق العقل. وفي الكتاب المقدس تُستعمل كلمة ”الإيمان“ ، بمعناها الاصطلاحي، أي المتعلِّق مباشرةً بالله ” فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ : «لِيَكُنْ لَكُمْ إيمان بِاللهِ. (مرقس 11: 22).
  •  
  • والنموذج هو إيمان إبراهيم “ فَآمَنَ بِالرَّبِّ فَحَسِبَهُ لَهُ بِرًّا. (تك 15: 6).
  • الذي صار أباً للجميع يهوداً وأُمماً، في المسيح يسوع “وَأَمَّا الْمَوَاعِيدُ فَقِيلَتْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَفِي نَسْلِهِ. لاَ يَقُولُ: «وَفِي الأَنْسَالِ» كَأَنَّهُ عَنْ كَثِيرِينَ، بَلْ كَأَنَّهُ عَنْ وَاحِدٍ: «وَفِي نَسْلِكَ» الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ غل 3: 16).
  • وفي أصحاح الإيمان الشهير (عبرانيين 11)، يكتب القديس بولس محدِّداً المعنى المجرد للإيمان، أنه «الثقة بما يُرجَى، والإيقان بأمور لا تُرَى”.
  • والإيمان، في العهد الجديد، يقصد به تحديداً الإيمان بشخص يسوع المسيح “أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا هُوَ عَمَلُ اللهِ: أَنْ تُؤْمِنُوا بِالَّذِي هُوَ أَرْسَلَهُ». (يو 6: 29).
  • إيمانيات المؤمن المسيحي

لا يكتفي الإيمان المسيحي بالإيمان بالله، والسماء، والخلود، لكنه – أكثر من ذلك، وفوق كل ذلك – يؤمن بمفردات أخرى، بدونها لا خلاص للإنسان، وهذه المفردات هي:

  1. نؤمن بإله واحد.
  2.  مثلث الأقانيم.
  3. تجسَّد لأجلي.
  4.  مات وفداني.
  5.  قام وأحيانی.
  6.  أرسل روحه المعزى ليقدسنی.
  7.  أسس لى كنيسة مقدسة، وأسرارا خلاصية.
  8.  سيأتي في المجئ الثاني؛ ليمنحنی جسدا روحانيا، أقوم به إلى حياة أبدية.
  9.  في ملكوت عتيد، أحيا فيه معه، وبه، إلى الأبد!

من هنا شرح لنا معلمنا بولس الرسول، هذا الإيمان المسيحي، في رسالته إلى رومية، وأكد لنا أن هذا الإيمان بالمسيح، هو سر الخلاص، وبدونه لا خلاص للإنسان. فحين تجسَّد الله (اتحاد اللاهوت بالناسوت)، استطاع أن:

  1. يموت نيابةً عنا، فيرفع عنا حكم الموت الذي كان علينا.
  2.  وأن يجدد طبيعتنا، ويعيد إلينا الصورة الأولى التي فقدناها. 

وهكذا يكون الإيمان بالسيد المسيح، الإله المتجسد الفادى، إمكانية خلاصنا، وتجديد طبيعتنا.

  • الأعمال:

الإيمان بالمسيح، كان هو الركيزة الأولى للخلاص، ولكن الإيمان النظرى بالسيد المسيح، الفادي الحبيب، ليس هو كل شيء في المسيحية، ولا يكفي للخلاص، بدون أعمال صالحة، تُكمله، وتثبت وجوده، وفاعليته، وتعتبر ثمارا له.

ولعل سبب هذا التصور الخاطئ (عند البعض)، هو رفض معلمنا بولس الرسول المتكرر لأعمال الناموس، وقوله المستمر إنها لا تقدر أن تخلصنا. فهناك خلط، في بعض الأذهان، بين أعمال الناموس المرفوضة، والأعمال الصالحة المطلوبة في المسيحية.

  • ما هي أعمال الناموس؟

نقصد بها ما اعتاد اليهود أن يقوموا به من ممارسات مثل: الفرائض، والغسلات، والطقوس، والذبائح، والأعياد، والسبوت… الخ، فهذه كلها لا تستطيع أن تطهر الإنسان من الخطية، أو تقدس كيانه الداخلي.

فهي جميعا كانت مجرد رموز للحقائق المسيحية، التي كانت في الطريق إلى البشرية، من خلال تجسُّد رب المجد، وفدائه المجيد، وسُکنی روحه القدوس فينا، وعضويتنا في جسده المقدس: الكنيسة.

– فالسبت… كان ظلاً للأحد.

والذبائح الحيوانية… كانت ظلا لذبيحة الصليب!

والغسلات والختان… كانت ظلاً للمعمودية!

والعهد القديم كله… كان ظلاً للعهد الجديد! |

من هنا نعلم أن: “العهد القديم صار مکشوفاً في العهد الجديد، والعهد الجديد كان مخبوءاً في القديم”.

  • الأعمال الصالحة في المسيحية
  • تكميل للإيمان

يعرف الإنسان المسيحي أن الأعمال الصالحة “تكميل للإيمان”… لهذا يقول معلمنا يعقوب: “ألم يتبرر إبراهيم أبونا بالأعمال، إذ قدم إسحاق ابنه على المذبح؟ فترى أن الإيمان عمل مع أعماله، وبالأعمال أكمل الإيمان” (يعقوب 21:2).

ويقصد – بذلك – أن تقديم اسحق على المذبح (هو عمل محسوس يراه الناس)، وهو الذي أكمل الإيمان النظري، القلبي والعقلي، وهكذا صار إيمان عملية حقيقية فعالا! 

ثم أعطانا مثلاً آخر: “راحاب الزانية أيضا، أما تبررت بالأعمال، إذ قبلت الرسل وأخرجتهم في طريق آخر؟” (يعقوب 25:2 ).

الإيمان – إذن- لابد له من عمل محسوس، يؤكد صدقه ووجوده وفاعليته في الحياة إذ “بالأعمال أكمل الإيمان” (يعقوب 22:2 ).

  • أمثلة للأعمال الصالحة:
  • كافة الجهادات الروحية ضد الخطية، السهر والصوم والصلاة، وحفظ الحواس، والتدقيق في العلاقات، الخ.
  •  معاملات الحياة اليومية، وحفظ الوصية، وفعل الخير مع الجميع، وتقديم خدمات عملية للناس، والاحتمال والعتاب والصفح، الخ.
  •  الفضائل، وثمار الروح: محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف.
  •  الخدمات الروحية في الوعظ والتعليم والافتقاد والرعاية لكل إنسان.
  • النعمة:
  • المعنى الخاص للنعمة في العهد الجديد، أنها تَعبير عن عطاء الله الغني والثمين، الذي يفيض الله به من خلال محبته، على كل خليقته، نباتاً وحيواناً وبشراً: «لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد» (أعمال الرسل 17: 28).
  •  وأعظم النِّعَم قاطبة هي نعمة الخلاص “لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإيمان، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ.” (أفسس 2: 8).
  •  ” ( ورغم أنها ثمينة بهذا المقدار، إلاَّ أنها مجانية كسائر النعم (متى 10: 8)، لا أحد يستحق. كما أن أحداً لا يقدر أن يُقدِّم شيئاً مقابلها غير أن يؤمن.
  •  وفي الكتاب، فإن عرش الله هو عرش النعمة “ فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ. “(عبرانيين 4: 16)، أي أنه من الله تنحدر كل النعم.
  •  الخلاص
  • المعنى الحرفي للخلاص، هو النجاة، والتخلُّص من ضيقة، أو ظلم، أو التحرُّر من قيد، أو عبودية، أو الانفلات من خطر، أو تجربة، أو مِحنة، أو هلاك.
  •  ولكن في الكتاب تأخذ كلمة الخلاص بُعداً أعمق، فالمخلِّص هو الله (خروج 14: 13): «الرب نوري وخلاصي» (مزمور 27: 1)، «هوذا الله خلاصي» (إشعياء 12: 2).
  •  وقد تأتي كلمة الخلاص بالمعنى الحرفي، أو المطلق، خاصة في العهد القديم، كخلاص شعب إسرائيل من عبودية فرعون، وخروجهم من مصر (والذي يرمز بشكل ما إلى الخلاص الذي صنعه الرب)؛ كما أن دم خروف الفصح الذي سبق الخروج، يرمز إلى دم ذبيحة الصليب، الذي به كان الفداء الأبدي (عبرانيين 9: 12).
  •  أو تأتي بالمعنى العام، أو الشامل، دون تفصيل، اتصالاً بشخص الرب المخلِّص الوحيد: «وتدعو اسمه يسوع، لأنه يُخلِّص شعبه من خطاياهم» (متى 1: 21)، «عيني أبصرتا خلاصك» (لوقا 2: 30).
  •  إن الأمر يتعلق بخلاص نفوسنا وحياتنا الأبدية، وأين سوف نقضي تلك الأبدية بعد الموت، في السماء مع الله، أم في الجحيم مع الشيطان وأعوانه؟!
  •  إنها نعمة الله الفائقة لنا جميعًا، التي خلصتنا، ووهبتنا الحياة الأبدية، بالإيمان بيسوع المسيح، هي ذات النعمة التي أعطتني المثابرة والالتزام
  •  خُلاصة

نقرأ في (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 2: 8 -10)، “لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإيمان، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ. لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا”. يُؤكد الرسول بولس أننا بالنعمة مخلصون، وفقط النعمة التي لا نستحقها، بل هي عطية الله المجانية، لكل من يؤمن بيسوع المسيح، المخلص، والرب. ويقول بشكلٍ واضح إن الخلاص ليس بالأعمال، كي لا يفتخر احد، والا لكان صليب المسيح عبثًا، وحاشا أن يكون هذا!

لكن، يؤكد بولس أن الله أعد لنا أعمالا حَسنة، ليس لكي نخلص بها، لكن لكي نسلك بها، ولمن أعد الله هذه الاعمال؟ يقول بوضوح للمخلوقين في المسيح يسوع، أي ما بعد الإيمان الحقيقي القلبي بالله، الذي يُغير الحياة والكيان، في تجديد القلب والروح.

الممكنات والمستحيلات لدى المؤمنين والمؤمنات

(مَن هو المؤمن الحقيقي؟!)

س1: “ما الذي يُمكن للمؤمن أن يفعله؟ وما الذي يستحيل؟!”

ج1: أمور كثيرة يُمكن للمؤمن أن يفعلها، أو يقع فيها مثل الخطية والشك، لكن ثمة أمور مستحيلة، مثل استمراره العيش فيهما، أو فقدان إيمانه، وهلاكه.

  • إلى الدرس بشيءٍ من التفصيل والإيضاح
  • الممكنات والمستحيلات
  • يُمكن أن يُخطيء لكن مستحيل أن يعيش في الخطية
  • الخطية
  • مع أن المؤمن قد ولد من الله، ونال طبيعة جديدة، لا يُمكن أن تخطئ، الا أن طبيعته القديمة، لا زال تعمل فيه، لذا من المحزن أن يزل المؤمن، و يسقط في الخطية، لذا يقول الكتاب: “أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هَذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِراً إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضاً.” (غلاطية 6: 1).
  • أيضاً: يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ. (رسالة يوحنا الأولى 2: 1). لكن لا يفهم من ذلك، أنه مباح للمؤمن أن يسقط، بل عليه استعمال وسائط النعمة الثلاثة؛ للاتصال بالرب، و الحصول على قوته، وهي:
  1. كلمة الله.
  2. الصلاة.
  3. حضور الاجتماعات.
  • أسباب استحالة العَيش فيها
  • وجود طبيعة الله القدوسة فيه
  • اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلَهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ. (رسالة بطرس الثانية 1: 4).
  •  وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ. (أفسس 4: 24).
  •  يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ. (1رسالة يوحنا الأولى 2: 2).
  • سُكنى روح الله القدوس فيه
  • لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ. (رومية 8: 2).
  •  وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ. لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهَذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ. (غلاطية 5: 16- 17).
  • تأديبات الآب المحب
  • لأَنَّ أُولَئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّاماً قَلِيلَةً حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هَذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيراً فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ. (عبرانيين 12: 10- 11).
  •  مِنْ أَجْلِ هَذَا فِيكُمْ كَثِيرُونَ ضُعَفَاءُ وَمَرْضَى وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ. لأَنَّنَا لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لَمَا حُكِمَ عَلَيْنَا  وَلَكِنْ إِذْ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا نُؤَدَّبُ مِنَ الرَّبِّ لِكَيْ لاَ نُدَانَ مَعَ الْعَالَمِ. (رسالة كورنثوس الأولى 11: 30- 32).
  • يُمكن أن يشك لكن مستحيل أن يفقد إيمانه
  • الشَّك
  • نعم، فبسبب عدم سهر المؤمن ضد طبيعته القديمة، بممارسة وسائط النعمة، فبكل أسف، قد يحدث أن يشك المؤمن.
  •  حدث هذا مع يوحنا المعمدان: ”فَدَعَا يُوحَنَّا اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ وَأَرْسَلَ إِلَى يَسُوعَ قَائِلاً: «أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟» فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ الرَّجُلاَنِ قَالاَ: «يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ قَدْ أَرْسَلَنَا إِلَيْكَ قَائِلاً: أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟» وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ شَفَى كَثِيرِينَ مِنْ أَمْرَاضٍ وَأَدْوَاءٍ وَأَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَوَهَبَ الْبَصَرَ لِعُمْيَانٍ كَثِيرِينَ. فَأَجَابَ يَسُوعُ: «اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا رَأَيْتُمَا وَسَمِعْتُمَا: إِنَّ الْعُمْيَ يُبْصِرُونَ وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ وَالْبُرْصَ يُطَهَّرُونَ وَالصُّمَّ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ وَالْمَسَاكِينَ يُبَشَّرُونَ. وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ». (لوقا 7: 19- 23).
  •  وحدث مع التلاميذ : ”وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذاً فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ. وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا. (متى 28: 16- 17).
  • أسباب استحالة أن يفقد المؤمن إيمانه

من المستحيل أن يرتد المؤمن الحقيقي عن المسيح، ويفقد إيمانه، كما يقول الرسول: وَأَمَّا نَحْنُ (المؤمنين الحقيقيين) فَلَسْنَا مِنَ الاِرْتِدَادِ لِلْهَلاَكِ، بَلْ مِنَ الإِيمَانِ لاِقْتِنَاءِ النَّفْسِ. (عبرانيين 10: 39)، وهذا للأسباب الأتية:

  • أن الإيمان هو عطية من الله
  • لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ. ( أفسس 2: 8- 9).
  •  لأَنَّ هِبَاتِ اللهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ. (رومية 11: 29).
  • الإيمان في قلب المؤمن محفوظ بشفاعة المسيح
  • وَقَالَ الرَّبُّ: «سِمْعَانُ سِمْعَانُ هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ! وَلَكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لاَ يَفْنَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ». (لوقا 22: 31-32). وماطلبه الرب لبطرس طلبه لكل المؤمنين.
  •  Ø     وَلَسْتُ أَنَا بَعْدُ فِي الْعَالَمِ وَأَمَّا هَؤُلاَءِ فَهُمْ فِي الْعَالَمِ وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ. أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا نَحْنُ.  (12) حِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهلاَكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ. «وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هَؤُلاَءِ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكلاَمِهِمْ. ( يوحنا 17: 11، 12، 20). فقد وهب لنا أن نؤمن ومن أجل المسيح يحفظ الله الإيمان في قلوبنا.
    •  الإيمان في قلب المؤمن محفوظ بختم الروح القدس
  • ”الَّذِي فِيهِ أَيْضاً أَنْتُمْ، إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، إِنْجِيلَ خَلاَصِكُمُ، الَّذِي فِيهِ أَيْضاً إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ“ (أفسس 1: 13).
  •  وحاشا لختم الروح القدس الذي ختم على الإيمان في قلب المؤمن أن ينكسر فيفقد الإيمان.
  • يمكن أن يؤدَّب لكن مستحيل أن يهلك
  • التأديب
  • لأَنَّ أُولَئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّاماً قَلِيلَةً حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هَذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيراً فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ. (عبرانيين 12: 10- 11).
  •  Ø     مِنْ أَجْلِ هَذَا فِيكُمْ كَثِيرُونَ ضُعَفَاءُ وَمَرْضَى وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ. لأَنَّنَا لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لَمَا حُكِمَ عَلَيْنَا  وَلَكِنْ إِذْ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا نُؤَدَّبُ مِنَ الرَّبِّ لِكَيْ لاَ نُدَانَ مَعَ الْعَالَمِ. (رسالة كورنثوس الأولى 11: 30- 32).
  • أسباب استحالة هلاك المؤمن
  • لأن الخلاص مؤسس على نعمة الله :

لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ. (أفسس 2: 9).

  • لأن الخلاص  مؤسس على كمال عمل المسيح:

الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا. (رومية 4: 25).

  • لأن الخلاص مضمون بكمال شفاعة المسيح:

خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ». (يوحنا 10: 27-30).

  • خلاصة
  • المؤمن الحقيقي
  • تاب عن الخطية، وآمن بالمسيح ربا ومخلصا.
  • خلص من الدينونة الأبدية.
  • وُلِد من الله، ونال الطبيعة الجديدة، والحياة الأبدية.
  • تبرَّر بالإيمان، وأصبح في سلامٍ مع الله.
  • سكن فيه روح الله القدوس، وأصبح ابنا لله.
  • المُمكنات والمستحيلات
  • ممكن للمؤمن أن يخطئ، لكن يستحيل أن يعيش في الخطية.
  • ممكن أن يشك، لكن يستحيل أن يفقد إيمانه.
  • ممكن أن يؤدب، لكن يستحيل أن يهلك.

الميلاد الجديد.. وعلامات المولودين ثانيةً

(ليس أسوأ من أن يتظاهر المرء بشيءٍ لا يمتلكه!)

  • مَدخل إلى الدرس

استقبل المهاتما غاندي، ذات يومٍ، عددًا من القسوس المسيحيين، وكانت الساعة تشير إلى السادسة والنصف صباحًا. كان رجل الهند هذا، الذي قاد بلاده في طريق الإستقلال الكامل، قد انتهى لتوه من تناول فطوره، فجلس مع القسوس في غرفةٍ عُلوية. وكان يلبس رداء نصفيًا يلف به حقويه، ويحمل ساعة رخيصة الثمن في جيبه، في تلك الجلسة الهادئة؛ سأل القسوس مضيفهم، رأيه في اختبار الولادة الجديدة، الذي تكلم عنه يسوع، في الإنجيل؛ فقال غاندي: “إني أومن باختبار الولادة الجديدة الذي تكلم عنه يسوع في الإنجيل، إني أومن باختبار الولادة الجديدة الذي يتكلم عنه المسيحيون. وأقول من جهةٍ أخرى، لا يوجد ما هو أسوأ من أن يتظاهر المرء بشيء لا يمتلكه”. ثم أضاف: “إذا اهتدى إنسان إلى الله من خلال تعرفه بالمسيح يسوع، عليه أن يعتمد، ويُعلن للعالم بأسره أنه من اتباع المسيح، وإلا فإنه لا يتعدى كونه كذبة حية”.

يشير تعبير “الولادة الجديدة”، إلى بداية الحياة الروحية مع المسيح. وهذا التعبير من أجمل التعابير التي تصف حقيقة الاختبار المسيحي، والعلاقة الجديدة مع الله. لقد صرح المسيح قائلا: “الْحَق الْحَق أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ” (يوحنا 3: 3). لذا؛ من المهم أن ندرس ما يعني هذا التعبير في الكتاب المقدس.

  • إلى الدرس بشيءٍ من التفصيل والإيضاح
  • إليك ما حدث مع القديس الشهير أوغسطينوس:

إذ قد وصف ما حدث له، في مقطع من سيرته التي أسماها: “اعترافات أوغسطينوس”؛ حيث قال: “طرحت نفسي تحت شجرة تين واستسلمت للبكاء، وكانت دموعي تسيل كالجداول. صرخت قائلاً: إلى متى؟ غدًا، لماذا غدًا؟ اليوم اليوم. لماذا لا أضع حدًا لنجاستي وشري اليوم. كنت أقول هذه الكلمات وأبكي بمرارة وانسحاق، وفجأة سمعت صوت فتى أو فتاة لا أدري، منبعثًا من منزل مجاور، ينشد مكررًا: خذ وأقرأ، خذ وأقرأ، خذ وأقرأ. توقفت على الفور عن البكاء”.

“وأخذت أتساءل هل سمعت قبلاً نشيدًا كهذا؟ فلم أستطع أن أتذكر. نهضت واقفًا يملأني شعور بأن الصوت صوت إلهي، يأمرني أن أفتح الكتاب المقدس، وأقرأ في أول صفحة تقع عيني عليها. أسرعت إلى المقعد حيث كان يجلس صديقي أليبيوس، لأنني هناك تركت كتاب رسائل بولس الرسول، قبل أن أختلي بنفسي. أخذت الكتاب المقدس، وفتحته، وقرأت الفقرة التي وقع نظري عليها. جاء فيها: “لنسلك بلياقة كما في النهار، لا بالبطر والسكر، لا بالمضاجع والعهر، لا بالخصومات والحسد. بل ألبسوا الرب يسوع المسيح، ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لأجل الشهوات”. (رومية 13:13).

  • ما معنى أن يكون المؤمن مولود ثانيةً؟!

نجد المقطع الكتابي المعروف، والذي يجيب عن هذا السؤال، في (يوحنا 1:3-21)؛ حيث يتحدث الرب يسوع مع نيقوديموس، وهو فريسى، وعضو فى السنهدريم (المجمع المقدس الذي يحكم اليهود)، وقد جاء نيقوديموس إلى المسيح أثناء الليل، وكانت لديه أسئلة كثيرة.

عندما تكلم يسوع مع نيقوديموس، قال له: “الْحَق الْحَق أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ الله. قَالَ لَهُ نِيقُودِيمُوسُ: كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟ أَجَابَ يَسُوعُ: الْحَق الْحَق أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالروحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ وَالْمَوْلُودُ مِنَ الروحِ هُوَ رُوحٌ. لاَ تَتَعَجبْ أَني قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ” (يوحنا 3: 3-7).

إن المعنى الحرفي لعبارة “الميلاد الثاني” هو “مولود من فوق”. كان لدى نيقوديموس احتياجٌ حقيقى. كان بحاجةٍ إلى تغييرٍ فى قلبه، وتجديد روحى شامل. والولادة الجديدة، أي الميلاد الثاني، هي عمل الله، الذي يمنح من خلاله الحياة الابدية لمن يؤمن به “إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُل قَدْ صَارَ جَدِيدًا”. (كورنثوس الثانية 17:5).

ويؤكد إنجيل يوحنا أن “الميلاد الثاني”، يحمل أيضا معنى “أن نصبح أولاد الله”، من خلال الثقة فى نسم يسوع المسيح. “وَأَما كُل الذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ”. (يوحنا 1: 12، 13).

  • لماذا يحتاج الشخص أن يُولد ثانية؟

يقول الرسول بولس فى (رسالة أفسس 1:2)، “وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتاً بِالذنُوبِ وَالْخَطَايَا”. وكتب في (رسالة رومية 23:3)، يقول: “الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ الله”. فالخطاة “أموات” روحيا؛ ويُشبه الكتاب المقدس نوالهم الحياة الروحية، من خلال الإيمان بالمسيح، بـ”الولادة الثانية”. إن الذين ولدوا ثانية، وغفرت خطاياهم، هم فقط من يتمتعون بعلاقة مع الله. إذن الاحتياج للميلاد الجديد؛ يكون ليُولد الإنسان روحيا من جديد، مُطهرا من خطاياه، ليتمتع بعلاقة حية بنوية مع الرب يسوع.

  • كيف يتحقق ذلك؟

تقول رسالة (أفسس 8:2-9)، “لأَنكُمْ بِالنعْمَةِ مُخَلصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ”. عندما يخلص الشخص؛ فإنه يكون قد ولد ثانية، وتجدد روحيا، وأصبح ابنا لله من خلال الولادة الثانية.

  • أفكار خاطئة حول الولادة الجديدة!

أ. الولادة الجديدة ليست المعمودية.

يُعلم كثيرون اليوم، عن أن المعمودية هي “الولادة الجديدة”. فرغم أن للمعمودية أهميتها في المسيحية، لكنها تختلف عن الولادة الجديدة. فالولادة الجديدة بالروح القدس، هي اختبار فريد ومنفصل عن المعمودية، التي يجب أن يسبقها اختبار التجديد. (أعمال الرسل 10: 47)، “أَتُرَى يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ الْمَاءَ حَتَّى لاَ يَعْتَمِدَ هؤُلاَءِ الَّذِينَ قَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ كَمَا نَحْنُ أَيْضًا؟”.

ب. الولادة الجديدة ليست عملية إصلاح.

تتعرض حياة الانسان باستمرار الى تقلبات. فمن الممكن أن يتغير الإنسان نحو الافضل، من خلال تركه لعادة، أو عادات سيئة. هذا جيد جدا، ولكنه ليس “الولادة الجديدة” التي تحدث عنها الرب يسوع في تعاليمه. لقد كان نيقوديموس رجل دين، في موقع المسؤولية، لكن هذا لم ينفعه في علاقته الروحية مع الرب، بل كان بحاجة إلى اختبار الولادة الجديدة. الذي هو تغيير عميق في الطبيعة الداخلية.

ولقد حفظ الشاب الغني الوصايا، ومارسها (حسب ما كان يظن)، لكن هذا لم ينفعه روحيا في علاقته مع الرب، اقرأ (مرقس 10: 17-22).

لقد تمتع شاول الطرسوسي (لاحقا بولس)، بكل المواصفات التي تؤهله أن يكون مقبولا عند الله، لكن هذا لم يكن كافيا. اقرأ (فيلبي 3: 4-8).

ج. الولادة الجديدة ليست كأي اختبار روحي.

إن كثيرين اليومَ يمزجون بين اختباراتهم الروحية، واختبار الولادة الجديدة، معتبرين أن أي اختبار روحي، أو يقظة روحية، هي بداية جديدة مع الله، وبالتالي هي الولادة الجديدة.

 1. لقد حصل اختبار مع سيمون الساحر، ولكنه لم يكن كاف للخلاص. اقرأ (أعمال الرسل 8: 9، 13، 18-22).

 2. لقد حذر يسوع سامعيه من الاختبارات السطحية التي تعتمد على المشاعر الوقتية. اقرأ (متى 13: 3، 5، 18، 20، 21).

 ملاحظة: إن عملية الولادة الجديدة تستدعي المشاعر الإنسانية. لكن يجب أن ننتبه إلى أن المشاعر، تأتي كنتيجة الولادة الجديدة، وليست كمسبب لها.

الولادة الجديدة تجلب الأولويات الجديدة

  • مع طبيعتنا الجديدة تأتي رغبة شديدة للمسيح، وأشياء الله.
  • مع حياتنا الجديدة ، نطور أولويات جديدة.
  • نريد أن نرضي الله من المحبة، وليس الخوف، وكأفراد من عائلته.
  • نريد أن نكون في وئام وتلائم لائم مع أبينا وربنا يسوع المسيح.
  • عندما نصبح شخصًا جديدًا في المسيح، نترك وراءنا أيضًا ذلك العبء الخانق المتمثل في محاولة كسب خلاصنا الخاص.
  • أخيراً فهمنا ما فعله يسوع من أجلنا. (يوحنا 8: 32).
  • علامات المولودين ثانيةً
  • محبة الكتاب المقدس

“كأطفالٍ، مولودين الآن اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكي تنموا به”، (رسالة بطرس الأولى 2: 2). إن كل من وُلد من الله، يحب كلمة الله، ويتغذى ويحيا، وينمو بها روحيًا. مثل الطفل الذي يرضع اللبن الحرفي، بالغريزة الطبيعية. لاحظ أن الشخص غير المولود من الله، يشعر بالسآم، والملل، وليس لديه الرغبة في أن يسمع أو يقرأ كلمة الله. أما المولود من الله فيشعر بلذّة وأشواق نحو هذه الكلمة.

  • الصلاة

إن المولود من الله، يجد راحته في التحدث إلى الله كأبيه. والصلاة هي التعبير عن الاحتياج، والشعور بالضعف الإنساني، الذي يستند على قوة الله القدير، ويتعلق بها بالمحبة. مثل طفل يرتمي في حضن أبيه، ويثق كل الثقة في محبته وقوته وحكمته. والمولود من الله صارت لديه رغبات واهتمامات روحية يعبِّر عنها في صلاته بعد أن كان قبلاً يدور في فلك أعوازه الزمنية فقط.

  • الطاعة

من خصائص الطبيعة الجديدة، أنها تجعل المؤمن، يُطيع وصايا الرب، ويَخضع لسلطانه. وهذا عكس الإنسان الطبيعي العاصي والمتمرد. إن بداية عمل الله في النفس، هو أن يخلق فيه روح الطاعة، وأن يكسر فيه الإرادة الذاتية العنيدة. هذا ما حدث مع شاول الطرسوسي في أول مقابلة مع الرب، عندما أبرق حوله نور أفضل من لمعان الشمس وسمع صوتًا من السماء يقول «شاول شاول لماذا تضطهدني؟». فسقط على وجهه إلى الأرض وقال «يا رب ماذا تريد أن أفعل؟» (أعمال الرسل 9: 6). لقد أظهر كل طاعة وخضوع؛ ليتخلى عن إرادته الذاتية؛ ويفعل إرادة الله.

  • السلوك في بر وقداسة

“كل من يصنع البر مولود منه”، (رسالة يوحنا الأولى 2: 29). إن ما يميز المولود من الله، السلوك في الأعمال الصالحة المرضية أمام الله، كالعيشة في القداسة، والانفصال عن الشر، ضبط النفس، وضبط العواطف والرغبات، رفض الخطية، والهروب من الشهوات. إنها تجعل المؤمن، يحب البر، ويحب أن يعيش طاهرًا. كما أنه لا يستريح وسط جو فاسد ملوث بالشرور، ويحزن إذا سقط في الخطية.

  • المحبة

“كل من يحب فقد وُلد من الله ويعرف الله… لأن الله محبة”، (رسالة يوحنا الأولى 4: 7). فهذه أيضًا علامة تميز المولود من الله. فالمحبة هي طبيعة الله التي نلناها بالولادة من الله. إنها عاطفة مقدسة، تتميز بالبذل والعطاء والتضحية، والاستعداد للخدمة، والتعب لأجل الآخرين. إنها عكس الأنانية، ومحبة الذات التي تميز الإنسان الطبيعي، غير المولود من الله. وهي محبة راقية، لا ترجو من المحبوب شيئًا، وإنما ترجو له كل شيء. انظر (كورنثوس الأولى 13 – أصحاح المحبة).

  • النمو

من سنة إلي سنة، هناك نمو في الحياة الروحية، وهذا دليل قاطع على وجود الحياة. إنه نمو تدريجي بطيء، لكن بثبات. قد لا يظهر في بعض الفترات، لكن وجوده في أوقات أخرى بوضوح، دليل على الحياة. فالمولود من الله ينمو في معرفة الرب، ومعرفة الكتب المقدسة، ينمو في الشركة مع الرب، وفي محبته له، ومع النمو، تقل الأخطاء وتختفي بعض العيوب والصغائر من حياته.

  • الصراع الداخلي

كل من وُلد من الله، يعاني من صراع داخلي، ينشأ بسبب الطبيعة التي تميل لفعل الخطية، والثانية (الجديدة) التي نالها بالولادة من الله، وتميل لفعل البر. فهناك أشواق مقدسة، ورغبات روحية، هي رغبات الطبيعة الجديدة، تقابلها وتعاكسها ميول قوية نحو الخطية، وبغض النظر عن نتيجة الصراع، فإن وجود الصراع نفسه دليل على وجود الحياة.

  • خُلاصة

إن الممارسات الدينية، والأنشطة الروحية، لا تعني بالضرورة الولادة من الله.  فليس الشرير جدًا هو فقط مَن يحتاج إلى ذلك، بل حتى المتدين، والمؤمن إيمانًا عقليًا، يحتاج أن يولد ولادة ثانية، لكي يصبح من أولاد الله، ولكي يصل إلى السماء. وربما يسأل سائل: كيف أتأكد أني وُلِدْتُ من الله، خاصة إذا لم يكن هناك اختبار، أو تاريخ محدد، أتذكر أن عنده بدأ التغير في حياتي فجأة؛ حيث إنني نشأت في أسرة مسيحية، ولا توجد نقلة كبيرة في حياتي؟

والجواب هو: ليس المهم متى، أو كيف حدث ذلك لأول مرة.  فقد لا يعرف الإنسان تاريخ ميلاده، ولا أين تم ذلك.  لكنه بالتأكيد يستطيع أن يقرر الحقيقة الثابتة الآن؛ وهي أنه كيان حي، وله وجود حقيقي، لا يُشَك فيه. والشيء ذاته، في مسألة الولادة من الله.  ليس ما حدث في الماضي، بل ما أنت عليه الآن، هو ما يقرر الحقيقة.

مفهوم الخلاص في المسيحيَّة.. ومراحله

(الماضي والحاضر والمستقبل في عَلاقة الرب بالمفديين!)

س1: “ما هو مفهوم الخلاص في المسيحيَّة وما هي مراحلُه؟!”

ج1: الخلاص، يعني التحرير، والعِتق من العبودية، والإنقاذ من الخطر أو المعاناة، والمصير الأبدي المُظلم.

ج2: ومراحله: (الصَّلْب.. القيامة.. الصعود).

  • إلى الدرس بشيءٍ من التفصيل والإيضاح
  • مَدخل إلى الدرس

اليهودية Judaism، والمسيحية Christianity، يؤمنان، بأن الله خلق الإنسان على أحسن تقويم، دون عيبٍ أو شر، وكان مقامُه في جنة عدْن، وكان على علاقة طيبة بالله، وأن الشر دخل إلى الإنسان بغواية إبليس، فتغيرت حياتُه بالكامل، كما تغيرت علاقته بالله. وهذه كانت شهوة إبليس؛ إذ إنه عندما رأى الصورة الكاملة التي خُلِقَ عليها الإنسان، ومجد علاقته مع الله، حَسَد الإنسان على كماله ومجده، اللذين كانا له (أي لإبليس) أصلًا من قبل سقوطه. لذلك عمل على إفساد علاقة الإنسان بالله، وبحيلته، ودهائه، استطاع أن يُسْقِط الإنسان في العصيان، ويُخرجه عن طاعة الله، ويجلب عليه غضبه، ويوقِعه تحت طائلة العقاب الإلهي.

أما نتائج السقوط؛ فكانت كما تَعلمنا في أحد الدروس السابقة، انفصال الإنسان عن الله، طرده من الفردوس Paradise، عبوديته لإبليس، وقوعه تحت سلطان الخطية، خضوعه لحكم الموت الأبدي، مصيره المحتوم إلى الهاوية، مكان الظلمة، وانتظار العذاب.

هذه الصورة المحزنة التي وصل إليها الإنسان بسبب انفصاله عن الله، وعبوديته لإبليس والخطية والهاوية والموت الأبدي، تشير بقوة إلى مدى احتياجه لمن ينقذه، ويخلصه منها، ويُرجِع إليه صورته الأولى، وهذا ما نطلق عليه حاجة الإنسان إلى الخلاص.

والخلاص هنا يعني التحرير، والعتق من العبودية. وهو الإنقاذ من الخطر أو المعاناة. فأن تخلص شخصا ما، يعني أن تنقذه أو تحميه. والكلمة تحمل معاني الإنتصار أو الصحة أو الحفظ.

  • الخلاص
  • مِن ماذا نَخلُص؟

في المعتقد المسيحي للخلاص، نحن نخلص من “الغضب”، أي عقاب الله المستحق عن خطيتنا “فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ!” (رومية 9:5). فخطيتُنا تفصلنا عن الله، وأجرة الخطيئة هي موت. “لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا” (رومية 23:6). ويشير الخلاص الكتابي، إلى إنقاذنا من عواقب الخطية، وبالتالي نزع تلك الخطية.

  • مَن يخلصنا؟

الله وحده القادر أن ينزع الخطية، ويخلصنا من عقابها “لاَ بِأَعْمَال فِي بِرّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ ­ خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ”. (تيطس 5:3).

  • كيف يُخلص الله؟
  • يقول التعليم المسيحي عن الخلاص، إن الله أنقذنا من خلال المسيح “لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ”. (يوحنا 17:3).
  • بالتحديد، صار لنا الخلاص من خلال موت المسيح على الصليب وقيامته “لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ” (رومية 10:5).
  • ويؤكد الكتاب المقدس أن الخلاص هو الهبة غير المستحقة، المُنعَم علينا بها من الله “وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ” (أفسس 5:2).
  • وذلك فقط من خلال إيماننا بالرب يسوع المسيح “وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ”. (أعمال الرسل 12:4).
  • كيف نقبل الخلاص؟
  • نحن نخلص بسماع البشارة السارة: هنا يجب أولا، أن نسمع بشارة الإنجيل – الأخبار السارة عن موت المسيح، وقيامته “الَّذِي فِيهِ أَيْضًا أَنْتُمْ، إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، إِنْجِيلَ خَلاَصِكُمُ، الَّذِي فِيهِ أَيْضًا إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ”. (أفسس 13:1).
  • ثم، يجب أن نؤمن: أي أن نثق تماما في الرب يسوع “لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ: لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلًا ثُمَّ لِلْيُونَانِيِّ”. (رومية 16:1).
  • وهذا يتضمن التوبة: أي تغيير الفكر بشأن الخطية والمسيح “فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ، لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ”. (أعمال الرسل 19:3).
  • الدعوة بإسم الرب:لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ”. لأَنَّ الْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ، وَالْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلاَصِ. (رومية 10: 9، 10).المعنى الحقيقي “للخلاص”.
  • الصَلْب
  • تأكيدات هامة حول الفداء والصليب:
  • لم يسعَ يسوع للموت، ولم يأتِ إليه، بالتالي فإن الله لم يرد موت المسيح على الصليب.
  • إذ إن مشيئة الله هي أن يعلن المسيح بشرى الملكوت السارة.
  • وكان الصليب هو النتيجة، أو ثمن هذه الرسالة.
  • وقد اختار الله بملء حريته “الخلاص”، بواسطة المسيح.
  • ورسالة الأنبياء والرسل، هي عيش الرسالة التي يحملونها إلى الآخرين أولاً.
  • وقد أراد الله أن يكون لأفعال وأقوال المسيح قدرة خلاصيّة خاصة.
  • والمسيح أثناء قيامه بهذه المهمَّة، اصطدم بأصحاب الضَّمير الفريسي؛ ذلك الضَّمير الّذي لا يدخل، ولا يدع الداخلين، يدخلون.
  • مما دفع هؤلاء الذين يملكون السلطة، والسيطرة، إلى السعي للتخلص من المسيح؛ ذلك النور الّذي يفضح ظلامهم.
  • ماذا حقق لنا المسيح بصلبه؟

 1.التحرر من الخطيئة والموت: عاش المسيح حياة “البار”، وكانت تعاليمه دعوةً للناس إلى الحقيقة، ورفض الناس له، لم يجعله يبتعد عن هذا الهدف، ولم يُثنِ عزيمته، بل جعله يتقدم بكل حرية؛ ساعيا نحو الخلاص الشامل للجميع، لأن حبه كامل، ولأن الله وحده هو القادر على أن يحوِّل الشر إلى الخير، ويستخرج من الكراهية المحبة والنعمة.

 2. التكفير عن الخطيئة: عواقب الخطيئة لا تبقى خارج حدود الإنسان الخاطئ، ومن هنا تنبع حاجة الإنسان إلى التطهير، ويفهم المسيحيون موت المسيح كتكفير عن الخطيئة؛ لأن المسيح كان بدون خطيئة. وهنا تجدر الإشارة بأن الخطيئة هي خلل في النظام الخُلقي، وتشكيك في صلاح الله، ومن ثمّ فللخطيئة بعد جماعي يتخطى الفعل الفردي، ولأن المسيح عاش البر الكامل، والطاعة الكاملة لمشيئة الآب، دشن طريق الإنسان الجديد، المُطهَّر من الخطيئة، والقادر على إقامة علاقة بنوية مع الله.

 3. الحب المُحوِّل: إن حياة يسوع هي حياة “الحب” الكامل “لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ” (يوحنا 15: 13). إن الحب بطبيعة حاله يغير، ومحبة المسيح، لأنها كاملة، فهي ذو قدرة تغيرية. والمؤمن يختبر في شخص المسيح ذلك البار الّذي أطاع طاعة كاملة، وبالتالي يختبر أنه (الإنسان) كلما اقترب من الله اختبر البنوّة “أن يكون ابناً لله”.

  • القيامة
  • القيامة حجر الزاوية
  • إن قيامة المسيح هي حجر الزاوية لكل الإيمان المسيحي.
  • لأن بدون قيامة، لا إيمان، ولا كنيسة، ولا مسيح.
  • وقيامة المسيح هي “حدثٌ فريد” تماما.
  • والتلاميذ أنفسهم، مروا بثلاث مراحل:
  • عاشوا وعايشوا المسيح قبل موته في حياته.
  • عاشوا المحنة بعد الفبض على المعلم، محنة اليأس التام، والاحباط الشديد.
  • عاشوا واختبروا المسيح القائم.
  • وتحوَّلوا بفضل هذه الظهورات إلى شهود للقيامة.
  • خلاصة القول، إن المسيح حسب شهادات التلاميذ قام قيامة حقيقية.
  • قام بجسده الذي كان لديه قبل القيامة.
  • إلا أن هذا الجسد له صفات مختلفة (جسد نوراني).
  • وقد أكدوا أن ما شاهدوه لم يكن شبحا، أو وهما بل هو الرب.
  • وقدموا حياتهم لهذه الشهادة.
  • فواجهوا الموت والسيف، ولم يتنازلوا عنها مطلقا.
  • ·        وهناك شهادات تاريخية لأناس عاشوا حدث القيامة وشهدوا عنه.
  • معنى وتأثير قيامة المسيح:
  • إن القيامة إثبات لكل ما عمل المسيح، وعلَّم به.
  • إثبات لجميع حقائق الإيمان، حتى الأكثر صعوبة منها على الإدراك البشري.
  • وهي البرهان النهائي على حقيقة المسيح “كالمخلص”.
  • وهي إيضا إتمام لكل مواعيد العهد القديم.
  • لذلك هي مرتبطة إرتباطا وثيقا بالميلاد.
  • لأن في الميلاد (التجسد) دخل الله حياة البشر.
  • وفي القيامة دخل البشر حياة الله (التبرير).
  • أي عادوا إلى النعمة، التي فُقِدت بالخطيئة.
  • أي اصبحوا “أبناء الله” بالتبني في المسيح الابن الحقيقي.
  • الصعود
  • الصعود هو استمرار لسر المسيح المُمجَّد بالقيامة.
  • من هنا يأتي الارتباط الوثيق بين الصعود والقيامة.
  • بقي يسوع يترأى لتلاميذه مدة أربعين يوما، يكلمهم عن شؤون ملكوت الله. انظر (أعمال 1: 3- 10).
  • وعدد أربعين، هو عدد رمزي، يشير إلى مدة طويلة، تمُهد لحدث عظيم.
  • وهو يذكرنا بالمدة التي قضاها اليهود في البرية قبل أن يدخلوا أرض الموعد.
  • أي إن شعب الله الجديد، اختبر الرب القائم أربعين يوما، قبل أن يحل عليه روح الرب.
  • من هنا نفهم أن المسيح القائم كان يعلم تلاميذه.
  • أي يعدهم كما أعد الرب الشعب القديم، ويهيئهم لعطية الروح.
  • بالتالي لحمل الرسالة.
  • لأنه حيث عطيَّة الروح؛ فهناك رسالة، وحيث هناك رسالة؛ فهناك عطيَّة الروح.
  • خُلاصة:
  • المسيح وهو البار، مات من أجل خطايانا.
  • 2-     وكان موته تأكيدا لحقيقة التجسد.
  • 3-     خلاصنا هو ثمرة محبَّة الله لنا.
  • 4-     قدَّم المسيح نفسه بحريته، واختياره.
  • وهذه التقدمة حققها مسبقا أثناء العشاء الأخير مع تلاميذه.
  • 6-     وقد أقامه الله من بين الأموات؛ لأنه أطاع؛ فكانت القيامة انتصارا.
  • وتأكيدا لرسالة وحياه المسيح كلها.
  • ويؤكد العهد الجديد على أنه لا موت بلا قيامة، ولا معنى للقيامة بدون الموت.
  • يتناول الإيمان بالقيامة حدثا يثبته تاريخيا التلاميذ.
  • ويعني القبر الفارغ، واللفائف المطروحة، أن جسد المسيح أفلت من قيود الموت، والفساد، بقدرة الله.
  • الخلاص إذن هو عِتق من الماضي، وطبيعة جديدة في الحاضر، وخلاص أبدي في المستقبل.

مفهوم الخطية في المسيحية.. وعلاجها

(نعمة الله، ومحبته، هما جوهر العلاقة التي تربطه بالإنسان)

س1: “ما هو تعريف الخطية في الكتاب المقدس؟ وما هو السبيل لحلها؟!”

ج1: الخطية هي عدم إصابة الهدف، الذي هو‏ مقاييس اللّٰه الكاملة.‏ ويسوع المسيح هو السبيل الوحيد للمصالحة.

  • إلى الدرس بشيءٍ من التفصيل والإيضاح
  • مدخل إلى الدرس

تخيَّلْ أن صديقا لكَ وهبك قصرا جميلا؛ لتتمتع به، ثم طلب منك شيئا واحدا غريبا؛ حيث قال “أرجوك لا تقفز من البرج لئلا تموت”، ثم أتى عدوٌ إلى قصرك، وقال لك: من منعك من القفز؟ هيا اقفز حتى تشعر شعورا رائعا! وتختبر لذة الطيران، وتكون قادرا على رؤية قصرك من زاوية مختلفة، لا تقلق مما سيجري لك عندما تطأ قدمك الأرض، فكر فقط في الأشياء الجديدة التي ستتعلمها في طريقك إليها”.

هنا.. هل ستُسرع إلى أعلى البرج وتقفز؟ بالطبع لا، فمن الحماقة أن تثق بعدوك، وتعمل بما يقوله لك.

وقد مرَّ بالفعل آدم وحواء باختبار مشابه! فقد وضعهما الله في جنة جميلة، وأخضع لهما كل شئ، ثم ما لبث أن أتى العدو – الشيطان – وقال لهما أن يأكلا من ثمار الشجرة، وأوهمهما بأن ذلك لن يؤذيهما؛ فصدقا كلامه، بدلا من أن يصدقا كلام الله!

خُلق الإنسان كاملا، إلا أن بعصيانه دخلت الخطية إلى حياته، فما هي الخطية؟ وهل هناك مفر من سلطانها؟

  • مفهوم الخطية في الكتاب المقدس

الخطية هي أي عمل أو شعور أو فكرة تتعارض مع مقاييس اللّٰه.‏ وتشمل كسر شريعة اللّٰه، بفعل ما هو خطأ، أو اثم في عينيه. كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أَيْضًا. وَالْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّي. (يوحنا الأولى 3: 4).

والكلمتان العبرانية واليونانية المنقولتان في الكتاب المقدس عن كلمة خطية، تُشتقان من جذر يعني «أخطأ الهدف».‏ مثلا،‏ كان بعض الجنود في إسرائيل القديمة بارعين في رمي الحجر بالمقلاع.‏ فقيل عنهم إنهم ‹لا يخطئون›،‏ أي إنهم يصيبون الهدف.‏ مِنْ جَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ سَبْعُ مِئَةِ رَجُل مُنْتَخَبُونَ عُسْرٌ. كُلُّ هؤُلاَءِ يَرْمُونَ الْحَجَرَ بِالْمِقْلاَعِ عَلَى الشَّعْرَةِ وَلاَ يُخْطِئُونَ. (قضاة ٢٠:‏١٦‏)‏.

إذا،‏ الخطية هي عدم إصابة الهدف، الذي هو‏ مقاييس اللّٰه الكاملة.‏

بما أن اللّٰه هو الخالق،‏ فمن حقه أن يضع المقاييس للبشر.‏ “أَنْتَ مُسْتَحِقٌ أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْقُدْرَةَ، لأَنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ”.  (‏رؤيا ٤:‏١١‏).

 ونحن مسؤولون أمامه عن تصرُّفاتنا.‏ فَإِذًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا سَيُعْطِي عَنْ نَفْسِهِ حِسَابًا للهِ. ( رومية ١٤:‏١٢‏).‏

  • أنواع الخطايا في الكتاب المقدس (على سبيل الحصر لا المثال):
  • خطايا الفكر: أي إن الأفكار الشريرة التي نفتكر بها، حتى لو لم تتحول إلى أعمال، وبقيت في الذهن، تُحسب بنظر الله خطية. وطبعا هذا لا يتضمن الأفكار العارضة التي تأتي أذهاننا بين الحين والآخر، حيث يقول الكتاب: “فِكْرُ الْحَمَاقَةِ خَطِيَّةٌ”. (أمثال 24: 9). وكثيرا ما وبخ الرب يسوع الفريسيين على افكارهم الشريرة.
  • خطايا الكلام: “وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابا يَوْمَ الدِّينِ. لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ”. (متى 12: 37). والكلمة البطالة، هي ليست مجرد الكلام السيء، بل هي الكلمة التي تكون لمجرد الكلام. إذ ندفع عن هذا النوع من الكلام حسابا، فكم وكم بالحري الكلمات التي ننطقها في لحظات الغضب!
  • 3-     خطايا عملية: مثل القتل، الزنى، والسرقة.
  • 4-     خطايا الامتناع عن عمل الخير: “فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذَلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ”. (يعقوب 4: 17). وهذه أصعب أنواع الخطايا، حيث لا تستطيع أن تجد لنفسك عُذرا في الامتناع عن مساعدة الآخرين!!
  • هل بعض الخطايا أسوأ من غيرها؟‏

 ثمَّة عِدَّة عوامل تحدِّد مدى فداحة أو ثقل خطيةٍ ما عن غيرها، نذكر منها هنا على سبيل المثال:‏

  1. خطورتها:
  2. يُوصينا الكتاب المقدس أن نتجنَّب الخطايا الخطيرة، مثل العهارة،‏ الصنمية،‏ السرقة،‏ السكر،‏ الابتزاز،‏ القتل،‏ إلخ.‏ أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا: لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ. وَهكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ. لكِنِ اغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلهِنَا. (١ كورنثوس ٦:‏​٩-‏١١).
  3. لكنه يميز بين هذه الخطايا وبين الخطايا غير العمدية والطائشة،‏ كالكلمات والافعال التي تؤذي الآخرين.‏ (‏امثال ١٢:‏١٨؛‏ افسس ٤:‏​٣١،‏ ٣٢‏)‏ رغم ذلك،‏ يحثنا الكتاب المقدس الَّا نستخف بأية خطية لأنها قد تؤدِّي الى انتهاكات اخطر لشرائع اللّٰه.‏ —‏ متى ٥:‏​٢٧،‏ ٢٨‏.‏
  • الدافع وراءها:
  • أحيانا يخطئ الناس بسبب جهلهم لما يطلبه اللّٰه. فَاللهُ الآنَ يَأْمُرُ جَمِيعَ النَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْ يَتُوبُوا، مُتَغَاضِيًا عَنْ أَزْمِنَةِ الْجَهْلِ. (‏أعمال الرسل ١٧:‏٣٠).
  • وبينما لا يبرِّر الكتاب المقدس خطايا كهذه،‏ فهو يميز بينها وبين الخطايا التي تشمل كسرا عمديا لشرائع اللّٰه.‏ وَأَمَّا النَّفْسُ الَّتِي تَعْمَلُ بِيَدٍ رَفِيعَةٍ مِنَ الْوَطَنِيِّينَ أَوْ مِنَ الْغُرَبَاءِ فَهِيَ تَزْدَرِي بِالرَّبِّ. فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ بَيْنِ شَعْبِهَا، لأَنَّهَا احْتَقَرَتْ كَلاَمَ الرَّبِّ وَنَقَضَتْ وَصِيَّتَهُ. قَطْعًا تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ. ذَنْبُهَا عَلَيْهَا (‏سفر العدد ١٥:‏​٣٠،‏ ٣١‏)‏.
  • 3-     تكرارها.:
  • فرِّق الكتاب المقدس أيضا بين ارتكاب الخطية مرة واحدة أو عدة مرات. فالذين ‹يمارسون الخطية عمدا›،‏ حتى بعد أن يتعلموا فعل الصواب،‏ ينالون دينونة اللّٰه.‏ فَإِنَّهُ إِنْ أَخْطَأْنَا بِاخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ الْحَقِّ، لاَ تَبْقَى بَعْدُ ذَبِيحَةٌ عَنِ الْخَطَايَا، بَلْ قُبُولُ دَيْنُونَةٍ مُخِيفٌ، وَغَيْرَةُ نَارٍ عَتِيدَةٍ أَنْ تَأْكُلَ الْمُضَادِّينَ. ( عبرانيين ١٠:‏​٢٦،‏ ٢٧‏).‏
  • قد يُثقل الإحساس بالذنب كاهل الذي ارتكب خطية خطيرة.‏ لكنَّ الكتاب المقدس يمنح أشخاصا كهؤلاء رجاء معزِّيا.‏ يذكر:‏ «ليترك الشرير طريقه،‏ ورجل السوء أفكاره،‏ وليرجع الى يهوه الذي يرحمه،‏ وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران».‏‏( إشعيا ٥٥: ‏٧‏).‏
  • علاج مشكلة الخطية

إن مشكلة إتمام المصالحة بيننا وبين الله، الذي يكره الشر، هي أكبر مشكلة في التاريخ. فقبل أن نرى الله في السماء، يجب أن يتغير شيء جذري، وهذا يستدعي بما لا يقِل، أعظم حل تم تدبيره على الإطلاق .

وهذا ما نحتاج أن نعلمه في نقاطٍ سريعة مُختصَرة:

١– “فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ… ‎ وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا” (تكوين ١: ٢٧، ٣١) .

خلق الله البشر بصفات شخصية وعلائقية تشبه صفاته (تكوين ١: ٢٦)، وأراد أن يكون له علاقة مبهجة معهم. لكن شيئًا ما حدث بشكل خاطئ. فعندما اختار آدم وحواء اتبّاع نصيحة الشيطان في جنة عدن (تكوين ٣)، سمّمت الخطية العالم، والآن نحن جميعًا نولد بالرغبة في عمل الأشياء بطريقتنا الخاصة، وليس بحسب الله.

٢– “‎إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ” (رومية ٣: ٢٣).

إن خطايانا ضد الإله الصالح، والقدوس قد أبعدتنا عنها، (إشعياء ٥٩: ٢). فالله لا يستطيع “النَّظَرَ إِلَى الْجَوْرِ” (حبقوق ١: ١٣). وبسبب الخطية نفقد العلاقة مع الله، ونفقد سعادتنا. ونتيجة كل هذا هو الموت. والموت الروحي هو الانفصال عن الله في مكان حقيقي جدا يُسمى جهنم. والموت الجسدي يمثّل نهاية فرصتنا للدخول في علاقة مع الله وتجنب الدينونة الأبديَّة (عبرانيين ٩: ٢٧).

٣– ‎”لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا” (رومية ٦: ٢٣).

لا يوجد أي شيء يمكننا فعله لاستعادة أنفسنا لله. فهو قدوس، ونحن لسنا كذلك. في الواقع، يقول الله إنه حتى أعمالنا الصالحة، لكن الله أحبنا كثيرا، وأرسل لنا ابنه يسوع المسيح، الله الكامل والإنسان الكامل، لينقذنا من الموت ويعطينا الحياة  “اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا” (رومية ٥: ٨).

ذهب المسيح إلى الصليب؛ ليدفع ثمن خطايانا. لقد فعل لنا ما لا يمكننا فعله لأنفسنا. عندما مات المسيح من أجلنا قال: “قَدْ أُكْمِلَ” (يوحنا ١٩: ٣٠).

٤– “‎لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ” (أفسس ٢: ٨-٩).

إن أعظم عطية من الله هي استعادة العلاقة معه، حيث يحررنا من الجحيم، ويمنحنا الدخول إلى السماء (يوحنا ٣: ٣٦). لا تعتمد هذه العطية على استحقاقنا، بل تعتمد فقط على عمل نعمة المسيح من أجلنا على الصليب (تيطس ٣: ٥). فهو الطريق الواحد والوحيد إلى الله. حيث قال: “أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي” (يوحنا ١٤: ٦).

٥– “‎لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ” (رومية ١٠: ٩).

لكي نكون في موقف صحيح أمام الله، يجب أن نقر بقلوبنا الآثمة، وأعمالنا الخاطئة، ونطلب الغفران من الله، إن فعلنا ذلك، فإنه يعد بالغفران الكامل بنعمته: “‎إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ” (رسالة يوحنا الأولى ١: ٩). ثم علينا أن نؤكد للآخرين أن المسيح المُقام من الأموات هو ربنا.

٦– “إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ” (يوحنا ٥: ٢٤).

إن الحياة التي نتوق لها هي مقدمة لنا بالمجان في المسيح. ويمكننا أن نؤمن بوعده وندعوه ليخلصنا، حيث نقبل بتواضع عطيته وهي الحياة الأبدية: “كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ (رومية ١٠: ١٣).

ختاما.. بمجرد قبولك المسيح كمخلص لك، فإن أحد أهم الأشياء التي عليك القيام بها هو أن تصبح جزءًا من عائلة عائلة المسيح التي تسمى الكنيسة. ستعلّمك الكنيسة الصالحة كلمة الله، وستقدم لك الحب، والمساعدة، والدعم. ويمكنهم أن يساعدوك على النمو في علاقتك مع المسيح! اقرأ الكتاب المقدس، صلي، شارك إيمانك، واجتمع بانتظام مع شعب الله. “انْمُوا فِي النِّعْمَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ” (رسالة بطرس الثانية ٣: ١٨).

  • خلاصة

إن الكتاب المقدس لا يتحدث عن دينونة إلهية، لإنسان كُتبت عليه الخطيئة قضاءً وقدرا، بل عن ثمار أعمال الإنسان المتولدة عن اختياراته الحرة. فوراء الخطية؛ تكمن مسؤولية الإنسان المتولدة عن اختياراته الحرة، والكتاب المقدس لا يتحدث عن خطية بالمعنى الوراثي للكلمة, بل عن تلوث عام بالخطية، ينتقل من جيل إلى جيل. فخطية الأبناء لا يحددها سلوك الآباء، بل يُنهك الأبناء بالمرارة التي تفرزها خطايا الآباء. وفي النهاية، يمكننا القول إن الخطية الأصلية هي الجذر العميق الذي نجده في كل خطية.

وفي كل مرة نقول فيها لالنعمة الله، ومحبته الفياضة، نكون كمن يرفض تلقي حياته كهبة من الله، معتبرا إياها غنيمة يستولي عليها. ومهما يكن، فإن نعمة الله، ومحبته، تبقيان هما جوهر العلاقة التي تربط الإنسان بالله، والتي فاضت وتكاثرت، خصوصا عندما كثرت الخطية.

السقوط ونتائجُه

(عشرة أسباب للسقوط تكشف عن محبة الله!)

س1: ما هي نتائج السقوط المروع للبشرية؟

ج : أهم نتائج السقوط تتمثل في الآتي:

  1. الموت الروحي الأبدي.
  2. الموت الجسدي.
  3. الموت الأدبي.
  4. العقوبات التي حلت بالإنسان والحية.
  5. تسلُط الشيطان.
  6. فساد الطبيعة البشرية.
  7. انفتاح أعينهما.
  8. اهتمام الله بالإنسان.
  9. لعنة الحيَّة والوعد بالخلاص.
  10. طرد الإنسان وتأديبه.
  • إلى الدرس بشيءٍ من التفصيل والإيضاح

1 – الموت الروحي الأبدي: أي انفصال الإنسان عن الله، مصدر الحياة، إذ انفضت الشركة بينهما، وصار الإنسان الخاطئ، يهرب من الله؛ لأنه يستحيل عليه التواجد في حضرة الله القدوس،‍ وهنا ليس المقصود مجرد الموت فقط، بل أيضًا البقاء إلى الأبد في فساد الموت.

لقد سقط آدم، وصار مصيره إلى الجحيم الأبدي، مع الملاك الساقط، لولا رحمة الله التي أدركته بالتجسد، إن موت الجسد هو انفصال الروح عن الجسد، وموت الروح هو انفصال الروح عن الله.

2 – الموت الجسدي: منذ اللحظة التي أكل فيها الإنسان من ثمرة الشجرة المُحرَّمة، وحطَّم الوصية، بدأت تدب فيه عوامل الانحلال، وبالمعصية خَضع الإنسان لسلطان الأمراض، التي تُفضي به إلى الموت. إن الله خلق الإنسان، بقصد أن يبقَى في عدم فساد، أما البشر فإذا احتقروا، ورفضوا، التأمل في الله، واخترعوا، ودبروا، الشرَّ لأنفسهم؛ فقد استحقوا حكم الموت الذي سبق تهديدهم به.

علما بأن المشكلة ليست في الأكل ولكن في عصيان الله في حد ذاته.

من ذلك الحين، لم يبقوا بعد في الصورة التي خُلقوا عليها، بل فسدوا حسبما أرادوا لأنفسهم، (جامعة 7: 29)،اُنْظُرْ. هذَا وَجَدْتُ فَقَطْ: أَنَّ اللهَ صَنَعَ الإِنْسَانَ مُسْتَقِيمًا، أَمَّا هُمْ فَطَلَبُوا اخْتِرَاعَاتٍ كَثِيرَةً.” وساد عليهم الموت كملك (رومية 5: 14)، “لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى، وَذلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ، الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي.“. كذلك يجب أن لا يتوقعوا إلاَّ الفساد. وبتعبيرٍ آخر، يجب أن تكون النتيجة الانحلال؛ بالتالي البقاء في حالة الموت والفساد.

3- الموت الأدبي: بالسقوط فقد الإنسان مجد الصورة الإلهية داخله، ففقد وقاره وهيبته وكرامته، وصار مطرودًا من الفردوس، هائمًا على وجهه، يعاني من عار الخطية، التي تركت وصمتها القوية داخل النفس، وبعد أن كان آدم وحواء عريانين، ولا يخجلان، فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِر”َ. (تكوين 3: 7).

 واجتاح الخوف حياة آدم، حتى من صوت جابله، الذي كان يسعد ويتلذذ به؛ فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ».، (تكوين 3: 10). وظل الإنسان يعيش الموت الأدبي، الذي ينتهي به إلى الموت الجسدي. أما الموت الروحي فيعبر معه من هذا العالم إلى العالم الآخر.

4 – العقوبات التي حلت بالإنسان والحية: عَقِبْ السقوط حكم الله على آدم وحواء والحية، ولم يحكم على ابليس لأنه سبق الحكم عليه، وجاءت العقوبات كالتالي:

  • للحية: فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: “لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ”. (تكوين 3: 14، 15). وفي طيات العقاب، جاء الوعد بالخلاص؛ إذ يسحق نسل المرأة رأس الحية.
  • للمرأة: “وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».(تكوين 3: 16).
  • لآدم: وَقَالَ لآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. (تكوين 3: 17، 18)، وطُرِد آدم وحواء من الفردوس، وأقام الله كاروبيم ولهيب سيفٍ متقلب؛ لحراسة طريق شجرة الحياة؛ لئلا يأكل آدم منها؛ فيحيا إلى الأبد بخطيئته، وظل آدم يحرث الأرض؛ ويزرعها لتخرج له شوكًا وحسكًا، فيأكل خبزه بعَرق وجهه، وهكذا أولاده، ولم يَفلح أحد منهم قط في العودة إلى الفردوس المفقود إلاَّ بالتجسد الإلهي والفداء.

5- تسلُط الشيطان: “صار للشيطان سلطانًا على آدم كقول الإنجيل ” أنتم عبيد لمن تطيعونه” (رومية 6: 16)؛ فأصبح آدم عبدًا للشيطان، وكما إن العبد مِلكًا لسيده، ليس هو فقط، ولكنه هو وأولاده أيضًا. هكذا صار آدم، وجميع بنيه مِلكًا للشيطان، لقد ملك الشيطان على جنس آدم، لكن ليس قهرًا، ولا جبرًا، ولا ظلمًا، إنما اقتناه لنفسه بالحيلة والمكر والدهاء”.

6- فساد الطبيعة البشرية: سَكَنَتْ الخطية في الإنسان، وأثرت على جميع جوانب حياته، وفسدت طبيعته بالكامل؛ فعاش في خوف وقلق وتوتر واضطراب وألم ومرض، بل إنه عاش في الموت. وامتد أثر الخطية إلى الطبيعة؛ فالأرض لم تعد تعطي ثمرها، بل شوكًا وحسكًا تنبت لك، وها الحيوانات تغيرت طبيعتها؛ فأصبحت متوحشة، والرياح والأعاصير والفيضانات والبراكين تطارد البشر”.

بالسقوط، فقد الإنسان حياة القداسة والبر والبراءة والطهارة والسمو والبساطة والسلطة، فأصبحت نظرته مادية جسدية ترابية، وثارت فيه غرائزه الطبيعية؛ فأخذ يعاني من ضغطات الخطية من الداخل، والمؤثرات الخارجية من الخارج، وصار عبدًا للخطية، يتردى فيها من سيئ إلى أسوأ فأسوًا. إذ صار عبدًا لأهوائه وشهواته ولذاته الجسدية، وبالسقوط فقد الصورة الإلهية داخله. لقد وقف الإنسان عاجزًا أمام خطيته الغير محدودة. ووقع تحت سلطان الموت الروحي والجسدي والأدبي. وصار الإنسان عبدًا لإبليس السيد القاسي المتسلط.‍ ووقف الإنسان منكسرًا أمام العدل الإلهي. فمن يستطيع أن يوفي العدل الإلهي حقه؟‍ لا أحد يقدر أن يصنع خلاصًا هذا مقداره. فقط القادر على كل شيء هو الذي يقدر، وكم نشكره؛ لأنه ارتضى أن تكون قضيتُنا قضيتَه.

7. انفتاح أعينهما: “فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ.” (تكوين 3: 7).

 ماذا يعني انفتاح العينين لتريا أن الجسد عريان؟ يعني إدراك الإنسان أنه دخل بالخطية إلى حالة من الفساد، تظهر خلال أحاسيس الجسد، وشهواته التي لا تُضبط؟! بهذا يدخل الإنسان في معرفة جديدة، هي خبرة الشر، الذي امتزج بحياته، وأفسد جسده تمامًا؛ إنه يتعرف على جسده الذي صار عنيفًا في الشر بلا ضابط.

هكذا إذ يري الإنسان نفسه عاريًا، عن ثمرة النعمة الإلهية، التي تعمل في أعماق القلب الداخلي، يتستر وراء حرفية الناموس وشكليات ظاهرة دون التمتع بالتغيير الداخلي. فالغضوب مثلًا يخترع أعذارًا لكي يبرر غضبه مظهرًا أنه على حق، مستعينًا أحيانًا بالكتاب المقدس، هذا هو معني “خاطا أوراق تين”، وذلك بإهمالهما للثمر وإقامة نوع من الحماية غير الكاملة كمآزر لهما.

8. اهتمام الله بالإنسان: إن كان الإنسان قد قابل حب الله بالعصيان، فالله يقابل حتى هذا العصيان بالحب لكي يسحب قلبه من مرضه الذي أصابه، ويقيمه من الموت الذي ملك عليه.

لم ينتظر الله الإنسان ليأتي إليه معتذرًا عن خطاياه، إنما تقدم إليه لكي بالحب يجتذبنا إلى معرفة خطايانا والاعتراف بها. بنفس الروح يطالبنا ربنا يسوع أن نذهب نحن إلى أخينا الذي أخطأ إلينا ونعاتبه ولا ننتظر مجيئه إلينا. هكذا بادر كلمة الله بالحب، فنادي آدم وقال له: “أين أنت؟” (تكوين 3: 9) لم يكن يجهل موضعه لكنه أراد الدخول معه في حوار، كاشفًا له أنه قد صار غير مستحق أن يكون موضع معرفة الله، وكأنه قد صار مختفيًا عن النور الإلهي.

هكذا اختفي آدم بعد السقوط، ولم يقدر أن يعاين الرب؛ لا لأن الرب مرعب ومخيف؛ وإنما لأن الإنسان في شره فقد صورة الله الداخلية التي تجتذبه بالحب نحو خالقه محب البشر، فصار الله بالنسبة له مرعبًا وديانًا لخطاياه. وعندما التقي الله بالإنسان خلال مبادرته بالحب بالرغم من هروب الأخير وتخوفه، فإن الأخير لم ينكر خطأه لكنه برر خطأه بإلقاء اللوم على الغير، “فَقَالَ آدَمُ: الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْت”. (تكوين 3: 12). هكذا ألقي آدم باللوم على حواء بل على الله الذي أعطاه حواء، وألقت المرأة باللوم على الحيّة، ولم يعتذر أحد منهما عما ارتكبه؛ وهذا هو حال المخدوعين لا يدركون الشر إلاَّ بعد إتمامه، إذ تخفي الشهوة عنهم إدراكهم للحقيقة، وتنزع عنهم المعرفة.

9. لعنة الحيّة والوعد بالخلاص: “فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ”. (تكوين 3: 14).

إذ حملت الحيّة خداعات إبليس للإنسان، نالت اللعنة التي تصيب كل نفس تقبل سمات هذه الحيَّة فيها، وترتضي أن تكون آلة الحساب عدو الخير وإغراءاته. أما اللعنة فهي: “علي بطنك تسعين وترابًا تأكلين كل أيام حياتك”. هكذا كل إنسان يقبل أن يكون أداة للعدو الشرير يصير كالحيّة، يسعى على بطنه محبًا للأرضيات، ليس له أقدام ترفعه عن التراب، ولا أجنحة تنطلق به فوق الزمنيات. يصير محبًا أن يملأ بطنه بالتراب، ويزحف بجسده لتشبع أحشاؤه مما يشتهيه.

وإذ لعن الله الحيَّة التي أغوت الإنسان حتى نرفضها ونرفض سماتها فينا، قدم لنا أول وعد بالخلاص، قائلًا للحيَّة: “وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَه”. (تكوين 3: 15).

لقد وضع الله عداوةً بين إبليس والمرأة حتى يأتي السيد المسيح من نسل المرأة – دون زرع بشر – يسحق رأس الحيّة التي سحقت عقب البشرية. سحق السيد المسيح -مولود المرأة- بصليبه رأس الحيّة، لكن الحيّة تسحق كل إنسان ينزل عن الحياة العلوية التي في الرب ليصير عقبًا يرتبط بالتراب.

10. طرد الإنسان وتأديبه: إذ قدم الوعد بالخلاص أعلن تأديبه للإنسان؛ فتح باب الرجاء بإعلان الخلاص قبلما يقدم التأديب المرّ حتى لا يسقط الإنسان تحت ثقل اليأس. وقد أعلن تأديبه للمرأة أولًا ثم للرجل.

أولًا تأديب المرأة: “تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ”. (تكوين 3: 16). هذا التأديب الذي سقطت تحته حواء بسبب الخطية، تحول بمراحم الله إلى بركة حينما قبلت الكنيسة -حواء الجديدة- أن تلد أولادًا روحيين لله خلال آلامها.

ثانيًا تأديب الرجل:وَقَالَ لآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ”.

  • خُلاصة

خلق الله الأرض من أجل الإنسان، وبسببه باركها لتثمر له بركات، فإذ عصى الرب سقطت تحت اللعنة لتثمر له شوكًا وحسكًا يتناسب مع عصيانه أو فكره الداخلي. وما حدث للأرض بصورة حرفية تحقق في الأرض الرمزية أي الجسد، الذي بسبب عصياننا لله فقد اتزانه وخسر تقديسه فصار ينبت لنا شوكًا وحسكًا يفسد النفس ويحطمها. هكذا بتجسد كلمة الله أمكن لأرضنا أن تنتج ثمرًا عوض الشوك والحسك، خاصة وأن السيد حمل هذا الشوك على جبينه عوض أرضنا حتى يرد لأرضنا بهجتها.

الروح القدس.. أعماله وصفاته

(سُكنى الروح القدس نعمة ممزوجة بالمسؤولية!)

س1: “اذكر ما تعرفه عن شخصية الروح القدس”؟!

ج1: يُعلمنا الكتاب المقدس، ويؤكد لنا، بكل وضوح، أن الروح القدس هو شخص له صفاته الإلهية، وهو مبدع، ومجدد الحياة.

  • إلى الدرس بشيءٍ من التفصيل والإيضاح

يعرف المسيحيون الروح القدس على أنه روح الله، وهو الأقنوم الثالث في الثالوث الأقدس، الإله الواحد الذي لا ينفصل ولا يتجزأ.

ويُعلمنا الكتاب المقدس، ويؤكد لنا، بكل وضوح، أن الروح القدس هو شخص له صفاته الإلهية، وهو مبدع، ومجدد الحياة. وهذا نقرأه في سِفر المزامير 104: 30، حيث تقول كلمة الله المقدسة عن الروح القدس “ترسل روحك فتخلق، وتجدد وجه الأرض”.

كما يؤكد لنا الكتاب المقدس أيضا، أن الروح القدس هو واحد في الألوهة مع الآب والابن، ودُعي قدوسا، ويقدس حياة المؤمن. وهذا يعني أن الروح القدس يتمتع بالصفات الإلهية كافةً، وهو يعمل في حياة المؤمنين بالمسيح، وفي الكنيسة بشكل عام، كما يتبين لنا من الكتاب المقدس الذي يُطلعنا على معلومات كثيرة تؤكد لنا هوية الروح القدس، سواء عن صفاته أو أعماله أو أسمائه ورموزه.

  • صفات الروح القدس

يكشف لنا الوحي الإلهي في الكتاب المقدس، عن صفات الروح القدس الإلهية، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحسر:

  • الأزلي: إن الروح القدس أزليٌّ كائن بذاته، (سِفر التكوين 1: 2): وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ.
  • الكلي العلم والمعرفة: هو فاحص الأعماق، (رسالة كورنثوس الأولى 2: 10): فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ.
  • الكلي الوجود: وهو المكاث معنا وفينا إلى الأبد،إنجيل (يوحنا 14: 16 – 17): وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ، رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ.
  • القدير: وهو القادر على كل شيء كما يتبين لنا من العديد من النصوص الكتابية: مثل
  • (سِفر أيوب 33: 4): رُوحُ اللهِ صَنَعَنِي وَنَسَمَةُ الْقَدِيرِ أَحْيَتْنِي.
  • (سِفر زكريا 4: 6): فَأَجَابَ وَكَلَّمَنِي قَائِلًا: «هذِهِ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَى زَرُبَّابِلَ قَائِلًا: لاَ بِالْقُدْرَةِ وَلاَ بِالْقُوَّةِ، بَلْ بِرُوحِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ.
  • (سِفر يوئيل 2: 28): وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ، وَيَحْلَمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَمًا، وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى.
  • أعمال الروح القدس:

يعمل الروح القدس في حياة المؤمنين والكنيسة، كما يتبين من الكتاب المقدس، الذي يذكر الكثير من أعماله المباركة، ومنها أنه:

(1) يُعلِم ويذكر المؤمنين بتعاليم المسيح: (إنجيل يوحنا 14: 26): وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.

 (2) يُمجِد المسيح: (إنجيل يوحنا 16: 14): ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.

(3) يجدِد: يجدِد حياة الإنسان روحيا (الولادة الجديدة في المسيح)، (إنجيل يوحنا 3: 6 – 8): اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ. لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْق اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ.

(4) يمنح التبني: (رسالة رومية 8: 15): إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ»

 (5) يُقدِس: ((رسالة رومية 15: 16): حَتَّى أَكُونَ خَادِمًا لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ الأُمَمِ، مُبَاشِرًا لإِنْجِيلِ اللهِ كَكَاهِنٍ، لِيَكُونَ قُرْبَانُ الأُمَمِ مَقْبُولًا مُقَدَّسًا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ.

 (6) يُرشِد: ( (رسالة يوحنا الأولى 2: 27): وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ حَقٌ وَلَيْسَتْ كَذِبًا. كَمَا عَلَّمَتْكُمْ تَثْبُتُونَ فِيهِ.

(7) يمنح المواهب الروحية للمؤمنين بالمسيح: ((رسالة كورنثوس الأولى 12: 7 -11): وَلكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ. فَإِنَّهُ لِوَاحِدٍ يُعْطَى بِالرُّوحِ كَلاَمُ حِكْمَةٍ، وَلآخَرَ كَلاَمُ عِلْمٍ بِحَسَبِ الرُّوحِ الْوَاحِدِ، وَلآخَرَ إِيمَانٌ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ، وَلآخَرَ مَوَاهِبُ شِفَاءٍ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ. وَلآخَرَ عَمَلُ قُوَّاتٍ، وَلآخَرَ نُبُوَّةٌ، وَلآخَرَ تَمْيِيزُ الأَرْوَاحِ، وَلآخَرَ أَنْوَاعُ أَلْسِنَةٍ، وَلآخَرَ تَرْجَمَةُ أَلْسِنَةٍ. وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا يَعْمَلُهَا الرُّوحُ الْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ، قَاسِمًا لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ، كَمَا يَشَاءُ.

(8) يشهد عن المؤمنين بالمسيح أنهم أولاد الله: ((رسالة رومية 8: 16): اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ.

(9) يُبكِت، أي يُوبِخ على الخطية: ((إنجيل يوحنا 16: 8): وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ.

(10) يمكث مع المؤمنين إلى الأبد: ((إنجيل يوحنا 14: 16): وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ.

(11) يمنح المؤمنين قوة وشجاعة للشهادة: ((أعمال الرسل 1: 8): لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ».

(12) يُعزي: ((أعمالالرسل 9: 31): وَأَمَّا الْكَنَائِسُ فِي جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَالْجَلِيلِ وَالسَّامِرَةِ فَكَانَ لَهَا سَلاَمٌ، وَكَانَتْ تُبْنَى وَتَسِيرُ فِي خَوْفِ الرَّبِّ، وَبِتَعْزِيَةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ كَانَتْ تَتَكَاثَرُ.

(13) يقوي المؤمن: ((رسالة رومية 15: 13): وَلْيَمْلأْكُمْ إِلهُ الرَّجَاءِ كُلَّ سُرُورٍ وَسَلاَمٍ فِي الإِيمَانِ، لِتَزْدَادُوا فِي الرَّجَاءِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ.

(14) يسكن في المؤمنين: ((رسالة تيموثاوس الثانية 1: 14): اِحْفَظِ الْوَدِيعَةَ الصَّالِحَةَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ السَّاكِنِ فِينَا.

(15) القدرة على إقامة الموتى ((رسالة رومية 8: 11): وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِنًا فِيكُمْ، فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضًا بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ.

  • أسماء الروح القدس:

·       وعن بعض وليس كل أسماء الروح القدس الواردة في الكتاب المقدس

  • المعزي (يوحنا 16: 7): لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ.
  • الروح (رومية 8: 26) وَكَذلِكَ الرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا.
  • روح الحياة (رومية 8: 2) لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ.
  • روح المسيح (رومية 8: 9) وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَسْتُمْ فِي الْجَسَدِ بَلْ فِي الرُّوحِ، إِنْ كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِنًا فِيكُمْ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ، فَذلِكَ لَيْسَ لَهُ.
  • روح الحق (يوحنا 16: 13) وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ.
  • روح المجد (بطرس الأولى 4: 14) إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ. أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ.
  • روح الله (أفسس 4: 30) وَلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ.
  • روح التبني (رومية 8: 15) إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ».

رموز الروح القدس

  • الحمامة (يوحنا 1: 32) بسبب  طهارته وحساسية قداسته وَشَهِدَ يُوحَنَّا قَائلًا: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلًا مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ.
  • الزيت (يوحنا الأولى 2: 27) رمز لقوة شفائه لكل جراحاتنا الروحية والنفسية والجسمانية وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ حَقٌ وَلَيْسَتْ كَذِبًا. كَمَا عَلَّمَتْكُمْ تَثْبُتُونَ فِيهِ.
  • النهر (يوحنا 7: 38) مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ».
  • ·        الينبوع (يوحنا 4: 14) رمز لفيضه وإنعاشه وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ».
  • الروح القدس هو الله:
  • يخلق (مزمور 104: 30) ترسل روحك فتخلق، وتجدد وجه الأرض
  • يلد من جديد (يوحنا 3: 5)، أَجَابَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ.
  • موجود في كل مكان (مزمور 139: 7)، أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ؟ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟
  • يستطيع ويعلم كل شيء (كورنثوس 2: 11) لأَنْ مَنْ مِنَ النَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ الإِنْسَانِ إِلاَّ رُوحُ الإِنْسَانِ الَّذِي فِيهِ؟ هكَذَا أَيْضًا أُمُورُ اللهِ لاَ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلاَّ رُوحُ اللهِ.

الروح القدس في العهد القديم

  • لم يسكن الروح القدس في العهد القديم في أحد، لأن المسيح لم يكن قد أتى بعد ولم يتمجد بعد (يوحنا 7: 39) قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ.
  • ·       ، بل كان يحل وقتياً، ليس في انبياء العهد القديم بل عليهم ويتركهم إذا زاغوا زابتعدوا أو اخطأوا. قضاة 14: 6) فَحَلَّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، فَشَقَّهُ كَشَقِّ الْجَدْيِ، وَلَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ. وَلَمْ يُخْبِرْ أَبَاهُ وَأُمَّهُ بِمَا فَعَلَ.
  • صموئيل الأول 19: 23 فَذَهَبَ إِلَى هُنَاكَ إِلَى نَايُوتَ فِي الرَّامَةِ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَيْضًا رُوحُ اللهِ، فَكَانَ يَذْهَبُ وَيَتَنَبَّأُ حَتَّى جَاءَ إِلَى نَايُوتَ فِي الرَّامَةِ.
  • ·       (صموئيل الأولى 16: 14): )وَذَهَبَ رُوحُ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ، وَبَغَتَهُ رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ.

أما في العهد الجديد:

يسكن الروح القدس في المؤمنين الحقيقييين، الذين ولدوا ثانية، ولن ينزَع منهم، أو يتركهم؛ لأنهم أصبحوا أولاد الله، والروح يمكث فيهم ومعهم الى لحظة مجيء الرب، وأخذنا إليه حسب وعده.

ولنرى هنا لمحات سريعة عن الروح القدس في العهد الجديد في بعض أسفاره

·       في انجيل يوحنا:

نقرأ في أصحاح 3، عن أن الولادة الثانية من فوق هي ضرورية لأجل رؤية ودخول ملكوت الله، والروح القدس هو العامل لتميم هذه الولادة العجيبة، فبواسطته، نولد من جديد، إذ يخلق فينا طبيعة الهية، مع أن عمله كالريح التي تهب، حيث تشاء، لكننا لا نعلم كيف تتم الولادة الثانية الجديدة. والسجود أيضا حسب الاصحاح الرابع يتم بالروح والحق، أي بحرية الروح وليس بمحدوية الجسد وتحديد الناموس وقوة الذات، لأن الروح يحيي أما الجسد فلا يفيد شيئا (يوحنا 6: 63). اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ.

·       الروح القدس في أعمال الرسل

لم يستطع التلاميذ أن يشهدوا للمسيح إلا بقوة الروح القدس، وكان عليهم أن ينتظروا حتى نزل الروح القدس، وحل على المؤمنين، وإذ نزل الروح، بدأ تاريخ الكنيسة على الأرض. وعند نزوله، وحلوله على الكنيسة الاولى، بدأوا يتكلمون بعظائم الله، فنخس المستمعون في قلوبهم، متبكتين بواسطة الروح القدس. وقد منح الروح للرسل الجرأة والشجاعة وقوة الشهادة، فأسكتوا الاعداء وكشفوا القلوب والآراء. “وَبِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ كَانَ الرُّسُلُ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ بِقِيَامَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ، وَنِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ” (أعمال الرسل 4: 33).

·       الروح القدس في رسالة رومية

لم يستطع المؤمن أن ينقذ نفسه من الخطية، ومن قوة الناموس، فذهبت مجهوداته أدراج الرياح، لا بل جلبت له الشقاء والتعب واليأس، فصرخ صرخته المعروفة : وَيْحِي أَنَا الإِنْسَانُ الشَّقِيُّ! مَنْ يُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ هذَا الْمَوْتِ؟ (رومية 7: 24). في هذه اللحظة التي ييأس من نفسه، يرى يسوع على الصليب كمَن أكمل كل ما يحتاجه الإنسان، وأنجز يسوع ما يسعى لأجله الانسان، فيدرك بالإيمان أن الروح القدس الساكن فيه – لأن جسد المؤمن هو هيكل الله ورحه يسكن فيه.

مسؤولية المؤمن

 مع أن سُكنى الروح القدس هي بالنعمة لكل مَن يؤمن بالرب يسوع، إلا أن التمتع بحضوره، ورفقته، وتأييده، مرتبطة بمسؤوليته تجاه هذا الضيف اللإهي الكريم. والكتاب المقدس يذكر بوضوح الخطوات الضرورية التي على المؤمن أن يسعى لاتخاذها بحذر شديد. مثل:

·       امتلئوا بالروح (أفسس 5: 18):

يشبه الكتاب المقدس الروح القدس بأنهار ماء حي (يو 7: 38)، وينبوع ماء لا ينضب، وقد أعطي الروح لنا ليملأنا، وكما يملأ النهر الوديان المنخفضة، هكذا يملأ الروح القدس المؤمن المنكسر والمنسحق ومتواضع القلب، قيمتلئ بالقوة، قوة الاحتمال والصبر والمسامحة، ومن الحكمة والفهم.

·       انقادوا بالروح:

بما أن روح الحق يسكن فينا، فهو بنعمة الله لخدمتنا ليرشدنا في الحياة، ويقودنا من مرحلة نمو إلى أخرى، والله لا يقودنا بروحه عنوةً، بل إذا أردنا وطلبنا وانتظرنا، وهدأنا أفكارنا ومشاعرنا، وأعطيناه المجال الكامل ليعمل فينا بحرية.

·       اسلكوا بالروح

السلوك حسب الروح القدس، يتم بعد أن نقتنع أن حياتنا هي المسيح، الذي أحبنا حتى الموت، فنقبل أن نسير حسب كلمة الله، وحسب ما يمليه الروح علينا، بخطوات عملية يومية. ويقول بولس “اسلكوا بالروح ولا تكملوا شهوة الجسد” (غلاطية 5: 16). ويشمل السلوك بالروح ان نهتم بما هو روحي وبما فوق حيث المسيح جالس.

·       لا تُحزنوا الروح ( أفسس 4: 30)

الروح القدس لن ينزَع منا، بل هو فينا، ومعنا إلى أبد الآبدين، أما إذا أخطأنا، وتمسك قلبنا بشر معين، أو بإثم ما، عندها يحزن الروح فينا، فيعم الحزن قلوبنا، والكآبة وجوهنا، إلى أن نعترف بخطايانا، ونتركها من كل قلوبنا، فتعود عندها شركتنا مع الله الحي إلى ما يجب أن تكون عليه.

·       لا تطفئوا الروح (تسالونيكي الأولى 5: 19)

يشبَه الروح هنا كشعلة نار ملتهبة، أو جمرة نار تعطي الدفء والحرارة لحياتنا الروحية “كونوا حارين في الروح” (رومية 12: 11)، وعندما لا نعمل ما يمليه الروح علينا، ولا نطيعه في الخدمة أو الشهادة، تُطفأ حرارة الروح فينا. ويمكن أيضا أن نطفئه في الآخرين إذا تحركنا بالجسد مندفعين بحسب أفكارنا وأهوائنا.

  • خُلاصة

إن الروح القدس هو قوة اللّٰه الفعالة،‏ أي قوته فيما تُنجز عملا معيَّنا.‏‏ وهو يرسل روحه بمعنى أنه يوجه قوته هذه إلى أي مكان بهدف إتمام مشيئته.‏ وفي الكتاب المقدس،‏ تُنقل كلمة «روح» من الكلمة العبرانية رواح والكلمة اليونانية بنِفما.‏ وغالبا ما تشير هاتان الكلمتان الى قوة اللّٰه الفعالة،‏ اي الروح القدس.‏ لكن الكتاب المقدس يستعملهما ايضا للدلالة على:‏   على قوة الحياة الكامنة في المخلوقات الحية.‏ وطبع الشخص او شعوره ونمط تفكيره.‏ وتحمل كل هذه المعاني فكرة شيء غير منظور بالعين البشرية،‏ لكنه يولِّد تأثيرات منظورة.

لاهوت المسيح وناسوته

(لاهوته لم يُفارق ناسوته لحظةً أو طرفة عين)

س1: ما الفرق بين مصطلحي اللاهوت والناسوت؟!

ج1: اللاهوت: مصطلح معناه في اللغة العربية دراسة الله، والتعمق لمعرفة ذاته وصفاته.

والناسوت: كلمة يتم استعمالُها في كل شئٍ يُشير إلى البشر. أي الطبيعة البشرية الكاملة “جسد ونفس وروح”.

  • إلى الدرس بشيءٍ من التفصيل والإيضاح

مَن يقول الناس إني أنا؟ هذا السؤال طرحه يسوع على تلاميذه منذ أكثر من عشرين قرنا. وهو سؤال له من الخطورة؛ ما جعله يتردد على الألسنة إلى يومنا هذا. ولنُجيب عن هذا السؤال؛ سنتطرق لموضوع اللاهوت والناسوت، بطريقة مبسطة وسهلة، نحاول فيها أن نُجيب عن كل ما يتعلق بهذين الموضوعَين.

أولا دعونا نضع تعريفا لكل من اللاهوت والناسوت.

  • اللاهوت: كلمة جائت في مصطلح المعاني بمعني الألوهية، وهي مصطلح معناه في اللغة العربية دراسة الله، والتعمق لمعرفة ذاته وصفاته.
  • الناسوت: وهي كلمة يتم إستعمالُها في كل شئ يُشير إلى البشر، لذلك أية صفات بشرية، يتم ذِكرُها في الإنجيل؛ تُشير إلى الناسوت؛ بينما أية صفات إلهية؛ تُشير إلى اللاهوت.
  • وسنتناول كلا من ناسوت السيد المسيح ولاهوته في نقاطٍ مُحددة.
  • الناسوت
  • تَعني كلمة ناسوت الطبيعة البشرية الكاملة ”جسد ونفس وروح ”.
  • –         والطبيعة البشرية (الناسوت) ليست بحاجة إلى من يثبتها!
  • فالمسيح وُجِد على هيئة بشر، وعاش في عالمنا كإنسان يأكل ويشرب. ورآه شهود كثيرون.
  • وقد شارك الإنسان في كل شيء (عدا الخطيئة).
  • وقد ذكر المسيح في عدة مواقف ”لقب ابن الإنسان؛” تأكيدا لتأنسه.
  • وبصفته ممثلا للبشرية كلها، ورأسا لها، ونائبا عنها.
  • وليعلن لليهود بأنه هو المسيا الذي تنبأ عنه أنبياء العهد القديم، ولقبوه بابن الإنسان.
  • وورد ذلك في سفر دانيال النبي كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى الليْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيامِ فَقَربُوهُ قُدامَهُ. فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبدَ لَهُ كُل الشعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِي مَا لَنْ يَزُولَ وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ.” دانيال 7 : 13-14.

فمن هو ابن الإنسان هذا الذي تعبدت له جميع الأمم، وأعطي كل الكرامة والمجد؟! سوى السيد المسيح نفسه؟

  • أطلق المسيح هذا اللقب على نفسه عدة مرات نذكر منها :
  • إنجيل متى 8: 20 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثعَالِب أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَما ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ».
  • إنجيل متى 9: 6 وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَن لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا». حِينَئِذٍ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «قُمِ احْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!»
  • إنجيل متى 10: 23 وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى. فَإِني الْحَق أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُكَملُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ.
  • إنجيل متى 12: 8 فَإِن ابْنَ الإِنْسَانِ هُوَ رَب السبْتِ أَيْضًا».
  • إنجيل متى 12: 40 لأَنهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيامٍ وَثَلاَثَ لَيَال، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْب الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيامٍ وَثَلاَثَ لَيَال.
  • إنجيل متى 17: 22 وَفِيمَا هُمْ يَتَرَددُونَ فِي الْجَلِيلِ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «ابْنُ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلمُ إِلَى أَيْدِي الناسِ.
  • لاهوت المسيح (السيد المسيح وصفاته الإلهية):
  • قدرته على الخلق: “كُل شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِما كَانَ.” (يوحنا 1: 3). كيف يكون المسيح خالقًا، بينما الخلق من صفات الله وحده؟  لقد كان يخلق بقوة لاهوته، باعتبار أنه الأقنوم الثاني، عقل الله.
  • المسيح معطي الحياة: “فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ الناسِ،” (يوحنا 1: 4). لم يحدث مطلقًا أن إنسانًا تحدث بهذا الأسلوب، الذي به يكون واهبًا للحياة، ومُعطيًا لها، وأنه يعطي حياة أبدية، ويُحيي مَنْ يشاء.  والذي يتبعه يحيا إلى الأبد، ولا يهلك، ولا يخطفه أحد من يده. إنها كلها أعمال من سلطان الله.

3- السيد المسيح فوق الزمان: (يوحنا 58:8)  قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَق الْحَق أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ». فهو غير المحدود بمحدودية الزمان.

  • المسيح موجود في كل مكان: لأَنهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ». (متى 20:18). ثابت من كل ما سبق أن السيد المسيح كائن غير محدود، موجود في كل مكان؛ في السماء وفي الفردوس، وفي نفس الوقت على الأرض، في أماكن العبادة وفي اجتماعات المؤمنين، وفي قلوب محبيه.

5- نزوله من السماء (يوحنا 41:6). فَكَانَ الْيَهُودُ يَتَذَمرُونَ عَلَيْهِ لأَنهُ قَالَ: «أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الذِي نَزَلَ مِنَ السمَاءِ». إذن من علاقة المسيح بالسماء، يمكن إثبات لاهوته بدلائل كثيرة.

 6- هو الأول والآخر (رؤيا7:1) «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنهَايَةُ» يَقُولُ الرب الْكَائِنُ وَالذِي كَانَ وَالذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُل شَيْءٍ. يقول الله في سفر إشعياء “أنا هو الأول والآخر”، وهذا ما يقوله المسيح في سفر الرؤيا!  فكيف يمكن التوفيق بين القولين إلا إن كانا لكائنٍ واحد هو الله.

 7- المسيح هو الرب: (لوقا 6: 46) «وَلِمَاذَا تَدْعُونَنِي: يَا رَب، يَا رَب، وَأَنْتُمْ لاَ تَفْعَلُونَ مَا أَقُولُهُ؟

8- الإيمان به (يو1:14) حنا «لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي. لا يمكن لإنسان أيا كان أن يحصل مَنْ يؤمن به على كل هذه النتائج الروحية التي ذكرناها، والتي تتعلق بأبدية المؤمن، ومركزه مع الله كابن، ومع الكنيسة كعضو فيها بالإيمان و المعمودية.

9- قبوله العبادة والسجود (يوحنا 38:9) فَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيدُ!». وَسَجَدَ لَهُ.

10- له المجد إلى الأبد، وهي عبارة خاصة بالله وحده (متى 31:25)  «وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِديسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِي مَجْدِهِ.

11- المسيح هو الصالح القدوس (لو35:1) فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلروحُ الْقُدُسُ يَحِل عَلَيْكِ، وَقُوةُ الْعَلِي تُظَللُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. إن كان ليس أحد صالحًا، إلا واحد فقط وهو الله (متى17:19)، وقد ثبت أن المسيح هو صالح، أو هو الوحيد الصالح.  إذن هو الله.

 12- المسيح يغفر الخطايا (متى 2:9). وَإِذَا مَفْلُوجٌ يُقَدمُونَهُ إِلَيْهِ مَطْرُوحًا عَلَى فِرَاشٍ. فَلَما رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «ثِقْ يَا بُنَي. مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». مع أن الجميع يؤمنون أن الله هو وحده الذي يغفر الخطايا، قام المسيح بمغفرة الخطية للمفلوج وللمرأة الخاطئة وللص ولغيرهم.  بمجرد أمر؛ ليس بصلاة يطلب فيها الحِل من الله، إنما بالأمر “مغفورة لك خطاياك”، إذ لم يقل “اذهب الرب يغفر لك”.  وقال في صراحةٍ واضحة إن له هذا السلطان أن يغفر الخطايا على الأرض.

13- المسيح هو الديان (متى 27:16) فَإِن ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُل وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ. فإن كان المسيح هو الديان، فإنه يكون الله؛ لأن الله هو الديان. وهو يفعل ذلك، ويحكم على أفعال الناس لأنه يعرفها.

 14- المسيح هو صاحب القلوب والكُلى (رؤ 23:2) وَأَوْلاَدُهَا أَقْتُلُهُمْ بِالْمَوْتِ. فَسَتَعْرِفُ جَمِيعُ الْكَنَائِسِ أَني أَنَا هُوَ الْفَاحِصُ الْكُلَى وَالْقُلُوبِ، وَسَأُعْطِي كُل وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ. يقول الكتاب المقدس “فإن فاحص القلوب والكلى هو الله البار” (مزمور9:7)، ويقول السيد المسيح “فستعرف الكنائس أني أن هو الفاحص الكلي والقلوب (رؤ23:2)، أليس هذا اعترافًا صريحًا بأنه هو الله.

15- المسيح هو المخلص والفادي (متى21:1) فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنهُ يُخَلصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».

  • لاهوته لم يفارق ناسوته
  • إن الموت في التعريف العلمي، هو توقف كل الوظائف البيولوجية، التي كانت تجعل الكائن حيا، والموت وفقا لمفهوم العقيدة، وحسب تعريف الكتاب المقدس، هو انفصال الروح البشرية عن الجسد البشري؛ فالموت البشري أصلا لا تموت فيه الروح؛ لأن حتي الروح البشرية المخلوقة لا تموت، أي لا تفني؛ لذلك عندما أقول فلان مات؛ فأنا لا أقول إن روحه ماتت وانتهت تماما؛ لأن روحه خرجت، ولم تفنَ؛ بل ذهبت إلى مكان الانتظار، حيث يعود الجسد إلى التراب، لكن الذي مات هو الجسد، الذي فيه روح وخرجت منه. سفر المزامير 146: 4  تَخْرُجُ رُوحُهُ فَيَعُودُ إِلَى تُرَابِهِ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ نَفْسِهِ تَهْلِكُ أَفْكَارُهُ.
  •  إذا عندما نتكلم عن موت الرب يسوع المسيح، له كل المجد، على عود الصليب بالطبيعة البشرية (الناسوت)، يجب أن نفهم جيدا أن موته هو مفارقة روحه البشرية لجسده البشري فقط، وليس مفارقة اللاهوت. إنجيل متى 27: 50 فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الروحَ. الروح البشرية.
  •  أيضا شيء هام ومعروف أن روح الإنسان لا تتأثر بإصابته الجسدية؛ بمعني لو جُرِح الإنسان؛ فإن روحه لا تُجرح، ولا يخرج جزء منها مع الدم؛ لأن الروح البشرية لا تتجزأ. لكن لا نفصل الجسد عن الروح؛ فالذي تألم وجُرح هو الإنسان. أيضا المسيح بجسده البشري هو الذي تألم ألما حقيقيا، لكن بلاهوته لا يتألم الآلام الجسدية، بالمعنى المعروف للألم، ولا يتأثر بها سلبيا. وحتى تأثير الموت، أي مفارقة الروح للجسد، لا تؤثر على اللاهوت سلبيا.
  •  والرب يسوع المسيح ليس جزئيين أو نصفين، بل لا يصلح فصله؛ فهو الله الظاهر في الجسد. فلاهوته متحد بناسوته، ولاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة، ولا طرفة عين، واللاهوت متحد بالناسوت بدون اختلاط، ولا امتزاج، ولا تغيير؛ فلم يتحول الناسوت إلى لاهوت ولم يتحول اللاهوت إلى ناسوت، ولم تتغير صفات الناسوت، ولم تتغير صفات اللاهوت.
  •  رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي 2: 9 فَإِنهُ فِيهِ يَحِل كُل مِلْءِ اللاهُوتِ جَسَدِيا. • واللاهوت هو الله، الذي في المسيح، من وقت بداية التجسد، ومستمر حتى بعد الصعود.
  •  رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 3: 16 وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِر التقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَررَ فِي الروحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ.
  •  وبسر التجسد أصبحت هذه الطبيعة البشرية (الناسوت)، من أول لحظة، جسد الله، وأصبح الدم الذي فيه النفس هو دم الله.

مقارنة بين أدم الأول وآدم الأخير

آدم الأولآدم الأخير
  § آدم مخلوق غير مولود. آدم الإنسان الأول بلا أب وبلا أم لأنه مخلوق من تراب الأرض.  § آدم أب الجنس البشري كله كأنه رأس الجنس البشري (الخليقة كلها). § آدم الأول أفسد الطبيعة البشرية التي خلقها الله. § آدم خلق بصورة معجزية (وجبل الرب آدم ترابًا من الأرض ونفخ في أنفه نفسًا حية).  § آدم خلق علي صورة الله ومثاله.  § جُرب آدم بالأكل رغم أن الجنة كانت ملآنة بكل ثمار الأرض ومع ذلك ثمرة واحدة اشتهاها وسقط.  § آدم الأول بعد خطيته أنبتت الأرض شوكًا وحسكًا.  § آدم عندما أكل تعري.  § آدم لُدِغَ من الحية.  § آدم أعطانا فكرة عن الطبيعة البشرية التي يمكن أن تخطئ. § آدم جُرب مرة واحدة من إبليس (الشيطان) في الجنة وسقط وتمَّ إخراجُه خارج الجنة، ووضع الله لهيب سيف متقلب لحراسة الطريق إلى شجرة الحياة. § آدم الأول سقط وبسقوطه عرفنا الشر ومرارته.  § آدم الأول فقد الصورة الإلهية لأن الله خلقه علي صورته ومثاله ولكن عندما أخطأ قال له أنت تراب وإلي التراب تعود.X أما السيد المسيح فهو ابن الله من جوهره ومن طبيعته الوحيد الجنس هو الخالق. X وعندما نقول عن السيد المسيح بلا أب بلا أم فهو بلا أب كإنسان وبلا أم كإله، لأنه لم يولد بإنسان وأيضا لأن السيدة العذراء لم تلد اللاهوت وإنما ولدت المسيح المتجسد، صحيح لاهوته لم يفارق ناسوته ولكن مبدأ اللاهوت لم يكن من السيدة العذراء. والسيد المسيح مولود غير مخلوق وهو الخالق. X والسيد المسيح ولد بصورة إعجازية لأنه الوحيد المولود بدون زرع بشر. والسيد المسيح هو الله لكنه اخلي ذاته آخذًا صورة عبد. X السيد المسيح بعد أن صام أربعين يومًا وجاع أخيرا ولما حورب انتصر وقال ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان وشرب المر علي الصليب. X والسيد المسيح كلل بأكليل الشوك وصلب علي الصليب. والسيد المسيح صلب من أجلنا لكي يكسونا ببره. X السيد المسيح داس علي رأس الحية كما قالت النبوة عنه نسل المرأة يسحق رأس الحية. X والسيد المسيح أعطانا فكرة عن الطبيعة البشرية التي يمكن أن تنتصر وتقول (أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني). X والسيد المسيح جُرب ثلاث تجارب علي الجبل من إبليس وكان الشيطان يجربه طوال فترة الأربعين يوم ويقول الكتاب بعدما انتصر السيد المسيح عليه فارقه إلى حين أي أن طول فترة الأربعين يوم كانت تجارب وانتصر علي إبليس وقال بولس الرسول في (رو 5: 19) ” لأَنهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً هَكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا.”  § حواء خلقت من جنب آدم. والكنيسة كلها خرجت بعد أن صلب السيد المسيح وطعن بالحربة وخرج من جنبه دم وماء هنا خرجت الكنيسة كلها من جنب السيد المسيح. آدم بعد خطيته طُرد الجنس البشري كله من الفردوس.  X بآدم الثاني مرة أخرى وفتح الطريق بين الأرض والسماء. X السيد المسيح أعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وعلي كل قوة العدو. وأعاد لنا الصورة الإلهية. ويارك الطبيعة البشرية وقدم مثالًا للطبيعة البشرية المنتصرة.
  • خُلاصة

تَعني كلمة ناسوت الطبيعة البشرية الكاملة ”جسد ونفس وروح ”. والطبيعة البشرية (الناسوت) ليست بحاجة إلى من يثبتها! فالمسيح وُجِد على هيئة بشر، وعاش في عالمنا كإنسان يأكل ويشرب. ورآه شهود كثيرون. وقد شارك الإنسان في كل شيء (عدا الخطيئة). واللاهوت مصطلح معناه في اللغة العربية دراسة الله، والتعمق لمعرفة ذاته وصفاته. ولاهوت المسيح وناسوته كلاهما مثبت بأدلةٍ كثيرة في كلمة الله؛ ومثبت أيضا أن أحدهما لم يُفارق الآخر، لحظةً أو ظرفة عين.

الثالوث الأقدس في الكتاب المقدس

(وحدانية الله لا تتعارض مع التثليث!)

س1: إذا علمنا أن الله واحد، فهل يُثبت الكتاب المقدس وحدانية الله الجامعة المانعة؟

ج1: نعم بكل تأكيد، لكن من المهم بمكان أن نُعطي تعريفا واضحا للوحدانية الجامعة المانعة.

فوحدانية الله جامعة لكل ما هو لازم لها، ومانعه لكل ما عداه.

  • إلى الدرس بشيءٍ من التفصيل والإيضاح
  • يُعلن الكتاب المقدس أن الله واحد في ثلاث أقانيم؛ بذلك يستطيع أن يمارس صفاته بين أقانيمه؛ فهو منذ الأزل، وإلى الأبد كليم وسميع _ محب ومحبوب _ ناظر ومنظور، دون أن يكون هناك شريك معه، ودون احتياجه إلى أي شيء، أو شخص في الوجود؛ لإظهار تلك الصفات.

إن الوحدانية الجامعة المانعة، تعني أن الله واحد بطبيعته وجوهره، وجامعٌ للأقانيم الثلاثه، ومانع للشرك، أو الإلحاد، أو تعدُّد الآلهه، أو تغيُّر صفات الله، أو تبدُّلها من حالٍ إلى آخر.

  • إن ملخص تعليم الكتاب المقدس في هذا الموضوع هو أنه لا يوجد إلا إله واحد فقط، مع ذلك؛ يتكلم الكتاب المقدس عن الله تارة بأسلوب المفرد؛ لأن الله واحد، ومرة بأسلوب الجمع في نفس الموضوع؛ ليظهر لنا وحدانية الله الجامعة، ولا يخفى علينا أن الجمع ليس للتعظيم، وإلا لما تكلم الكتاب عن الله بالمفرد إطلاقا؛ فهو دائما عظيم.
  • ومن نصوص الكتاب المقدس الدالة على وحدانية الله الجامعة ما يلي:
  • في العهد القديم
    • وَقَالَ اللهُ (بالمفرد): «نَعْمَلُ (بالجمع) الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا (بالجمع) كَشَبَهِنَا (بالجمع)، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». (تكوين 26:1).
  • وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ (بالمفرد): «هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا (بالجمع) عَارِفًا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». (تكوين 22:3).
  • وَقَالَ الرَّبُّ (بالمفرد): «هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ، وَهذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالآنَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ. هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ (بالجمع) هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ». (تكوين 11: 6، 7)
  • ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتَ السَّيِّدِ قَائِلًا: «مَنْ أُرْسِلُ؟ (بالمفرد) وَمَنْ يَذْهَبُ مِنْ أَجْلِنَا؟ (بالجمع)» فَقُلْتُ: «هأَنَذَا أَرْسِلْنِي». (إشعياء 8:6).
  • في العهد الجديد

اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ (بالمفرد): إِنَّنَا (بالجمع) إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ بِمَا نَعْلَمُ وَنَشْهَدُ بِمَا رَأَيْنَا، وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَ شَهَادَتَنَا. (يوحنا 11:3).

  • يتكلم الكتاب المقدس عن كل أقنوم بذاته أنه الله
  • الآب هو الله:- بمقتضي علم الله الاب السابق: بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ، فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ، وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: لِتُكْثَرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ. (بطرس الأولى 2:1).
  • الابن هو الله:_وَأَمَّا عَنْ الابْنِ: «كُرْسِيُّكَ يَا أَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ.
  • ·        (عبرانيين 8:1).
  • الروح القدس هو الله: فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا حَنَانِيَّا، لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟ أَلَيْسَ وَهُوَ بَاق كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ، أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ». (أعمال الرسل 5: 3، 4).
  • يذكر الكتاب الأقانيم الثلاثة مجتمعة في كلا العهدين:
  • روح: رُوحُ (الروح القدس) السَّيِّدِ الرَّبِّ (الآب) عَلَيَّ (الابن)، لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَعْصِبَ مُنْكَسِرِي الْقَلْبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَسْبِيِّينَ بِالْعِتْقِ، وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ. ( إشعياء 1:61).
    • وهذا  ما اقتبسه المسيح حينما قرأ السفر في مجمع الناصرة قائلا لسامعيه فَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ: «إِنَّهُ الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ». ( لوقا 21:4).
  • فاجاب الملاك: فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ (الآب) تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. (لوقا 1: 35).
  • وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ (الآب) قَائِلًا: «أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ، بِكَ سُرِرْتُ». (لوقا 3: 22).
  • إن تعليم التوحيد والثالوث معًا يتضمن ما يلي:

1- وحدانية الله.

2- لاهوت الآب والابن والروح القدس.

3- أن الآب والابن والروح القدس، أقانيم ممتازون الواحد عن الآخر.

4- أنهم واحد في الجوهر متساوون في القدرة والمجد.

5- أن بين أقانيم الثالوث الأقدس تمييزًا في الوظائف والعمل، لأن الكتاب المقدس يعلم أن الآب يرسل الابن، وأن الآب والابن يرسلان الروح القدس، ولم يذكر قط أن الابن يرسل الآب، ولا أن الروح القدس يرسل الآب، أو الابن مع أن الآب والابن الروح القدس واحد في الجوهر، ومتساوون في القدرة والمجد.

6- أن بعض أعمال اللاهوت تُنسب على الخصوص إلى الآب، وغيرها إلى الابن وأخرى إلى الروح القدس، مثال ذلك ما قيل أن الآب يختار ويدعو، وأن الابن يفدي، وأن الروح القدس يقدس ويجدد.

8- تنسب بعض الصفات إلى أقنوم من الثالوث دون الآخرين، كالأبوة إلى الآب، والبنوة إلى الابن، والانبثاق إلى الروح القدس.

  • مهمات أقانيم الثالوث الأقدس
  • الآب: إن الآب هو ملء اللاهوت غير المنظور: (الله لم يره أحد قط . الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر)، (يوحنا 1: 18).
  • الابن: وهو ملء اللاهوت ظاهرا : (والكلمة صار جسدا وحل بيننا، ورأينا مجده، مجدا كما لوحيد من الآب، مملوءا نعمة وحقا)، (يوحنا 1: 14).
  • الروح القدس هو ملء اللاهوت عاملا في حياة البشر، (وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ)، (يوحنا 16: 8).
  • خلاصة
  • أن لكل من الآب والابن والروح القدس ما للآخر من الألقاب والصفات الإلهية (إلا ما كان خاصًا بالأقنومية)، وأن كلًا منهم يستحق العبادة الإلهية، والمحبة والإكرام والثقة.
  • يتضح من الكتاب المقدس لاهوت الابن، كما يتضح لاهوت الآب، ويتضح لاهوت الروح كما يتضح لاهوت الآب والابن.
  • أن أسماء أقانيم الثالوث الأقدس، أي الآب والابن والروح القدس، ليست كنايات عن نسب مختلفة بين الله وخلائقه، على ما يزعم البعض، كلفظة خالق وحافظ ومنعم، التي تشير إلى نسب كهذه. ومن إعلانات الكتاب المقدس التي تثبيت ذلك:
  • أن كلًا من الآب والابن والروح القدس يقول عن ذاته “أنا.
  • أن كلًا منهم يقول للآخر في الخطاب “أنت” ويقول عنه في الغيبة هو.
  • أن الآب يحب الابن، والابن يحب الآب والروح القدس يشهد للابن.
  • ويظهر من ذلك أن بين كل منهم والآخر من النسب ما يدل على التمييز في الأقنومية، لا الاختلاف.
  • وأنه يوجد إله واحد فقط في ثلاثة أقانيم، وهم الآب والابن والروح القدس.

مفهوم الثالوث المسيحي

(لسنا نَصارى.. 3 أقانيم وإلهٌ واحد!)

س1: هل يعبد المسيحيون ثلاثة آلهة؟ وما هو إذا الثالوث؟!

ج1: بكل تأكيد يعبد المسيحيون إلها واحدا لا شريك له، والثالوث هو ثلاثة أقانيم، أي هو جوهر واحد للإله، ودور متمايز (مميز) لكل أقنوم. الثالوث هو نفس الإله.

وكلمة “أقانيم” كلمة سريانية، وهي الوحيدة في كل لغات العالم التي تستطيع أن تعطي هذا المعنى، أي تميز مع عدم الانفصال أو الاستقلال. لأنه بما أن الله لا شبيه له بين كل الكائنات، وبما أن لغات البشر إنما تصف الكائنات المحدودة.

  • إلى الدرس بشيءٍ من التفصيل والإيضاح
  • حسنا! ماذا تعرف عن الثالوث المسيحي؟

قبل الخوض في قضية الثالوث، بكل تفصيلاتها، دعني أخبرك عزيزي عن أنَّ هذا الموضوع، ليس معقدا، ولا شائكا، ولا غريبا، كما كنتَ تظن، قبل قراءة هذا الدرس، بل هو فقط يحتاج لبعض الإيضاحات، التي قد تجعل الأمر سهلا جدا عليك.

دعني ألفت انتباهك لنقطةٍ في منتهى الأهمية، قد تُزيلُ اللبسَ، وهي أن من تحدَّث عنهم القرآن هم النصارى! ونحن كمسيحيين لسنا نصارى! نعم كما قرأتَ! فكلمة نصارى ليس المقصود بها أنصار السيد المسيح، بل نصارى نجران.

والنصرانية هي طائفة منشقة عن المسيحية، واندثرت نهائيا، ولا يوجد نصراني واحد في العالم الآن، وذلك منذ مئات السنين. والنصرانية كانت تؤمن بشيء اسمه الثالوث المريمي، وهذا معتقد يقول بأن الله 3 وهم: الله، ويسوع، والعذراء مريم، لكن الكنيسة اعتبرتهم مهرطقين حينها، وطردتهم. ويمكنك التأكد، بكل سهولة، من صدق ما نقول، ببحثٍ بسيط على جوجل، أو اليوتيوب، بعنوان الفرق بين المسيحيين والنصارى.

عزيزي.. القرآن لم يتحدث ولا مرة عن المسيحيين!

  • ما هو الثالوث إذا؟!

الثالوث هو هذه الأقانيم الثلاثة (الآب، الابن، الروح القدس)، وهي أقانيم سرميدية، ومتساوية معا، كلها على نحو متماثل، غير مخلوقة، وقادرة على كل شيء. وللعلم، كل الكنائس في العالم تتفق على ذلك؛ وهذا هو تعليم الكتاب المقدس. والمسيحية عموما تنادي بأن الأقانيم الثلاثة إله واحد. كما ورد في قول المسيح “وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس” (متى 28 :19)، حيث قال باسم، ولم يقل بأسماء. أما كلمة أقانيم فتعني شخصيات متميزة، ولكن متحدة (بغير امتزاج)، وهم ذات واحدة. وربما تكون أقرب كلمة عربية لمدلول الأقانيم هي كلمة “تعينات”.

ولعل سائلا يتساءل، كيف أن 1 + 1 + 1 =1 فنقول له إن 1 * 1 * 1 =1.

  • ما الفرق بين الثالوث والثلاثة؟

الثالوث هو جوهر واحد للإله، ودور متمايز. الثالوث هو نفس الإله.

أما الثلاثة فهم أشخاص مختلفون في الجوهر، وفي المشيئة، وفي الدور، غير خاضعين لبعضهم البعض، وهذا ما لا يؤمن به المسيحيون، ولا يعتبرونه.

المسيحيون لا يؤمنون أن الله ثالث ثلاثة، ولا ثاني اثنين، ولا رابع أربعة، بل إله واحد.

دعنا إذا عزيزي نُلقي نظرةً سريعةً ولمحةً تاريخيةً خاطفةً على أصل فكرة “ثلاثة آلهة”!

  • الثالوث الهندوسي

يقوم الثالوث الهندوسي على أن الوظائف الكونية الثلاث؛ الخلق، الحفظ، التدمير، يقوم بها براهما الخالق، وفيشنو الحافظ، وشيفا المدمر. وهذا الثالوث يقوم على ثلاثة مختلفي،ن جوهرًا ودورًا ومشيئةً، وهذا لا يؤمن به المسيحيون.

  • الثالوث المصري

 اتخذ الثالوث المصري أشكالًا عديدة ومختلفة، كان أشهرها الثالوث المقدس، إيزيس الأم، وأوزوريس الأب، وحورس الابن، وعلى هذا المنوال تعددت الآلهة المصرية. ونلاحظ وجود أب وأم وابن، وهذا ما لا يؤمن به المسيحيون، ولا علاقة له بالإله الواحد عند المؤمنين المسيحيين.

  • ما لا يؤمن به المسيحيون

إذًا فإن جملة “الثالوث المسيحي مأخوذ من الثالوث الوثني”، هي جملة مزيفة، مُضللة، وغير حقيقية، تقال للعب بذهن البسطاء من الناس. لذا لا يؤمن المسيحيون بالتعدد، ولا الأشكال المختلفة للإله، ولا الآلهة الثلاثة، ولا العلاقة الجنسية بين الإله وأحد خلقه، ولا الثالوث الوثني.

  • وحدانية الله

يخبرنا الكتاب المقدس، في عهديه القديم والجديد، أن الله واحد، لا إله إلا هو. ومجرد ذكر اسم “الله” بـ (ال التعريف) دليل على وحدانيته. فما هو معنى الوحدانية؟

  • يؤمن جميع المؤمنين بالله، بوجود الله، وكل موجود عاقل له شخصية، وصفات، وأسماء، وفي ضوء هذه المعطيات، يمكننا أن نتعرف على بعض معاني الوحدانية، لنرى ما هو المقصود بوحدانية الله، وما هو الإيمان المسيحي بوحدانية الله.
  • الوحدانية تأتى من الأصل (واحد)، والوحدانية تختلف عن الوحدة التى تعنى وحدة مفردة، أو وحدة قياس، وتختلف أيضا عن فعل يتحد (اتحد أو تآلف)؛ لذلك عندما نقول بوحدانية الله، فإننا لا نقصد الوحدانية الحسابية العددية، لأن الله لا يعد، لكننا نعلم بأن الله واحد، فما هي يا ترى الوحدانية التي لله؟
  • والآن دعونا نستعرض بعضا من صور هذه الوحدانية
  • أنواع الوحدانية
  • الوحدانية المجردة

إن الوحدانية المجردة، تعني أن لا صفات فيها، ومَن يقولون بوحدانية الله المجردة، فهم بذلك ينأون بالله عن أن يتصف بأية صفة، باعتبار أن الله عندما يتصف بصفات معينة، فإنه يكون إلها محدودا بحدود هذه الصفات، وهم يقولون بأن الله فوق الوجود، وفوق العالم، وفوق الإرادة، ونقطة الضعف في هذه الصورة من الوحدانية، إنها تجعل من الله غير موجود.

  • الوحدانية المطلقة :

يؤمن أصحاب هذا الفكر، بأن الله كائن، موجود، ووجوده أمر حتمي، ووحدانيته مطلقة، لا حدَّ لها، ومنهم مَن يقول بأن الله ذات يتصف بكل الصفات الإيجابية كالعلم، والإرادة وغيرها، على أن هذه الصفات لم يكن لها ظهور أو مجال تعمل فيه، قبل الخلق، أي أن صفات الله كانت موجودة منذ الأزل، لكنها صارت فاعلة عند الخلق، لكننا إذا سلمنا بهذه النظرية نكون آمنا بأنه في لحظة من الزمن قد حدث تغير في الله، وحاشا لله من التغيير.

  • الوحدانية الجامعة المانعة :
  • أي الشاملة والجامعة لكل ما هو لازم لوجود صفات الله بالفعل، بصرف النظر عن وجود الكائنات، أو عدم وجودها، لأنه بذلك يكون منذ الأزل الذي لا بدء له، عالما ومعلوما، عاقلا ومعقولا، محبا ومحبوبا، دون أن يكون هناك تركيب في ذاته، أو شريك معه، الأمر الذي يتوافق كل التوافق مع كماله، واستغنائه بذاته عن كل شئ في الوجود.
  • مع العلم بأن لكل موجود ثلاث نسب (جوهر – الصورة – القوة)، (الجوهر- الشكل – النتيجة).
  • كما أن الكائن العاقل ليس له عَلاقة بالكائنات الأخرى وحسب، بل لا بُدَّ أن تكون له علاقة بذاته العاقلة أيضا.
  • إليك عزيزي جدول توضيحي للوحدانية الجامعة
 الجوهرالصورةالفِعل أو النتيجة (القوة)
الله(مصدر + الكلمة + روح)صفات مُعينة(الخليقة وكل ما عنها)
الإنسان(جسد + نفس+ روح)ملامح وشكل كل واحدأفعال وسلوكيات
الحيوان(جسد + نفس)ملامح الشكلأفعال وطِباع
الشجرة(الجسم)ملامح الشكلالثمر والحركة
  • لماذا هناك حتمية للوحدانية الجامعة المانعة ؟

تتصف وحدانية تتصف بكل الصفات الإيجابية اللائقة بها، ووحدانية لها مميزات خاصة بها، تُنشيء بسببها، بينها وبين ذاتها، علاقات خاصة منذ الأزل، وإلى الأبد. لذلك لا يٌقصد بوحدانية الله الجامعة المانعة أن هناك آلهة مع الله، أو أن هناك تركيبا في ذاته، بل يقصد بها أن ذاته الواحدة التي لا تركيب فيها على الإطلاق، هي بنفسها جامعة مانعة، أي تتميز بكل المميزات الروحية اللائقة بكمالها، واستغنائها عن كل شئ غيرها منذ الأزل، وإذ كان الأمر كذلك؛ فليس في إسناد هذه الوحدانية إلى الله، ما يُفهم منه أن له شريكا أو به تركيبٌ.

  • وإليك بعضٌ من شواهد الكتاب المقدس على وحدانية الله في العهدين، القديم والجديد:
  • من العهد القديم:
  • o      “فَاعْلمِ اليَوْمَ وَرَدِّدْ فِي قَلبِكَ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الإِلهُ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَعَلى الأرض مِنْ أَسْفَلُ. ليْسَ سِوَاهُ”(تثنية 4: 39). “اسمعْ
  • يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ” (تثنية 6: 4) “أَنَا الرَّبُّ صَانِعٌ كلَّ شَيْءٍ نَاشِرٌ السَّمَاوَاتِ وَحْدِي.بَاسِطٌ الأرض. مَنْ مَعِي؟”
  • o      (إشعياء 44: 24) “أَلَيْسَ أَنَا الرَّبُّ وَلاَ إِلَهَ آخَرَ غَيْرِي؟ إِلَهٌ بَارٌّ وَمُخَلِّصٌ. لَيْسَ سوَايَ”(إشعياء 45: 1). “أَلَيْسَ إِلَهٌ وَاحِدٌ خَلَقَنَا؟” (ملاخي 2: 10).
  • ومن العهد الجديد:
  • o      “بِالْحَقِّ قُلْتَ لأَنَّهُ اللَّهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ” (مرقس 12: 32) “وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلَهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟” (يوحنا 5: 44)، “لأَنَّ اللهَ وَاحِدٌ” (رومية 3: 30) “وَأَنْ
  • لَيْسَ إِلَهٌ آخَرُ إِلاَّ وَاحِداً” (1كورنثوس 8: 4)، “وَلَكِنَّ اللهَ وَاحِدٌ” (غلاطية 3: 20) “لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ وَاحِدٌ” (1تيموثاوس 3: 5)، “أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ” (يعقوب 2: 19).
  • منطقية الثالوث
  • لو كان معيار الإلوهية الوحدانية المطلقة، كان الله يسير أجوف مصمتًا غير متفاعل؛ فالله الثالوث مكتفٍ بذاته، مكتمل في ذاته؛ فلو سألنا مثلًا: قبل الخلق، كان الله يحب من؟ أو كان يسمع من…؟ وإلى غير ذلك من صفات الله الذاتية. فهل كان الله بحالة ثم تغير عنها؟ حاشا لله أن يتغير وهو الثابت. الثالوث يمثل الله الواحد بعقله وروحه، كما نقول إن الإنسان بذاته وبعقله وبروحه كائن واحد، وإن النار بنورها وحرارتها كيان واحد، فالأقانيم المسيحية لا انفصال فيها لأقنومٍ عن الآخر.
  • فعقيدة الثالوث هي الإيمان بأنه يوجد إله واحد حي، لكنه يظهر في ثلاثة أقانيم متمايزة: الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس؛ فلكل من الصفات الثلاث شخصية مميزة، لكن دون انقسام في الطبيعة أو الجوهر أو الكينونة، فثلاثتهم يتمتعون بشراكة أبدية معا، كما أنهم يشتركون في الأزلية والمساواة، لكن عقيدة الثالوث تنفي مبدأ تثليث الآلهة؛ وتثليث الآلهة هو الإيمان بأنه توجد آلهة ثلاثة، لكن في الحقيقة يوجد إله واحد.
  • كما تنفي عقيدة الثالوث أيضاً مبدأ الحالية (modalism)، والحالية هي الإيمان بأن الله واحد لكنه يظهر في ثلاثة أحوال مختلفة على اختلاف الزمن. لكن أقانيم الثالوث الثلاثة موجودون معاً في وقت واحد، فهم أقانيم مميزون وأزليون في الله الواحد. في حين أن كلمة “الثالوث” غير موجودة بالكتاب المقدس، إلا أن الحقيقة التي تحملها موجودة في مقاطع كتابية متعددة؛ فالكتاب المقدس يعترف بالأب كالله، والابن كالله، والروح القدس كالله
  • خُلاصة

ممَّا تقدَّم نرى أن الله أعلن ذاته في الكتاب المقدس، بعهديه القديم والجديد، إلها واحدا، لا نظير له، ولا شريك، والأقانيم الثلاثة هم: الآب والابن والروح القدس. الآب هو الله، والابن هو الله، والروح القدس هو الله، لا ثلاثة آلهة، بل إلهٌ واحد، ذات واحدة، جوهر واحد، لاهوت واحد. ولكن ثلاثة أقانيم متحدون بغير امتزاج، ومتميزون بغير انفصال. وكل أقنوم أزلي، أبدي، غير محـدود، لا يتحيز بمكان أو زمان، كلي العلم، كلي القدرة، كلي السلطان، لأن الأقانيم ذات واحدة.

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع