2. التكريس في المسيحية..!

التكريس في المسيحية..!

(النمو الروحي.. والتغلب على معوقاته)

س1: ما هو مفهوم التكريس في المسيحية؟!

س2: ما هي معوقات النمو الروحي؟ والطرق العملية للتغلب عيها؟!

  • مُقدمة

التكريس..! قد يكون هذا التعبير جديدا على مسامعك عزيزي، وقد يكون أيضا غيرَ مألوفٍ عليك، لكنه في الحقيقة تعبير بسيط جدا، رغم عمقه، وأهميته الكبيرة، وهو لا يَعني أكثر من أن تهب قلبك وفكرك وحياتك للرب، الذي أحبك حبا تاما كاملا. وأنت كشخص آمنت به، وأحببتَه، ستجد نفسك تلقائيا متجاوبا معه، بعد أن تلامست شخصيا مع محبته الغامرة، والحق، الذي نقلك من الظلمة للنور، تماما مثل أية علاقة محبة، يخرج فيها شخص من ذاته، لأجل حبيبٍ، أو غالٍ، أو عزيزٍ لديه!

والتكريس في المسيحية، لا يقتصر، على أنه مجرد التفرغ التام، للقيام بعمل روحى، لكن معناهُ الأشمل، أنه حياة روحية لكل المؤمنين، وإعطاء النفس للرب، ليسود عليها، إذ تُصبح مِلكا له وحده. لهذا دعونا نتعرف سريعا في هذا الدرس، على معاني التكريس في الكتاب المقدس، والطرق العملية للتكريس، والمعوقات التي قد تُعطل هذه الحياة الرائعة، حياة النمو في معرفته؛ إضافةً للتعرف بشكلٍ عَملي على طُرُق التغلب على هذه المعوقات!

  • أولا: معاني التكريس في الكتاب المقدس:
  • تخصيص النفس لله:
  • عبرَّ السيد المسيح فى صلاته عن تكريس نفسه، وتخصيصها، أى تقديسها من أجل خاصَّتِهِ،
  • قائلا: “لأجلهم أقدس أنا ذاتى (أى أخصصها وأكرسها لهم)” (يوحنا 17: 19).
  • وقد جاءت أيضا كلمة [التقديس]، بمعنى “التخصيص”،
  • وذلك فى حديث الرب، عن تكريس هرون والكهنة، في العهد القديم،
  • إذ قال الرب: “وهرون وبنيه أقدسهم (أي أخصصهم) لكى يكهنوا لى” (خروج 30: 30).
  • ما يَعني أن يجعل المؤمن مباديء الكلمة وحبه للرب أساس كل خطوات حياته في مختلف الزوايا.
  • إعطاء النفس للرب:
  • قال بولس الرسول عن أهل مكدونية إنهم: “أعطوا أنفسهم أولا للرب” (كورنثوس الثانية 8: 5)،
  • ونراه أيضا يوصى المؤمنين قائلا:
  • “أطلب إليكم أيها.. أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله” (رومية 12: 1).
  • ما يَعني أن تكون حياة المؤمن، بمختلف مجالاتها وتفاصيلها، لا تؤؤل إلا لمجد الرب وطاعته.
  • لذا أدعوك أن تقول للرب: ها حُبي وقلبي وحياتي، ماضيَّ حاضري ومستقبلي، اقبلهم ذبيحةَ حبٍ، على مذبح التكريس والتخصيص لك، كل الأيام.
  • الحياة بحسب مشيئة الله:
  • يوضح بولس الرسول أن تقديم النفس لله، يتم على أساس أن تسري مشيئتها وإرادتها في مشيئة الله،
  • وتعيش لإرادة السيد، وتتمم مقاصد العلى، لذلك قال:
  • “قدموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات، وأعضاءكم آلات بر لله” (رومية 6: 13).
  • وهكذا نرى أن التكريس، هو تقديم النفس ومشيئتها، وتخصيصها لله، ليملك ويسود عليها وحده.
  • ثانيا: لمَن يكون التكريس؟
  • التكريس لشخص المسيح:
  • عندما يتحقق المؤمن من روعة المسيح، وجدارته بأن يعطيه حياته،
  • فإنه عن طيب خاطر، وبكل اقتناع عقله وقلبه، يتخذ قرارا بتكريس حياته بالكامل لسيده،
  • الذى أصبح مركز حياته، لذا قال بولس الرسول “لأن ليَ الحياة هى المسيح” (فليبي 1: 21).
  • والشخص المُكرَّس هو الذى يُنَصِّب السيد المسيح، ملكا وسيدا، على كل شئٍ في حياته،
  • عالما أن “الكل به وله قد خُلِقَ .. لكى يكون هو متقدما فى كل شئ” (كولوسي 1: 16 ، 18).
  • والهدف من ذلك هو أن يكون هو متقدما، أى سيدا، وصاحب سلطان بالحب وليس بالقوة والإكراه.
  • التكريس لكلمة المسيح:
  • من منطلق التكريس للرب يسوع، كسيد على الحياة، يأتى التكريس لكلمته، أي وصاياه بالكتاب المقدس،
  • كتجسيدٍ لها (كلمته)، فيُصبح له السلطان، على حياة المؤمن المكرس؛ فيخضع لها خضوعا كاملا،
  • بصفتها: غذاء روحه، سلاح نفسه، مصباح طريقه، دستور حياته.
  • هنا يقول كما في (مزمور 40) “أن أفعل مشيئتك يا إلهى سررت وشريعتك فى وسط أحشائى.
  • التكريس لكنيسة المسيح:
  • الكنيسة هى جسد المسيح، كما قال الكتاب:
  • “وأَخْضَع كل شئٍ تحت قدميه، وإياه جعل رأسا فوق كل شئٍ، للكنيسة التى هى جسده.” (أفسس 1).
  • فيحيا المؤمن فى الكنيسة ويخدم، ليس من أجل مديح البشر، أو تقدير القادة، بل من أجل الرب.
  • التكريس لخدمة المسيح؟
  • أي التكريس لخدمة المسيح، وامتداد ملكوته إلى جميع الناس،
  • بغض النظر عن دينهم أو لونهم أو عقيدتهم، فيصير مثل سيده،
  • الذي يريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون، كقول الرب:
  • “فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكى يروا أعمالكم الحسنة، فيمجدوا أباكم” (متى 5: 16).
  • ثالثا: جوانب التكريس
  • تكريس القلب للمسيح:

تنفيذا لوصية الكتاب: “يا ابنى أعطنى قلبك” (أمثال 23 : 26)، والقلب فى لغة الكتاب المقدس، هو أعماق الإنسان، وعواطفه، أى التكريس الحقيقى الجوهرى، لا مجرد التكريس المظهرى الخارجى.

  • تكريس الجسد له:

أى اعتبار الجسد ملكا للمسيح، كما قال بولس الرسول: “أنتم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن. فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله.” (رسالة كورنثوس الأولى 6: 19 و20).

  • تكريس البيت له:

“وأما أنا وبيتى فنعبد الرب” (يشوع 24: 15)، فالزوجة والأولاد هم ملك المسيح، وليسوا ملكية خاصة بالزوج.

  • تكريس الوقت له:

فالوقت لا يصبح ملكى، بل ملك المسيح، سواء وقت الصلاة، أو العمل، أو النزهة، فلا أضيع وقتي فى أمور العالم الفانى، بل أنفذ قول الكتاب: “مفـتدين الوقت لأن الأيام شـريرة” (أفسس 5: 16).

  • تكريس المال له:

أى اعتبار مالى ومقتنياتى، ملكا للمسيح، وما أنا إلا مجرد وكيل على مال الرب، الذى وكلنى عليه، عالما أنني سوف أعطى حساب وكالتى (لوقا 16: 2).

  • تكريس الجهود لخدمته:

فالمؤمن المُكرَّس، هو الذى يخصص جهوده لخدمة الرب، ولسان حاله يقول مع إشعياء النبى: “ها أنذا أرسلنى” (إشعياء 6: 8).

  • النمو الروحي
  • وهو الازدياد في العلاقة مع الله، والتي يتبعها التغيير في أوجه الحياة؛
  • ليصبح الشخص أكثر شبها بالمسيح، ويتصوَّر المسيح فيه. وفي عائلة الله،
  • هناك تدرج مقبول في النمو: أطفال وأحداث وآباء، وفي هذا التدرج، الأطفال لن يظلوا أطفالا باستمرار،
  • بل مع النمو سوف يصيرون أحداثا ثم آباء (كورنثوس الأولى 11:13).
  • وعنصر الوقت مهم، فلن ننمو فجأةً، بل يحتاج الأمر للكثير من التدريبات والمعاملات الإلهية.
  • المقياس الذي يجب أن أنمو إليه: 
  • ليس هو أحد المؤمنين المتقدمين روحيا، لئلا يأتي وقت أتعثر فيه من تصرفاته وأسلوبه،
  • لكن المقياس الوحيد الذي حوى جميع أوصاف الكمال، هو شخص الرب يسوع المسيح،
  • «إلى قياس قامة ملء المسيح» (أفسس 4: 13). لهذا فإننا مهما نمونا لن نصل إلى حد نكف فيه عن النمو.
  • معطلات النمو: 

1- الشهوات الشبابية: «أما الشهوات الشبابية فاهرب منها» (تيموثاوس الثانية 22:2). والشهوات الشبابية في مرحلة الشباب، هي كل ما يشتهيه الإنسان، من الرغبات الجسدية والعالمية. إنها التمركز حول الذات لإشباعها وإمتاعها، واستخدام كافة الوسائل، حتى الأمور الروحية لغرض تعلية الذات، وهي من أكبر المعطلات الروحية.

2- المعاشرات الردية: «المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة» (كورنثوس الأولى 15: 33). هناك أشخاص كنا نتوقع لهم، ومنهم، الكثير؛ لكن، ولسبب سوء اختيار الرفقة، تراجعوا روحيا.

3– الخطية غير المعترَف بها: قد يسقط المؤمن في خطية، وتصبح ثقلا على ضميره يعيق نموه، وعدم اعترافه بها، وتوبته عنها، يعني الإصرار عليها، وهذا يُحزن الروح القدس، ويعطل التقدم الروحي.

4– الاهتمامات العالمية: الشغل أو الدراسة، وهي أمور مشروعة، ولا غبار عليها، لكن لو أخذت أكثر من حجمها الطبيعي، تصبح معطلا روحيا؛ إذ تأخذ طاقة الإنسان ووقته، فلا يتبقى للحياة الروحية شيء.

5– الإهمال والكسل: إن النمو يحتاج إلى بذل كل اجتهاد، في دراسة الكلمة والصلاة، أما إذا أهملنا طعامنا اليومي، حتما سيؤثر هذا سلبيا على نمونا الروحي، حتى لو لم تكن هناك خطية مُحددة في حياتنا.

  • مقومات النمو- وسائط التغلب على المقومات (وسائط النعمة):

1- الصلاة: وهي المناخ الملائم، والجو النقي، الذي فيه نمكث أمام الله، ونتحدث معه، وهي الأوقات التي فيها ننفرد مع الله، ويعمل فينا، ويُغيِّر في كياننا.

2- التأمل في كلمة الله: عندما نملأ أذهاننا بالكلمة، ونخبئها في قلوبنا، ونلهج فيها، فإنها تُغيِّرنا، وتُثمر فينا سلوكا مباركا بحسب فكر الرب.

3- الاجتماعات الروحية والشركة مع القديسين: وهي المدرسة التي فيها نتعلَّم المسيح، ونتبادل الاختبارات المشجعة، بعضُنا مع بعض؛ لكي ننمو ونتعزى معا، ويبني أحدُنا الآخر.

4- الخدمة الروحية: لكل مؤمن عمل أو خدمة، ومن خلالها نتدرَّب، ونحرص على التدقيق في السلوك؛ كذلك نواظب على السهر في الصلاة، ونهتم بدراسة الكلمة؛ ولهذا كله انعكاساته الروحية، على نمونا روحيا.

5- التدريبات الإلهية: نتعرض في حياتنا جميعا، لضغوطات وتحديات وآلامٍ عديدة، وهذه كلها يستخدمها الرب لخيرنا؛ام عدية،ية1 كي ترتقي النفس روحيا، وتنمو في علاقتها مع الله، فتفهم الكثير عن ضعفها، وعن محبته وقدرته!

  • تطبيقات عملية
  • الدرس في نقاط
  • التكريس في المسيحية هو أن تهب قلبك وفكرك للرب، الذي أحبك حبا تاما كاملا.
  • وعن معاني التكريس في الكتاب المقدس:
  • تخصيص النفس لله.
  • إعطاء النفس للرب.
  • الحياة بحسب مشيئة الله.
  • أمَّا عن لمَن يكون التكريس؟
  • التكريس لشخص المسيح.
  • التكريس لكلمة المسيح.
  • التكريس لكنيسة المسيح.
  • التكريس لخدمة المسيح.
  • وعن جوانب التكريس
  • تكريس القلب والجسد للمسيح.
  • تكريس البيت والوقت له.
  • تكريس المال للمسيح.
  • تكريس الجهود لخدمته.
  • والنمو الروحي الروحي هو: الازدياد في العلاقة مع الله،  لنُصبح أكثر شبها بالمسيح.
  • ومعطلات النمو: (الشهوات الشبابية، المعاشرات الردية، الاهتمامات العالمية، الإهمال والكسل).

o      تامل مُشجع:

لتعلم جيدا أخي أن للنعمة والجهاد علاقة وثيقة بالنمو الروحي، تأمل معي هاتين الآيتين:

“لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً نِعْمَةُ اللهِ  وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ”. (رومية 5: 15)، “لِذَلِكَ نَحْنُ أَيْضاً إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هَذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْلٍ وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا (عبرانيين 12: 1).

هناك دور إلهي، وآخر إنساني، في حياة النمو مع الله، النعمة هي دور الإلهي، والجهاد والاجتهاد والالتزام، هم الدور الإنساني؛ لذلك هنالك ضرورة لاستخدام النعمة الإلهية في تتميم المشيئة الالهية، بالشراكة مع خضوع المؤمن، للروح القدس، وكلمة الله!

  • مُشارَكة
  • يقوم قائد المجموعة بشرح مفهوم كلٍ من: النعمة والجهاد لأعضاء المجموعة.
  • على أن يشرح لهم أيضا علاقتهما الوثيقة بالنمو الروحي!
  • ثم يطرح اثنين من معطلات النمو للنقاش، ويستمع لمقترحات الأعضاء العملية للتغلب عليهما!
  • أسئلة للتفكير
  • اكُتب مُلخصا لا يقل عن عشر نقاط عمَّا تعلمته في موضوع التكريس وجوانبه المختلفة.
  • ثم اكتُب ملخصا آخر عن أهم عشر نقاط تعلمتها في موضوع النمو الروحي ومعطلاته ومقوماته.
Please log in to join the chat
محتوى الدرس

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع