التكريس في المسيحية..!
(النمو الروحي.. والتغلب على معوقاته)
س1: ما هو مفهوم التكريس في المسيحية؟!
س2: ما هي معوقات النمو الروحي؟ والطرق العملية للتغلب عيها؟!
التكريس..! قد يكون هذا التعبير جديدا على مسامعك عزيزي، وقد يكون أيضا غيرَ مألوفٍ عليك، لكنه في الحقيقة تعبير بسيط جدا، رغم عمقه، وأهميته الكبيرة، وهو لا يَعني أكثر من أن تهب قلبك وفكرك وحياتك للرب، الذي أحبك حبا تاما كاملا. وأنت كشخص آمنت به، وأحببتَه، ستجد نفسك تلقائيا متجاوبا معه، بعد أن تلامست شخصيا مع محبته الغامرة، والحق، الذي نقلك من الظلمة للنور، تماما مثل أية علاقة محبة، يخرج فيها شخص من ذاته، لأجل حبيبٍ، أو غالٍ، أو عزيزٍ لديه!
والتكريس في المسيحية، لا يقتصر، على أنه مجرد التفرغ التام، للقيام بعمل روحى، لكن معناهُ الأشمل، أنه حياة روحية لكل المؤمنين، وإعطاء النفس للرب، ليسود عليها، إذ تُصبح مِلكا له وحده. لهذا دعونا نتعرف سريعا في هذا الدرس، على معاني التكريس في الكتاب المقدس، والطرق العملية للتكريس، والمعوقات التي قد تُعطل هذه الحياة الرائعة، حياة النمو في معرفته؛ إضافةً للتعرف بشكلٍ عَملي على طُرُق التغلب على هذه المعوقات!
تنفيذا لوصية الكتاب: “يا ابنى أعطنى قلبك” (أمثال 23 : 26)، والقلب فى لغة الكتاب المقدس، هو أعماق الإنسان، وعواطفه، أى التكريس الحقيقى الجوهرى، لا مجرد التكريس المظهرى الخارجى.
أى اعتبار الجسد ملكا للمسيح، كما قال بولس الرسول: “أنتم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن. فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله.” (رسالة كورنثوس الأولى 6: 19 و20).
“وأما أنا وبيتى فنعبد الرب” (يشوع 24: 15)، فالزوجة والأولاد هم ملك المسيح، وليسوا ملكية خاصة بالزوج.
فالوقت لا يصبح ملكى، بل ملك المسيح، سواء وقت الصلاة، أو العمل، أو النزهة، فلا أضيع وقتي فى أمور العالم الفانى، بل أنفذ قول الكتاب: “مفـتدين الوقت لأن الأيام شـريرة” (أفسس 5: 16).
أى اعتبار مالى ومقتنياتى، ملكا للمسيح، وما أنا إلا مجرد وكيل على مال الرب، الذى وكلنى عليه، عالما أنني سوف أعطى حساب وكالتى (لوقا 16: 2).
فالمؤمن المُكرَّس، هو الذى يخصص جهوده لخدمة الرب، ولسان حاله يقول مع إشعياء النبى: “ها أنذا أرسلنى” (إشعياء 6: 8).
1- الشهوات الشبابية: «أما الشهوات الشبابية فاهرب منها» (تيموثاوس الثانية 22:2). والشهوات الشبابية في مرحلة الشباب، هي كل ما يشتهيه الإنسان، من الرغبات الجسدية والعالمية. إنها التمركز حول الذات لإشباعها وإمتاعها، واستخدام كافة الوسائل، حتى الأمور الروحية لغرض تعلية الذات، وهي من أكبر المعطلات الروحية.
2- المعاشرات الردية: «المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة» (كورنثوس الأولى 15: 33). هناك أشخاص كنا نتوقع لهم، ومنهم، الكثير؛ لكن، ولسبب سوء اختيار الرفقة، تراجعوا روحيا.
3– الخطية غير المعترَف بها: قد يسقط المؤمن في خطية، وتصبح ثقلا على ضميره يعيق نموه، وعدم اعترافه بها، وتوبته عنها، يعني الإصرار عليها، وهذا يُحزن الروح القدس، ويعطل التقدم الروحي.
4– الاهتمامات العالمية: الشغل أو الدراسة، وهي أمور مشروعة، ولا غبار عليها، لكن لو أخذت أكثر من حجمها الطبيعي، تصبح معطلا روحيا؛ إذ تأخذ طاقة الإنسان ووقته، فلا يتبقى للحياة الروحية شيء.
5– الإهمال والكسل: إن النمو يحتاج إلى بذل كل اجتهاد، في دراسة الكلمة والصلاة، أما إذا أهملنا طعامنا اليومي، حتما سيؤثر هذا سلبيا على نمونا الروحي، حتى لو لم تكن هناك خطية مُحددة في حياتنا.
1- الصلاة: وهي المناخ الملائم، والجو النقي، الذي فيه نمكث أمام الله، ونتحدث معه، وهي الأوقات التي فيها ننفرد مع الله، ويعمل فينا، ويُغيِّر في كياننا.
2- التأمل في كلمة الله: عندما نملأ أذهاننا بالكلمة، ونخبئها في قلوبنا، ونلهج فيها، فإنها تُغيِّرنا، وتُثمر فينا سلوكا مباركا بحسب فكر الرب.
3- الاجتماعات الروحية والشركة مع القديسين: وهي المدرسة التي فيها نتعلَّم المسيح، ونتبادل الاختبارات المشجعة، بعضُنا مع بعض؛ لكي ننمو ونتعزى معا، ويبني أحدُنا الآخر.
4- الخدمة الروحية: لكل مؤمن عمل أو خدمة، ومن خلالها نتدرَّب، ونحرص على التدقيق في السلوك؛ كذلك نواظب على السهر في الصلاة، ونهتم بدراسة الكلمة؛ ولهذا كله انعكاساته الروحية، على نمونا روحيا.
5- التدريبات الإلهية: نتعرض في حياتنا جميعا، لضغوطات وتحديات وآلامٍ عديدة، وهذه كلها يستخدمها الرب لخيرنا؛ام عدية،ية1 كي ترتقي النفس روحيا، وتنمو في علاقتها مع الله، فتفهم الكثير عن ضعفها، وعن محبته وقدرته!
“لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً نِعْمَةُ اللهِ وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ”. (رومية 5: 15)، “لِذَلِكَ نَحْنُ أَيْضاً إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هَذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْلٍ وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا (عبرانيين 12: 1).
هناك دور إلهي، وآخر إنساني، في حياة النمو مع الله، النعمة هي دور الإلهي، والجهاد والاجتهاد والالتزام، هم الدور الإنساني؛ لذلك هنالك ضرورة لاستخدام النعمة الإلهية في تتميم المشيئة الالهية، بالشراكة مع خضوع المؤمن، للروح القدس، وكلمة الله!