خاتمة: النموذج الأمثل للقيادة الأفضل!
في نهاية كل منهاج أو كورس أو سلسلة محاضرات، دائما ما يكون هناك تطبيق عملي، لكل ما تم تعلُّمه أثناء الدراسة، لكننا قررنا أن يكون التطبيق العمملي، هو فَحْص شخصية السيد المسيح، لنرى في ختام هذا الكورس، تجليا واضحا لكا ما درسناه، إذ هو متجسدٌ في شخص المسيح.
من أهم عوامل نجاح الخدمة في الكنيسة هو شخصية القائد أو المدبر الحكيم.. وقد قدَّم ربنا يسوع يقدم لنا نموذجا للقائد الأعظم الذي يجب أن يقتدي به كل خادم ليكون ناجحا وأمينا في خدمته.
وهذه بعض النقاط التي نحتاج أن نحرص عليها في خدماتنا:
1- أول عمل يعمله يسوع في بداية فترة خدمته على الأرض، هو انفراده للصوم والصلاة على جبل التجربة، وهذه هي أهم خطوة لنجاح الخادم؛ أن يختبر حياة النصرة الشخصية من خلال الانفراد للصوم والصلاة، فليس المهم أن يتخذ المدبر قرارات ناجحة ويصنع انجازات ناجحة من الخارج، لكن الأهم أن يكون قائداً ناجحاً مع نفسه من الداخل أولا، ويختبر حياة النصرة الداخلية كما انتصر يسوع على جبل التجربة. فالنجاح الداخلي بمعونة الروح القدس هي أهم مقومات نجاح الخادم والقائد.
2- القائد الناجح يحتاج أن تكون لديه رؤية واضحة وهدف محدد؛ وهو خلاص نفسه وخلاص كل من يخدمهم.. هكذا كان يسوع قائداً هدفه أن يخلص العالم كله ” هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به ” ( يو 3 : 16 ) هذه كانت خطة يسوع في خدمته وتعليمه وكرازته ومعاملاته وحتى موته المحيي على الصليب، كان اهتمامه الأول يحمل معنى واحد وهو أنه يريد خلاص الجميع.
3- يسوع كقائد ناجح اهتم أن يتلمذ اخرين ليكملوا عمل الخدمة وهو في اختياره للآخرين لم يعتمد على اختيار من يتميزوا بالذكاء العقلي ولا الخبرة الشخصية ولا الغنى المادي، بل اهتم أن يختار من يسعى لحياة النقاوة والتوبة والنصرة. فالقيادة في الخدمة ليست عمل إداري بل عمل روحي في المقام الأول، لذلك الاختيار لابد أن يكون روحياً قبل أن يكون إدارياً.
فوض يسوع كقائد تلاميذه ليحملوا بشرى الخلاص للعالم، فهو كان يختار ويعلم ويرسل ويستمع ويصحح الاخطاء لتلاميذه في كل رحلات خدمتهم، ومنح تلاميذه سلطان أن يصنعوا الأشفية والأيات والعجائب، ولم يخشى عليهم أن يقعوا في الكبرياء، لكنه أيضا لم يهمل أن يستمع لهم بعد عودتهم من الخدمة ويصحح لهم اخطائهم عندما كانت فرحتهم بخضوع الشياطين لهم بل عالج اخطائهم بتعليم سليم ” لا تفرحوا بهذا أن الشياطين تخضع لكم بل افرحوا أن اسمائكم كتبت في ملكوت السموات ” (لو10: 20).
لاحظ أن يسوع أعطاهم الفرصة للخدمة، ثم الفرصة للكلام والتعبير عن الرأي واستمع لهم باهتمام، واكتشف السلبيات وصحح الأخطاء، ولم يعاقب أو يوقف عن الخدمة، بل صحح الأخطاء بهدوء.
كان يسوع كقائد ناجح يتمسك بضرورة تدريب القيادات، حتى لو كان الانجاز في البداية غير مرضي فهو قد قبل اندفاع بطرس وضعف بقية التلاميذ وخوفهم، ودعاهم ليستمروا كشهود له بعد قيامته رغم هروبهم وقت صلبيه.. فالقائد الناجح يتابع ويعالج الاخطاء بطريقة روحية هادفة جداً، فهو لا يثور ولا يعاقب.
القائد الناجح يهتم بتقييم العمل والخدمة من فترة إلى فترة، وهو لا يهمل متابعة خدمته ويهتم بالمؤشرات الاحصائية.. فهو قد اهتم أن يعرف عدد الجالسين يوم الموعظة على الجبل، فأوصي أن يتكئهم خمسين خمسين، وسأل واهتم أن يعرف الامكانيات المتاحة حتى إن كانت قليلة كخمس خبزات و سمكتين، وأوصى أن يجمعوا الكسر ويقيموها فكانت اثني عشر قفة مملوءة.