مُقدمة: القائد الخادم: ساذج أم فاهم؟!

  • مُقدمة: القائد الخادم: ساذج أم فاهم؟

عندما كان يتم ترحيله بالطائرة الهليكوبيتر، وطأتْ قدم جندي آخَر على لُغم، وأُصيبتْ ساقه بجرح شديد. اندفع الجندي وهو يصرخ داخل منطقة مملوءة بالألغام، فأدرك القائد “شوار سكوف” بأن الجندي الجريح يمكنه النجاة والاحتفاظ بساقه، فقط إذا توقف عن الحركة. وكان لا بد أن يذهب إليه أحدهم ليوقفه عن الحركة ويساعده على النجاة، ولكن من يدخل إليه لينقذه في منطقة مملوءة بالألغام؟!

لقد قرر القائد “شوار سكوف” أن يتحرك هو بنَفْسه داخل حقل الألغام، وهو يسير ببطء وبِحذَر مُحملِقا في الأرض ليلاحِظ أين يضع رِجْله خوفا من انفجار لُغم فيه. وأخيرا وصل إلى الجندي وأمسكه وهدأ من روعه وأخرجه من حقل الألغام بسلام. إن “شوار سكوف” كان قائدا مؤثِرا لأنه اختار أن يخدم بنَفْسه جندي وقع في مشكلة معرِضا حياته للخطر. فماذا يُطلَق على قيادة “شوار سكوف”؟، إنه القائد الخادم .

قد يبدو أن كلمة القائد والخادم متضادتان وصعب التوحيد بينهما، فالقيادة مرتبطة في أذهان الناس بالتسلُط على الآخَرين. فالقائد هو الذي يأمر وينهي، هو صاحب المركز الأول والذي يشير بإصبعه فيتحرك الناس طَوع أمره. إن هذه الصورة كانت مألوفة للحاكم الروماني في زمن السيد المسيح، الذي قال عن نَفْسه في إنجيل متى 20: 28 إنه خادم أتى ليبذل نفسه، بهذا التعليم غيَر السيد المسيح المفاهيم الخاصة بالقيادة المُتسلِطة وحولها إلى القيادة الخادمة الباذِلة.

ولم تكُن هذه شعارات نادى بها السيد المسيح، بل قدَم بنفسه نموذجا عظيما يَحتذي به الجميع. لقد اتِزَر بمنشفة وصبَ ماءً في مِغسَل وابتدأ يغسل أرجُل تلاميذه، وهذا العمل كان يقوم به العبد الذي يخدم في البيت وكان يُعتَبر من أحقر الأعمال. لكنه قال تعليقا على هذا الموقف الرهيب في إنجيل يوحنا 13: 13 – 15، إن السيد والمعلم الحقيقي هو الذي يتضع ليخدم الآخرين، وفي حديثه أيضا مع تلاميذه، أوضح الفرق بين ما ينادي به العالم عن القيادة، وما ينادي هو به، فقال في إنجيل متى 20: 25 – 26، أن “سادة العالم متسلطون، لكن أعظم الناس من يكون خادما للناس”.

وفي هذا، قال القديس “أغسطينوس” وهو واحد من الذين تعلَموا هذا المبدأ من السيد المسيح: “أنا أسقف (رتبة قيادية كبيرة في الكنيسة) من أجلكم أنا معكم فأنا خادمكم”.

إن مفهوم القيادة في العالم يعني: كم من الناس يعملون لأجلك ويخدمونك؟ ولكن مفهوم الله يعني: كم من الناس أنت تعمل لأجلهم وتخدمهم؟

في مفهوم العالم، رجال القائد يبذلون أنْفُسهم من أجله. أما القائد في مفهوم الله فهو الذي يبذل نَفْسه لأجل رِجاله.

 هناك مَثَل يقوله الإفريقيون في كينيا: “الرئيس هو خادم الكل”.

فإن كنتَ قائدا فما هو موقفك؟ هل أنت تأمر الناس ليخدموك؟ أم تخدمهم أنت؟

ما هي القيادة المسيحية؟ كيف يجب أن يكون القائد المسيحي؟ لا يوجد مثال للقيادة المسيحية أفضل من الرب يسوع نفسه. لقد قال: “أَنَا هُوَ الراعِي الصالِحُ وَالراعِي الصالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ” (يوحنا 10: 11). وفي هذه الآية نرى الوصف المثالي للقائد المسيحي. فهو شخص يقوم بدور الراعي “للقطيع” الذين في رعايته.

Please log in to join the chat

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع