س1: هل توجد أدلة ثبوتية وقطعية على حتمية وجود الله؟!
ج1: نعم يوجد الكثير، والكثير جدا من الأدلة المادية الملموسة، والأدلة العقلية، التي تُثبت بما لا يدع مجالا للشك أو التشكيك، على وجود إله وخالق لهذا الكون، وهذه الأكوان، على سبيل المثال لا الحصر:
وجود المادة: إن وجود مادة يثبت، في حد ذاته، وجود الله، فلو مر وقتٌ لم يوجد فيه شيء من الكائنات لما وُجِد اليومَ أيُّ كائن. وهذا يدفعنا لكمٍّ هائل من الفكر والتفكير.
2. نشأة الحياة: إنَّ سر الحياة، ونشأتها، من ضمن الأدلة الحتمية، على وجود الله، فحينما يتقدم العلم، ويعمل شيئًا جديدًا، فهو يعمله بفكر، وأجهزة، وحسابات دقيقة مُعقدة. أما أن تَخلِق الطبيعة نفسها؛ فهذا في الحقيقة لا يقول به إلا المختلون عقليًا! وقد حسب العلماء المدة اللازمة لكي تنشأ بعض الأشياء الموجودة في الخليقة، بالصدفة، فوجدوا أن عُمْر العالم كله لا يتسع لهذا الأمر. فمن 1 إلى 10 بالصدفة تأخذ ثلاثة آلاف سنة، فما بالك بالتعقيدات الموجودة في الخليقة.
3. الشريعة الأدبية: من الأدلة التي تثبت وجود الله: الشريعة الأدبية. فما هي الشريعة الأدبية؟ لماذا يوجد عند أغلب البشر احتياجٌ داخليٌّ لوجود خالق، وعبادته؟ حتى الشعوب التي لم تعبد إله إبراهيم، وعبدت الأصنام، وغيرها، كانت فكرة عبادة الإله موجودةً لديهم، فهي في صميم تكوين الإنسان.
4- عدد من الأدلة العقلية والأدلة المتوارَثة المتنوعة، مثل
العقل.
ترتيب المخلوقات.
حاجة الكون إلى حافظ يحفظه.
فكرة وجود الله ذاتها.
التقليد.
الأنبياء.
الكتب المقدَّسة.
المسيح.
وسنتناول كل نقطة من ذياك النقاط بتعليقٍ وافٍ مُختصَر.
إلى الدرس بشيءٍ من التفصيل والإيضاح
وجود المادة:
إن وجود مادة يثبت، في حد ذاته، وجود الله، فلو مر وقت لم يوجد فيه شيء من الكائنات لما وُجِد اليومَ أيُّ كائن. وهذا يدفعنا لكمٍّ هائل من الفكر والتفكير. مثلا الكائن الأول من أوجده؟ هل أوجد هو نفسه؟ وكيف يُوجِد نفسه قبل أن يوجَد؟ أي كيف يوجِد الكائن نفسه وهو في الأصل لم يكن موجودًا؟ إن الكينونة ينبغي أن تسبق القدرة على الصنع. إذن لا يمكن أن يُوجِد الكائن الأول نفسَه، بالتالي يجب أن يكون الكائن الأول موجودًا بالضرورة. فهذا الكائن الأول يجب أن يملك في ذاته علة وجوده، وهو لم يخلق نفسه ولم يخلقه آخر.
وهذا ما نسميه “الكائن الضروري” في الشرح الثيئولوجي (ثيئولوجيا في اللغات اللاتينية Theology). فالله لم يخلقه أحد، وهو يجب أن يكون موجودا بالضرورة. فإذا أخذنا أيَّة قطعة أثاث كمثال، كالكرسي مثلًا، فالكل يعلم أنه من خشب، والخشب كان شجرة قصَّها النجار، وعملها بهذا الشكل، لكن قبل كل ذلك من الذي أوجد المادة؟ ومن الذي أوجد العالم؟ هناك ملحدون يقولون إن الكائن الضروري هو العالم نفسه، وليس الله، وينادون بأزلية المادة. فيقولون إن المادة موجودة؛ هي لم توجد نفسها ولا أحد أوجدها. هذا كلام ليس له معنى وليس له تفسير.
2. نشأة الحياة:
ما نستطيع أن نقوله هو أن العلم تقدم جدًّا جدًّا، مثلا لقد بحث العلماء في الخلية وتكوينها، والفرق بين الخلية الحية والمادة غير الحية، ناهيك عن أن المواد المكونة للخلية كلها مواد موجودة لكن ما هو سر الحياة؟ فحينما يمسك العالِم الخلية لتحليلها تحليلا كيميائيا يخرج بأنها مكونة من كذا وكذا وكذا.. بالنسب الفلانية، فإذا أحضر نفس المواد وبنفس النسب وضعها مع بعضها البعض، لا يمكن أن ينتج عنها خلية حية! هناك إذن ما يسمى سر الحياة secret of life؛ فإلى اليوم، وبالرغم من التقدم الرهيب الذي وصل إليه العلم، إلا أن أحدًا لم يستطع أن يوجد الخلية الحية. العلماء يستطيعون أن يوجدوا أشياء تشبه المواد الموجودة في قيمة الخلية الحية الغذائية، أما أن يوجدوا خلية حية فهذا لم يحدث.
عندما نتكلم عن خلقة الحياة، نطرح السؤال التالي: كيف وجد أي كائن حي -سواء آدم أو غزال أو غيره- بدءًا من الخلية الحية؟ العلماء يستطيعون الآن مثلًا إدخال أنواع فواكه على بعضها البعض؛ فمثلًا يمكن أن يدخل خوخ على كمثرى فتخرج ثمرة بطعم خليط من الخوخ والكمثرى. هنا هم لا يخلقون شيئًا، ولا يضيفون شيئًا من عندهم. إذن سر الحياة ونشأة الحياة هي من ضمن الأدلة على وجود الله. وحتى حينما يتقدم العلم ويعمل شيئًا جديدًا؛ فهو يعمله بفكر وبأجهزة وبحسابات. أما أن تخلق الطبيعة نفسها فهذا في الحقيقة لا يقول به إلا المختلون عقليًا. وكما قلنا إن العلماء حسبوا المدة اللازمة لكي تنشأ بعض الأشياء الموجودة في الخليقة، بالصدفة، فوجدوا أن عمر العالم كله لا يتسع لهذا الأمر. فمن 1 إلى 10 بالصدفة تأخذ ثلاثة آلاف سنة، فما بالك بالتعقيدات الموجودة في الخليقة.
3. الشريعة الأدبية:
من الأدلة التي تثبت وجود الله: الشريعة الأدبية. فما هي الشريعة الأدبية؟ هذه الشريعة الأدبية الموجودة في الإنسان تتمثل في اشتياق الإنسان إلى الخلود. لماذا يوجد عند أغلب البشر احتياجٌ داخلي لوجود خالق ولعبادة هذا الخالق؟ حتى الشعوب التي لم تعبد إله إبراهيم وعبدت الأصنام وغيرها، كانت فكرة عبادة الإله موجودة لديهم، فهي في صميم تكوين الإنسان. لماذا عمل المصريون القدماء التماثيل؟ لأنهم وجدوا أن الجسد يموت، وكان كل منهم يريد أن تظل صورته باقية، لأنه يسعى وراء الخلود ولو من طريق آخر. كما أنهم آمنوا بوجود الروح. وكانوا يسمونها “كا”، كما عملوا مراكب الشمس، التي كانوا يظنون أنها توصل الروح للأبدية
إن الشريعة الأدبية في الإنسان هي في كل أنحاء العالم. فحينما اكتشفوا أمريكا الشمالية مثلًا، وجدوا أن الهنود الحمر رغم أنهم بدائيون، ومنعزلون عن الحضارة، ويعملون لأنفسهم قرونًا، ويلبسون ريشًا، إلا أنهم يعبدون إلهًا. وفي أمريكا الجنوبية يعبدون إلهًا. وإذا ذهبت إلى مجاهل أفريقيا تجدهم يعبدون آلهة، وإذا ذهبت إلى الأبوريجينال aboriginal في أستراليا، وقد كانوا منعزلون تمامًا هم أيضًا عن بقية العالم، فإنك تجدهم يعبدون آلهة. إن وجود الشريعة الأدبية في الإنسان تجعل عنده حنين نحو الخلود، وتجعله يبحث عن إله يعبده. هذه الشريعة لا يمكن أن تكون موجودة في كل شعوب العالم بهذه الصورة عن طريق الصدفة. في العلوم اللاهوتية هناك نوعان من البراهين: براهين عقلية وبراهين نقلية، البراهين العقلية تستخدم المنطق، أما البراهين النقلية فتستخدم آيات الكتاب المقدس وشروحات الآباء القديسين.
4. عدد من الأدلة العقلية والأدلة المتوارَثة المتنوعة، مثل
العقل: : إنّ العقل لا يستطيع أن يُصدِّق وجود المخلوقات بدون خالق، كما أنَّه لا يستطيع أن يصدِّق وجود بيت بدون بنَّاء، ولا طاولة بدون نجَّار، ولا ساعة بدون ساعاتي، ولا سيَّارة بدون مهندس!
ترتيب نظام المخلوقات: في الزهرة والشجرة والخروف والإنسان. نظام عجيب. وهكذا القول عن كلِّ عضوٍ في جسم الإنسان والحيوان. فأعظم مصنع كهرباء ليس فيه أسلاك بقدر ما يوجد في جسم الإنسان من عروق وشرايين. وهكذا لا يصدِّق العقل بوجود نظام المخلوقات العجيب دون عامل ومهندس عظيم هو الله.
حاجة الكون إلى حافظ يحفظه:إنَّ السيارة إذا لم يقدها سائق في مستقيم الطريق؛ فإنَّها تصطدم وتتدهور، وتقتل كلَّ من تصادفه في طريقها. كذلك لولا وجود مدبِّر لهذه الكائنات، ولقوى الطبيعة الهائلة، لكانت الأمطار والثلوج والعواصف تخرِّب الأرض، والشمس تحرقها. والكواكب إذا اصطدمت وتطاير منها شرارات تُفني الأرض.
فكرة وجود الله ذاته:: إنّ فكرة وجود الله هي غزيرةٌ في قلب الإنسان. فالبشر حتَّى القبائل المتوحشة التي تعبد الشمس والقمر والعجل وغير ذلك من المخلوقات، تُقرُّ بعبادتها هذه بوجود الله، الذي تجهل حقيقته، إذ تظنُّه الشمس أو العجل أو غيرها.
التقليد:التقليد المنقول بالتسلسل من بدء البشريَّة يثبت أنَّ الإنسان منذ آدم إلى اليوم ينقل إلى خلفه فكرة وجود الله.
الأنبياء: والأنبياء هم الذين أوحى الله إليهم أمورًا كثيرة مستقبلة. وقد تمَّت كما تنبَّأوا عنها. كلَّم الله إبراهيم الخليل، وطلب منه أن يقدِّم له ابنه محرقةً، وكلَّم موسى، وصنع على يده آياتٍ وعجائبَ باهرة. ومن بعد موسى كلَّم الله أنبياء كثيرين أثبت لهم كلامه بآيات وعجائب، وهؤلاء الأنبياء أخبروا عن الله، ودوَّنوا كلامه تعالى بكتبٍ مقدَّسة.
الكتب المقدَّسة:إنّ الكتب المقدَّسة التي أوحاها الله إلى الذين كتبوها، تُخبرنا عن الله، وفي كلِّ صفحة من هذه الكتب المقدَّسة، دلالة على وجود الله. والعهد القديم ملآن من مخاطبة الله لشعبه. قال الله لموسى حين ظهر له في العليقة – أنا هو الكائن – أنا إله آبائكم إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب (سفر الخروج 3).
المسيح:إنَّ المسيح الذي رأيناه وسمعناه ولمسناه قد أثبت أنَّه الله بالعجائب الباهرة التي صنعها، وقد قال إن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالعجائب التي أصنعها (يوحنا 10 – 37). إنَّ شخصيَّة المسيح هي حقيقة تاريخيَّة، مثلها مثل كل عظماء التاريخ. إنَّ الله كلَّمنا في القديم بواسطة الأنبياء، وفي هذه الأزمنة بابنه الحبيب (عبرانيين 1 – 1).
خُلاصة
إن وجود إله وخالق أمرٌ، كان، وما زال، مثارَ جدلٍ عبر كل عُمر وتاريخ البشرية، ومنذ قديم الأزل، وهناك مُلحدون ولا دينيون، غير أن أدلة وجود هذا الخالق كثيرة، ما بين أدلة عقلية، وأدلة نقلية ثبوتية، والحقيقة السارة التي تُقدمها المسيحية للعالم أجمع، هي أنَّ الله شخصيًّا، مسؤول، ويحمل على عاتقه، مَهمَّة، أن يوصِّل النور والحق والمعرفة، لكل جائع لمعرفة الحقيقة، والخبر الأكثر سرورا أن الله ذاته ظهر بنفسه في المسيح يسوع، ليُعطي لنا صورة حيَّة حقيقية ملموسة عن طبيعة وهوية وشخصية وفكر الله. أبشرك خيرا عزيزي أن أشواق قلبك لمعرفة الحقيقة، وبحثك الصادق المحايد الأمين، حتما سيكونان قناةً وممرا وجسرا، يحملونك لجسر الأمان والحق.