الدرس العاشر : إذا كان الله رحيما، لماذا يؤدب أبناءه، ويضعنا فى اختبارات؟ وما الفرق بين الاختبارات والتجارب؟
«الرَّبُّ إِلهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ. (سفر الخروج 34: 6).
مظاهر رحمة الله كثيرةٌ ومتنوعة، تشمل الرعاية والحماية والأبوة والشفاء والبركة والحرية والنُّصرة، وهذه كلها موضوعات تناولناها في المنهج، لكن يوجد وجهٌ آخر لرحمة الله، هو التأديب والعدل، هنا يجب أن نُفرق ما بين عدة مفاهيم؛ مثل التأديب والقضاء والتجربة والامتحان. وهذا ما سنتطرق إليه في هذا الدرس.
يعتقد كثيرون أن ما يمرون به في حياتهم، من أتعاب، وأوجاع، وأحزان، أو حتى ضيقات، ليس فقط بسماح من الله، لكنه لن يخرج عن كونه، إما تأديبًا منه لهم على خطاياهم وأخطائهم، أو طريقة من طرق تعاملاته معهم، ليُعلمهم، ويُنقيهم من كل شيء غير مستقيم بداخلهم.
هنا يجب أن نرى ما تقوله كلمة الله في الكتاب المقدس عن كل هذه الأمور.
يقول الكتاب المقدس، نعم، بأن الله يؤدب أولاده وبناته، “إنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟” (رسالة العبرانيين 12: 7)؛ لأن التأديب، والصرامة أحيانًا، جزءٌ لا يتجزأ من المحبة والأبوة “يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ وَلاَ تَكْرَهْ تَوْبِيخَهُ لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ وَكَأَبٍ بِابْنٍ يُسَرُّ بِهِ”. (سفر الأمثال 3: 11،12)، لكن أولًا مَن هم أولاده وبناته؟ هم الذين أعلنوا يسوع ربًّا ومُخلِّصًا وسيدًا على حياتهم، “وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ [الرب يسوع المسيح] فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ”. (إنجيل يوحنا 1: 12). إذ ليس كل إنسان ابنًا لله، إلا مَن آمن فقط بيسوعَ مُخلصًا. ثانيًا ما هو مفهوم التأديب؟ وهل التأديب معناه الأذى والكَسْر والقسوة؟
دعني أضرب لك مثلًا، ماذا سيكون رد فعلك أو انطباعك، لو شاهدت مُدرِّسًا يُعلم تلاميذه في الفصل المدرسي باستخدام عصا غليظة، يضربهم بها على ظهور أيديهم، أو ظهورهم، بقسوةٍ وغِلظة؟ ماذا سيكون انطباعُك وأنت تسمع بكاء وصراخ طفل صغير داخل الفصل، وهو يقف مرعوبًا مذعورًا من هذا المُدرس؟
هل ستقول “واو” كم هو عظيم ورائع هذا المدرس؟ أم سترى أن هذه طريقةٌ فاشلة جدًّا في التربية والتعليم؛ لأنها قائمة على الترهيب والرُّعب والقهر والإجبار، وليست قائمة على الإقناع، ومخاطَبة العقل والوجدان؟ في حين أن تعاملات الرب قائمة على الفهم والإقناع والنقاش “هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ، يَقُولُ الرَّبُّ.” (سفر إشعياء 1: 18).
هل أنت كأب قد تذهب وتُحضر حقنة تُعطيها لابنك فتصيبه بمرض خطير لتُعلمه؟ ولماذا؟
هل تُوصي مجموعةً من الأشرار ليضربوا ابنك ويحطموا عظامه لتُعلمه؟ ولماذا؟
بالطبع لن تفعل ذلك، أو ما شابهه، حتى لو كان ابنُك شريرًا.. فكم وكم بالحري الله؟ أفسيفعل ذلك من قال “مَنْ يَمِسُّكُمْ، يَمِسُّ حَدَقَةَ عِيِنهِ”. (سفر زكريا 2: 8)، و”عَلَى الأَيْدِي تُحْمَلُونَ وَعَلَى الرُّكْبَتَيْنِ تُدَلَّلُونَ”. (سفر إشعياء 66: 12). وهو ذات المنطق الذي تحدث به الرَّب يسوع حين قال “إنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ”. (إنجيل لوقا 11: 11).
بالطبع الجدية والصرامة مطلوبة، لكن ثمَّة فرق ما بين الجدية والصرامة والتوبيخ، اللازمين لتعليم المباديء الصحيحة والانضباط، وما بين الأذى والكسر والقهر والإجبار، الذين لا يُعلمون الإنسان، بل يكسرون قلبه ونفسه، ويجعلونه ذليلًا موجوعًا، بينه وبين مُعلمه حاجزٌ نفسيٌّ كبير، حتى لو كان هذا المعلم هو أبوه.
إذن كيف يُؤدبنا الله، إن كان العنف والألم والأذى ليسوا وسائل إنسانية لتعليم الإنسان السَوي..؟!
نجد الإجابة في (إنجيل يوحنا 15: 3) ” أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِه”ِ.
يعلمنا الله وينقينا من خلال الكتاب المقدس، من خلال كلمته، التي تشمل طريقة تفكيره، والمباديء الصحيحة التي تضمن لنا أن نفكر ونسلك ونحيا بطريقة سليمة، إذ تنقينا من الدوافع القلبية الخاطئة، ومن طرق التفكير غير السليمة. تقول كلمة الله في (رسالة تيموثاوس الثانية 3: 16، 17): إن “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ.”
المعنى الدقيق لكلمة تأديب في أصول اللغة اليونانية التي كُتِب بها العهد الجديد: يأتي بمعنى تعليم وتصحيح وتـلمذة وتوجيه وتهذيب، وليس الضرب أو العنف والأذى، وهذا مفهوم منطقي جدًّا لدى أي أب.
من يُحب الرب محبة حقيقية، يسلك بوصاياه الموجودة في كلمته “اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا (يعرفها ويسلك بها) فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي”. (إنجيل يوحنا 21:14). إذن من لا يسلك بالكلمة لا يحب الله محبة حقيقية، والله لن يُجبر إنسانًا أن يُحبه، فإن رفضت الخضوع للكلمة والسلوك بها؛ أنت تختار طواعيةً عدم الخضوع لتصحيح الله لك، والله لن يُجبرك بالعنف على الخضوع له. وقد أتى يسوع إلى الأرض ليرد الإنسان إلى طريقة التفكير الصحيحة “لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَار (أي الفكر السليم المستقيم)”. (إنجيل لوقا 1: 17).
نقرأ في (رسالة العبرانيين 1: 1) “اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، 2 كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ”. إن أردنا أن نعرف بشكل عملي كيف يؤدب الله الإنسان، علينا أيضًا أن نتأمل في حياة يسوع على الأرض، لأن الله يكشف لنا عن فكره من خلال حياة يسوع، إذ لم يؤذِ يسوع أحدًا على الإطلاق كي يعلمه، نعم كان حنونًا محبًا عطوفًا شافيًا معلمًا صالحًا، لكنه كان جادًّا، كان صارمًا، كان يوبخ أحيانًا، لكنه لم يتسبب لأحد في أذى أو إعاقة أو موت أو مرض أو عجز.
أخيرا.. لُطف الله، وطول أناته، وتمهُّله، وإعطائه الإنسان فرصًا كثيرة، وقبوله غير المشروط لنا، هو ما يقود الإنسان للتغيير والتوبة. “أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟”. (رسالة رومية 2: 4).
مثلا عندما اجتمع الجنود الرومان على السيد المسيح ليلقوا القبض عليه، استل بطرس سيفه، وقطع أذن عبد رئيس الكهنة، فما كان من الرب يسوع، إلا أن رفض تماما تصرف بطرس، رغم هول الموقف واللحظات، وقام بشفاء هذا العبد، الذي أتى يقبض على المسيح، كم هي لطيفة مترفقة محبة الله مع أخطاء البشر حتى في أصعب المواقف والضغوطات
وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا جَمْعٌ، وَالَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا، أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ، يَتَقَدَّمُهُمْ، فَدَنَا مِنْ يَسُوعَ لِيُقَبِّلَهُ. َقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا يَهُوذَا، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟» فَلَمَّا رَأَى الَّذِينَ حَوْلَهُ مَا يَكُونُ، قَالُوا: «يَا رَبُّ، أَنَضْرِبُ بِالسَّيْفِ؟» وَضَرَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ الْيُمْنَى. فَأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ: «دَعُوا إِلَى هذَا!» وَلَمَسَ أُذْنَهُ وَأَبْرَأَهَا. (لقا 22: 47- 51)
هنا لا بُدَّ أن نعرف أيضًا أن هناك أمورًا نعاني منها، ونتألم بسببها، في الحياة كنتيجة لعدم سلوكنا بكلمة الله، وهناك أمورًا وآلامًا نعبر بها بسبب المضايقات والضيقات التي نواجهها؛ كنتيجة لتبعيتنا للرب يسوع، وانفصالنا عن العالم، لكن هذا كله سنتحدث عنه لاحقًا في موضوعاتٍ أخرى.
ومن الهام أيضًا أن نعلم أن هناك قانونًا روحيًّا إلهيًّا هو قانون الزرع والحصاد.. وهو قانون يَسري على الجميع، المؤمن وغير المؤمن. إذ أحيانًا ما نعاني بسبب أننا نحصد ثمار ما زرعناه من أخطاء. لكن الخبر السار أننا إن سلكنا بكلمة الله تائبين عن أخطاء كنا قد ارتكبناها، فالله يفتدينا من ثمار هذه الأخطاء.
تعلَّمنا عن التأديب في الجزء السابق من الدرس، أما القضاء فهو عدل الله الذي يُجريه في الأرض. ليس معنى أن الله صالح ومُحِب وحنَّان ورحيم، ولا يُعلمنا من خلال العنف والأذى، أنه غير عادل، ولا يقضي بالحق، فالوجه الآخر من كمال شخصية الله هو القضاء والعدل.
والقضاء هو الحُكم الإلهي النهائي لكل من يَستبيح، ويتمادى في شره، ويرفض التوبة، ويستهين بلطف الله وإمهاله وصبره، بعد فُرصٍ كثيرة جدًّا، يعطيها له، قد تستمر سنواتٍ طويلة. فالله ليس سريع الغضب، ولا قصير النفس، لكن قد يمتليء كأس غضبه، تجاه المستبيحين، والذين يُعادون، عن عَمْد، أولاده وبناته، بعد إمهال طويل وصبر وترفق عليهم. تمامًا مثلما فعل مع فرعون عندما أذل شعب الله، وهذا نقرأه في سفر الخروج.
كذلك نُصرة الله لشعبه ضد الأمم الذي كانوا يكرهونه ويعادونه، وكذلك محامته عن أبنائه ضد كل مَن يقاومونهم “الرَّبُّ يُحَامِي عَنِّي. يَا رَبُّ، رَحْمَتُكَ إِلَى الأَبَدِ. عَنْ أَعْمَالِ يَدَيْكَ لاَ تَتَخَلَّ.” (سفر المزامير 138: 8).
لم يخلق الله الخليقة بكل ما فيها فقط، بل وضع لها أيضا القوانين اللازمة لحُكم هذه الخليقة، وهي قوانين غاية الدقة، وكلها تعمل بشكل تلقائي، ولا تحتاج من الله أن يُفعِّلها في أي وقت من الزمن، فلقد خلق الله كل شيء، وخلق معه قانونه الذي يُفعِّله ويُشغله، هذا إضافة للشرائع التي وضعها لشعبه.
” وَأَخَذَ كِتَابَ الْعَهْدِ وَقَرَأَ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ، فَقَالُوا: «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ نَفْعَلُ وَنَسْمَعُ لَهُ”. (سفر الخروج 24: 7).
“لاَ تَقْبَلْ خَبَرًا كَاذِبًا….. لاَ تَتْبَعِ الْكَثِيرِينَ إِلَى فِعْلِ الشَّرّ…… وَلاَ تُحَابِ مَعَ الْمِسْكِينِ فِي دَعْوَاه…… لاَ تُحَرِّفْ حَقَّ فَقِيرِكَ فِي دَعْوَاهُ. اِبْتَعِدْ عَنْ كَلاَمِ الْكَذِبِ، وَلاَ تَقْتُلِ الْبَرِيءَ وَالْبَارَّ”. (سفر الخروج 23: 1-7).
“مِثْلَ عَمَلِ أَرْضِ مِصْرَ الَّتِي سَكَنْتُمْ فِيهَا لاَ تَعْمَلُوا، وَمِثْلَ عَمَلِ أَرْضِ كَنْعَانَ الَّتِي أَنَا آتٍ بِكُمْ إِلَيْهَا لاَ تَعْمَلُوا، وَحَسَبَ فَرَائِضِهِمْ لاَ تَسْلُكُوا”. (سفر اللاويين 18: 3).
وقوانين أخرى كثيرة سنَّها الله ليُجري العَدل، ويُنظم التعاملات والعَلاقات بين البشر وبعضهم.
الامتحان هو مثل اختبارٍ ما، وهو ليس شيئًا سلبيًّا، لكنه يهدف لتنضجيك، أو كشف أمور ليست مستقيمة بداخلك. أو يُريك أين أنت مِمَّا تعلمتَه من الكلمة، وكيف ستطبق في أرض الواقع، والمحكات العملية، ما تُؤمن به، وهل وقتُ الجَدِّ ستعيش بما تؤمن به، أم ستضعف، وهذا ليس لتدميركَ، بل لخيرك.
يُمكن أن نقرأ في تكوين 22 عن كيف طلب الله من إبراهيم أن يقدم ابنه إسحق ذبيحة، وهذا كان امتحانًا لمعرفة لأي مدىَ سيتنازل إبراهيم عن أغلى شيء بالنسبة له (ابنه). بهذا يعرف الله عمليًّا أقصى ما يمكن أن يصل إليه الشخص من طاعة. مع ملاحظة أن إسحق لم يمُت بالنهاية. نجد هذا في (سفر التكوين 12:22) “لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا، لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي”.
تأكد أن الله لن يؤذيك أبدًا، ولن يُجبرك على شيء، لأنهُ عكسَ ذلك، إنهُ إله صالح. مثلا قبول المسيح مخلصًا شخصيًّا، هذه مشيئة الله لكل شخص على وجه الكرة الأرضية، لكن يمكن لهذه المشيئة أن تتغير إن رفض الإنسان المسيح، ولم يقبلهُ ربًّا على حياتهِ. كذلك لو لم تسلك فيما يُريده الرب لك في الوقت الحالي، بعد أن تأكدت منه، ستفقد ما يُريده لك في المستقبل من أمورٍ رائعة.
وهي كل ما يضع به الإنسان نفسه من تعب وأوجاع وضغوط، نتيجة أسباب عديدة، مثل الخطية، أو عدم السلوك بالكلمة، أو أن يُعطي الشخص مكانًا لإبليس في حياته.
“لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ. ثُمَّ الشَّهْوَةُ إِذَا حَبِلَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً، وَالْخَطِيَّةُ إِذَا كَمَلَتْ تُنْتِجُ مَوْتًا”. (رسالة يعقوب 1: 13-15).
توضح الآية هنا أن الله لا يجرب أحدًا بالشر، وأن التجربة تأتي على الإنسان إذا انجرف وراء شهوته، وعاش في الخطية، التي ينتج عنها موت، وليس المقصود هنا الموت الجسدي، على قدر ما هو موت أمور جميلة ورائعة في حياة الإنسان بسبب الخطية.
يتحدث الأصحاح الـ 28 من سفر التثنية عن أن عدم السلوك بكلمة الله ووصاياه يأتي على الإنسان بأتعابٍ كثيرة جدًّا، هي ليست عقابًا على قدر ما هي نتيجة حتمية لعدم الطاعة، التي تجعل إبليس يعمل في حياتنا.
“الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلًا حَسَبَ دَهْرِ هذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ (الأرواح الشريرة)، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ”.. (رسالة أفسس 2: 2). تُوضح هذه الآية أن عدم طاعة الكلمة والسلوك بها يعطي مَساحة لإبليس في حياتنا.
والكلمة تنهانا عن ذلك. ” وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَان.” (رسالة أفسس 4: 27). إن السلوك في طاعة كلمة الله لا يجعل لإبليس مساحة في حياتنا، وذلك يكون عن طريق: تجديد الذهن أي تبديل طريقة التفكير غير الكتابية بتعليم كتابي صحيح. فالكثيرًا جدًّا مما يمر به الإنسان من أتعاب سببُه أخطاؤه وعِناده.
“إلهي الحبيب الصالح، أشكرك أن مشيئتك لي صالحة دائمًا، أنك إله حنون رؤوف. نعم تُعلمني وتنقيني وتوبخني، لكن من خلال كلمتك وفكرك اللذين صارا متاحَين لي من خلال الكتاب المقدس”. آمين