الدرس الثاني عشر : الشفاء من الأمراض بين الحق الكتابي، وبين أفكار العالم، وهل أنا كمؤمن لي حق الشفاء من جميع الأمراض؟ وما هي مشيئة الله لي في ذلك الأمر؟
أحد أسماء الله في الكتاب المقدس هو “يهوه رفا”، التي تعني “أنا هو الرب شافيك”.. فهذا اسم الله، وطبيعته.
قال الرب للشعب في سفر الخروج “… فَإِنِّي أَنَا الرَّبُّ شَافِيكَ.” (سفر الخروج 26:15). لاحِظ أنه لم يقل بصيغة الماضي إن اسمه كان “يهوه رفا”، ولم يقل إن اسمَه أحيانًا “الرب الشافي”، لكنه أعلن أن طبيعته هي الشفاء، وهذه الطبيعة لا تتغير أبدا: “هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ.” (رسالة العبرانيين 13: 8) وكلمته أيضًا لا تتغير “اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.” (إنجيل لوقا 21: 33 )
ليست مشيئة الله للجنس البشري منذ بَدء الخليقة أن يكون في معاناة، وقد أعلن عن قصده هذا في جنة عدن؛ حيث خلق الإنسان في أفضل صورة، له جسدٌ خالٍ من الأمراض والأسقام.
لكن بسبب سقوط آدم وحواء، صار إبليس هو المتسلط، ودخل الموت، والفساد (الأمراض، الأوبئة، المجاعات، الحروب، الزلازل البراكين.. إلخ) إلى العالم. وكما هو موضح في “مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.” (رسالة رومية 5: 12).
لكن طبيعة الله الشافية، ومشيئته للإنسان، لم يتغيرا مع السقوط، “اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.” (إنجيل لوقا 21: 33). فظل الإله الشافي، الذي لم يكتفِ بأن يشفي الإنسان وحسب، لكنه أعدَّ له فداءً شاملًا على الصليب، افتداه فيه من الموت الذي دخل العالم، ونتائجه (والمرض إحدى نتائج السقوط)، وقد استفضنا في ذلك في درس “الخلاص والتجسد ونتائجهما”.
توضح لنا كلمة الله مشيئته وإرادته في أمر الشفاء؛ إذ كشف عن طبيعته المُحِبة الشافية عبر العهدين: القديم والجديد.
إن أردنا أن نعرف بشكل عملي عن قلب الله تجاه الإنسان، ومشيئته وفكره في الشفاء، علينا بالتأمل في حياة يسوع (الله الظاهر في الجسد) على الأرض. وتقول الكلمة عن حياة يسوع في (سفر الأعمال 10: 38) “يَسُوعُ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ اللهُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْقُوَّةِ، الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ.”
كما أعطى الرب أيضًا للإنسان وصايا ونصائح يحثه فيها على الاهتمام بجسده وصحته، كما جاء مثلًا بسفر الأمثال “لاَ تَكُنْ بَيْنَ شِرِّيبِي الْخَمْرِ، بَيْنَ الْمُتْلِفِينَ أَجْسَادَهُمْ، لأَنَّ السِّكِّيرَ وَالْمُسْرِفَ يَفْتَقِرَانِ، وَالنَّوْمُ يَكْسُو الْخِرَقَ”. (سفر الأمثال 23: 20، 21).
وكما جاء أيضًا في(سفر التثنية 22: 8). “إذَا بَنَيْتَ بَيْتًا جَدِيدًا، فَاعْمَلْ حَائِطًا لِسَطْحِكَ لِئَلاَّ تَجْلِبَ دَمًا عَلَى بَيْتِكَ إِذَا سَقَطَ عَنْهُ سَاقِطٌ”.
كذلك في العهد الجديد في (الرسالة الثالثة ليوحنا 1: 2)، إذ يقول “أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ.”
“إلهي الحبيب الشافي، يهوه رفا، أشكرك لأجل محبتك الغامرة، شكرًا لأجل طبيعتك الشافية المُحِبة، أنت إله رحيم حنون مترفق، لا تُسَر بدموعي، بل تُسر باطمئناني وسلامي، شكرًا.. أنت شافي القلوب المكسورة، وكلمتك دواءٌ لكل الجسد”. آمين.