إن عصرنا الحاضر مليء بالمفاجآت والأوهام، والخيالات، والمتاعب، الأمر الذي جعل الكثيرين يشكون من ظروفهم وما أصابهم… وكثيرون وصلت أمورهم إلى موقف متأزم، ومتاعب كثيرة تكاثفت حولهم كحمل ثقيل لا يحتمل. وآخرون وصلت بهم الأمور إلى حالة اليأس والشعور بخيبة الأمل، وامتلأت قلوبهم بالظن أنه لا علاج. والبعض الآخر دخلوا في فقدان الثقة بكل الناس الذين حولهم، وأصبح كل شيء مظلماً ومخيفا. والآخرون أصابهم الشعور بأن حياتهم هذه لا مثيل لها، وصاروا متشككون من جهة محبة الله لهم.
« * ارتفاع مستوي المؤمن الروحي لايعني عدم مجئ المخاوف. لكن الشئ المخيف سيظل مخيفاً لغير المؤمن وأيضاً للمؤمن، لكن الحالة الروحية العالية تساعد علي استخدام الوسائل الصحيحة للارتفاع فوق المخاوف واستحضار النعمة المناسبة والكافية لهذا الظرف المخيف.
الخوف عاطفة إنسانية أساسية، نظير الخجل مثلاً، موجود في التركيبة النفسية لكل إنسان، ويحدث كرد فعل تلقائي عند وجود سبب مخيف تو «الأسد قد زمجر فمن لا يخاف» عاموس 3: 8. وكما أننا لا نستطيع أن نعتبر الخجل عدم إيمان، فكذلك الخوف كعاطفة إنسانية هو في حد ذاته لايعتبر نوعاً من عدم الإيمان.
تعريف الخوف :
هو من أهم الانفعالات الاولية التي تعمل في صورتها الطبيعية للمحافظة علي الحياة
الخوف هو رد الفعل العادي تجاه الخطر المفاجئ الحقيقي المدرك. هذا لا يمنع أن هناك خوفاً مجهول المصدر، فلا يعرف صاحبه سبباً واضحاً لخوفه، وهذا ما يسمى بالقلق. وأيضاً هناك أحداث خطيرة تحدث لا تسبب الخوف فقط، بل أكثر منه وهذا ما يسمى بالذعر أو الهلع.
هو الاحساس العام بعدم الامان والطمأنينة وهو داء يصيب الجميع ( الغني والفقير ، المتعلم والاقل تعليما ، الشاب والشيخ ،… فالكل تحت وطأة هذا المرض
هو الهروب الي مكان اخر مثل ايليا ( 1ملو19 : 1-8 )
المخاوف هي احاسيس مرتبطة بأفكار او ذكريات مكبوتة مؤلمة ذات صبغة انفعالية تثير في اللاشعور مواقف معينة ترمز الي الخوف الاصلي المكبوت وتحركه حيث لم يستطيع الفرد ان يتكيف معها ، بحيث ان كل ما يجري في الحياة دون تغيير عنه يستقر في اللاشعور . وعندما نعبر عن افكارنا نخرجها في اطار شخصي . اما الخوف من التعبير عن هذه الافكار وكبتها في اللاشعور من شانه ان يجعل الانفعال المصاحب لها يحيا في خفايا العقل
منشأ الخوف:
الله لم يخلق الإنسان للخوف والقلق،
لكن ندرك ونفهم من كلمة الله الحية، أن الله خلق الإنسان في أسمى مكانة، وأجمل صورة (تك1: 26). ولكن لعدم معرفة الإنسان لذات الله ومحبته
اعطى الفرصة للشيطان أن يستغل هذا الأمر في إسقاط الإنسان في الخطية. ومنذ ذلك اليوم تولد في قلب الإنسان الخوف من الله.
v كيف عبر الانسان عن مخاوفه في بداية الامر؟
المحاولة في ستر عريه بأوراق التين (تك7:3)
محاولة الاختباء من وجه الرب (تك8:3)
التعبير العلني والمباشر عن الخوف (تك10:3)
خلاصة القول ..
بسبب الخوف استخدم آدم وحواء أوراق تين لستر عريهما
ولفشلهما في ذلك استخدما الأشجار مكاناً للاختباء،
ولما لم يستطيعا ذلك عبرا بالكلام (خشيت ..فاختبأت).
وهكذا ملك الخوف قلب الإنسان
انواع الخوف
خوف منطقي
يكون الشخص فيها مشغول بمخاوفه وليس بأسباب مخاوفه
هو الخوف الطبيعي المقبول كرد فعل مثل ( اخذ قرار مصيري – الخوف من الامتحان – الخوف من الامراض المعدية – الخوف من سرعه السيارة ………. الخ)
خوف غير منطقي
هو انحصار الشخص في مخاوفه وانشغاله بنفسه مما يؤدي الي اخذ قرارات سريعة فيصبح الخوف هنا عائق .
اسباب الخوف
اسباب روحية
تحويل العين من علي الرب ( بطرس ) ( مت 14 : 30 )
المشغولية بنفوسنا ( 1ملو 19 : 3 )
الضعف الروحي العام ( 1صم 1 : 24 )
صورة مشوهه عن الله
اسباب نفسية
هذه الاسباب تؤثر روحيا وكذلك تؤثر نفسيا كالاتي
الشعور بالتهديد من افكار مختلفة
الخوف من الفشل والمستقبل وتحقيق النجاح ، والرفض ، والصراع
الخوف من الموت والفقر والوحدة
الشعور بالخوف الناتج عن شعور بالذنب نتيجة الخطية
الحاجات غير المسددة مثل ( البقاء ، الامان ، الجنس، تحقيق الذات ، الظروف الشخصية ……الخ )
بعض المعتقدات الخاطئة مثل
( هل انا مقبول ومحبوب من الكل ؟ يجب ان اكون كفء ومقتدر – الامور ليس كما اريد – تجنب المصاعب اسه٠ل من مواجهتها )
الاساءة الجسدية والجنسية
اتجاهات الخوف
اولا : الخوف من الله
هناك فارق بين مخافة الله والخوف من الله.
فمخافة الله تعني التقدير والاحترام والوقار والإكرام والخشوع والخضوع لله ولمشيئته
ينتج عن الخوف من الله أمرين
الهروب من الله مثلما فعل آدم بعد سقوطه في الخطيئة،
أو العودة إلى الله والتصالح معه.
اسباب الخوف من الله
عدم معرفة الإنسان لله ولمحبته التي جعلته يبذل أبنه الوحيد لأجلنا.
الأفكار المغلوطة التي يشوش بها ابليس على عقل الإنسان والتي تصور له أن الله قاس وجبار وغير محب.
الخوف من العقاب والدينونة الأبدية التي لا يجهلها الإنسان بل جعلها الله في قلبه (جا3: 11) (رو32:6).
الإحساس المفرط والمستمر بالذنب بسبب الاستمرار في الخطية.
عدم القدرة على إصلاح الانسان لنفسه وفشله التام في إرضاء الله.
اعراض الخوف من الله
محاولة الهروب من الله ورفض كل السبل التي يقدمها للرجوع إليه.
توقع حدوث المصائب كنتيجة انتقامية من الله، مما يجعل الإنسان في حالة من اليأس والاكتئاب.
الإتيان باللوم على الله في كل ما يحدث في الحياة.
اتهام البشر لله بالتسلط والتكبر ليعطوا لأنفسهم الفرصة لتبرير ذواتهم ووضع اللوم على الله.
عدم وجود رغبة في القلب للسمع عن الله أو عن الأبدية وذلك لإيجاد وسيلة لتسكين هياج الضمير وشكواه.
اتخاذ موقف التدين كوسيلة للهرب من واقع الخوف
مثل: بطرس الذي ضرب أذن عبد رئيس الكهنة بالسيف (يو18: 10)
وجدعون الذي كان يهرب الحنطة (قض6: 11و12).
عدم القدرة على الوجود في محضر الله أو في الشركة معه للتمتع بمحبته.
ثانيا / الخوف من المستقبل:
المستقبل القريب:
هذا التعبير يعنى به الخوف من الغد وما فيه، كيف نأكل وكيف نشرب، بمن نتزوج ، كيف نلبس ، اين نسكن، كيف نعيش؟ وبسبب هذه المخاوف يكثر الهم والقلق.
المستقبل البعيد
وهذا التعبير يعنى به الخوف من الموت والأبدية. نعلم أن الموت هو عدو لكل إنسان (1كو26:15)، ولا يوجد بين البشر من هو لا يخاف الموت،
امثلة كتابية لاشخاص خافوا من الموت
الملك حزقيا عندما أخبره أشعياء النبي بخبر موته يذكر عنه في كلمة الله أنه وجه وجهه إلى الحائط وصلى إلى الرب قائلاً آه يا رب أذكر كيف سرت أمامك بالأمانة وبقلب سليم وفعلت الحسن في عينيك وبكى حزقيا بكاء عظيما (2مل20: 1-6).
2- التلاميذ وهم في خطر الموت عندما كانوا في السفينة أنهم صرخوا للرب قائلين «إننا نهلك» (مر38:4).
3- في أحداث الصليب وبسبب الخوف تبع بطرس الرب يسوع من بعيد بل وأنكره أمام جارية (مت58:26)، وبقية التلاميذ تركوه وهربوا (مر50:14).
مظاهر الخوف بشكل عام
أعراض جسدية
مثل ( تعرق الكفين – توتر عضلي – زيادة معدل دقات القلب – الشعور بالدوار – صعوبة في التنفس – اضطراب وظائف الجهاز الهضمي كما يبدو ذلك في الامساك الشديد او الاسهال الشديد – جفاف الفم – اختلال وظائف الجهاز العصبي …..)
الحالة المزاجية
مثل ( العصبية – سرعة الغضب- القلق – سرعة الاستسلام للمخاوف…
السلوكيات
تجنب المواقف التي قد تحدث التوتر – ترك المواقف التي يبدأ فيها حدوث التوتر – محاولة إنجاز الاشياء علي اكمل وجه او محاولة السيطرة علي الاحداث لمنع وقوع الخطر.
الخوف من عدم النجاح يتسبب في ضياع الوقت دون استثماره بعمل شئ ما.
عدم إتمام المهام والمقاصد التي يريدنا الرب أن نقوم بها.
عدم استخدام المواهب كما يجب، فمثلاً يمكن لواعظ بالكلمة أن يتحدث بكلمة الحياة أمام مجموعة قليلة من الناس بينما يصاب بالقلق عند التحدث أمام مجموعة أكبر.
الخوف يقود إلى الإحساس بصغر النفس وأفضلية الآخرين مما يؤدى إلى متاعب نفسية كثيرة مثل الاكتئاب والانطواء والعزلة.. الخ. استمرار الخوف يؤدي الي اجهاد وتعب
تشويش الفكر وعدم التفكير الصحيح
الهروب مثل ( يعقوب وموسي ) والانسحاب من المجتمع
الخوف له عذاب ( يو 4 : 18
الخوف يولد ردود و افعال عدوانية مثل
الدفاع عن النفس ( الكذب ) بطرس
الانغلاق وعدم الوضوح
كيف تعامل الله مع مخاوف الإنسان ؟
لا يوجد لهذا النوع من الخوف علاج عند البشر. ولكن الله أوجد علاجاً شاملاً وكافياً من خلال إظهار محبته وتدخله بالنعمة، وهذا نلاحظه في علاجه لآدم فإنه قد
بحث وسأل عنه «أين أنت» (تك9:3).
2- أعد له ما يرسل الطمأنينة والسلام إلى قلبه من خلال الذبيحة التي ذُبحت عوضاً عنه وجلدها الذي صار ستراً له (تك21:3).
إن كان الله قد فعل هكذا مع أبوينا الأولين، فماذا فعل لأجل البشر جميعا؟!
إن الله لم يأت بذبيحة حيوانية ولم يرسل مخلوقاً ملائكياً لفداء البشر.
لكنه في محبته جاء إلينا بنفسه في أبنه الحبيب ربنا يسوع المسيح (1تي16:3) ، (يو29:1) ، (لو10:19) (يو9:10) ، (كو20:1) ، (رو1:5 ) ، (في7:4).
وربما يتسال شخص بعد أن أدرك من كلمة الله أن المسيح بموته على الصليب أباد من له سلطان الموت ـ أي إبليس ـ وحررنا نحن الذين آمنا به، الذين كنا نخاف الموت (عب2: 14و15)، وأيضاً تأكدنا أنه أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل (2تي10:1)، لماذا نخاف من الموت بعد ذلك؟؟
علاج الشعور بالخوف
معرفة الرب معرفة حقيقية
وهذه المعرفة تتطلب دراسة عن صفات الله من خلال كلمته من خلال هذه المعرفة سوف ندرك محبة الله الفائقة نحونا وابوته الحقيقية واهتمامه بنا وبمستقبلنا واننا مش متروكين لمهب الريح
هو يعرف كل شيء عنا ( مت 10 : 30 )
هو يعرف قلوبنا ( لو 16 : 15 )
يعرف الافكار والمخاوف والخفايا والآمال
هو قادر علي كل شيء ولا يعسر عليه شيء ( اش 26 : 3 )
المحبة الكاملة تطرح الخوف الي خارج ( 1يو 4 : 18 )
اعترف بالخوف وافهم سببه
ضع مخاوفك بين يدي الله لتجد الامان والسلام لأنه يهتم بك
حدد مخاوفك وبالأخص المخاوف من المستقبل وصلي لأجلها ( مت 4 : 6 – 7 )
لابد ان تدرك ان ابليس يستخدم روح الخوف ليسلبنا متعة الحياة ، فلا تستطيع التصدي له بدون ايمان فاحذر من ان تصدق الاكاذيب التي يلقيها عليك بخصوص مستقبلك فمستقبلك مضمون في يد الاله القدير
لا تعيش في الخوف معتقد ان الله غير راض عنك .
استبدل الصورة المخيفة بصورة الايمان
توجد بعض الوسائل النفسية التي تساعدنا علي التغلب علي المخاوف منها :
*لأن مخاوفنا في خيالنا هي أضعاف ماتستدعيه الأسباب الحقيقية التي ينتج عنها الخوف لذلك فتحليل المشكلة وإظهار أنه ليس هناك مايستدعي هذا الحجم من الخوف يعتبر 90% من العلاج. فاستحضار المشكلة التي نشأ عنها الخوف والتأقلم عليها نفسياً علي انفراد في جو من الاسترخاء يساعدنا علي تحليلها.
ان سمحت للخوف ان يسيطر علي حياتك ويحكمها لن ترضي عن ذاتك ابدا وستاتي اوقات فيها يجب ان تتصدي وتتغلب علي عبوديته التي استعبدك بها
لا تجعل الخوف يحدد اتجاه حياتك ، فاذا تقدمت للأمام بالرغم من مخاوفك ستصل الي المرحلة التي لن تشعر فيها بالخوف وستنمي داخلك الثقة في مواجهة الظروف ولن تخيفك الاشياء التي تعودت ان تخاف منها .
يمكنك أن تختبر حياة يملأها سلام الله بدون خوف،
إن وثقت في محبة الله، ولجأت إلى المسيح الذي صلب لأجلك،
ودعوته ليدخل إلى حياتك ليسود عليها،
ويصير لك وفيك وبجوارك حبيبا ألزق من الأخ،
وتتمتع بغفرانه لخطاياك، وبمحبة قلبه.
إنه يسال بل ويبحث عنك، إنه «يذهب لأجل الضال حتى يجده» (لو4:15).