الدرس الثالث عشر (الأمانة): هل قابلت شخصا من قبل، وقلت عنه إنه أمين؟ ما الذي فعله هذا الشخص فجعلك تصفه بالأمين: هل سلوكه المستقيم أم تنفيذه للوصايا؟!
إن كل الكلمات الجميلة، والأفكار العظيمة، والدوافع الطيبة، والنصوص القانونية العادلة، والتعاليم الدينية السامية، كل هذه المفردات العظيمة تظل مجرد كلمات ما لم تترجم إلى سلوك إنساني في الحياة اليومية؛ فالحب على سبيل المثال، يظل مجرد كلمات ما لم يترجم إلى أفعال عملية تدعمه وتؤكده. وكذلك الإيمان، يظل مجرد عبارات نرددها ما لم يكن إيمانًا حيًّا فاعلًا في سلوك الشخص وتعاملاته مع غيره، مع الأسرة، مع زملاء الدراسة أو العمل، وأمانته تجاه كل المحيطين به، سواء في التعاملات المالية أو تجاه شريك الحياة، أو حتى خلال قيادة السيارة، الفكرة الرئيسة هنا هي في التعامل بأمانة حتى لو لم يكن هناك رقيب يتابع تصرفات الشخص.
تأتي حروف كلمة أمانة من الجذر أمن، وهي تشمل بمعناها أيضًا الأمن والاطمئنان، أي أن الشخص الأمين هو من يأمن له الناس في تعاملاته وسلوكه. وترتبط الأمانة بعدة فضائل أخرى كالعدل والاستقامة والنزاهة والصدق والإخلاص، والوفاء بالوعود. وهي عكس الخيانة؛ أي أن يسلك الشخص سلوكًا قد يؤذي الآخرين أو يسلبهم حقوقهم أو أموالهم، أو يحتال على الناس أو يستولي على مالهم من خلال التزوير أو السرقة أو النصب أو ما إلى ذلك. كما تشمل الأمانة أيضًا الوفاء تجاه شريك الحياة، وعدم التورط في شهوة شريرة أو علاقة جنسية خارج إطار الزواج. ويشمل معنى لفظ الأمانة أيضًا الوديعة المالية التي تودعها عند شخص ما لأي سبب، أي أنك تستأمن هذا الشخص على هذه الأموال.
يوصينا الله أن يكون سلوكنا كمؤمنين انعكاسًا لإيماننا وتغييرنا الداخلي، يطالبنا الله أن يكون إيماننا إيمانًا عمليًّا، ففي إنجيل مرقس الأصحاح العاشر، يحكي عن شابٍّ غني أنه جاء للسيد المسيح يسأله: “أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟” (مرقس 17:10)، فأجابه السيد المسيح: “أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلُبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ”، فأجابه الشاب الغني: “يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي”، فقال يسوع: “يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ: اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ”، ونلاحظ هنا أن الشاب كان “يحفظ” للوصايا، والوصايا في حد ذاتها تحث على حياة الأمانة والسلوك المستقيم، لكن ليس مطلوبًا حفظها فقط بل والعيش بموجبها كسلوك يومي طبيعي، لكن السيد المسيح طالبه بإيمان عملي لا يكتفي بحفظ الوصية ولكن أن يعمل بها ويعيشها.
أي أن نعطي الله الأولوية في حياتنا، ويكون هو مرجع كل تصرفاتنا وسلوكنا، وأن نكون أمناء تجاه المواهب التي يعطينا الله إياها ونستخدمها لمجده وخدمته وخدمة الآخرين.
أعطانا الله عهد الزواج وقدَّسه، وقصد أن يعطي كل طرف نفسه للشريك بأمانة وأن يكون أمينًا تجاهه في العلاقة الزوجية وأن يقدس وقت الأسرة وألا يطغى أيُّ شيء على وقت الأسرة.
أن نعمل بأمانة تجاه الوقت الذي نتقاضى عنه أجرًا أن يكون مخصصًا بالكامل للعمل، أو جودة العمل الذي نقوم به؛ أن نبذل أقصى جهد لدينا لإخراج عملنا بأفضل جودة ممكنة.
يفترض بنا أن نكون ملتزمين تجاه مجتمعنا، فنحترم قوانينه وعاداته ونحترم جميع من يشاركوننا هذا المجتمع.
“إِنْ كُنَّا غَيْرَ أُمَنَاءَ فَهُوَ يَبْقَى أَمِينًا، لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يُنْكِرَ نَفْسَهُ” (رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 13:2). مهما كانت حالتنا أو خطيتنا يجب أن نكون واثقين في أمانة الله تجاهنا وسعيه المستمر لاستردادنا إليه، ويجب أن نجاهد لنعيش بأمانة نعكس نور الإنجيل، ونترجم إيماننا بشكل عملي.
1. تمر السنين وتفضل أمين
يا ربي وإلهي القدير والمعين
القرار:
إله الأمانة عظيم الصنيع
يا ملجأ يا قوه يا ستري المنيع
2. بنلجأ إليك على طول بنلاقيك
وظروفنا وهمومنا بنرميها عليك
3. في وقت الجروح والخوف والطروح
بنجيلك يا غالي ألمنا يروح
(أشكرك يا إلهي وأبي، لأن أمانتك تجاهنا لا تتوقف على أمانتنا، أشكرك لأنك تحبنا ولأن المسيح مات لأجلنا ونحن بعد خطاة، أشكرك لأن كلمتك الصادقة تعلمنا أن نكون أمناء تجاه حياتنا ونسلك باستقامة، ساعدنا يا الله أن نسلك باستقامة في كل مجالات حياتنا، في علاقتنا معك وفي خدمتنا وتجاه كنيستك، وتجاه أسرنا وشركاء حياتنا، وتجاه أعمالنا، وأن نقاوم كل التحديات والإغراءات التي تغرينا للسلوك بعدم أمانة، في اسم المسيح، آمين.)