عَلاقة الله بعبيدِه الخُطاة!
(مُعضلة القيمة والدُّونيَّة)
إن تقديم مفهوم عن العلاقه بين الله والإنسان قامت به الديانات وحتى الفلاسفه والعلماء المهتمين بهذا الموضوع، لكن اختلفت طريقة الطرح، على نظرة كل دين لقيمة الإنسان (سواء بشكل سلبي أو إيجابي) ووضعه ومركزيته فى الكون ومدى تواصل الله معه وكيفية حل مشكلاته ورؤية كينونته ووظيفته وعلاقاته مع الآخرين على كافة المستويات سواء العلاقات الصغيره أو الكبيره أو القريبه أو البعيده.
و بدون جدال فالإنسان هو مخلوق متميز ومتفرد وهو محور الحياه، بالتالي يجب أن يكون محور إهتمام الله، فالإنسان يجمع بين الروح والجسد – القوه والضعف – المحدوديه والعطش إلى الكمال – يتصل مع العالم المادى المرئى ويتصل مع العالم الروحانى غير المرئى – يعيش وممكن أن يموت دون حتى أن يعرف مدى أسراره وقوته وصلاحياته.
يندهش علماء التشريح الذين يدرسون الجسد الإنسانى ( علم الأناتومى ) ويؤكدون أن الملحدين لو درسوا هذا العلم لآمنوا فوراً بوجود الله الخالق المبدع – وعلماء النفس بكافة تخصصاتهم ما زالو ينتجون الآف المجلدات فى عمق الشخصيه الإنسانيه وطرق التعامل معها وتطويرها وإبداعها وصحتها النفسيه.
لكن
مع الأسف الشديد قدمت الديانات صوره ناقصه أو مشوهه عن الله وطبيعة علاقته مع الإنسان ونظرته له وهذا أثر بشكل سلبى كبير جداً على شخصية الإنسان وعلاقته مع الله ونوعية الحياه التى سيحياها بعد ذلك وتأثيرها وربما خطورتها على الآخرين من حوله.
ثانياً : نماذج سلبيه من الأفكار الدينيه المطروحه والمنتشره فى مجتمعاتنا :
هذا الفكر يطعن فى كينونة الإنسان الماديه ويجعلها محتقره وغير نزيهه.
لا يميز هذا الفكر بين النظافه الجسديه ومتطلباتها وقداسة الجسد البشرى.
هذا الفكر يؤكد ويغذى الصراع بين الغرائز والعيش فى تقوى الله ويتجاهل دور الإنسان فى ضبط نفسه ويجعله ضحيه أمام غرائزه.
هذا الفكر يمنع الإنسان من التواصل مع الله فى حالات كثيره بدعوى النجاسه والشعور بالذنب والنقص أو الشعور بتأنف الله من الإنسان.
و بكل تاكيد ينعكس هذا على طبيعة العلاقه مع الله وفهمنا له وعلى النظره السلبيه لأنفسنا ولمن حولنا ويعكس حاله من الإذدراء والشعور بالدونيه.
العبوديه لله وتقديم العباده له شيئ عظيم جدا ولكن تقديم التصور عن الله على أنه خلق الخليقه لتلتف حوله وتسبحه وتعبده وترنم وتغنى له يعطى إنطباع سلبى عن الله وكأن هدفه هو خلق جمهور من المعجبين ليستمتع بهتافاتهم وتوسلاتهم إليه.
هذا المفهوم يلغى نزاهة الله وكماله المط ويُحجم من دور الإنسان وهدف وجوده.
يؤدى هذا الفكر إما إلى حاله من الملل من العباده أو يؤدى إلى المبالغه فيها لإرضاء الله أكثر وإهمال باقى الأدوار الحياتيه وبالتالى تأثير مفسد عليها.
إن الفكر المطروح فى مجتمعاتنا هو أن الحياه أشبه بمسلسل تليفزيونى والله وزع الأدوار على الجميع دون نقاش ليفعلوا ما هو مكتوب فى السيناريو والحوار !
إن جميع الممثلين فى المسلسلات يأخذون أجوراً على أدائهم سواء كان الدور لشخص شرير أو شخص طيب فهل الله أيضاً سوف يعطى أجراً للناس الأشرار لقيامهم بأعمال الشر على الأرض وإيذاء الناس !
ففى المسلسلات والأفلام ممكن أن يأخذ الممثل جائزة أوسكار الذهبيه كأفضل ممثل لدور رئيس عصابه شرير ولكن فى الحياه الحقيقيه فإنه يدخل السجن !
وبذلك فهذا الفكر يعطى للناس الصلاحيه والسماحيه لفعل الشرور بحجة أنه نصيب ومقدر وبذلك وعلى مستوى نفسى عميق داخل الإنسان يكون الله هو سبب الشرور التى فى العالم والإنسان هو ضحيه لهذا الإله الذى يسبب الشرور له ولغيره والنتيجه الطبيعيه لذلك هى الإلحاد.
التكاثر العددى مهم طبعاً ولكن الإنسانيه ليست مجرد أرقام بل هى كينونه راقيه يجب أن تلقى عنايه ورعايه وتعلم لبناء شخصيات سويه نفسياً ومنضبطه أخلاقياً ذات مهاره وإبداع لتبنى الحضارات وتحيا حياه كريمه ولائقه بالكيان الأنسانى ولكن هذا المفهوم يجعل الناس تتنافس وتتباهى بالكثره العدديه لأولادهم على حساب نوعية الشخصيات وجودة مهاراتها وأخلاقياتها والنتيجه هى إنتشار الجهل والفقر والمرض وبالتالى المعاناه على مستوى الأسره والمجتمع والحكومات.
هذا الفكر يضع الإنسان فى مأزق نفسى خطير حيث إذدواجية الشخصيه والمعايير.
فهو يحب من يشبهه ويوافقه ويكره من يخالفه.
و هو يرحم من يشبهه ويوافقه ولا يرحم من يخالفه.
وهو مستعد لقتل الآخر المختلف عنه ويظن أن ذلك يرضى الله.
أو على الأقل يحتقره ويضيق عليه الخناق سواء إجتماعياً أو سياسياً أو إقتصادياً.
و لو إمتلك السلطه والقوه لقهر كل من يخالفه.
و هذا هو المبدأ الرئيسى لتغذية الفكر الإرهابى والتعصب وما نتج منه من إراقة سيول من الدماء البريئه على مر تاريخ البشر.
فكيف نتصور علاقة هؤلاء الناس مع الله وهم يقهرون إخوتهم البشر بحجة أنهم مختلفون عنهم وما هى مدى الصوره المرعبه عن الله والتى يصدرونها هؤلاء الناس لكل من حولهم!
ختاما:
إن كانت نظرة الإنسان لنفسه دونية سينعكس ذلك على كل جوانب الحياة:
نظرته للإله
نظرته للآخرين
علاقاته
استسلامه للأحداث
دوره – وظائفه
نفسيته – حالته!