15- عِصمةُ الأنبياء حقيقة أم هُراء؟!

عِصمةُ الأنبياء حقيقة أم هُراء؟!

احترام رجال الدين دون تقديس

رغم أنه الله الكامل لم يكن أحد في اتضاعه وبساطته

مقدمه:

الموقف المسيحى من جهة هذا الموضوع موقف منطقى جداً ومتوازن ومتطابق مع الحق والواقع فلا توجد عصمه لأى إنسان مهما كان حتى الأنبياء والرسل ورجال الدين فالعصمه لله وحده وذلك بسبب بسيط ومعروف ألا وهو الحريه الممنوحه للإنسان فالله لم يخلق البشر كريبوتات لفعل ما تؤمر به بدون أراده حره ولعل القارئ يتحير هنا ويسأل ويقول إذا كانوا غير معصومين فكيف نثق فى كلامهم وما كتبوه فى الكتاب المقدس والإجابه أيضاً ببساطه فالوحى المقدس هو من الله وهو معصوم بعصمة الله نفسه من الخطأ والله عصمهم من الخطأ فى تبليغ المحتوى والمفهوم لرسالته  وترك لهم التعبير عن الرساله بإسلوبهم والذى يتناسب مع ثقافة المستمعين للرساله فنجد من كتب منهم رسالته بلغه بسيطه أو تاريخيه أو شعريه أو رمزيه.

مفاهيم الكتاب المقدس فى عصمة الأنبياء ورجال الدين:

أولاً:   الله فقط من له العصمه:

ففى سفر صموئيل الأول 2: 2

“لَيْسَ قُدُّوسٌ مِثْلَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرَكَ، وَلَيْسَ صَخْرَةٌ مِثْلَ إِلهِنَا.”

و فى سفر صموئيل الثاني 22: 31

“اَللهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ، وَقَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ.”

و فى سفر الحكمة 15: 3

“فَإِنَّ مَعْرِفَتَكَ هِيَ الْبِرُّ الْكَامِلُ، وَالْعِلْمَ بِقُدْرَتِكَ هُوَ أَصْلُ الْحَيَاةِ الدَّائِمَةِ.”

ثانياً:  مهما بلغ البشر من حكمه فلا يمكن أن تقارن مع حكمة الله:

 سفر أيوب 4: 18

“هُوَذَا عَبِيدُهُ لاَ يَأْتَمِنُهُمْ، وَإِلَى مَلاَئِكَتِهِ يَنْسِبُ حَمَاقَةً،”

ثالثاً:  الله هو الوحيد كلى العلم والقدره والسلطان فى تاريخ الخليقه من البدايه وحتى النهايه:

و هذا ما يقرره سفر الرؤيه فى الإصحاح الخامس فى مشهد بديع حيث يقر الجميع بذلك

1  وَرَأَيْتُ عَلَى يَمِينِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ سِفْرًا مَكْتُوبًا مِنْ دَاخِل وَمِنْ وَرَاءٍ، مَخْتُومًا بِسَبْعَةِ خُتُومٍ.

2  وَرَأَيْتُ مَلاَكًا قَوِيًّا يُنَادِي بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «مَنْ هُوَ مُسْتَحِقٌ أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ؟»

3  فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ فِي السَّمَاءِ وَلاَ عَلَى الأَرْضِ وَلاَ تَحْتَ الأَرْضِ أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَلاَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ.

4  فَصِرْتُ أَنَا أَبْكِي كَثِيرًا، لأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مُسْتَحِقًّا أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَقْرَأَهُ وَلاَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ.

5  فَقَالَ لِي وَاحِدٌ مِنَ الشُّيُوخِ: «لاَ تَبْكِ. هُوَذَا قَدْ غَلَبَ الأَسَدُ الَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ دَاوُدَ، لِيَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ السَّبْعَةَ».

6  وَرَأَيْتُ فَإِذَا فِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ وَفِي وَسَطِ الشُّيُوخِ خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ، لَهُ سَبْعَةُ قُرُونٍ وَسَبْعُ أَعْيُنٍ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ الْمُرْسَلَةُ إِلَى كُلِّ الأَرْضِ.

7  فَأَتَى وَأَخَذَ السِّفْرَ مِنْ يَمِينِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ.

8  وَلَمَّا أَخَذَ السِّفْرَ خَرَّتِ الأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ وَالأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا أَمَامَ الْخَروفِ، وَلَهُمْ كُلِّ وَاحِدٍ قِيثَارَاتٌ وَجَامَاتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوَّةٌ بَخُورًا هِيَ صَلَوَاتُ الْقِدِّيسِينَ.

9  وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ: «مُسْتَحِقٌ أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ،

رابعاً:  بدون إستثناء فجميع البشر يخطئون بسبب السقوط والعصيان:

ففى رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 3: 12

“الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ.”

و داود يصرخ فى مزمور 51 ويعترف بالفساد فى طبيعتنا البشريه بعد السقوط ويقول

4  إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ، لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي أَقْوَالِكَ، وَتَزْكُوَ فِي قَضَائِكَ.

5  هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي.

لذلك فحدوث أخطاء بشريه من شخصيات مشهوره لا يعتبر مفاجأه كبيره بل يؤكد على إحتياج البشر للخلاص وعودتهم لنقاوتهم الأصليه .

خامساً:  الله أعطى الحريه الإراديه والسلوكيه للإنسان ولا يسلبها منه مره أخرى:  

ففى سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 3: 20

“هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي.”

و فى إنجيل لوقا 13: 34

“يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا!”

لذلك فأخطاء البشر وارده بطول التاريخ البشرى ولا تحتاج إلى أدله  .

سادساً:  الأنبياء معصومين من الخطأ فقط فى تبليغ رسائل الله بمحتواها ومفهومها مع حرية إسلوب التعبير اللفظى:

رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 3: 16

“كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ،”

رسالة بطرس الرسول الثانية 1: 21

“لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.”

سابعاً:  لا توجد حروف مقدسه ومنزله من السماء فالأهميه والتقديس هو للمعنى وليس للحروف :

ففى إنجيل مرقس 2: 27 وضع السيد المسيح هذا المبدأ الذهبى لمصلحة الإنسان ضد تعصب الفكر الدينى اليهودى آنذاك

“ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ.”

وفى رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 3: 6

“الَّذِي جَعَلَنَا كُفَاةً لأَنْ نَكُونَ خُدَّامَ عَهْدٍ جَدِيدٍ. لاَ الْحَرْفِ بَلِ الرُّوحِ. لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي.”

ثامناً:  الله يختار بعض البشر لتبليغ رسائله فإختياره لهم لحكمه معينه هو يعلمها وليس بسبب كماله وعصمته لأنه لا يوجد شخص كامل ومعصوم كما ذكرنا:

ففى رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 1: 27

“بَلِ اخْتَارَ اللهُ جُهَّالَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الْحُكَمَاءَ. وَاخْتَارَ اللهُ ضُعَفَاءَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الأَقْوِيَاءَ.”

و فى رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 1: 21

“لأَنَّهُ إِذْ كَانَ الْعَالَمُ فِي حِكْمَةِ اللهِ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ بِالْحِكْمَةِ، اسْتَحْسَنَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةِ الْكِرَازَةِ.”

وفى رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي 2: 4

“بَلْ كَمَا اسْتُحْسِنَّا مِنَ اللهِ أَنْ نُؤْتَمَنَ عَلَى الإِنْجِيلِ، هكَذَا نَتَكَلَّمُ، لاَ كَأَنَّنَا نُرْضِي النَّاسَ بَلِ اللهَ الَّذِي يَخْتَبِرُ قُلُوبَنَا.”

الختام:  

فبناء على ما سبق فكل التقدير والإحترام لرجال الله ولكن بدون تأليه أو عصمه لذلك يأتى التميز المسيحى الفريد عن غيره لأننا مدعوون لإتباع شخص الله نفسه فى وجه السيد المسيح الوحيد بحق المعصوم من الخطأ ونكون فى إرتياح تام لكل ما يصدر منه من قول أو فعل ليكون منهجاً حقيقياً وآمناً وموثوقاً فيه ومرجعيه فاصله بين الحق والباطل وما هو عهد قديم وما هو عهد جديد والصوره النهائيه لمشروع الله لخلاص البشر.

Please log in to join the chat

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع