س1: ما هو تعريف الكنيسة؟ ما أهميتها؟ وكيف يمكن أن تُمارِس سُلطانها؟
مُقدمة
دعونا نتساءل قبل أي شيء: هل الكنيسة هي المكان، أو المبنى، الذي فيه يجتمع شعب الرب للصلاة والعبادة؟ هل هي مُجرَّد الجماعة المُتعبدة؟ أو المؤمنين الحقيقيين؟ أم هي أعمق من هذا الوصف، ولها أبعادٌ أكثر من هذا..؟! إذا رجعنا إلى صلاة السيد المسيح في (يوحنا 17: 20 – 26)، نراه يقول: “وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هَؤُلاَءِ فَقَطْ بَلْ أَيْضا مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكلاَمِهِمْ، لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدا كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضا وَاحِدا فِينَا”. من هذه المنظومة، نرى ثلاثة أبعاد للكنيسة، أنها: المؤمنون- وحدة واحدة – في الرب، أي (وحدة المؤمنين في الرب).
أولا: مفهوم الكنيسة
جاءت كلمة إكليسا، Ekklesia، في اللغة اليونانية (التي كُتِب بها العهد الجديد)، 108 مرة بمعنى كنيسة، وفي ثلاثة مواضع أخرى بمعنى «مَحفَل، تجمُّع»، بالإضافة إلى مراتٍ أخرى تكلم فيها الكتاب عن الكنيسة، بتشبيهاتٍ، ومسمَّياتٍ أخرى، مثل: (الجسد– الجماعة– شعب الله– الرعية)، هنا نرى هنا ثلاث صور تحت هذا التعريف، من الأوسع إلى الأضيق:
أهل بيت الله – عائلة الله: (أفسس 2: 19) «فَلَسْتُمْ إِذا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلا، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ».
إذن: نحن أسرة واحدة، وأهل بيت واحد، نعيش معا تحت سقف واحد، ننتمي كلنا إلى أبوة واحدة، تجري في عروقنا دماء واحدة!
2. الكرمة والأغصان: في (يوحنا 15: 1)، يصور لنا السيد المسيح هذه الصورة الرائعة: “أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي“، إذن: هنا الربط بين الثبات فيه والثمر، والربط بين الثمر ومحبتنا بعضنا لبعض.
كَلف المسيح الكنيسة بدور عظيم، ومنحها سلطانا؛ لتُحقق هذه الإرسالية، ويتحدث بولس عن الكنيسة فيقول (في أفسس 1: 22، 23): «وَأَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَإِيَّاهُ جَعَلَ رَأْسا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ، مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ».
سلطان كلمة الله وإعلان الحق: (تابع التطبيقات العملية – مُشارَكة)
سيف الروح: (أفسس 6: 17). وهي كسيف ذي حدين:(عبرانيين 4: 12). وكنار وكمطرقة:(إرميا 23: 29). وهي الخبر العظيم:(رومية 10: 17). تُعرِّفنا الحق الذي يحررنا من الخطية ويقودنا إلى البر: (تيموثاوس الثانية 3: 15، 16).
سلطان الحياة:
لم يعطنا المسيح فقط معرفة الحق، لكنه أعطانا أيضا طبيعة جديدة، وجعلنا خليقة جديدة، لنكون: «شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلَهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ» (بطرس الثانية 1: 4)، وهكذا نعيش الحق والبر.
سلطان الصلاة:
أدركت الكنيسة الأولى من بداية خدمتها، أنها لا يمكن أن تقوم بدورها، إلا بتدخُّل إلهي بقوة من الأعالي. واختبرت الكنيسة هذه القوة عندما كانوا يصلون معا: (أعمال الرسل 1: 14) «هَؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ مَعَ النِّسَاءِ وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ».
سلطان الروح القدس: (تابع التطبيقات العملية – مُشارَكة)
إن دور الكنيسة في ربح النفوس، وتلمذتهم، وإرسالهم، لا يمكن أن يتم بأيَّة قوة بشرية،
لكن فقط بعمل روح الله الروح القدس في: قلب الكنيسة: (أعمال الرسل 1: 8)، وقلب غير المؤمن: (أعمال الرسل 2: 37).
رابعا: كيف نعيش الكنيسة بحق؟!
إدراك أن وحدة الجسد اختبار روحي:
وهو اختبارٌ علينا أن نقبله في قلوبنا أولا، ونعيشه ثانيةً، فالرب لم يطالبنا بصُنع الوحدة فيما بيننا، بل أن نقبل حقيقة وحدتنا فيه.
اسمع ما يقوله الكتاب في هذا الشأن: (رومية 12: 5) «هَكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ».
ممارسة الوحدة:
إن انتمائي لمجموعة من المؤمنين يُكوِّنون كنيسة محلية، وارتباطي بهم، هو التطبيق العَمَلي للوحدة.
وهذا ما نَسمعه في سفر الأعمال: انضم (انتمى – أعطى نفسه): (أعمال الرسل 2: 47) «وَكَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ».
الحفاظ على الوحدة:
بأن نقبلها، ونمارسها، وندافع عنها، ونحفظها من أنفسنا، ومن الشرير، اسمع ما يقوله بولس للكنيسة: (أفسس 4: 3) «مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ».
أن أبدأ بنفسي: المحبة الحقيقية، هي المحبة غير المشروطة، التي أحبنا المسيح بها. (يوحنا الأولى 3: 16): “بِهذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ.”
تطبيقات عملية
الدرس في نقاط
الكنيسة ليست مجرد مؤمنين متفرقين، أو حتى مجتمعين للصلاة.
لكنها وحدة المؤمنين بالرأس المسيح. وهي جسده، وجماعة المؤمنين المتحدة الذين اختبروا،
وكلمة الكنيسة تعني:الجماعة المدعوَّة، الكرمة والأغصان، هيكل الله، الجسد والرأس.
وعن أهميتها: إعلان المصالحة، أداة لتنضيج المؤمنين، تَحمِل رسالة المسيح، تُرسِل الخُّدَّام إلى العالم.
أما عن سُلطانها؛ فهو:سلطان الكلمة وإعلان الحق، سلطان الحياة والصلاة، سلطان الروح القدس.
وعن كيف نَعيش الكنيسة بحق؛ فذلك بـ: إدراك أن وحدتها اختبار روحي، ممارسة الوحدة، الحفاظ على الوحدة، وأن أبدأ بنفسي.
تأمُّل مُشجع
تحدَّثنا، في هذا الدرس عن الكنيسة.. مفهومها، أهميتها، سلطانها، لكن جانب آخر رائع مُشجع، نُحب أن نتأمل فيه قليلا، وهو التلمذة، التلمذة هي: إعادة صياغة الحياة بأكملها؛ لتصير بكل جوانبها، مفتوحة للتغيير، والتشكيل، كقطعة طين، بيد الفخاري؛ حتى يتصور المسيح فيها. وهي أبعد من مجرد المعرفة الذهنية، أو الكتابية، لكنها تعني أن يتغير الشخص: في أولوياته، أهداف حياته ودوافعه، سلوكياته اليومية (في البيت، العمل، الكنيسة، والشارع)، في اختياراته الأخلاقية، كذلك اقتناعاته الذهنية وأفكاره.
وهذا ما صنعه المسيح مع تلاميذه، على مدى السنين التي قضاها معهم، في حياته معهم على الأرض، عاش معهم، وأكل معهم، وركب معهم المركب في وسط العاصفة، وحَلَّ مشاكلهم، وتدخَّل في خلافاتهم، وأشبع جوعهم، ودرَّبهم على الخدمة. وبالفعل يستطيع الدارس، أن يلاحظ الفارق والتغيير الهائل، في حياة وشخصية التلاميذ؛ نتيجة هذه السنوات القليلة.
حياة التلمذة، لها مكانها الحقيقي، داخل الجسد الواحد، في كنيسة المسيح، فالكنيسة مدعوَّة، لا أن تربح النفوس فقط؛ فتُضيفهم إلى الأعداد السابقة، بل أن تتلمذهم حقا. وهذا هو النمو النوعي في الكنيسة. لذلك أعطى الرب الكنيسة، مواهب متعددة؛ لأجل بناء المؤمنين (تلمذتهم).
مُشارَكة
يقوم كل عضو من أعضاء المجموعة بمشاركة زملائه بشاهدين كتابيين، عن النقاط التالية:
أن كلمة الله: سيف الروح، وسيف ذي حدين.
نار مطرقة، خبر عظيم، وتحررنا من الخطية (وهذه النقاط الخمس تحت عُنوان: سُلطان الكلمة).
عَمَل الروح القدس: في قلب الكنيسة، وقلب غير المؤمن (وهاتان النقطتان في عنوان: سُلطان الروح).
أسئلة للتفكير
كيف كان لمجموعتك البيتية، أو الـ”أون لاين”، أو كنيستك المَحليَّة، تأثيرٌ في حياتك؟
ما هي أهم النقاط العملية التي غيَّرتها حياة التلمذة في شخصيتك وصفاتك وطباعك؟!