٣- بِر الله

الدرس الثالث: أن تقف أمام الله غير مدان، وبلا لوم، فأنت بحاجة إلى بر الله، لكن: هل قبولي لبر الله يعني أنني لن أخطىء ثانية؟

  • السُّقوط.. بين العدل والمحبة.
  • ما مَعنى بِر الله؟
  • ما هو التبرير؟ وكيف تمَّ؟
  • فوائد البِر.
  • اعرف نفْسك من الداخل.

السُّقوط.. بين العدل والمحبة

  • سقوط آدم

عصى آدم الله، وأطاع إبليس، ففَقدَ تواصله مع الإله، وانفصل عنه؛ لأنه أخذ طبيعة الشيطان الفاسدة؛ نتيجة طاعته له، “أَنْتُمْ عَبِيدٌ لِلَّذِي تُطِيعُونَهُ: إِمَّا لِلْخَطِيَّةِ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلطَّاعَةِ لِلْبِرِّ؟”، (رسالة رومية 6: 16).

فصارت طبيعتُه الداخلية فاسدة، وبالتبعية؛ ورث النسلُ البشري كله من بعده هذه، الطبيعة الفاسدة، “لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً”. (رسالة رومية 5: 19).

  • عدْل الله

نعم الله مُحِب؛ لكنه عادلٌ أيضًا، لذلك تمَّت إدانة النسل البشري، فوقعت الدينونةُ على جميع البشر الذين ورثوا طبيعة الخطية من آدم. “فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ”. (رسالة رومية 5: 18).

لكن من رحمة الله، ومحبته للبشر؛ أنه وضع هذه الدينونة على الرب يسوع المسيح؛ ليُبررنا نحن البشر منها “الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا”، (رسالة رومية 4: 25).

  • الحلُّ الإلهي

ليبقى السؤال: هل تظن أن يسوع جاء ليقدم مجرد مساعدة للبشرية؟ الإجابة بكل تأكيد: لا. ما فعلهُ هو أن جعلَ الإنسان يعود لوضعه الحقيقي، والطبيعي قبل السقوط، بل وأفضل منه!

نعم .. فيسوع جاء، لا فقط ليُساعد النسل البشري، بل ليأخذ طبيعتنا الفاسدة، ويُعطينا “بر الله”.

“أَنَّهُ (الله) جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً (المَسيح)، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيه”(رسالة كورنثوس الثانية 5: 20).

ما مَعنى بر الله؟

اللهُ بلا شك لا يُخطىء أبدًا؛ لذلك هو إله البِر، وكلمة “بِر” تعني صحيحًا وصائبًا Righteousness؛ و”البِر”، هو الطبيعة التي تُـنتج الشيءَ، وتصنعه، بالطريقة الصحيحة.

عندما يقبَل الإنسان الخاطىء الرب يسوع مُخلِّصًا وسيدًا على حياتِهِ، في اللحظة نفسها؛ يُولد هذا الإنسان من الله “وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ”، (إنجيل يوحنا 1: 12)، ويأخذ طبيعةً جديدة، “إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا.” (رسالة كورنثوس الثانية 5 : 17).

ما هو التبرير؟ وكيف تمَّ؟

  • الخليقة الجديدة

لدى هذه الطبيعة، أو الخليقة الجديدة، القُدرة أن تُنتِج البِر، وتفعل كل شيء بطريقةٍ صحيحة، لكن بالطبع هذا لا يحدث تلقائيًّا، بل يلزمه المعرفة، والتمرُّن في البِر، وهذا ما سندرسه لاحقًا في درس “التطبيق العملي للحياة الروحية”.

كلمة “خليقة جديدة”، في الأصول اليونانية التي كُتِب بها العهد الجديد، تعني “مخلوقًا آخر”، أو “مخلوقًا لم يكن موجودًا من قبل”.

  • كيف صِرنا بِر الله نَفُسه؟!

عندما أخطأ آدم في الماضي، أنا وأنت، لم نكن موجودين، لكننا تأثرنا بذلك، رغم أن لا ذنب لنا في فِعلته، فأخذنا طبيعة الخطيئة، وصارَ كل من يولد من بعد آدم يُولد بالإثم، وبهذه الطبيعة، ” هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي” (سفر المزامير 51 : 5). هكذا البرِ أيضًا. كيف؟

هكذا البِر، يسوع فعلَ شيئًا واحدًا، أثـَّر على كُل الذين سيُولودون من الله من بعدِهِ، إذ أخذ الدينونة، وعقابَها من على النسل البشري، ليُعطيهم طبيعة الله “البِر”. بمعنى أنه أخذ طبيعة الخطية عنا، وأعطانا طبيعته، “هكَذَا بِبِرّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ”، (رسالة رومية 5: 18).

  • المُصالَحة

بسبب طبيعة الخطية، لم يكن الإنسان في عَلاقة شراكة مع الله القدوس، لكن يسوع، أتمَّ المُصالَحة بين الله والنسل البشري، “وَلَكِنَّ الْكُلَّ مِنَ اللهِ، الَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ، أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحاً الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعاً فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ”.، (رسالة كورنثوس الثانية 18:5-19).

كذلك تقول (رسالة رومية 10:5)، إننا كُنا في عداوةٍ مع الله، وصُولِحنا: “لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ!” وقد صِرنا الآن أبناء وأحباء “لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيداً … لَكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ” (إنجيل يوحنا 15: 15).

  • التبرير

معنى كلمة “بار” أن يقف الشخص أمام الله غَير مُدان بشيء؛ أي أصبح في تواصُل، وشَراكة جيدة معه، ولا يوجد شيءٌ ضِدهُ، أو يُعَكِر عَلاقته به، إذ صارت علَاقةً مملوءةً بالقُبول والرِّضى التام.

تعني كلمة بَار “البراءة”، أي إن الإنسان صار بريئًا في نظر محكمة السماء (العدل الإلهي).

  • كيف صارَ المُؤمن بارًّا – أي بريئًا؟

هناك فرق بين الدينونة والحُكم. الدينونة هي حالة الإدانة، أما الحُكم؛ فهو تنفيذ عقوبة تتلاءم مع حجم وطبيعة الإدانة. ويسوع لم يحمل عنا الدينونة وحسب، بل عقابها أيضًا، إذ مات نيابةً عن البشر أجمعين. “لأَنَّ الْمَسِيحَ، إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ، مَاتَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لأَجْلِ الْفُجَّارِ”، (رسالة رومية 5: 1).

وحيث إن طبيعة الإنسان قبلَ أن يولد من جديد هي طبيعة مُنتِجة للخطأ، لذا كل من يقبل عمل يسوع على الصليب، معلِنًا أنهُ مَن أخذ عنا الدينونة والعقاب، يصير بريئًا، من الدينونة، وعقابها.

فوائد البِر

  • الثبات:

“بِالْبِرِّ تُثَبَّتِينَ بَعِيدَةً عَنِ الظُّلْمِ فَلاَ تَخَافِينَ، وَعَنِ الارْتِعَابِ فَلاَ يَدْنُو مِنْك”، (سفر إشعياء 54: 14). إذ ستجد أن الأمور التي كانت تُؤرقك، من مخاوف كثيرة، صارت غير موجودة. لماذا؟ لأنك أدركتَ وضعكَ، وهويتكَ الحقيقية في المسيح؛ لأنك عَرَفت، وأدركتَ مكانتك، وبدأت تُمرن ذهنك على التفكير بهذه الطريقة، وعلى السلوك بهذه الحقائق، حينها حتى لو تغيرت الظروف من حولك، تعرف وتتعلم أن تبقى ثابتًا.

  • السلام:

“وَيَكُونُ صُنْعُ الْعَدْلِ سَلاَمًا، وَعَمَلُ الْعَدْلِ سُكُونًا وَطُمَأْنِينَةً إِلَى الأَبَدِ”. (سفر إشعياء 32: 17)؛ أي إن التمرُّن في السلوك في طبيعة البِر التي صارت فينا، يجعلنا نتعلم كيف نسلك بطريقة تفكير سليمة، متفقة مع كلمة الله؛ ما يجعلنا، نتعلم كيف نفعل الأمر الصحيح، في التوقيت الصحيح، بالطريقة الصحيحة. أي إن فِعل البر: نتيجتُه سَكينة وثقة.

اعرفْ نفْسك من الداخل

قال الرسول بُولُس إنه قررَ ألا يعرف إنسانًا من الخارج، بل من الداخل فقط. لماذا؟ لأنه لو عَرَفَ أي إنسان من الخارج سينخدع، لأن الإنسان الداخلي هو الحقيقي. الإنسان الداخلي هو روحك المولودة من الله، لذا قَـرر بُولُس أن لا ينظر للآخرين من الخارج. “إِذًا نَحْنُ مِنَ الآنَ لاَ نَعْرِفُ أَحَدًا حَسَبَ الْجَسَدِ. وَإِنْ كُنَّا قَدْ عَرَفْنَا الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ، لكِنِ الآنَ لاَ نَعْرِفُهُ بَعْدُ”. (رسالة كورنثوس الثانية 5 : 16).

لذا أشجعكَ أن تنظر لنفسك من الداخل، من خلال كلمة الله، فأنتَ بِر الله، وهذه حقيقتُك، لقد صِرتَ مخلوقًا آخر، مولودًا من الله، وقد أصبحتَ ابنَه.

اُنظر معي في المرآة على صورتك الحقيقية: “اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ”، (إنجيل يوحنا 1: 13).

تطبيقات عامة على الدرس

آياتٌ لدراسةٍ أعمق
  • إنجيل متى 6: 33.
  • رسالة رومية 3: 24.
  • رسالة رومية 3: 28.
  • سفر ملاخي 4: 2.
صلاة

“إلهي الحبيب، أشكرك أنك لم تحمل عني فقط الدينونة، بل حملت العقاب، وأخذت طبيعتي الفاسدة، لتعطيني طبيعة البِر، بعد أن صِرتُ ابنك. شكرًا إلهي لأجل طبيعة البِر، والخليقة الجديدة. شكرًا لأجل السلام والثبات والطمأنينة.” آمين.

يُمكنك أيضًا سماع الدرس باللهجات المختلفة

محتوى الدرس

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع