إنْ كُنتَ الله .. أنهي المأساة!
(مُعضلة الفقر والمرض!)
يبدو عالُمنا اليوم كأنه عالمٌ بلا “ضابط أو رابط”، عالم يأكل فيه القويُّ الضعيف، عالم كأنه خارج عن السيطرة، لا حاكمَ له أو مُتحكم، فلو نظرنا لكل ما يعصف بالعالم، لا في عصرنا الحالي وحسب، بل على مر التاريخ، سنجد سيلا من الحروب والمجاعات والأمراض والأوبئة والقتل والدمار والظلم والاستبداد والقسوة والتعذيب والموت.
ولو أنت عزيزي القاريء أو الباحث أو البائس أو اليائس عايشت أحد هذه الظروف، أو فقط سمعت عنها، ولحظك السيء قررت مثلي أن تُلقي نظرة سريعة على أرقام وإحصائيات الفقر والجوع والمرض آخر مئة عام، ستصل لسؤال من أحد أسئلة كثيرة، إجابته معروفة حتما أتركه لك بنهاية المقالة،ة إن لم تسأله أصلا من أول رقم تقع عيناك عليه!
فبنظرة سريعة مثلا على تاريخ الأمراض عبر القرن الماضي فقط، سنجد أرقاما مُرعبة، ويبين الجدول التالي بعض أخطر الأوبئة التي عرفها العالم منذ قرن، ويوضح أماكن التفشي وأعداد الضحايا.
الوباء | السنة | المكان | الوفيات |
الطاعون الدبلي | 1894-1903 | الهند والصين وأجزاء من مناطق أخرى حول العالم | 10 ملايين |
وباء الكوليرا | 1899-1923 | مقاطعة البنغال الهندية وانتقل إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وروسيا وأجزاء من أوروبا | 800 ألف وفاة |
الطاعون الدبلي | 1855-1950 | انتشار عالمي | 10-15 مليون وفاة |
الإنفلونزا الإسبانية | 1918-1919 | أصابت قسما كبيرا من سكان العالم مع انتهاء الحرب العالمية الأولى | 40-50 مليون وفاة |
التيفوس | 1918-1922 | روسيا وأوروبا الشرقية | 3 ملايين |
الإنفلونزا الآسيوية | 1957-1958 | تعود بؤرة هذا الوباء إلى الصين، وانتشر على نطاق واسع في شتاء 1957 إلى ربيع 1958، على موجتين حادتين | مليون إلى أربعة ملايين شخص في العالم |
إنفلونزا هونغ كونغ | 1968-1969 | اعتبر برأي علماء الأوبئة أول وباء عام انتشر على نطاق واسع في العصر الحديث، أي عصر وسائل النقل الجوي السريع، والأول أيضا الذي أشرفت على مراقبته شبكة عالمية | مليون إلى مليوني شخص |
الإيدز | منذ 1981 | يعد الأكثر فتكا على الإطلاق، والعلماء غير متفقين بخصوص مصدر الوباء، لكن معظمهم يتفقون على انتقاله من القرد إلى الإنسان | 78 مليون مصاب، توفي منهم 39 مليونا |
متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد “سارس” | 2002-2003 | ظهر في إقليم غوانغدونغ في جنوب الصين | أكثر من 8000 مصاب، وأكثر من 800 وفاة، حوالي 350 منهم في الصين |
إنفلونزا الطيور”أتش5 أن1″ | منذ 2003 | اجتاحت إنفلونزا الطيور في البداية مزارع دجاج في هونغ كونغ قبل انتقالها إلى البشر، ودفعت منظمة الصحة العالمية لإعلان حالة طوارئ صحية عامة ذات بعد عالمي | حوالي 400 وفاة |
إنفلونزا الخنازير “أتش1 أن1” | 2009 | ظهر في المكسيك أواخر مارس/آذار 2009. وأطلق إنذار من خطر انتشار الوباء على نطاق واسع في 11 يونيو/حزيران 2009، ورفع في 10 أغسطس/آب 2010 | في البداية قدرت منظمة الصحة الوفيات بحوالي 18500، ولكن مراجعة نشرت في مجلة لانست عام 2012 رفعتها إلى ما بين 151 ألفا و575 ألفا. |
فيروس إيبولا | 2014-2016 | ظهر في غينيا وامتد إلى سيراليون وليبيريا | أدى الوباء إلى 11325 وفاة |
مرض السل | 2012 | انتشار عالمي | 1.3 مليون |
أضف على هذا أن جائحة فيروس كورونا تسببت في وفاة ما يقرب من 15 مليون شخص حول العالم، حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية. ويمثل هذا الرقم وفيات تزيد بنسبة 13 في المئة عن ما كان متوقعا على مدى عامين.
أما بالنسبة لظروف العمل فحدث ولا حرج، فقد تسببت الأمراض والإصابات المرتبطة بالعمل بوفاة 1.9 مليون شخص في عام 2016، بحسب تقديرات مشتركة أولية صادرة عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية، وبحسب هذه التقديرات، كانت غالبية الوفيات المرتبطة بالعمل ناجمة عن أمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية.
وكانت الأمراض غير المعدية وراء 81% من الوفيات. ومن أكبر أسباب الوفيات مرض الانسداد الرئوي المزمن (450,000 حالة وفاة)، والسكتة الدماغية (400,000 حالة)، وأمراض نقص التروية (350,000 حالة)، فيما تسببت الإصابات المهنية في 19% من الوفيات (360,000 حالة).
وأخم عوامل الخطر المهنية، هي ساعات العمل الطويلة، والتعرض لتلوث الهواء في مكان العمل، والربو، والمواد المسرطنة، والإصابات الصغيرة المتراكمة، والضوضاء. والخطر الرئيسي هو ساعات العمل الطويلة – وسببت 750,000 حالة وفاة. وسبب التعرض لتلوث الهواء في مكان العمل (الجسيمات والغازات والأبخرة) 450,000 حالة وفاة.
وعلى على مدى 25 عاماً تقريباً، كان عدد الفقراء المدقعين – أي الذين يعيشون على أقل من 2.15 دولار للفرد في اليوم – آخذاً في التراجع باطراد. لكن هذا الاتجاه توقف في عام 2020، عندما ارتفع معدل الفقر بسبب الاضطرابات الناجمة عن أزمة كورونا مقترناً بآثار الصراع وتغيّر المناخ – اللذين أديا بالفعل إلى إبطاء وتيرة الحد من الفقر.
وكان انخفاض الدخل، وفقدان الوظائف، وتوقف العمل في أثناء تفشي الجائحة ضاراً بشكل خاص بالأسر الفقيرة. وكانت النساء والشباب والعمالة ذات الأجور المنخفضة وغير الرسمية، لاسيما أولئك الذين يعيشون في المناطق الحضرية، من بين شرائح السكان الأكثر تضرراً. وارتفع معدل عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها، مع ما لذلك من تداعيات طويلة الأجل على إمكانية الحصول على الفرص المتاحة وعلى الحراك الاجتماعي.
أنا بالطبع لم أعاصر كل هذا، بل إني شاب مثل بقية شباب جيلي في مقتبل الثلاثينات رأيت وما زلت أرى كل هذا يحدث أمام عيني في العالم كله، فيتولد بداخلي عشرات بل مئات الأسئلة التي لا إجابةَ عنها حتى الآن!
محورها كله “أين الله من كل هذا؟”
هل هو صامت؟!
هل عاجز؟!
هل لا يُبالي؟!
هل كما يقول أتباع الأديان الإبراهيمية الذين أنا واحدٌ منهم، وكان، نعم كان، ملايين من جيلي منها، وتركوها، هل هو السبب الرئيس في كل هذا من أجل تأديب وتهذيب وتقويم العالم؟
هل هذا عقاب منه أو تأديب للبشر؟
هل في أفضل الحالات هو ليس المُسبب لكنه “يسمح” كما يقول أتباع بعض الأديان؟!
فلو لله يدٌ في هذا كله سواء بالفعل المباشر أو السماح أو عد الاكتراث أو التقاعس فبكل تأكيد هو (مُذنب!).
ولو ليس له يد والعالم يحكمه الإنسان، إذا (لماذا أتبعه؟!).
لو العالم يحكمه الشيطان (إذن الشيطان هو الأقوى).
ليبقى اللغز (أين هو) و(لماذا)؟!
لا سيما لو كنت عزيزي البائس واحدا من أولئك الذين ذاقوا مرارة كل هذه الأوجاع سواء عشتها بنفسك أو عايشتها مع عزيزٍ لديك!
ليكون معك الحق، كل الحق، أنت ومن مثلك، لتترك الأديان برمتها!
بالمناسبة انا واحد من أولئك الذين تركوا الدين، لكني!
عَرَفتُ الدين الوحيدَ الذي أجابني عن كل هذه الأسئلة .. تابعني لتعرفه!