الدرس الرابع: في أصل الشراء قيمة الشىء هي ثمنه المدفوع فيه، كذلك أنا وأنت قيمتنا هي دم يسوع المسيح الذي سُفك على الصليب من أجل فدانا.
لأن البدايات الصحيحة، تؤدي لنهايات صحيحة، كان لا بُدَّ، أن ننظر لفكرة مهمة، عندما نتكلم عن قيمة الإنسان في عيني الله، وهي لماذا خلقنا الله؟ وكيف تعامَل، ويتعامَل، معنا؟ ولننظر لما قاله الكتاب.
“وَقَالَ اللهُ: نَعْمَلُ الإنسان عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا.” (سفر التكوين 1: 26). يتضح مِن الآية السابقة فِكر الله تجاه الإنسان، ولنُحددها في نقاطٍ مختصرة واضحة:
أعظم ما فعل الله على الإطلاق لأجل الإنسان، هو تجسدُّه – الخلاص، والفداء بالموت والقيامة. “لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ.” (رسالة فيلبي 7:2).
وفى رسالة العبرانيين يقول هذه الكلمات الرائعة “فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا” (رسالة العبرانيين 2: 14). وبنص الآيات يقول: “وَيُعْتِقَ أُولئِكَ الَّذِينَ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ.” (رسالة العبرانيين 2: 15).
يقول الكتاب أيضًا في واحدةٍ من أشهر آياته “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (إنجيل يوحنا 16:3).
لأننا كما أشرنا، أبناؤه، عملُه، وشعبُه؛ فقد أعلن الله مسؤوليته عن كل احتياجاتنا، ونرى هذا واضحًا جَليًّا في آياتٍ كثيرة، مثل “الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ.” (سفر المزامير 23: 1).
أول ما فعله الله لأجلنا – أن خلقنا على صورته، ثم باركنا، وأعطانا السلطان، وأخضع كل شئ لنا. لكن فقد الإنسانُ هذا كله بإرادته الحرة، وعِصيانه لله.
“فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ؟.” (سفر التكوين 3: 9). هنا افتقاد الله للإنسان، وبحثه عنه، فالله من عظيم محبته هو مَن يبحث عن الإنسان؛ حتى يُرجعه، كذلك نجد أن الله دائِم تشجيع الإنسان، ودعمه “لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ.”(سفر التكوين 26: 24). ما أروع المعية مع الله “تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ.” (سفر التثنيه 31: 7).
“وَأَمَّا طَالِبُو الرَّبِّ فَلاَ يُعْوِزُهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ.” (سفر المزامير 10:34)، (كما شرحنا في درس الله المعطي).
إذًا أعطانا الله نفسه، تجسَّد، فدانا، أحبنا، عبَّر عن محبته بالفداء، وهو يستجيب لصلواتنا.
أعطانا الله قيمة حقيقية، في كوننا على صورته وشبهه، وكوننا شعبَه؛ ثم أعطانا في الأخير نفسه؛ لهذا ينتظر منا عَلاقة حية معه، في محبةٍ بلا رياء.
“فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ.” (رسالة فيلبي 1: 27). لأننا أخذنا من الله كل ما يدعمنا لعيْش النموذج الذي يريده، هو ينتظر منا فقط أن نعيشه؛ من خلال سلوكنا بحسب طبيعته التي اشتركنا فيها معه، بقيامة المسيح، وذلك في تعامُلنا مع بعضنا، ومع الآخرين المختلفين عنا، بأن نكون شهودًا حقيقيين له، نوصل صورته الحقيقيه للناس، ونُصالح الناس، على الذي أعطانا خدمة المصالحة، بعدما صالحنا لنفسه.
“أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ افْرَحُوا. اِكْمَلُوا. تَعَزَّوْا. اِهْتَمُّوا اهْتِمَامًا وَاحِدًا. عِيشُوا بِالسَّلاَمِ، وَإِلهُ الْمَحَبَّةِ وَالسَّلاَمِ سَيَكُونُ مَعَكُمْ.” (رسالة كورنثوس الثانية 13: 11). يُريدنا الله أن نحيا في سلام معه، ومع أنفسنا، ومع الناس. يُريد أن نحيا في الفرح؛ أي نعيش بلا إدانة من نحو أنفسنا؛ لأننا عَرَفنا قيمتنا في المسيح؛ وأن نُصلي في كل حين، لأجل كل الناس، ونراهم كل مرة بملف جديد؛ لأننا عَرَفنا أيضًا قيمتهم في المسيح.
إلهنا المُحب الصالح، نشكرك، ونعظمك؛ لأنك تنظر إلينا بقلب الآب. قبلتنا كما نحن، ثم غيَّرتنا لنُشابه صورة يسوع المسيح. نشكرك لأن قيمتنا الحقيقية هي في محبتك لنا، وعملك لأجلنا. نشكرك لأنك أعطيتنا مسؤولية توصيل رسالة الفرح والخلاص لكل الناس. شكرًا لأنك تدعمنا في إرساليتنا بروحك القدوس داخلنا.. آمين.