ثَمَر الرُّوح القُدُس في حياتنا!
س: هل يُمكن أن يتنازل الله “حُبًّا” لأجل الإنسان الضعيف؟!
قدَّم لنا يسوع المسيح، الله الظاهر في الجسد، صورة حقيقية ملموسة واضحة، عن قلب الله الحقيقي، فِكره، شخصه، قيمة الإنسان لديه، ومكانته. وكل من عَرَف يسوع من خلال الكلمة المقدسة، تغيَّرت تماما لديه نظرته القديمة عن شخص الله، من ذلك الإله المتعالي، الغضوب، الحاد، القاسي، شديد العقاب، المتأهب دائما لإدانة ودينونة الإنسان، الواقف بانتظار أن يُخطيء خطأ واحدا، ليُسرع بالانتقام منه، إلى هذا الإله الوديع المتواضع، القريب جدا من الإنسان، الذي يشعر به وبالآمه، الذي يتدخل لإنقاذه من الموت، وتحريره من العبودية القاسية، والأهم، قيمة الإنسان العظيمة لديه، لدرجة أنه أحبَّ وأراد أن يطبع صورته وشخصيته فينا، من خلال الروح القدس.
فلم يعد هو ذلك الإله الغامض، الذي يصعُب إرضاؤه، بل الإله المُعلم، الأب، المريح الواضح، الذي يؤدب دون انتقام، الذي يصحح ويوبخ دون أذية، والكتاب المقدس يوضح، أن كل شخص يَقبل الروح القدس، منذ لحظة إيمانه بالرب يسوع المسيح،”الَّذِي فِيهِ أَيْضًا أَنْتُمْ، إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، إِنْجِيلَ خَلاَصِكُمُ، الَّذِي فِيهِ أَيْضًا إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ، الَّذِي هُوَ عُرْبُونُ مِيرَاثِنَا، لِفِدَاءِ الْمُقْتَنَى، لِمَدْحِ مَجْدِهِ”. (أفسس 1: 13، 14).
ويقول الكتاب المقدس أيضا في رسالة غلاطية 22:5-23 “وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ، وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ”. ثمر الروح هو نتيجة وجود الروح القدس في حياة المؤمن.
وأحد الأسباب الرئيسة لوجود الروح القدس في حياة المؤمن، هو تغيير حياته؛ إذ إن مهمته أن يغيرنا إلى صورة المسيح، ويجعلنا أكثر شبها به. لذا دعونا نتعرف على ثمار الروح القدس، وتأثيرها في حياتنا!
الحياة المسيحية هي صراع بين طبيعة الجسد الخاطئة، (رسالة غلاطية 19:5-21)، “وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ: الَّتِي هِيَ زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ تَحَزُّبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ حَسَدٌ قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ”، وثمر الروح القدس، والطبيعة الجديدة التي يعطيها لنا المسيح “إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا.” (كورنثوس الثانية 5: 17).
وكمؤمنين، لدينا الروح القدس، الذي يُنتج ثمره فينا، ولدينا قوة الروح القدس؛ التي تُساعدنا في الانتصار على أفعال الجسد الخاطئة؛ وأحد الأهداف الرئيسة للحياة المسيحية، هو التقدم في السماح للروح القدس، أن يُنتج المزيد والمزيد من ثمره في حياتنا، والسماح للروح القدس أن يغلب الرغبات الخاطئة. ثمر الروح القدس هو ما يريده الله أن يَظهر في حياتنا، وهذا ممكن بمعونة الروح القدس.
ما أجمل أن الروح القدس، يُظهر لنا، روعة وكمال الكلمة المقدسة، فالكتاب المقدس ليس مجرد وصف لأحداثٍ تاريخية، بل هو قلب وفكر الله. وهناك فرق بين القراءة عن محبة الله، وبين أن يُسمِعنا الروح القدس كلمات محبة الله لنا: «أنتم أحبائي» (يوحنا 15: 14). وهكذا؛ فعندما نقرأ الكتاب المقدس بالروح القدس، ينقل لنا الروح القدس ما في قلب الله الآب.