٥- زانية أُمسِكت في ذات الفِعل! (أين الإلهُ الغضوب؟!)

الدرس الخامس: المرأة التي أمسكت فى ذات الفعل، وأتوا بها ليسوع: ما أغرب وما أجمل تصرف يسوع معها، والذي أدهش كل الحاضرين  بقوله “ولا أنا أدينك”!

  • مُقدمة.
  • المملكة: رومانية.. ورجال الدين: يهود!
  • أين إله الغضب والانتقام؟!
  • زانية وسط الجموع!

مُقدمة

تخيل معي هذا الموقف المذهل العجيب: تخيل أن رجلا وامرأة يرتكبان خطية أخلاقية بشعة، لا تعريف لها إلا “الزنا”. وفجأةً، وبلا أية مُقدمات؛ ظهر “الله” لهما!

نعم كما أقول لكَ، ظهر الله لهما، أثناء ارتكابهما هذه الخطية المُشينة.

  • حاول أن تتخيل، أو تصف، في ثلاث جُمل مهدفة، ماذا سيكون رد فعل “الله”، جلَّ جلالُه، تجاههما!
  • حاول أيضا في جُملتين، أن تصف، أو تتخيل مشاعر كلٍّ من: الرجل والمرأة، أو حالتهما، في هذه اللحظة، لحظة رؤيتهما لله، وهما “يزنيان”!
  • أخيرا، لو أنتَ/ أنتِ، مَن ارتكب هذه الخطية، وفجأةً ظهر الله أمامك، أثناء ارتكابها، كيف سيكون إحساسُك/ إحساسُكِ؟!
  • وما ردَّ الفعل الذي ستتوقعه من “الله” تجاهك؟!

بعد تفكيرك في هذه الواقعة، وملابساتها، وإجابتك عن هذه الأسئلة، خُذْ بالضبط دقيقتَين استرِح فيهما من التفكير! وعُد معي، بعدها الدقيقتين للواقع؛ كي أخبرك عن قصةٍ مماثِلة للموقف الافتراضي الذي افترضناه في بداية الدرس!

نعم قصة مُشابهة، لكن هذه المرة، حقيقية، وحدثت بالفعل، بل وقعت أحداثُها، في زمانٍ ومكانٍ، ومع أشخاص قد تعرف أنتَ بعضهم، أو على الأقل سمعت عنهم!

بكل تأكيد تعرف “عيسى”، أو “السيد المسيح”، أو في إيماننا المسيحي “الرب يسوع، له كل المجد والإكرام”، ذلك الإله المتجسد.

المملكة: رومانية.. ورجال الدين: يهود!

تعالَ نتعرف معا على هذه القصة، إن كنتَ لا تعرفها:

  • الأجواء: وقتٌ كان العالم بأسره فيه تحت سيطرة المملكة الرومانية.
  • الحالة: مملكة تحكم العالم بالحديد والنار والقسوة والقمع والعبودية.
  • النظام السياسي: نظام عسكري ديكتاتوري أحادي يخضع لقيصر روما.
  • الأحوال الاجتماعية: لم تكن هناك أيُّ مفاهيم عن حقوق الإنسان، أو حقوق المرأة، في وقتٍ وزمنٍ كان الفقر المُدقع فيهما هو سيد الموقف، على كثير من القُرى والبلدات في هذه البقعة من الأرض.
  • المرأة: كان يُنظر إليها على أنها كائن من الدرجة العاشرة، أو كائن نجس، ضعيف، أو أحد مصادر الشهوة والخطية.
  • رجال الدين: كان أبطالُ هذه الواقعة من رجال الدين، يهودا متشددين جدا في العقائد، وتطبيق الطقوس والناموس، وكانوا يسيطرون على عقول وأفكار العامة. بالإضافة لشريعة يهودية صارمة لا ترحم من يُخطيء.
  • نظرة الناس لله: إله ديان، قاضٍ، صارم، حاد، قاسٍ، شديد العقاب، لا يتفاهم مع الخطاة، ، لا يرحم الفُجار، أو يقبلهم! ولا قيمةَ أساسا لمثل هؤلاء المذنبين، لا في نظر رجال الدين، أو جموع الناس!
  • الزمن: القرن الأول الميلادي.
    في هذه الأجواء، والملابسات. في هذا الزمان والمكان، وبينما يسوع “الله المتجسد” حاضر في الهيكل يُعلم الناس، أحضر إليه رجال دين متشددون، يُدعَون “الكَتبة والفريسيون”، امرأة استطاعوا أن يقبضوا عليها، وهي متلبسة في “خطية زنا”.

هنا موقفٌ لا نهايةَ له إلا مصير واحد محتوم:

  • فرجال الدين المتشددون سيدفعون الناس لتطبيق الشريعة على هذه المرأة.
  • والجموع، بلا تردد، أو تفكير، سيثورون ويغضبون، ويقومون بتطبيق الشريعة، وهي رَجْم هذه الزانية بلا رحمة.
  • بكل تأكيد أيضا، ينتظر الطرفان: رجال الدين، والجموع، من ذلك المعلم، أن يغضب ويثور، ويُطالب برجم هذه الزانية المُنحطة المُخطئة، التي لا تستحق مصيرا، أقل من الموت معذبة مفضوحة، تلصق بها وباسمها، واسم عائلتها خطية، وعار علني، إلى الأبد!

هنا الجميع في انتظار رد فعل واحد محتوم: الانتقام وتطبيق العقوبة!

والمعلم، الذي كان البعض مؤمنا أنه ابن الله، وبعضهم الآخر يراه نبيا عظيما، واقفٌ في منتصف المشهد، يتأهب لإعلان موقفه النهائي من هذه الجريمة، وتلك المُجرمة (في نظر الجميع)!

أين إله الغضب والانتقام؟!

هنا نفذ يسوع “الله المتجسد”، واحدةً من أغرب وأعجب، وأجمل وأفضل، بل أرق وأرقى، ردود الأفعال التي يمكن أن يتوقعها إنسان في ذلك الزمان، أو حتى زماننا الحالي، من الله.

إذ قرر (الله) أن يقف في صف الإنسان! وأي إنسان؟! “امرأة زانية”.

أليس هذا هو الله الذي ينتقم من الخطاة، ويعذبهم، ويصب عليهم ويلات غضبه وعقابه ووعيده؟

أليس هذا هو الله الذي يكره الخطية، ولا يقبلها، أو يتساهل فيها.

أليس هو الذي يرفض وضْع مبررات للخطية، تحت أي مسمى أو عُذر..؟!

لا.. ليس هو!

هو إله غير الإله الذي سمعنا عنه، أو تصورناه، وتخيلناه في أذهاننا.

هو إله يصعب، وبشدة، استفزازه!

نعم.. لأنه:

الإلهُ الأب. الإلهُ الوديع. الإلهُ الهاديء الصبور.

هو الإله المتمهل. مانح الفرص.

هو الإله المتسامح. الذي لا يفقد الأمل في أعز خليقته، وأقربها إلى قلبه: الإنسان.

هو الإله الذي يكره الخطية، لكن،،،

لكن يُحب الخاطي. يحترم المرأة. يرحم الضعيف. يتفهم وضع المسكين المظلوم.

زانية وسط الجموع!

اقرأ معي هذه القصة من إنجيل يُوحَنَّا 1:8-11

ثُمَّ حَضَرَ أَيْضًا إِلَى ٱلْهَيْكَلِ فِي ٱلصُّبْحِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. وَقَدَّمَ إِلَيْهِ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱمْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِنًا. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي ٱلْوَسْطِ قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هَذِهِ ٱلْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ ٱلْفِعْلِ، وَمُوسَى فِي ٱلنَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ . فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟». قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَٱنْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ. وَلَمَّا ٱسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، ٱنْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلَا خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ !». ثُمَّ ٱنْحَنَى أَيْضًا إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى ٱلْأَرْضِ. وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ ، خَرَجُوا وَاحِدًا فَوَاحِدًا، مُبْتَدِئِينَ مِنَ ٱلشُّيُوخِ إِلَى ٱلْآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَٱلْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي ٱلْوَسْطِ. فَلَمَّا ٱنْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَدًا سِوَى ٱلْمَرْأَةِ، قَالَ لَهَا: «يَا ٱمْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ ٱلْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟». فَقَالَتْ «لَا أَحَدَ، يَا سَيِّدُ!». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «وَلَا أَنَا أَدِينُكِ . ٱذْهَبِي وَلَا تُخْطِئِي أَيْضًا ».

ها الإنسان لا يرحم أخيه الإنسان عندما يُخطيء.

وها الإنسانُ أيضا لا يتوقع من الله إلا العقاب والانتقام ممن يُخطيء.

لكن الله، أزاح الستارَ هنا، عن أوجه جديدة من شخصيته الصالحة، تتمثل في:

  1. قبوله الخاطي رغم رفضه للخطية.
  2. رفضه إدانة البشر بعضهم لبعض.
  3. أنه صبور جدا، ليس سريع الغضب والانتقام والعقاب.
  4. احترامه الشديد للمرأة.

تطبيقات عامة على الدرس

آية مُشجعة

“فَإِنْ حَرَّرَكُمْ ٱلِٱبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا”. (يوحنا 8: 36)

  • تكشف لنا هذه الآية الرائعة، عن حق كتابي ضخم وثمين، إذ تكشف لنا أن الابن “يسوع/ كلمة الله المتجسدة” حرر الإنسان من طبيعة الخطية؛ بالتالي من تسلط الخطية على الإنسان!
  • لهذا على كل إنسان يؤمن أن يسوع المسيح رب، ومخلص شخصي له، أن لا يخاف من الخطية، وأن يعرف أنه “حُر” الآن من عبوديتها.
  • وأن الله لم يعد ينظر لنا على أننا “خُطاة مذنبون”، بل “أبناء أبرار مُحرَّرون”.
ترنيمة: أبحث عن كلمات

1- (ابحث عن كلمات اقوى من الكلمات)2

(تفصح عن ما بقلبي نحو الهي وربي)2

(تسمو بوصف جماله تعلو لحد كماله)2

لا اجد الكلمات…. لا اجد الكلمات

2- (ابحث عن نغمات احلى من النغمات)2

(اعزف فيها لربي لحن سجودي وحبي)2

(ترقى في سبح جلاله تصبر بعد مجاله)2

لا اجد النغمات…. لا اجد النغمات

3- (انتظراللمسات من لدن السماوات)2

(ترفع فكري وروحي تعلن مجد مسيحي)2

(يغمر كل كياني يملأ كل جناني)2

انتظر اللمسات…. انتظر اللمسات

تطبيق عملي

شاركنا بموقف أخطأتَ فيه وكنت تتوقع عقابا فوريا من الله لكنه أحاطك بمحبته.. شاركْ شخصا عزيزا عليك بما تعلمته عن محبة الله من هذه القصة الرائعة.

صلاة

(إلهنا الحبيب الصالح، أشكرك كثيرا؛ لأن محبتَك دائما تُحيط بي، وتكتنفني، وتحتويني، حتى في عِز وذروة أخطائي. أشكرك أنك أب بكل ما تحمله الكلمة، من معاني الرحمة والتسامح والقبول، أشكرك أنك لستَ سريع الغضب والانتقام، أشكرك لأجل رحمتك. أحبك جدا إلهي. في اسم المسيح أصلي.. آمين.)

يُمكنك أيضًا سماع الدرس من هنا👇

Please log in to join the chat

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع