الدرس الخامس: المعزي، المحامي، المعين، المقوى، المشير ، كلها أسماء و صفات للروح القدس لها دلالات على عمله في حياتنا..!
الروح القُدُس هو رُوح الله، وهو الأقنوم الثالث في الثالوث الأقدس، وهو شخص الله الساكن فيَّ؛ ليكلمني بشكل خاص، ويسير معي رحلتي في الحياة، إن سمحتُ له أنا بذلك.
قد يكون هناك ظلامٌ في حياتك، أو قد تكون حياتُك بلا معنى، أو كئيبة. قد تكون عانَيتَ، أو تساءلتَ ماذا تفعل بحياتك! دع الرُّوح القدس يتولى أمورَك، وهو سيُعطيك راحة من معاناتك، ومن الهزيمة والإحباط والفشل.
هو مسؤول عن أدق تفاصيل يومك؛ “رُوحُكَ الصَّالِحُ يَهْدِينِي فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ” (سفر المزامير 143: 10).
الرُّوح القدس هو الشخص المدعو ليسير معكَ طوال رحلة الحياة؛ هو صديق، ومُعلم لا يتخلى عنك أبدًا. هو مسؤول عن أن يكشف لكَ الطريق الصحيح في مفترقات الحياة، وهو الذي سيحفظك من صُنع قرارات خاطئة، إذا تعوَّدتَ أن تُميز صوته وتتبعه.
لذا عليك أن تُثبت نظرك فقط عليه. فهو صديقُك، وتستطيع أن تتحدث إليه كرفيقك. “لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا.” (يوحنا 5:15).
غرض المَسيح من إرسال الرُّوح القدس، أن يسكن رُوحه بداخلنا؛ لذا لا داعي أن يشعر أي مُؤمِن بالوحدة واليُّتم – بالقلق والانزعاج – “وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ، رُوح الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ.” (رسالة يوحنا 16:14-17).
كلمة (مُعزي) في الأصول اليونانية التي كُتِب بها العهد الجديد، هي (باركليتوس) وتعني (المشير، المعين، الشفيع، المحامي، المقوي والسند).
عندما تقبل الرُّوح القدس؛ يُصبح مشيرك، الذي يُقدم لك النُّصح والإرشاد. هو مهتم أن يُبعِدك عن كل ما هو شرير وشيطاني، ويُمشيك في طريق الحماية والخير والبركة. “لأَنَّهُ قَدْ رَأَى الرُّوح الْقُدُسُ وَنَحْنُ.” (سفر الأعمال 15: 28).
إن كوَّنت صداقةً جديدة، عليكَ أن تقضي وقتًا مع هذا الصديق الجديد؛ لتعرفه، وتفهم لغته. بالطريقة نفسها تحتاج أن تقضي وقتًا مع الرُّوح القدس؛ لتفهم لغته؛ فتتمكن من التعرُّف على صوته عندما يتكلم اليك.
إن هذا يستدعي أن تتأمل باستمرار في كلمة الله، التي هي أهم طُرق التعرُّف على شخص الرُّوح القدس، وصوته، ستجد فيها إرشادًا، وحلولًا لكل تحديات الحياة: في عملك، أو زواجك، أو أمورك المادية، إلخ:
“عَرَّفْتَنِي سُبُلَ الْحَيَاة”ِ (سفر أعما الرسل 28:2).
“سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي” ( سفر المزامير 105:119).
“اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْنًا فِي الضِّيْقَاتِ وُجِدَ شَدِيدًا.” (سفر المزامير 1:46).
هو دائمًا معك، وقت الراحة ووقت الشدة، هو أيضًا معكَ عندما لا تجد مَخرجًا من الضيق، أو مكانًا للحماية؛ هو موجود لأجلك؛ لأجل معونتك؛ يُمكنك أن تصلي (أشكرك أيها الرُّوح القدس لأنني لستُ وحدي)؛ لذا يجب أن تفرح؛ لأن الله أعطاك كل ما تحتاجه لتخرج منتصرًا من كل الظروف.
يُمكنك أن تنجح في كل ما تصنع عن طريق قوة الرُّوح القدس. يُمكنك أن تنتصر على كل خطية، وأي ضعف بقوة الرُّوح القدس. قد لا يُمكنك أن تراه بعينك المادية، لكنه يحيا في داخلك.
الروح القدس هو وكيل الدفاع، والمتكلم بالنيابة عَنا. وعندما يقول الناسُ عنك أمورًا شريرة، ويحكموا عليك بالخطأ؛ لا تقلق؛ فمحاميك سيكون هناك، ويُدافِع في الوقت الصحيح، ولا يمكن أن يتخلى عنك، سيُظهِر حقك وبرائتك. سيُنصفك سريعًا، وهو أيضا مُحامٍ عنَّا أمام الله الآب. “الرَّبُّ يُحَامِي عَنِّي. يَا رَبُّ، رَحْمَتُكَ إِلَى الأَبَدِ. عَنْ أَعْمَالِ يَدَيْكَ لاَ تَتَخَلَّ” (سفر المزامير 8:138).
إن كان الرُّوح القدس في حياتك؛ لن تتصف بالضعف فيما بعد، ولا عجب أن قال، بولس “حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ” (رسالة كورنثوس الثانية 12:10). بعبارةٍ أخرى عندما ضُرب وانكسر بعوامل خارجية، تقوَّى كثيرًا جدًّا بقوة الرُّوح القدس.
هل شعرتَ من قبل أنك بلا قوة، وبَدا كل شيء أمامك قاتِمًا؟ يُمكنك الآن أن تمتلىء بروح المعونة؛ فتنتصر على كل عوامل خارجية، تحاول أن تهدمك وتُحزنك، مثلًا كانت صلاة بولس الرسول “لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ، أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ،” (رسالة أفسس 3: 16). الرُّوح القدس مهتم أن تكون أقوى من كل ضعف تمر به.
أيضا يُعطينا الروح القدس قوة للشهادة عن يسوع وليس فقط قوة لحياتنا، “لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ».” (أعمال الرسل 1: 8).
الروح القدس هو مصدر قوتك وطاقتك، حتى لو نفد منك كل شىء: قوتك ومعلوماتك وأفكارك واختياراتك، هناك سند الرُّوح القدس، الذي لن يسقط أبدًا؛ ذلك حتى تتمكن من الاستمرار؛ لتتمتع بكل ما هو جميل في الحياة “إذَا سَقَطَ لاَ يَنْطَرِحُ، لأَنَّ الرَّبَّ مُسْنِدٌ يَدَهُ.” (سفر المزامير 37: 24).
عندما يسود الرُّوح القدس على جسدك أيضًا؛ سيحيي كل نسيج في كيانك، وسيمتليء جسدُك حياة. فأيُّ امتيازٍ إن كان الرُّوح الذي أقام يسوع من الأموات حيٌّ فينا. “وَإِنْ كَانَ رُوح الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِنًا فِيكُمْ، فَالَّذِي أَقَامَ المَسيح مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضًا بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ.” (رسالة رومية 11:8).
يُحذرنا الرسول بُولُس من إطفاء الرُّوح وإحزانه:
“اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ. لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ. لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوَّاتِ”. (رسالة تسالونيكي الأولى 5: 18 -20). وكلمة نبوات هنا مقصود بها الوعظ بكلمة الله، وما يُطفيء الرُّوح هو أن نتعامل بعدم جدية، أو باستهزاء، مع كلمة الله التي تُقدَّم لنا.
“لا تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ. وَلاَ تُحْزِنُوا رُوح اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ”. (رسالة أفس 4: 29، 30)، يتحدث هنا عن أن الكلمات السلبية، والكلمات الردية التي ننطق بها، وليست في توافق مع كلمة الله، تُحزن رُوحَه الساكن فينا.
روح الله القدوس شكرًا لأنك حيٌّ فيَّ. شكرًا لأنك تملأني. لأني لم أعد وحيدًا، إذ صار لي صديق، وأخ، صار لي معين وسند في ظروف الحياة. شكرًا لأني لن أنهزم؛ لأنك صِرت فيَّ، باسم يسوع القدير.. آمين.