6- الكراهية .. نارٌ عاتية!

الكراهية .. نارٌ عاتية!

يُعرف البعض التعصب على انه معتقد راسخ متطرف إلى اقصي الجهتين سواء كان اليمين او اليسار يُترجم بسلوك عدواني عنيف مع رفض الطرف الاخر شخصا وموضوعا

الشخص المتعصب لا يستطيع ان يفصل بين الافكار والاراء وبين الشخص نفسه فهو يحب او يكره الشخص بجملته فقط لانه موافقه المعتقد او انه مختلف معه..

والتعصب هنا لا علاقة له بالدين فقط فهو نهج يتبعه الفرد في طريقة تفكيرة وسلوكه سواء كان تعصبا دينيا او عرقيا او طائفيا او كرويا وغيرها من الامثلة، كما ان التعصب هو ارض خصبه للكراهية حيث تنمو الكراهية اسرع واعمق داخل هذه التربة الحاضنة للكراهية.

ايضا هناك مثلا شهير يقول “فرق تسُد” اي كلما اردت ان تسود، عليك تفريق روح الجماعة والمحبة وزراعة الكراهية والانانية.

كما يذهب التعصب احيانا إلى ابعد من ذالك حيث يعتقد البعض انهم فقط الفصيل الناجي وانهم  فقط اهل الجنه والباقين كفار او ناقصين او حتى احيانا لا يستحقون الرحمة وكأنهم قرروا قرارا عوضا عن الله نفسه.

التعصب مثله مثل كل الخطايا والشرور، التعصب يجلب التحزب، والتحزب يجلب الكبرياء وعدم التواضع ورفض سماع وجهة نظر الآخر بمحبة، أما المحبة فهي ضد التحزب وهي تتأنى وترفق ولا تحتد ولا تظن السوء ولا تطلب ما لنفسها. لذا لو سقطنا فريسة سهلة في فخ الكبرياء والتحزب سيقودنا ذلك إلى الغضب والتعصب واقصاء الاخر بجملته.. وهذا يمكن بسهولة ان ينتج عنه خطايا اخرى وجرائم اخلاقية مثل القتل والعنف والتهجير والتنمر وغيرها!

ما الفرق بين الانتماء والتعصب؟!

الفرق بين الانتماء والتعصب أن الانتماء يقتضى حب جماعة أو فرك أو معتقد دون معاداة سواهم أما التعصب فيعني أن تحب من تهوى وتميل نفسك إليه بجنون وتكره وتعادي كل المخالفين.

مما يؤسف له أننا لا نستطيع التفرقة بين الانتماء والتعصب، فالأول شيء جميل، والثاني شعور كريه.

الانتماء يعني الحب والبذل والتضحية والإيثار، وغير ذلك من المشاعر الإنسانية النبيلة، التي تضع الإنسان حيث أراده الله (وهنا يجب أن نقف كثيرا)، أما التعصب فينزل بالإنسان إلى الدرك الأسفل، ويفقده كل المعاني الإنسانية الجميلة، التي كرمه الله بها.

في مفهومي البسيط أن الانتماء دوائر تكبر، ولا تتقاطع، فمن يحب أسرته، لا شك سيحب شارعه، ثم حيه، ثم مدينته، ثم قبيلته، ثم الوطن، ثم مكونات هذا الوطن، والمحيط الثقافي والجغرافي الذي ينتمي إليه هذا الوطن، وصولاً إلى الانتماء إلى الإنسانية، وهذا أعلى درجات الانتماء وأسماها.

لا يمكن لإنسان في قلبه ذرة رحمة أن يفرح لكارثة تحدث في دولة أجنبية، بدعوى أنها كافرة، لأن الإنسان الذي لا يتألم لألم غيره من بني البشر مهما تباعدت بينه وبينهم المسافات الجغرافية والإثنية لا يستحق صفة إنسان.

ختاما.. ظاهرة التطرف من الظواهر الخطيرة التي انشغلت شعوب العالم بمواجهتها، لما تمثّله من تهديد لأمن المجتمعات وسلامتها، وصار كل مجتمع يبحث عن طوق النجاة من هذا الوباء، وذلك من خلال عدد من الوسائل والإستراتيجيات منها ما كان بالدعوة إلى التمسّك بقيم إنسانية تحضّ على التعايش والسلام من جانب، وإلى التخلّص من خصال تتنافى مع منظومة القيم الإنسانية من جانب آخر، كي تحظى المجتمعات بمزيد من الأمن والأمان وتنأى بنفسها عن التطرف والمتطرفين.

والتطرف – بكل أشكاله وصوره – إنما ينتج عن تجاوز الحد في استخدام الشيء، فالمغالاة في المشاعر تطرف، والمغالاة في الاعتقاد تطرف، والمغالاة في التدين تطرف، لكن أخطر أنواع التطرف هو ما يدعو إلى القتل والتخريب باسم الدين، وهو المغالاة في التدين أو ما يطلق عليه التشدد الديني وهو ما ينتج عن ضعف الهويَّة الذاتية والدينية والوطنية.

ليبقى السؤال هل المنتج النهائي الذي نراه من أتباع الأديان السماوية: تعصب أم انتماء؟!

والإجابة الفعلية الحقيقية التي نعرفها أنا وأنت يا عزيزي، ستقودنا إلى:

  1. إما أن هذه الأديان ليست سماوية بل بشرية بحتة تحمل الضغائن والكُره.
  2. أو هي فعلا سماوية ونحتاج لإعادة اكتشافها.
Please log in to join the chat

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع