الدرس السادس: المؤمن مكانه الطبيعي داخل دائرة الحماية الإلهية، لكن تُرى ما الذي يخرجنا خارج دائرة هذه الحماية؟ وكيف نكون في الحماية الإلهية؟
(الحماية ببساطة هي أن تكون في مأمنٍ من أي اعتداء أو شر يحوم حولك من أشخاص، أو أشياء، أو أماكن، أو أحداث).
الإيمان بالمسيح لا يجعل من الله إلهًا بعيدًا عن المُؤمِن، بل إلهًا حيًّا قريبًا جِدًّا من أولاده المُؤمِنين به، ويتعامل معهم بقلب الأب المسؤول عنهم كليًّا، ومن ضمن هذه المسؤوليات، مسؤولية الحماية لذلك يقول الكتاب في: (سفر إشعياء 49: 15) “هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هؤُلاَءِ يَنْسَيْنَ، وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ.”
هذا هو قلب الله تجاه المُؤمِنين به، أرحم وأحن من قلب الأم على الرضيع.
مثال: في (سفر التكوين 31: 24) “وَأَتَى اللهُ إِلَى لاَبَانَ الأَرَامِيِّ فِي حُلْمِ اللَّيْلِ وَقَالَ لَهُ: احْتَرِزْ مِنْ أَنْ تُكَلِّمَ يَعْقُوبَ بِخَيْرٍ أَوْ شَرّ”.
كذلك كما يحميك الله من الأعداء، يحميك أيضًا من نفسك، من طبيعتك، كما فعل مع يونان الذي فكر أن يذهب بعيدًا عن مشيئتة الله، وأعدَّ الله ريحًا، وسفينة، وحوتًا؛ ليحميه من عناده مع الله.
“بحسب (سفر الأمثال 18: 10) “اِسْمُ الرَّبِّ بُرْجٌ حَصِينٌ، يَرْكُضُ إِلَيْهِ الصِّدِّيقُ وَيَتَمَنَّعُ.
على هذا الأساس، في أي مكان نستطيع أن نحتمي في اسم الله المتاح لنا طول الوقت، فاسم الله ليس مجرد حروف الإسم المكتوبة، لكن اسم الله يعني طبيعته، وعمله لأجلنا، يعني محبته لنا، وخلاصه، وموته، وقيامته، وهذا عمل تمَّ، وعلينا إدراكُه، والسلوك بحسبه .. كذلك نجد في (سفر المزامير 112: 7) “لاَ يَخْشَى مِنْ خَبَرِ سُوءٍ. قَلْبُهُ ثَابِتٌ مُتَّكِلًا عَلَى الرَّبِّ”.
إذًا الله أعلن حمايته، وما علينا هو اللجوء إليه في أي وقت، وأي مكان، كما أعطانا مفتاحًا مهمًّا جِدًّا في (سفر المزامير 91: 9 – 10) “لِأَنَّكَ قُلْتَ: ” أَنْتَ يَارَبُّ مَلْجَإِي. جَعَلْتَ ٱلْعَلِيَّ مَسْكَنَكَ”؛ فلأنك تسكن في ستر الرب، أنت محميٌّ، ولأن الرب ساكن فيك أنت في حماية الله – ما عليك هو إدراك ذلك، واستحضاره دائمًا إلى ذهنك؛ لأنك بالإيمان بالله، أصبح روحه القدوس ساكنًا فيك.
لأن الله صالح، وقادر، وأمين؛ هو يحمينا من كل شيء حيث يقول (سفر المزامير 121: 7 ، 8) ” الرَّبُّ يَحْفَظُكَ مِنْ كُلِّ شَرّ. يَحْفَظُ نَفْسَكَ. الرَّبُّ يَحْفَظُ خُرُوجَكَ وَدُخُولَكَ مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ”، يُخبرنا الوحي في هذه الآيات أن الله يحمينا من كل شئ، وفى كل وقت.
نعم، الله يحفظنا، ويحمينا من كل شيء، ومن كل شخص كما قال لنا (بطرس الرسول في رسالته الأولى 3: 13) “فَمَنْ يُؤْذِيكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُتَمَثِّلِينَ بِالْخَيْرِ؟”. الرب يحمينا من التفكير في المستقبل بخوف؛ لأنه يوجد رجاء فالله لا يمنعنا من التفكير السليم في المستقبل، بل يُشجعنا على التخطيط، لكنه يحمينا من الخوف مما يحمله المستقبل يقول الوحي في (سفر أيوب 11: 18 – 19) “وَتَطْمَئِنُّ لأَنَّهُ يُوجَدُ رَجَاءٌ. تَتَجَسَّسُ حَوْلَكَ وَتَضْطَجِعُ آمِنًا. وَتَرْبِضُ وَلَيْسَ مَنْ يُزْعِجُ، وَيَتَضَرَّعُ إِلَى وَجْهِكَ كَثِيرُونَ”.
لأن الكتاب أعلن لنا أن عدونا ليس البشر، بل إبليس “الشيطان”، أعلن لنا أيضًا أننا غلبناه، وعلينا فقط تفعيل ذلك، وإعلانه؛ (رسالة العبرانيين 2: 14) “لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ”.
كذلك يُؤكد لنا الرسول يوحنا في (سفر الرؤيا 12: 11) “وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ”.
أعلن الوحي غلبتنا ونُصرتنا بربنا يسوع المسيح الذي غلب إبليس، وهزمه لأجلنا، كذلك مهما أعد إبليس من خُطط، واستخدم بشرًا لإيذائنا يقول الكتاب في (سفر المزامير 91: 10) “لاَ يُلاَقِيكَ شَرٌّ، وَلاَ تَدْنُو ضَرْبَةٌ مِنْ خَيْمَتِكَ”.
هذا إعلان الله الذي يقول فيه (لا تخشَ من فخاخ إبليس؛ لأنك محميٌّ بيد الله، ومُغطى بدم يسوع المسيح الذي هزم الشرير)، كذلك يُنبهنا الكتاب عن الإيمان الذي هو حائط الصد الأول من سهام إبليس؛ فيقول بولس الرسول، في (رسالة أفسس 6: 16) “حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ.” فالتُّرس في الحرب هو أداة الحماية من السهام المنطلقه نحوك. وتُشير الآية إلى أن الإيمان بالله ومحبته هم ذلك الترس.
يؤكد لنا الكتاب على المبدأ نفسه وهو سحق إبليس بواسطة الرب لصالحنا، وذلك نجده في (رسالة رومية 16: 20) “وَإِلهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا. نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَكُمْ”.
كذلك يُعطينا الكتاب مفتاحًا آخر لهزيمة إبليس، وهو الصلاة والصوم، كما جاء في (إنجيل متى 17: 21)
“وَأَمَّا هذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ”. تُعلن الآية تعلن أن الصلاة والصوم قادران على هزيمة الأرواح الشريرة.
الكتاب المقدس ملئ بمشاهد حماية الله لنا من كل شيء، ومن كل شخص، في عهديه القديم والجديد، وهذه بعض الأمثلة على ذلك.
في سفر التكوين أصحاح 7: 7 حمى الله نوح وبنيه وعائلته من الطوفان عندما أدخلهم السفينة.
يا ربُّ أشكرك؛ لأنك أعلنت مسؤوليتك عننا، وعن حمايتنا. أينما نكون تحمينا من أي شر، تحمينا من ظروفنا، ومن عدونا، حتى من أنفسنا. نُعظمك، ونُبارك اسمك. ونطلب منك مساعدتنا أن نعيش مدركين وجودك، وحمايتك لنا كل وقت، أشكرك لأنك صالح دائمًا.. آمين.