7. مفهوم الوحي في المسيحية

مفهوم الوحي في المسيحية

وحدة وتكامُل على مر العصور!

تقول كلمة الله إن “كل الكتاب هو مُوحى به من الله” (رسالة تيموثاوس الثانية 3: 16)، وتعبير “مُوحَى به” في اللغة اليونانية، الذي كُتِبَ به العهد الجديد من الكتاب المُقدس، تَعنى الذي يتنفس من الله، ومنها تُشتَق كلمة تَعني “الإلهام الإلهي، أو الوحي، أو أنفاس الله”.

وللمزيد من معرفة معاني الوحي في المسيحية، وطريقة كتابة الكتاب المقدس، وأسباب اختلاف أسلوب كل كاتب، رغم أن مصدر الكتاب واحد، دعونا نتعرف، على مراحل كتابة الوحي!

  • مراحل كتابة الوحي في المسيحية:
  • يختار الله بعض القديسين، ويُحرِك قلوبهم للكتابة، وقد يأمرهم مباشرةً، كما قال لموسى “اكتب هذا التذكار..” (خروج 14:17)، وكما قال لإرميا “خذ لنفسك دَرْج سفر واكتب فيه كل الكلام الذي كلمتك به..” (إرميا 2:36).
  • يترك الله للكاتب حرية اختيار الألفاظ والأسلوب والكلمات، لذلك نجد الأسلوب يختلف من كاتب لآخر، لكن دون أي تناقض، أو تضارب، بل في انسجامٍ كامل، وتوافق تام؛ فنري داود النبي يكتب بلغة الراعي، وسليمان بلغة الحكيم، وبولس بلغة الفيلسوف وهكذا، في الوقت نفسه، نجد روح الله يساعد الكاتب على انتقاء الألفاظ المناسبة.
  • يكون الكاتب أثناء الكتابة تحت هيمنة وسيطرة روح الله، الذي يحفظه، ويعصمه من الخطأ أثناء الكتابة.
  • كما يكشف روح الله للكاتب ما خَفِي عنه، مثلما كشف لموسى عن أيام الخليقة.
  • كما أن الله يتدرج بالبشرية من مرحلة لأخرى في طريق الكمال والملكوت.
  • كذلك لا يتقيد الوحي بلغة معينة، إنما يستخدم اللغة التي يستخدمها الشعب، فعندما كانت لغة شعب الله هي اللغة العبرية، جاءت كتابات العهد القديم بهذه اللغة، وعندما بدأ الشعب يتكلم الآرامية، ويصعب عليه فهم العبرية، جاءت بعض الكتابات باللغة الآرامية. والوحي لا يتمسك بلغة معينة، ولا يفضل لغة على أخرى، لذلك أوصى الرب تلاميذه، أن يذهبوا ويكرزوا للعالم أجمع، وأعطاهم أن يتكلموا بلغات مختلفة.
  • الكتاب المقدس هو كلمة الله
  • وفي هذا الصدد نجد
  • أن كُتَّاب الكتاب المقدس أنفسهم أعلنوا أنهم كانوا مسوقين من الروح القدس:

اعتبر كُتّاب الكِتاب المقدس، عبر كل الأسفار، أنهم كانوا مسوقين من الروح القدس، في كتابة الوحي. فداود النبي قال: ”رُوحُ الرَّبِّ تَكَلَّمَ بِي وَكَلِمَتُهُ عَلَى لِسَانِي.” (سفر صموئيل الثاني ٢٣: ٢).

الرسول بطرس أيضا في حديثه عن العهد القديم، بأسفاره جميعها، يقول: ”لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ”. (رسالة بطرس الثانية ١: ٢١) .

وكان الأنبياء يتكلمون دائما بـ “هكذا قال الرب”.

  • أن الأسفار المقدسة أعلنت عبر صفحاتها أن الله تنفّس بها:

نقرأ في العهد الجديد، إعلان بولس الرسول، في رسالته إلى تلميذِه تيموثاوس، أن: ”كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّباً لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ. ” (رسالة تيموثاوس الثانية ٣: ١٦-١٧).

والرب يسوع نفسه، وصف الأسفار المقدسة، بالكلمة الحقيقية، التي: ”… تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللَّه” (متى ٤: ٤).

  • إعلان الكتاب المقدس نفسه أنه كُتب بواسطة أنبياء الله (تابع التطبيقات العملية – مُشارَكة):

إن جميع الذين قاموا بكتابة الأسفار المقدسة، هم إما أنبياء، أو رسل من الله. وتوجد دلالات عدة، حول شخصية النبي، و صفاته، ولقبه، تسلط الأضواء، على دوره في نقل و تدوين كلمة الرب. عِلما بأن (كلمة نبي) تَعني بشكل عام التحدُّث باسم الرب.

  • مُعادَلة أن “ما يقوله الكِتاب، يقوله الرب أيضاً”

إن المعادلة التالية: ”ما يقوله الكتاب يقوله الرب أيضا”، تقدم لنا طريقة أخرى، يعلن فيها الكتاب المقدس، أنه كلمة الله.

إن هذا الأمر يظهر من خلال المقاطع المتكررة في العهد القديم، التي تُعلن “هكذا قال الرب”، في حين أن هذه المقاطع نفسها، عندما يَقتبس العهد الجديد منها، تذكر أن “الكتاب المقدس قال”.

  • وحدة وتكامل الكتاب أهم إثبات لصحته!
  • لنفرض أن شخصا طرق باب بيتك، وبعد أن سمحت له بالدخول، قدم لك قطعة من الرخام، غير مُشكَّلة، وتركها على أرض حجرة الضيوف، وخرج دون كلمة. ثم جاء شخص آخر، وفعل الشيء نفسه، ثم جاء شخص ثالث، ورابع، وخامس، وسادس، حتى اجتمع في بيتك عدد 40 قطعة رخام.
  • وعندما خرج آخر الكل، تكتشف المفاجأة، أن هذه القطع كوَّنت تمثالا جميلا مجسما. عندئذ ستُدرك، أن هؤلاء الضيوف النحاتين، الذين لم يقابل أي منهم الآخر، وجاءوا من أقاصي الأرض،  جاءوا  وراءهم عقل كبير، أرسل كل رجل على انفراد، وهو يحمل القطعة المتطابقة؛ لتكون جزءا من هذا العمل. وهذا ما حدث في تدوين أسفار الكتاب المقدس!
  • وإليك قصة تدوينه في نقاط:
  • الكتاب المقدس وحدة واحدة، الرب يسوع محوره، ففي العهد القديم نجد رموزا ونبوات عنه، وفي العهد الجديد نجد الحقيقة.  
  • كُتب الكتاب المقدس في ثلاث قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا.                                  
  • كُتب في أماكن مختلفة؛ فبولس الرسول كتب في السجن، ودانيال في القصر، وإرميا في السجن، ولوقا في رحلات السفر، وداود وهو يرعى الغنم تارة، وهو ملك تارة أخرى، ويوحنا في بطمس.
  • كُتب في أزمنة مختلفة، وقت السلم كسليمان، ووقت الحرب كداود. 
  • كُتب في أحوال نفسية مختلفة، فالبعض في عمق حزنهم وفشلهم كأيوب، والآخرون في قمة أفراحهم كسليمان في سفر نشيد الأنشاد.                 
  • كُتب بالعبرية والآرامية العهد القديم، واليونانية في العهد الجديد.           
  • ناقش قضايا جدلية كثيرة لكن الوحدة، والترابط يتضحان في كل الكتاب.
  • كُتب بمختلف أنواع الكتابات؛ أدب وتاريخ وقانون وشعر ومقالات وأمثال وكتابات وتراجم حياة أشخاص ومراسلات ومذكرات.
  • يغطي تاريخ البشرية  دون فجوات تاريخية، فسفر ينتهي ليبدأ سفر آخر في تكامل تاريخي.
  •  تطبيقات عملية
  • الدرس في نقاط
  • أحد تعريفات الوحي في المسيحية أنه “الإلهام الإلهي، أو الوحي، أو أنفاس الله”.
أما عن مراحل الوحي؛ فهي:اختيار الله للكاتب.عصمة الكاتب من الخطأ.تعريف الكاتب ببعض الأمور المَخْفيَّة.للكاتب حرية التعبير مع عصمة الروح القدس له.   وفي هذا نجد:تصريح الكتّاب أنفسهم بـ: “هكذا يقول الرب”تصريح الكتاب المقدس أنه “كلمة الله”إعلان الكتاب المقدس أنه يتمتع بالسلطة الإلهيةوأنه كُتب بمصطلحات بشرية.الكتاب المقدس وحدة واحدة، الرب يسوع محوره، ففي العهد القديم نجد رموزا ونبوات عنه، وفي العهد الجديد نجد الحقيقة.  
  • تأمُّل مُشجع

الوحي في المسيحية، هو إبلاغ الحق الإلهي للبشر بواسطة بشر. وهو عمل روح الله، أو بعبارةٍ أدق، عمل الروح القدس، في أفكار أشخاص مختارين، وفي قلوبهم، بما يجعلهم، بكامل إرادتهم، أداة للوحي الإلهي.

والعهد الجديد يؤيد العهد القديم، ويكمله. وقد وُجِد لغاية واحدة، وهي إعلان شخصية المسيح، وإيمان البشرية به.

كما أن الله لم يقف عند حد إعلان ذاته للبشر فحسب، بل بحث عن وسيلة، يُمكِّن بها الإنسان، من إدراكه. وكان على الروح القدس أن يقوم بهذه المهمة. وقد أكد المسيح لتلاميذه هذه الحقيقة إذ قال: “إن الروح القدس سوف يعلمكم كل شيء”، “ويرشدكم إلى جميع الحق” (يوحنا 14: 26؛ 16: 13).

إن العهد الجديد، هو شهادة لما حلَّ في أذهان وقلوب البشر، الذين آمنوا بالمسيح، بفعل الروح القدس. فقد ألهمهم لإدراك ما أعلنه الله ذاته، بابنه. والعهد الجديد يوضح لنا نتيجة ذلك الوحي!

  • مُشارَكة
  • إن ما يقوله الله، يقوله الكتاب المقدس: (غلاطية ٣: ٨)، (تكوين ١٢: ٣)، شارك زملاءك في المجموعة، بشاهدين كتابيين آخرين، عن هذه النقطة.
  • وما يقوله الكتاب المقدس، يقوله الله: (متى١٩: ٤-٥)، (تكوين ٢: ٢٤)، شارك زملاءك في المجموعة، بشاهدين كتابيين آخرين، عن هذه النقطة.
  • شارك زملاءك في المجموعة، بما تعرفه الآن، عن الفرق بين مفهوم الوحي في المسيحية، والأديان الأخرى!
  • أسئلة للتفكير
  • في ضوء فهمك لمحتوي الدرس، ما هي أسباب اختلاف أسلوب بعض الأسفار، رغم أن المصدر واحد.
  • ما هي المراحل التي يتطلبها تدوين الوحي في المسيحية بشكلٍ صحيح.
Please log in to join the chat

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع