الحَرْبُ الرُّوحيَّة.. اعرف عدوَّك!
(خطرٌ دائم أم معركة محسومة؟!)
س: ما هي مفاتيح النُّصرة في الحرب الروحية؟
هناك خطأن رئيسيان نقع فيهما، عند تناول موضوع الحرب الروحية: التركيز الزائد أو عدم التركيز الكافي.
فهناك مَن يُرجعون كل خطية أوخلاف أو مشكلة، إلى أرواحٍ شريرة، يجب انتهارُها، وطردُها. بينما يتجاهل آخرون، البُعد الروحي تماما، وحقيقةً، يُعلمنا الكتاب المقدس، أن صراعنا هو ضد قِوى روحية. ومفتاح الانتصار في الحرب الروحية، هو إيجاد التوازن المبني على تعاليم الكتاب المقدس. فنجد أن المسيح في بعض الأحيان، كان ينتهر الشياطين، ويُخرجها من الناس، وأحيانا أخرى يشفيهم دون أي ذِكر للشياطين.
تقول رسالة أفسس 10:6-12 “أخِيرا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إبليس. فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ، عَلَى ظُلْمَةِ هَذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ“. ويعلمنا هذا النص الكتابي بعض الحقائق الهامة: أن سلاح الله هو الذي يحمينا، وأن صراعنا الحقيقي هو ضد أجناد الشر الروحية.
تعطينا رسالة أفسس 13:6 -18 وصفا للسلاح الروحي الذي يعطيه لنا الله. فلا بد أن نثبت ممنطقين أحقاءنا بالحق، ولابسين درع البر، وإنجيل السلام، وترس الإيمان، وخوذة الخلاص، وسيف الروح، بالإضافة إلى الصلاة بالروح. فماذا تمثل هذه الأسلحة في الحرب الروحية؟
يجب أن نعرف الحق، ونؤمن بالحق، ونتكلم بالحق. يجب أن نكون واثقين بحقيقة أننا أبرار؛ بسبب تضحية المسيح من أجلنا. كما يجب أن ننشر الإنجيل، بغض النظر عن مقدار المقاومة التي ستواجهنا. فلا بد أن نثبت في الإيمان، واثقين في وعود الله، برغم قوة الهجوم الذي نتلقاه. ودفاعنا الآخير هو يقين خلاصنا، اليقين الذي لا تستطيع أيَّة قوى روحية أن تنتزعه. وسلاحنا الهجومي، هو كلمة الله، وليس آراءنا أو مشاعرنا. وعلينا أن نصلي بسلطان الروح القدس، وحسب مشيئته.
يسوع المسيح هو قدوتنا في مقاومة تجارب الحروب الروحية. فتأمَّلْ كيف تعامَل المسيح مع الهجمات المُباشِرة، المُوجَّهة إليه من إبليس، عندما جرَّبه في البرية (متى 4: 1-11). فقد واجه كل تجربة بالكلمات “مكتوب”. فكلمة الله الحيَّة، هي أقوى سلاح ضد تجارب إبليس. “خَبَّأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي لِكَيْلاَ أُخْطِئَ إِلَيْكَ” (مزمور 119: 11).
هنا يجب إضافة تحذير بشأن الحرب الروحية. فاسمُ المسيح ليس تعويذةً سحرية، تجعل الشياطين، تهرب من أمامنا. ويقدم بنو سكاوا مثالا (تابِعْ التطبيقات العملية – مُشارَكة)، لما يمكن أن يحدث، عندما يدَّعي الناس، أنهم يمتلكون سلطانا، لم يُعطَ لهم، (أعمال الرسل 19: 13-16). وعندما نبدأ في التحاور مع إبليس، نخاطر بأن يضللنا كما فعل مع حواء (تكوين 3: 1-7). لذا يجب أن يكون تركيزُنا على الله، وليس الأرواح الشريرة؛ فنتكلم مع الله، وليس مع الشياطين.
هنا يجب التنويه لأمرٍ هام.. أن الحرب الروحية ليست مُقتصرةً فقط على العهد الجديد، كما يظن البعض، بل إننا نجد مثلا في العهد القديم، في قصة شاول الملك، أن روحا ردئيا كان يُباغته، ويجعله في حالةٍ سيئة، لدرجة أن داود النبي، كان يعزف له بالعود حتى يهدأ، ونستطيع أن نقرأ عن هذه الواقعة كاملةً، في الأصحاح السادس عشر من سِفر صموئيل الأول.
الحرب الروحية ليست سهلة؛ فلا تقاتل وحدك. يريدك الشيطان أن تقاتل معه وحدك. سوف يهاجمك من اليمين، من اليسار، ومن الخلف. لن يكون عادلا، وسيهاجمك بطرقٍ لا تتوقعها. إنَّ الإخوة والأخوات في المسيح، مستعدون، ومتشوقون لمساعدتك خلال هذه الحرب. انضم إلى المؤمنين الآخرين في الصلاة. شارك معهم معاناتك في الإيمان، وأي هجوم قد تشعر به. لن يحكم عليك المؤمنون، أو يُخجِلونك، فهم موجودون للصلاة، ويشجعونك على ذلك. يريدون مساعدتك في النمو في إيمانك. انضم إلى المسيحيين بقدر ما تستطيع، خاصة في البداية، عندما يحاول الشيطان سرقة الكلمة من قلبك.
لا تظن أن العالم الروحي وهجمات الشرير ليست حقيقية. إذا تجاهلت التحذيرات؛ فأنت بالفعل مخدوع. في الوقت نفسِهِ لا تخف. في حين أن إبليس والشياطين حقيقيون، ويريدون أن يأخذوا الكلمة من قلوبكم، فإن الله واضح جدًا عندما يقول لنا ألا نخاف. الله في صفنا، ويمكننا الوثوق به لرعايتنا، لكن يجب أن نتواضع، ونطلب مساعدته. لقد أعطانا الله درعًا نرتديه؛ لحمايتنا في ساحة المعركة الروحية. يعطينا الله أيضًا؛ كلمة الحق، كسيفٍ لنا في المعركة الروحية. عندما يزرع الشرير الشك والكذب، عليك أن تَصدَّه، وتتكل على ما هو حقيقي.