٨- الصَّوم

الدرس الثامن: هل للصيام فائدة؟ ولماذا أصوم وامتنع عن الطعام والشراب؟ ثم هل هناك وصية كتابية بالصيام؟ هذا ما ستعرفه أثناء قرائتك لهذا الدرس.

  • مَفهوم الصَّوم.
  • شُروط الصَّوم.
  • كَيفية الصَّوم.
  • أشكال الصَّوم.
  • أنواع الصَّوم.
  • أهمية الصَّوم في حياة المُؤمِن.

مَفهوم الصَّوم

الصَّوم هو الامتناعُ عن الطعام والشراب لفترةٍ من الزمن؛ بغرض أن تستطيع إخضاع الجسد؛ فُتصبح أكثر تركيزًا في حياتك مع الله.

أيضًا الصَّوم ليس مُقتصِرًا على الطعام فقط؛ فأيُّ شيءٍ تمتنع عنه مؤقتًا، في سبيل التركيز بالكامل على الله، يُمكِن اعتبارَه صومًا.

يجب أن يكون الصَّومُ مُحددًا بوقتٍ، في حالة الصَّوم عن الطعام. لكن ليس المقصود بالصَّوم معاقبة الجسد، بل توجيه الاهتمام إلى الله، ودراسة كلمته.

“فَوَجَّهْتُ وَجْهِي إلَى اللهِ السَّيِّدِ طَالِبًا بِالصَّلاَةِ وَالتَّضَرُّعَاتِ، بِالصَّوْمِ وَالْمَسْحِ وَالرَّمَادِ.” (سفر دانيال 9: 3).

شُروط الصَّوم

يُمكننا التركيز على المسيح بطريقةٍ أفضل، عن طريق تحويل نظرنا عن الأشياء التي في العالم. لكن الصَّوم ليس وسيلةً لإقناع الله أن يفعل ما نُريده. فالصَّوم يُغيرنا نحن، لكنه لا يُغير الله. والصَّوم ليس طريقةً لإظهار أننا أكثر رُوحانية عن الآخرين. يجب أن يكون الصَّوم برُوح التواضُع والفرح. “وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ.” (إنجيل متى 16:6).

  • الزمان:

لا يُحدد لنا الكتابُ المقدس أوقاتًا، أو شهورًا، للصّوم. فقد تُرك الأمر للضمير الشخصي. وتِبعًا لنموذج الكتاب، قد تقوم جماعة من المسيحيين، أو الكنيسة، بتحديد وقتٍ للصّوم؛ من أجل أمرٍ هامٍ في حياة المُؤمِنين، أو من أجل خدمة المسيح. “انْتَخَبَا لَهُمْ قُسُوسًا فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ، ثُمَّ صَلَّيَا بِأَصْوَامٍ وَاسْتَوْدَعَاهُمْ لِلرَّبِّ الَّذِي كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِهِ.” (سفر أعمال الرسل 23:14).

  • المكان:

المُهِمُّ في الصَّوم، هو الصَّوم بحدّ ذاته، والنيَّة في الالتزام به، وعدم تباهي الصَّائمُ بصومه أمام الناس؛ لكي يكسب منهم مديحًا. بل الصَّومُ المقبول عند الله هو الصَّومُ الخَفيُّ عن الناس، المُعلَنُ لله؛ لأن الصَّوم أمرٌ شخصي، وليس فرصةً للتظاهُر. “وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَة.” (إنجيل متى 6: 17، 18).

يهتم الله باتجاهات القلب ونيّاته، أكثرَ من المظاهر الخارجية، كما لا يُصبح للصّيام أي معنى إن لم نُظهر محبة لله، ورحمته، تجاه الآخرين، في حياتنا اليومية. “أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ.” (سفر إشعياء 58: 6).

كَيفية الصَّوم

  • الكيفية – المدة:

لم يضع الكتابُ نمطًا مُحددًا لوقت الصَّوم. والله لا يُريدك أن تخور وتضعف، بل جسدك هو هيكلٌ للروح القدس، يجب أن تَقوته، وتَعتني به.

  • الصوم في العهد القديم:

نُلاحظ أن موسى لم يشترط صومًا مُعينًا في أسفاره الخمسة، عدا يوم الكفارة العظيم، “فَهُوَ يَوْمُ الْكَفَّارَةِ. مَحْفَلًا مُقَدَّسًا يَكُونُ لَكُمْ. تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ.” (سفر لاويين 27:23).

أمر موسى الشعبَ أن يُذللوا نفوسهم. والمقصود بـ”يذللوا” (الامتناع الداخلي) عن التفكير في أي شيء ضد كلمة الله، أو أي شيء به شر. كذلك التوبة عن خطاياهم، وما اقترفوه من أخطاء، وخارجيًّا: بالصوم، والامتناع عن كل المَلذات، والمُتع الجسدية.

وفي “أَمِثْلُ هذَا يَكُونُ صَوْمٌ أَخْتَارُهُ؟ يَوْمًا يُذَلِّلُ الإِنْسَانُ فِيهِ نَفْسَهُ، يُحْنِي كَالأَسَلَةِ رَأْسَهُ، وَيْفْرُشُ تَحْتَهُ مِسْحًا وَرَمَادًا. هَلْ تُسَمِّي هذَا صَوْمًا وَيَوْمًا مَقْبُولًا لِلرَّبِّ؟ أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ. أَلَيْسَ أن تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إلى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أن تَكْسُوهُ، وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ”.(سفر إشعياء 58: 5- 8).

  • الصوم في العهد الجديد:

” فَقَالَ كَرْنِيلِيُوسُ: مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إلى هذِهِ السَّاعَةِ كُنْتُ صَائِمًا. وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ كُنْتُ أُصَلِّي فِي بَيْتِي.” (سفر أعمال الرسل 10: 30). الصَّوم أمرٌ هام جدًّا، يُعبر فيه الإنسان عن مدى جديته في الأمر. فكرنيليوس لم يكن يهوديًّا لكي يصوم، لكن الله استخدم هذا العمل؛ ليُرسل له الشخصَ المناسب (بطرس) ؛ ليقول له كلامًا به يَخلُص، هو وأهل بيته.

أشكال الصَّوم

  • الصَّومُ الفردي:

وفيه يصوم الشخص إلى الله؛ من أجل طِلبةٍ خاصة. “أَمَّا أَنَا فَفِي مَرَضِهِمْ كَانَ لِبَاسِي مِسْحًا. أَذْلَلْتُ بِالصَّوْمِ نَفْسِي، وَصَلاَتِي إلى حِضْنِي تَرْجعُ.” (سفر المزامير 35: 13).

  • الصَّوم الجَماعي:

وفيه يصوم مجموعهٌ كبيرة من الناس؛ من أجل طِلبةٍ جماعية. “اذْهَبِ اجْمَعْ جَمِيعَ الْيَهُودِ الْمَوْجُودِينَ فِي شُوشَنَ وَصُومُوا مِنْ جِهَتِي وَلاَ تَأْكُلُوا وَلاَ تَشْرَبُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لَيْلًا وَنَهَارًا. وَأَنَا أَيْضًا وَجَوَارِيَّ نَصُومُ كَذلِكَ. وَهكَذَا أَدْخُلُ إِلَى الْمَلِكِ خِلاَفَ السُّنَّةِ. فَإِذَا هَلَكْتُ، هَلَكْتُ”. (سفر أستير 16:4).

أنواع الصَّوم

  • صَوم الجسد:

وهو أول خُطوة للتحكم في رغبات الجسد؛ لتستطيع أن تسوده. “نَادَيْتُ هُنَاكَ بِصَوْمٍ عَلَى نَهْرِ أَهْوَا لِكَيْ نَتَذَلَّلَ أَمَامَ إِلهِنَا لِنَطْلُبَ مِنْهُ طَرِيقًا مُسْتَقِيمَةً لَنَا وَلأَطْفَالِنَا وَلِكُلِّ مَالِنَا.” (سفر عزرا 8: 21).

  • صَوم الفِكر واللسان:

إن كل شيء يبدأ من داخل قلب الإنسان؛ فلا بُدَّ أن يحرس الإنسانُ قلبَه وفِكرَه؛ فمنهما تخرج الأفكار الخاطئة. “لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ” (إنجيل متى 15: 11).

أهمية الصَّوم في حياة المُؤمِن

  • العبادة لله: “وَبَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَ، “قَالَ الرُّوحُ الْقُدُسُ: أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ.” (سفر أعمال الرسل 13: 2). هم صاموا لكي يعبدوا الله، ولم يكونوا يُصلون ليحصلوا على شيءٍ؛ إنما أرادوا أن يأخذوا بعض الوقت؛ ليتواصَلوا مع الله.
  • مواجهة الأوقات العصيبة: “وَإِذْ لَمْ تَكُنِ الشَّمْسُ وَلاَ النُّجُومُ تَظْهَرُ أَيَّامًا كَثِيرَةً، وَاشْتَدَّ عَلَيْنَا نَوْءٌ لَيْسَ بِقَلِيل، انْتُزِعَ أَخِيرًا كُلُّ رَجَاءٍ فِي نَجَاتِنَا”. (سفر أعمال الرسل 27: 20). عندما كان بولس في طريقه؛ ليعرض قضيته أمام قيصر، هبت عاصفة قوية، فحدث صومٌ على متن السفينة، لطلب وجه الله، بعدها وقف بولس في وسطهم، وأخبر الرجالَ أنهم سينجُون. “فَلَمَّا حَصَلَ صَوْمٌ كَثِيرٌ، حِينَئِذٍ وَقَفَ بُولُسُ فِي وَسْطِهِمْ وَقَالَ: كَانَ يَنْبَغِي أَيُّهَا الرِّجَالُ أن تُذْعِنُوا لِي، وَلاَ تُقْلِعُوا مِنْ كِرِيتَ، فَتَسْلَمُوا مِنْ هذَا الضَّرَرِ وَالْخَسَارَة.” (سفر أعمال الرسل 21:27).

تطبيقات عامة على الدرس

آياتٌ لدراسةٍ أعمق
  • سفر يوئيل 14:1.
  • سفر الملوك الأول 21: 9.
  • سفر يونان 3: 5.
  • سفر زكريا 7: 4، 5.
صلاة

إلهي الغالي أشكرك من كل القلب؛ من أجل كلمتك، التي عَرفتني سُبل الحياة، وأشكرك؛ من أجل النور الذي أدركتُه بشأن الصَّوم، وكيف أستطيع أن أنجز في حياتي من خلاله. آمين.

يُمكنك أيضًا سماع الدرس باللهجات المختلفة

محتوى الدرس

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع