9- التسامُح .. يُعبر عن إلهٍ صالح!

التسامُح .. يُعبر عن إلهٍ صالح!

التسامح وقبول الآخر

تتفرد المسيحيه بتقديم وجهة نظر منقطعة النظير فهى الفكر الأصيل للخالق والتى هدفها الإرتقاء بالإنسان ولإستعادة صورته الأصليه على صورة خالقه وإسترجاع الكرامه الإنسانيه من جديد ووظيفته كخليفه وسيد على الأرض وذلك من خلال لم شمل الأسره البشريه من جديد فى وحده واحده متماسكه وفى نفس الوقت متنوعة المواهب والقدرات ولكن كيف ذلك ؟ فدعنا نرى هذه الكلمات ونسمع لهذه الرؤيه الإلهيه المباركه.

أولاً معنى التسامح وقبول الآخر:

  1. التسامح وقبول الآخر وجهان لعمله واحده فبينهما ترابط وتلازم وتوالى فهما يدلان على بعضهما كسبب ونتيجه فلن تقبل الآخر ما لم تسامحه ولن تسامحه ما لم تقبله.
  2. التسامح لا يقتصر معناه فقط على مسامحة من أساء إليك وتقول له سامحتك أو ربنا يسامحك ولكن لفظ التسامح يشمل ايضاً أن تسمح لغيرك بالحريه فى التواجد والفعل والتعبير عن رأيه وأن يمارس كل حقوقه وأن يلتزم بكل واجباته.
  3. لذلك يأتى مبدأ قبول الآخر ملازماً للتسامح فمن الممكن أن تعطى السماحيه لشخص ثم تقهره أو ترفض إختلافه عنك أو تزدرى به أو تنفصل عنه أو تحاربه حرباً علنيه أو خفيه.
  4. التسامح وقبول الآخر لا يعنى الزوبان وطمس الهويه أو الخنوع ولكن التسامح وقبول الآخر هو عمليه تمهيديه لإقامة جسور الحضارات بأكملها وتكامل وتنوع المهارات والخبرات لتكوين نسيج مجتمعى شامل الرؤيه ومترابط الوجدان.

ثانياً أهمية التسامح وقبول الآخر:

  1. إعلان للقلب المحب والعقل المنفتح والسلوك المنضبط ويدل على الثقه بالنفس وعدم الخوف من كل من هو مختلف أو متنوع.
  2. تدل على مرونة الشخصيه وعدم تجمدها وروتينيتها والإستعداد للتطوير والنمو.
  3. علامه على التشافى من المرض الخطير والمبيد للبشريه ألا وهو الكبرياء والتعصب وإدانة الآخرين والتشكيك فى نياتهم وضمائرهم.
  4. حمايه أكيده للعلاقات السويه بكل مستوياتها سواء الشخصيه أو الأسريه أو المجتمعيه أو الوطنيه أو العالميه وتجنب البشريه صراعات مدمره تصل إلى سفك الدماء البريئه.
  5. إستثمار كل الطاقات البشريه المتنوعه لإثراء الفكر الإنسانى مما ينتج عنه الإبداع وتخطى الكثير من المشكلات التى تواجه الحياه البشريه.
  6. التسامح وقبول الآخر إذا لم تعطها فلا تتوقع أن تتلقاها فمنحك إياها للناس هو بعينه منحها لنفسك إذا كنت تريدها حقاً.
  7. هما علاج أكيد وفعال لمحدودية الفكر والإمكانيات لكل أنسان بصفه خاصه أو مجتمع معين بصفه عامه فالتصميم الإلهى للبشر أن يكونوا متحدين وفى نفس الوقت متنوعين المواهب والقدرات والإمكانيات فالكره فى ملعب البشر إما الإتحاد أو الصراع كنتيجه حتميه.

ثالثاً سر الإختلاف وصعوبة عملية التسامح وقبول الآخر:

الإختلاف بين البشر واضح جداً وظاهره مثيره وحتميه تصل إلى إختلافات حتى بين المولودين التوأم فكل إنسان له حالته الخاصه حتى ولو من نفس الأسره وبالتالى حتى لو من نفس المجتمع أو البلد أو الدين وكما ذكرنا تصل حتى إلى التوأم من نفس البطن !

و لتفسير هذا وتوضيحه فهذه ستة عشر من العوامل التى تساهم فى تشكيل وتنوع الشخصيات وإختلافهم:

  1. الوراثه – حيث التفرد الجينى لكل إنسان
  2. الدين – حيث المعتقدات والطقوس الخاصه لكل دين أو مذهب فكرى
  3. الثقافه – حيث التأثير العام لإسلوب المجتمع فى الحياه
  4. النموذج – حيث يمثل القدوات الموثره فى الشخص من الآخرين
  5. الفن – حيث نوع الفنون المختلفه المفضله لدى الشخص
  6. البيئه – حيث تنوعها من مدنيه أو ريفيه أو صحراويه أو ساحليه
  7. الاعلام – حيث الرسائل الإعلاميه المنتشره وإتجاهاتها حول الشخص
  8. التعليم – حيث نوعية التعليم الذى تلقاه الشخص
  9. العلاقات – حيث الصحبه الخاصه ومدى تأثيرها
  10. النمو – حيث مراحل النمو ومدى مرورها بسواء وصحه أو العكس
  11. الوظيفه – حيث تأثير نوعية العمل على شخصية صاحبها
  12. الاحداث – حيث تأثير الأحداث المتنوعه علينا سواء بالسلب أو الإيجاب
  13. الأدوار – حيث الواجبات الملزمه للشخص ومسؤلياته
  14. الاحتياجات – حيث تنوعها ما بين إحتياجات نفسيه أو جسديه
  15. الامكانيات – حيث تأثيرها على مدى إشباع هذه الإحتياجات
  16. الاسره – حيث دورها المحورى فى تشكيل الشخصيه

الرؤيه المسيحيه للتعامل مع هذا الموضوع:

قدمت المسيحيه مبدأها الأساسى والرئيسى لحل هذه المشكله ألا وهو المحبه فأعلنت أنها طبيعة الله نفسه وأنها العلامه الرئيسية للمسيحيين

إنجيل يوحنا 8: 31

“بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ».”

فالمحبه هى البوتقه السحريه التى تذوب فيها كل الفوارق وتحل فيها كل المشكلات ويسهل بها التسامح وقبول الآخر

مت 5 الموعظه على الجبل

43 «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ.

44 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ،

45 لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ.

46 لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟

47 وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا؟

48 فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.

فهى محبه عمليه وليست شعارات فارغه وكما ورد فى الإنجيل رسالة كورنثوس الأولى أصحاح 13

4 الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ،

5 وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّوءَ،

6 وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ،

7 وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.

8 اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا. وَأَمَّا النُّبُوَّاتُ فَسَتُبْطَلُ، وَالأَلْسِنَةُ فَسَتَنْتَهِي، وَالْعِلْمُ فَسَيُبْطَلُ.

وإذا سأل سائل وقال وكيف نتعامل مع الإختلافات الفكريه والعقيديه ؟

 فالإجابه هى إذا توفرت هذه المحبه فى قلوب المختلفين فكرياً فسيكون من السهل جداً جداً الوصول إلى حلول لكل القضايا خصوصاً لأن المرجعيه واحده وهى للكتاب المقدس والروح واحد فى قلوبهم وهو الروح القدس الممنوح للمؤمنين

ما أروع كلمات الإنجيل هذه فى رسالة كورنثوس الإصحاح 13

1 إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاسًا يَطِنُّ أَوْ صَنْجًا يَرِنُّ.

2 وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئًا.

3 وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئًا.

 مبدأين من ذهب من فم السيد المسيح يساعدوك على التسامح وقبول الآخر:

المبدأ الأول: فى إنجيل متى إصحاح 22

35 وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ نَامُوسِيٌّ، لِيُجَرِّبَهُ قِائِلًا:

36 «يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟»

37 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ.

38 هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى.

39 وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ.

40 بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».

المبدأ الثانى: فى إنجيل لوقا 6: 31

“وَكَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ هكَذَا.”

الختام:

  1. المبادئ التى أسسها السيد المسيح هى بحق الحلول الفعاله لأنها من الخالق القدير نفسه وهو مؤسس المجتمع البشرى وهى خلاصة تاريخ القصه ما بين الله والبشر.
  2. هذه المبادئ ليس مستحيلة التطبيق ولقد إستمتع بها وذاق حلاوتها كل من طبقها.
  3. كل معاناه تعانيها البشريه الآن هى نتيجه للتخلى عن هذه المبادئ وتبنيها مبادئ الذاتيه أو الإنغلاق أو التعصب أو القبليه أو الكبرياء الذاتى.
  4. المسيحيه لا تعطى مبادئ فقط بل تعطى أيضاً الشفاء للطبيعه البشريه بالميلاد الجديد بالروح القدس وتعطى أيضاً الإمكانيات الروحيه للوصول لهذا المستوى.
  5. الله لا يجبر أحداً على الإيمان ولكن يبقى البشر أحراراً فى إختياراتهم وكل من يؤمن فعليه بذل الجهد المطلوب لتبنى هذه المبادئ الساميه والعمل بها حتى يكونوا أنواراً حقيقيه فى هذا العالم وبالفعل تلاميذ للسيد المسيح.
Please log in to join the chat

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع