س2: هل ترتعب منها؟! أم تتعامَل معها بعقلية المنتصرين؟!
مقدمة
آلاف الملايين من الجنيهات، تنفقها سنويا جيوش العالم؛ لتعرف القوة الحقيقية لأعدائها، وخُططهم في القتال؛ ولِمَ لا؟! فالمفتاح الأول للنُّصرة في أية معركة، هو أن تعرف أكثر ما يمكن عن عدوك !
ونحن، إن كنا فعلا للمسيح، فقد صار كلٌّ مِنا، جنديا في المعركة، التي تدور الآن، وبضراوة، بين مملكته ومملكة الظلمة .
فهل عَرَفنا قوتها؟
هل درسنا إمكانياتها؟
هل فهمنا خُططها؟
وهذه أسئلة هامة جدا؛ لأن كثيرين، ويا للأسف، ينهزمون من قِوى الظلمة؛ لأنهم لا يستعدون حسنا لقتالها، بما يتناسب مع قوتها، وأساليب هجومها ودفاعها.
أولا: سقوط الشيطان
لماذا سقط الشيطان مِنَ السَّماء؟! (تابِع التطبيقات العملية – مُشارَكة)
سقط إبليس بسبب كبرياؤه. فقد أراد أن يُصبح هو الله، وليس خادما له.
لاحظ تكرار صيغة “المتكلم”، في (إشعياء 12:14-15).
كما يقول (سفر حزقيال 12:28-15)، إن “إبليس كان ملاكا فائق الجمال“.
ومِن المُرجَّح أنه كان أعلى رتبة بين الملائكة، بل أجمل خلائق الله،
لكنه لم يكن مكتفيا بمكانته، بل أراد أن يحل محل الله،
أي أن “يُزيل الله من عرشه”، ويستولي على حكم الكون.
أراد إبليس أن يصبح هو الله، والمثير للاهتمام:
أن هذا هو نفس ما أغوى به آدم وحواء في جنة عدن (تكوين 1:3-5).
والأكثر دقة، هو القول بأن الله طرد الشيطان من السماء،
تماما كما جاء في (إشعياء 15:14؛ حزقيال 16:28-17).
فإبليس لم يسقط من السماء؛ بل تمَّ دَفْعُه خارجا.
ثانيا: ماذا قال الكتاب المقدس عن قوة إبليس ومملكته؟
كائنٌ وَحشي!
” تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان. وذنبه يجر ثلث نجوم السماء.. التنين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان الذي يضل العالم كله” (رؤيا 12: 3، 9).
من هذا النص نعرف هذه الحقائق:
إن اسمه إبليس،وهو اسمٌ يعني (المفتري أو المشتكي)، لقد افترى على أيوب أمام الله (أيوب 1: 11، 2 : 5)، وافترى على يوسف أمام فوطيفار لكي يسجنه (تكوين 39). وهو المُشتكي الذي كثيرا ما يتهم المؤمنين كذبا، أمام ضمائرهم؛ ليُفقدهم سلامهم الداخلي، أو أمام الآخرين؛ ليُعطل شهادتهم للرب.
واسمه الشيطان، وتَعني الخصم؛ لأنه يُعادي الله وأولاده.
وهو الحية؛ لأنه ماكرٌ جدا، وواسعُ الحِيلة.
وهو التنين، وهذا تعبيرٌ عن خطورته غير العادية، التي تتزايد؛ فالحية صارت مع الوقت تِنينا.
وهو تِنينٌ عظيمٌ أحمر، والأحمر لون الدماء، لون الحرب، فالشيطان كائنٌ وحشي، لا يعرف الشفقة.
قتَّالا للناس؛ إذ قال عنه الرب يسوع “ذاك كان قتالا للناس من البدء”. (يوحنا 8: 44).
قائدٌ لمملكةٍ ضخمة!
إبليس قائدٌ لمملكةٍ ضخمة، منظمة، كنظام الجيوش، يتدرج أفرادُها في المراكز القيادية، ودرجة القوة.
يقول الرسول بولس “فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم مع أجناد الشر الروحية في السماويات” (أفسس 6: 12).
هنا يمكننا أن نميز بين أربع درجات في مملكة الظلمة:
الرؤساء .
السلاطين .
الولاة .
أجناد الشر الروحية.
وعن شَرْح (أفسس 6: 12):
مصارعتنا: هي مصارعة فكرية، وليست جسدية، أمَّا عن الأفكار التي يلقيها في عقولنا، فهي تشكيكٌ في الله، وفي كل شيء، وهي أفكار شهوانية، وهي أفكار حَسَد وغيرة وكراهية، وعدم محبة للآخر؛ وهذه حربٌ مع عدو قوي، يستخدم الوسيلة التي يراها مناسبة ليُسقط كل واحد.
الرؤساء والسلاطين: وهم أصلًا درجات من الملائكة، لكن سقط بعضٌ منهم؛ فصاروا شياطين؛ والمسيح قال عن الشيطان “رئيس هذا العالم” (يوحنا 30:14). رئيس العالم بمعنى أنه يستخدم إغراءات الخطايا التي في العالم؛ ليخدع أولاد الله “أعطيك كل هذه.. لكن اسجد”. (متى 4: 9).
وُلاَةِ الْعَالَمِ: هم الشياطين الذين يحكمون العالم، عن طريق إيحاءات الخطية، وأسلحتُهم: المال واللذات والكرامة. وهدفهم إسقاطنا في الخطية واستعبادنا.
على ظلمة هذا الدهر: أي ما يُوجد في هذا العالم من آلامٍ وشرور. وهذا الوصف قاله المسيح أولًا (لوقا 52:22، 53). فالعالم كان قبل المسيح ظلمة. فالظلمة كناية عن عمل الشيطان، أمَّا المسيح فنقلنا من الظلمة إلى النور (كولوسي 13:1). لذلك فأولاد الله ليسوا في ظلمة بل في نور.
فِي السَّمَاوِيَّاتِ: جَعَل المسيح كنيسته تعيش في السماء (أفسس 6:2). والسماء هنا ليست مكانًا، بل حالة ووجود فقط. فالكنيسة التي تحيا السماويات، مُعرَّضة لحروب إبليس؛ ليجذبها من هذه الحالة السماويَّة، وهذا من حَسَد إبليس. والسيد قال “ملكوت الله داخلكم” (لوقا 21:17). فإذا كان ملكوت الله داخلنا، فالفرح والسلام والمحبة داخلنا؛ لأن المسيح يملك على القلب، وهذه هي السماويات التي نحياها.
كما قد يؤذي الأجسام بالحوادث وعُنف الآخرين والأمراض.
إنه يستطيع، في ظروفٍ معينة، إذا لم يُقاوَم، أن يسكن داخل الإنسان، كما في حالة يهوذا،
لكن فقط لو سمح له الإنسان بذلك؛ فلقد سمح يهوذا لإبليس، أن يدخل فيه، حينما أصرَّ على خطيته،
ولم يتراجع عن قراره بتسليم الرب، نعم، هو يقدر لو سمحنا له أن يتحكم فينا.
لكن الكتاب لم يتكلم عنه فقط بل قدم أيضا معلوماتٍ هامَّة عن جنوده.
ويذكر لنا الكتاب المقدس أسماء لبعضٍ من الأرواح الشريرة، توضح عملها، وهذه بعض الأمثلة:
· ” روح نجس” (مرقس 1: 23)، متخصص فى إفساد عقل الإنسان، بالأفكار والتصورات الشريرة.
· ” الروح الأخرس الأصم” (مرقس 9: 25)، الذي قد يؤذي حاسَّة السَّمْع والقدرة على الحديث .
· ” روح ضعف” (لوقا 13: 11)، وهو روح يصيب جسد الإنسان بالانحناء والضعف.
· ” روح غِي” (إشعياء 19: 14)، وكلمة (غِي) تعني (قَلْب أو عَكْس الأوضاع)، وتفيد الارتباك، والتشويش، وقد تُرجِمت إلى روح الدوار (الدوخة)، وإلى روح التشويه، وهو روح شرير، يؤثر على التفكير؛ فيشوه الحقائق الروحية.
· ” روح الزنى” (هوشع 4: 11)، وهو روح شرير يخطط بطرق مختلفة، ليقود الإنسان للزنى.
· ” روح كذب” (ملوك الأول 22:22)، وهو يُشجع على الكَذِب والمُبالغة في الحديث.
· ” روح المتسلط” (جامعة 10: 4)، روح يثير التسلط والعِناد والإصرار على الرأي الخطأ.
صلواتٌ مِن الكلمة
“يارب.. السيد قوة خلاصي ظللت رأسي في يوم القتال” (مز 140: 7).
” بك اقتحمت جيشا تسورت أسوارا، أتبع أعدائي فأدركهم، ولا أرجع حتى أفنيهم، أسحقهم فلا يستطيعون القيام، يسقطون تحت رجليَّ، تمنطقني بقوة للقتال، تصرع تحتي القائمين عليَّ، تعطني أقفية أعدائي، لذلك أحمدك يارب في الأمم، وأرنم لاسمك” (مزمور 18: 29، 37 – 40، 49).
تطبيقات عملية
الدرس في نقاط
إن دراسة الشياطين في المسيحية هي دراسة ما يقوله الكتاب المقدس بشأنهم.
يشير الكتاب المقدس إلى أن الشياطين هم ملائكة ساقطون.
ملائكة تمرَّدوا على الله مع الشيطان.
الشيطان وجنوده يرغبون الآن بخداع وتدمير كل من يتبعون الله ويعبدونه.
سقط الشيطان من السماء بسبب خطية الكبرياء، التي قادت إلى تمرُّده على الله.
إن الملائكة الذين سقطوا وأصبحوا شياطين كانت لهم إرادة حرة للاختيار.
لم يجبر الله أو يشجع أيًّا من الملائكة على السقوط في الخطيئة.
تساعدنا دراسة الشياطين في المسيحية على إدراك طبيعة عدونا الروحي.
تعلمنا أيضا كيف نقاوم إبليس وتجاربه غالبين.
ونَحَمَد الله من أجل الغلبة على الظلمة من خلال ربنا يسوع المسيح!
لا يجب أن ينشغل المؤمن بالأرواح الشريرة،
إلا أن فهما واضحا لها يساعد في تهدئة مخاوفنا، وجعلنا صاحيين،
مهما كانت قوة مملكة الظلمة فلا تخف منها، هي التي يجب أن تخاف منك، وتهرب من أمامك، لا، لا تخف من الحية إذا اكتشفت وجودها، لا تخف من إبليس، لا تخف من قواده، رؤسائه، سلاطينه، لا تخف من أي روح شرير، امسك بذنب الحية، ثق أن رأسها سيظل بعيدا عن يدك، لن يقدر أن يقترب إليك!
امسك بذنب الحية، أعلن في ثقة أنك أقوى منها!
أمسك بذنب الحية، قيِّدْ نشاطها.. إن لك سلطانا عليها!
امسك الحية لا تدعها تتحرك كما تشاء!
وعود الله فيأيدينا.. نعم في أيدينا.. لا تخف من إبليس.
تحداه ولا تخف منه، هو يريدك أن تخاف منه؛ لأن الخوف يسلب منا الإيمان، وبدون إيمان لن نقدر عليه.
أنا في المسيح.. أنا فيه.. هو كامل.. أنا فيه كامل!
أنا فيه.. هو بلا لوم.. أنا أيضا فيه أحسب بلا لوم!
أنا فيه.. هو قوي ومنتصر.. أنا فيه قوي ومنتصر!
هيا نردد فرحين “حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي” (كورنثوس الثانية 12: 10)!
“ليقل الضعيف بطل أنا” (يوئيل 3: 10)؛ لذا لن أخاف إبليس.. هو الذي سيخاف مِني، ويهرب من أمامي!
مُشارَكة
يُشارك أحد أعضاء المجموعة زملاءه، عن كيف كان يرى إبليس قبل هذا الدرس.
فيما يُشارك آخر، وَصْف الكتاب المقدس لجماله قبل السقوط، كما وردَ في (حزقيال 28).
على أن يشرح قائد المجموعة في إيجاز، عن طرده من السماء، كما وردَ في (إشعياء 14).
أسئلة للتفكير
في ضوء فَهمك لمحتوى الدرس، كيف ترى تقسيم مملكة الظلمة، وأدوار جنودها الأشرار؟!
هل ترى أنَّ هناك ضرورة لفَهْم مملكة الظلمة؟ وكيف يُمكننا الانتصار على مقاومتها لنا؟!