9- مفهوم الخلاص في المسيحيَّة.. ومراحله

مفهوم الخلاص في المسيحيَّة.. ومراحله

(الماضي والحاضر والمستقبل في عَلاقة الرب بالمفديين!)

س1: “ما هو مفهوم الخلاص في المسيحيَّة وما هي مراحلُه؟!”

ج1: الخلاص، يعني التحرير، والعِتق من العبودية، والإنقاذ من الخطر أو المعاناة، والمصير الأبدي المُظلم.

ج2: ومراحله: (الصَّلْب.. القيامة.. الصعود).

  • إلى الدرس بشيءٍ من التفصيل والإيضاح
  • مَدخل إلى الدرس

اليهودية Judaism، والمسيحية Christianity، يؤمنان، بأن الله خلق الإنسان على أحسن تقويم، دون عيبٍ أو شر، وكان مقامُه في جنة عدْن، وكان على علاقة طيبة بالله، وأن الشر دخل إلى الإنسان بغواية إبليس، فتغيرت حياتُه بالكامل، كما تغيرت علاقته بالله. وهذه كانت شهوة إبليس؛ إذ إنه عندما رأى الصورة الكاملة التي خُلِقَ عليها الإنسان، ومجد علاقته مع الله، حَسَد الإنسان على كماله ومجده، اللذين كانا له (أي لإبليس) أصلًا من قبل سقوطه. لذلك عمل على إفساد علاقة الإنسان بالله، وبحيلته، ودهائه، استطاع أن يُسْقِط الإنسان في العصيان، ويُخرجه عن طاعة الله، ويجلب عليه غضبه، ويوقِعه تحت طائلة العقاب الإلهي.

أما نتائج السقوط؛ فكانت كما تَعلمنا في أحد الدروس السابقة، انفصال الإنسان عن الله، طرده من الفردوس Paradise، عبوديته لإبليس، وقوعه تحت سلطان الخطية، خضوعه لحكم الموت الأبدي، مصيره المحتوم إلى الهاوية، مكان الظلمة، وانتظار العذاب.

هذه الصورة المحزنة التي وصل إليها الإنسان بسبب انفصاله عن الله، وعبوديته لإبليس والخطية والهاوية والموت الأبدي، تشير بقوة إلى مدى احتياجه لمن ينقذه، ويخلصه منها، ويُرجِع إليه صورته الأولى، وهذا ما نطلق عليه حاجة الإنسان إلى الخلاص.

والخلاص هنا يعني التحرير، والعتق من العبودية. وهو الإنقاذ من الخطر أو المعاناة. فأن تخلص شخصا ما، يعني أن تنقذه أو تحميه. والكلمة تحمل معاني الإنتصار أو الصحة أو الحفظ.

  • الخلاص
  • مِن ماذا نَخلُص؟

في المعتقد المسيحي للخلاص، نحن نخلص من “الغضب”، أي عقاب الله المستحق عن خطيتنا “فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ!” (رومية 9:5). فخطيتُنا تفصلنا عن الله، وأجرة الخطيئة هي موت. “لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا” (رومية 23:6). ويشير الخلاص الكتابي، إلى إنقاذنا من عواقب الخطية، وبالتالي نزع تلك الخطية.

  • مَن يخلصنا؟

الله وحده القادر أن ينزع الخطية، ويخلصنا من عقابها “لاَ بِأَعْمَال فِي بِرّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ ­ خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ”. (تيطس 5:3).

  • كيف يُخلص الله؟
  • يقول التعليم المسيحي عن الخلاص، إن الله أنقذنا من خلال المسيح “لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ”. (يوحنا 17:3).
  • بالتحديد، صار لنا الخلاص من خلال موت المسيح على الصليب وقيامته “لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ” (رومية 10:5).
  • ويؤكد الكتاب المقدس أن الخلاص هو الهبة غير المستحقة، المُنعَم علينا بها من الله “وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ” (أفسس 5:2).
  • وذلك فقط من خلال إيماننا بالرب يسوع المسيح “وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ”. (أعمال الرسل 12:4).
  • كيف نقبل الخلاص؟
  • نحن نخلص بسماع البشارة السارة: هنا يجب أولا، أن نسمع بشارة الإنجيل – الأخبار السارة عن موت المسيح، وقيامته “الَّذِي فِيهِ أَيْضًا أَنْتُمْ، إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، إِنْجِيلَ خَلاَصِكُمُ، الَّذِي فِيهِ أَيْضًا إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ”. (أفسس 13:1).
  • ثم، يجب أن نؤمن: أي أن نثق تماما في الرب يسوع “لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ: لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلًا ثُمَّ لِلْيُونَانِيِّ”. (رومية 16:1).
  • وهذا يتضمن التوبة: أي تغيير الفكر بشأن الخطية والمسيح “فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ، لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ”. (أعمال الرسل 19:3).
  • الدعوة بإسم الرب:لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ”. لأَنَّ الْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ، وَالْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلاَصِ. (رومية 10: 9، 10).المعنى الحقيقي “للخلاص”.
  • الصَلْب
  • تأكيدات هامة حول الفداء والصليب:
  • لم يسعَ يسوع للموت، ولم يأتِ إليه، بالتالي فإن الله لم يرد موت المسيح على الصليب.
  • إذ إن مشيئة الله هي أن يعلن المسيح بشرى الملكوت السارة.
  • وكان الصليب هو النتيجة، أو ثمن هذه الرسالة.
  • وقد اختار الله بملء حريته “الخلاص”، بواسطة المسيح.
  • ورسالة الأنبياء والرسل، هي عيش الرسالة التي يحملونها إلى الآخرين أولاً.
  • وقد أراد الله أن يكون لأفعال وأقوال المسيح قدرة خلاصيّة خاصة.
  • والمسيح أثناء قيامه بهذه المهمَّة، اصطدم بأصحاب الضَّمير الفريسي؛ ذلك الضَّمير الّذي لا يدخل، ولا يدع الداخلين، يدخلون.
  • مما دفع هؤلاء الذين يملكون السلطة، والسيطرة، إلى السعي للتخلص من المسيح؛ ذلك النور الّذي يفضح ظلامهم.
  • ماذا حقق لنا المسيح بصلبه؟

 1.التحرر من الخطيئة والموت: عاش المسيح حياة “البار”، وكانت تعاليمه دعوةً للناس إلى الحقيقة، ورفض الناس له، لم يجعله يبتعد عن هذا الهدف، ولم يُثنِ عزيمته، بل جعله يتقدم بكل حرية؛ ساعيا نحو الخلاص الشامل للجميع، لأن حبه كامل، ولأن الله وحده هو القادر على أن يحوِّل الشر إلى الخير، ويستخرج من الكراهية المحبة والنعمة.

 2. التكفير عن الخطيئة: عواقب الخطيئة لا تبقى خارج حدود الإنسان الخاطئ، ومن هنا تنبع حاجة الإنسان إلى التطهير، ويفهم المسيحيون موت المسيح كتكفير عن الخطيئة؛ لأن المسيح كان بدون خطيئة. وهنا تجدر الإشارة بأن الخطيئة هي خلل في النظام الخُلقي، وتشكيك في صلاح الله، ومن ثمّ فللخطيئة بعد جماعي يتخطى الفعل الفردي، ولأن المسيح عاش البر الكامل، والطاعة الكاملة لمشيئة الآب، دشن طريق الإنسان الجديد، المُطهَّر من الخطيئة، والقادر على إقامة علاقة بنوية مع الله.

 3. الحب المُحوِّل: إن حياة يسوع هي حياة “الحب” الكامل “لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ” (يوحنا 15: 13). إن الحب بطبيعة حاله يغير، ومحبة المسيح، لأنها كاملة، فهي ذو قدرة تغيرية. والمؤمن يختبر في شخص المسيح ذلك البار الّذي أطاع طاعة كاملة، وبالتالي يختبر أنه (الإنسان) كلما اقترب من الله اختبر البنوّة “أن يكون ابناً لله”.

  • القيامة
  • القيامة حجر الزاوية
  • إن قيامة المسيح هي حجر الزاوية لكل الإيمان المسيحي.
  • لأن بدون قيامة، لا إيمان، ولا كنيسة، ولا مسيح.
  • وقيامة المسيح هي “حدثٌ فريد” تماما.
  • والتلاميذ أنفسهم، مروا بثلاث مراحل:
  • عاشوا وعايشوا المسيح قبل موته في حياته.
  • عاشوا المحنة بعد الفبض على المعلم، محنة اليأس التام، والاحباط الشديد.
  • عاشوا واختبروا المسيح القائم.
  • وتحوَّلوا بفضل هذه الظهورات إلى شهود للقيامة.
  • خلاصة القول، إن المسيح حسب شهادات التلاميذ قام قيامة حقيقية.
  • قام بجسده الذي كان لديه قبل القيامة.
  • إلا أن هذا الجسد له صفات مختلفة (جسد نوراني).
  • وقد أكدوا أن ما شاهدوه لم يكن شبحا، أو وهما بل هو الرب.
  • وقدموا حياتهم لهذه الشهادة.
  • فواجهوا الموت والسيف، ولم يتنازلوا عنها مطلقا.
  • ·        وهناك شهادات تاريخية لأناس عاشوا حدث القيامة وشهدوا عنه.
  • معنى وتأثير قيامة المسيح:
  • إن القيامة إثبات لكل ما عمل المسيح، وعلَّم به.
  • إثبات لجميع حقائق الإيمان، حتى الأكثر صعوبة منها على الإدراك البشري.
  • وهي البرهان النهائي على حقيقة المسيح “كالمخلص”.
  • وهي إيضا إتمام لكل مواعيد العهد القديم.
  • لذلك هي مرتبطة إرتباطا وثيقا بالميلاد.
  • لأن في الميلاد (التجسد) دخل الله حياة البشر.
  • وفي القيامة دخل البشر حياة الله (التبرير).
  • أي عادوا إلى النعمة، التي فُقِدت بالخطيئة.
  • أي اصبحوا “أبناء الله” بالتبني في المسيح الابن الحقيقي.
  • الصعود
  • الصعود هو استمرار لسر المسيح المُمجَّد بالقيامة.
  • من هنا يأتي الارتباط الوثيق بين الصعود والقيامة.
  • بقي يسوع يترأى لتلاميذه مدة أربعين يوما، يكلمهم عن شؤون ملكوت الله. انظر (أعمال 1: 3- 10).
  • وعدد أربعين، هو عدد رمزي، يشير إلى مدة طويلة، تمُهد لحدث عظيم.
  • وهو يذكرنا بالمدة التي قضاها اليهود في البرية قبل أن يدخلوا أرض الموعد.
  • أي إن شعب الله الجديد، اختبر الرب القائم أربعين يوما، قبل أن يحل عليه روح الرب.
  • من هنا نفهم أن المسيح القائم كان يعلم تلاميذه.
  • أي يعدهم كما أعد الرب الشعب القديم، ويهيئهم لعطية الروح.
  • بالتالي لحمل الرسالة.
  • لأنه حيث عطيَّة الروح؛ فهناك رسالة، وحيث هناك رسالة؛ فهناك عطيَّة الروح.
  • خُلاصة:
  • المسيح وهو البار، مات من أجل خطايانا.
  • 2-     وكان موته تأكيدا لحقيقة التجسد.
  • 3-     خلاصنا هو ثمرة محبَّة الله لنا.
  • 4-     قدَّم المسيح نفسه بحريته، واختياره.
  • وهذه التقدمة حققها مسبقا أثناء العشاء الأخير مع تلاميذه.
  • 6-     وقد أقامه الله من بين الأموات؛ لأنه أطاع؛ فكانت القيامة انتصارا.
  • وتأكيدا لرسالة وحياه المسيح كلها.
  • ويؤكد العهد الجديد على أنه لا موت بلا قيامة، ولا معنى للقيامة بدون الموت.
  • يتناول الإيمان بالقيامة حدثا يثبته تاريخيا التلاميذ.
  • ويعني القبر الفارغ، واللفائف المطروحة، أن جسد المسيح أفلت من قيود الموت، والفساد، بقدرة الله.
  • الخلاص إذن هو عِتق من الماضي، وطبيعة جديدة في الحاضر، وخلاص أبدي في المستقبل.
Please log in to join the chat

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع