٣- روعة الغفران في المسيحية (إله يَهمُّه الإنسان!)

الدرس الثالث: الغفران في المسيحية ومعناه. حيث إن أصل كلمة غفران يعني التخلي عن، وكأن الشخص يتخلي عن حقه تجاه مَن أساء إليه.

  • مُقدمة.
  • مفهوم الخطية.
  • مفهوم الغفران الإلهي.
  • آيات عن الغفران الإلهي.

مُقدمة

هل من المهم أن يغفر الإنسان لنفسه؟ 

بالتأكيد.. إذ كثيرا ما نبحث عن غفران الله لنا، ونطالب الآخرين أن يغفروا لنا زلاتنا، أو نغفرها نحن لهم، لكن كثيرا ما لا يسامح الإنسان نفسه، ويظل واقعا في مرارة مستنقع الإدانة، وجلد الذات

وفي آخر الدرس سوف نوضح هذا الأمر بأكثر تفصيلا.

لكن قبل أن نعرف عن عمق وعظمة الغفران الإلهي، دعونا نستعرض سريعا مفهوم الخطية في المسيحية، والذي يختلف كثيرا عن مفهومه في الأديان الأخرى. وما قد يكون صادما في هذا الدرس، أن تعريف الخطية ليس هو الأفعال السيئة! نعم كما قرأت! بل ما وراء ذلك. الطبيعة. الطبيعة الفاسدة! دعونا نغوص معا في رحلة جديدة في ثنايا الحق الإلهي!

لكن قبلا، خُذْ دقيقتين، صلِّ فيهما، أن يفتح الله عيونك لتستنير بقوة في فَهْم طبيعة غفران الخالق العظيم!

مفهوم الخطية

هيا نستعرض معا في عدة نقاط، حقائق محددة عن مفهوم الخطية في المسيحية:

  • لا تفترض المسيحية أن الناس يولدون صالحين ثم تغويهم الشياطين.
  • بل العكس تماما؛ إذ يولدون وهم خطاة.
  • إن الخطية في المقام الأول، والدرجة الأولى، حالة وطبيعة.
  • وهذه الحالة تترجم الى فعل وسلوك.
  • والخطية حالة قلبية من التمرد والتعالي والرغبة في الاستقلال عن الله.
  • بالتالي لا يُعتبر الإنسان خاطئا لأنه ارتكب ذنبا، إنما هو يرتكب الآثام والذنوب لأنه أصلا خاطئ.
  • وعنده استعداد فطري لارتكاب الآثام والذنوب متى سنحت له الفرضة بذلك.
  • كما يقول داود النبي: “هَأَنَذَا بِٱلْإِثْمِ صُوِّرْتُ ، وَبِٱلْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي.” (اَلْمَزَامِيرُ ٥:٥١).

 دعونا نعود إلى الوراء، إلى بدء الخليقة، وقصة سقوط آدم وحواء:

  • عندما خلق الله آدم وحواء ووضعهما في الجنة كانا في حالة البراءة الأولى.
  • لم تكن طبيعتهما البشرية قد لوثت بعد بالخطية.
  • كانا في صورة جميلة نقية، وحالة سعادة سماوية لا يشوبها شيء.
  • وعندما سقطا؛ نتيجة لعصيانهما وصية الله، تغيَّرت الطبيعة البشرية.
  • من حالة البراءة الأولى إلى حالة السقوط والخطية.
  • وقد تمركزت طبيعة الخطية في الطبيعة البشرية.
  • وعاش الإنسان تحت نير عبودية هذه الطبيعة الساقطة.
  • وقد ورث نسل آدم وحواء الطبيعة الساقطة كما يرث المولود صفاته الأخرى من أبويه.
  • أصبحت الخطية مع السقوط متأصلة في الطبيعة البشرية.
  • ولا يمكن استئصالها لا بأعمال حسنة ولا صوم أو بصلاة أو ما شابه.

إن كان الأمر كذلك؛ فما هو علاج هذه المصيبة البشرية؟

  • العلاج لا يقتصر على مجرد مجموعة من الوصايا والفرئض والأوامر والنواهي.
  • لأن ذلك لن يؤثر على الطبيعة البشرية الساقطة.
  • العلاج الوحيد، والذي يقدمه الإنجيل لهذه المأساة البشرية هو تغيير طبيعة الإنسان.
  • والحصول على طبيعة جديدة.
  • طبعا لا يمكن الحصول على هذه الطبيعة إلا من الله.
  • الذي هو وحده يمكن أن يغير الطبيعة البشرية، لأنه هو الذي خلقها.
  • وهو الوحيد القادر على التعامل مع الروح الإنسانية.
  • ومَنْح روح جديدة بها طبيعة الله وبره.
  • هذه الروح الجديدة هي التي تعطي الضوء الأخضر لإمكانية الغفران.
  • فالغفران أساسه سداد ثمن الخطية المسبق والذي تم بواسطة الفداء.

مفهوم الغفران الإلهي

  • الغفران هو أن يسامح المرء شخصا أساء إليه.
  • والكلمة اليونانية المترجَمة الى «غفران» في الكتاب المقدس تعني حرفيا «التخلي عن».
  • تماما كما يتخلى الشخص عن حقه في المطالبة بدَيْن ما.‏
  • أو يقوم بسداد الدين  عوضا عن المدين فيطلقه حرا، وهذا هو المفهوم الحقيقي للغفران.
عن معنى الغفران في المسيحية:
  • لا يقوم الغفران في المسيحية على أساس الأعمال والحسنات والسيئات.
  • بل كما يُعلم الإنجيل يقوم على أساس ما فعله الله من أجلنا بواسطة شخص يسوع المسيح.
  • وما فعله من أجلنا يتجلى في ولادته (انظر لاحقا درس التجسد والخلاص في الجزء الأول).
  • وموته على الصليب.
  • وقيامته من بين الأموات.
  • ولم يكن الهدف مما فعله المسيح مجرد مسامحة الإنسان على خطاياه.
  • بل تغيير الطبيعة البشرية تغييرا جذريا من الداخل.
  • بحيث يصبح من آمن بالمسيح خليقة جديدة وإنسانا جديدا.
  • والغفران رحمة وعدل أيضا.
  • أما عن ما هو ليس غفرانا: فهو مثلا ( التجاوز عن السيئات_ وهو ليس لخطايا معينة_ وهو ليس ان الله ينسى فقط).
عن روعة الغفران في المسيحية:
  • الغفران صفة من صفات الله المقدسة.
  • لا غفران إلا به:
  • فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ، قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «يَا بُنَيَّ، مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». (مرقس 2: 5).
  • الغفران عطية الله للمؤمن:
    أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لأَنَّهُ قَدْ غُفِرَتْ لَكُمُ الْخَطَايَا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. (يوحنا الأولى 2: 12).
  • نتيجة غنى نعمة الله للإنسان:
    لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ، الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ. (أفسس 1: 6، 7).
  • بواسطة كفارة المسيح عن بني البشر
  • “وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!” (عبرانيين 9: 22).
  • آيات عن الغفران الإلهي

يحتوي الكتاب المقدس، على عدد كبير جدا، من الآيات التي تتحدث عن الغفران بشقيه، غفران الله للإنسان، وغفران الإنسان لأخيه الإنسان، في محبة، وتسامح، وسماحة وعدم حَمْل أية ضغائن، أو مرارة في النفس، ما من شأنه أن يمنح الإنسان سلاما،

وها بعضٌ ونذْرٌ يسير من تلك الآيات:

  • غَفَرْتَ إِثْمَ شَعْبِكَ . سَتَرْتَ كُلَّ خَطِيَّتِهِمْ. سِلَاهْ. (اَلْمَزَامِيرُ ٢:٨٥).
  • أَنَا أَنَا هُوَ ٱلْمَاحِي ذُنُوبَكَ لِأَجْلِ نَفْسِي ، وَخَطَايَاكَ لَا أَذْكُرُهَا. (إِشَعْيَاءَ ٢٥:٤٣).
  • لِأَنِّي أَكُونُ صَفُوحًا عَنْ آثَامِهِمْ، وَلَا أَذْكُرُ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا بَعْدُ. (ٱلْعِبْرَانِيِّينَ ١٢:٨).
  • كَبُعْدِ ٱلْمَشْرِقِ مِنَ ٱلْمَغْرِبِ أَبْعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا. (اَلْمَزَامِيرُ ١٢:١٠٣).
  • يَعُودُ يَرْحَمُنَا، يَدُوسُ آثَامَنَا، وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ ٱلْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ. (مِيخَا ١٩:٧).

تطبيقات عامة على الدرس

آيات للتأمل
  • (نحميا 17:9).
  • (دانيال 9:9).
  • (إشعياء 17:38).
  • (إرميا 34:31).
آية مُشجعة

“وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا”. (متى 6: 12) .

  • هذه الآية إن كنتَ لا تعلم جزءٌ من صلاة مسيحية اسمُها “الصلاة الربانية”، وهي صلاة كان الرب يسوع يُعلمها لتلاميذه، عندما سألوا أن يُعرفهم “كيف يُصلون”.
  • وفي هذه الآية الرائعة يدعونا السيد المسيح فيها أن نتضرع طالبين الغفران، من مانح الغفران؛ مُعلما إيانا أن نغفر نحن أيضا لكل من يسيء إلينا، ونُسامح في وداعة ومحبة!
أهم الدروس المُستفادة من درس “روعة الغفران في المسيحية”
  • الخطية ليست مجرد أفعال بل هي طبيعة داخلية فاسدة.
  • والغفران ليس مجرد مُسامَحة على الأخطاء بل يمتد لما هو أعمق من ذلك.
  • يمتد لتدخُّل الله (جلَّ جلالُه) لمنح الإنسان طبيعة قلبية جديدة.
  • والتخلي، والصفح، في حُبٍّ عظيم، عن حقه في مُعاقبة الإنسان على شروره.
ترنيمة (يَغفر ذَنبي)

يغفر ذنبي يسوع ربي
يغسلني ويطهر بدماه قلبي
يشفي أمراضي يسوع الفادي
يفديني من الحفرة يهدي حياتي

القرار: فيا نفسي لا تنسِ رحمته، قويت عليكي محبته

كلل رأسي برحمته
تابعًا إيايا خيرًا برأفته
يشبع عمري بكل الخير
فيجدد شبابي قوة النسر

تطبيق عملي
  • تحت عُنوان “آيات عن الغفران الإلهي” الذي ورد في متن الدرس، توجد آية تقول، “إِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ”. معنى كلمة وبخه الواردة هنا هو عاتبه، واستفهم منه عن الأسباب والشرح، وليس معناها أن تدينه.
  • شارك مجموعة التلمذة التي تنتمي إليها بمفهومك الآن عن الغفران الإلهي!
صلاة

(إلهنا الحبيب الصالح، أشكرك كثيرا لأجل نعمة الغفران الإلهي؛ أشكرك لأني عَرَفتُ الآن أن الخطية ليست مجرد أفعال، بل هي طبيعة ساقطة، توراثناها من آدم نتيجة السقوط، وهذا يُعظم فرحتي وتقديري بصنيعك؛ لأنك لم تغفر فحسب أخطائي وخطاياي، بل فعلتَ معي ما هو أعظم، أن أعطيتني طبيعة جديدة، فيها نفس طبيعة بر وصلاحك، وأصلحت بحب وفرح وقبول عن كل ماضيَّ الفاسد. كم أحبك وأجلَّك وأعظمك أبي. أبارك وأقدس اسمك، في اسم يسوع.. آمين.)

يُمكنك أيضًا سماع الدرس من هنا 👇

Please log in to join the chat

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع