الإلحاد: تاريخه.. أسبابُه! ج3

استكمالا للأسباب التي أوردناها في المقالتين السابقتين، عن تاريخ الإلحاد وأسباب ظهوره، نُورد في هذه المقالة سببين آخرين.

5. مشكلة الشر “الكوارث والحروب والعقاب الأبدي” :

من مقولات أبيقور المأثورة والتي سوف تجد أن أغلب الملحدين يتكلمون بها، “هل يريد الله أن يمنع الشر، لكنه لا يقدر؟ حينئذ هو ليس كلى القدرة؟! هل يقدر، لكنه لا يريد؟ حينئذ هو شرير؟! هل يقدر ويريد؟! فمن أين يأتى الشر إذن؟! هل هو لا يقدر ولا يريد؟! فلماذا نطلق عليه الله إذن؟!”.

هذه المقولة قد تحدد سؤال أغلب الملحدين عن مشكلة الشر الموجودة والمعروفة والظاهرة للكل. حقًا إن الله كلي الصلاح وكلي القدرة، وقد حدَّد وقتًا للدينونة، فيه تُخمد الشرور إلى الأبد وتبدأ الحياة الملائكية السعيدة بلا حسد من إبليس ولا محاربات من العالم والجسد، أما الذين يطالبون الله أن يقضي على الشر الآن، فإنهم لا يدركون ماذا يقولون.. تصوَّر يا صديقي أن الله قرَّر في هذه اللحظة القضاء على الشر وعلى جميع الأشرار، تُرى من ينجو من هذه الدينونة..؟!

إن الله يطيل أناته علينا، فلعل الذي يخطى الآن يتوب بعد الآن، ولعل شرير اليوم يمسى قديس الغد، فهذا ما يلتمسه الله منا “إني لا أسرُّ بموت الشرير، بل بأن يرجع عن طريقه ويحيا. أرجعوا أرجعوا عن طرقكم الرديئة فلماذا تموتون يابيت إسرائيل” (حزقيال 33: 11).

وهو لا يشاء أن يهلك أُناس. بل أن يقبل الجميع إلى التوبة. حقًا إن الإنسان الذي ينظر للأمور بمعرفة روحية يستريح، ومهما تزايدت الكوارث فإن هذا لا يمنع عنه الفرح بالرب، مثلما قال حبقوق النبي “فمع أنه لا يزهر التين ولا يكون حمل في الكروم يكذب عمل الزيتونة والحقول لا تصنع طعامًا ينقطع الغنم عن الحظيرة ولا بقر في المزود. فإني أبتهج بالرب وأفرح بإله خلاصي” (حبقوق 3: 17، 18).

أما عن العذاب الأبدي فالله لم يعده قط للإنسان، إنما أعده للشيطان وكل جنوده “اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته” (متى 25: 41)، والذي تمسك بالشر فإن شره يقوده لهذا العذاب الأبدي، وما أجمل قول أحد الآباء: “إن الله لن يدين الإنسان على خطيته، إنما سيدينه على عدم توبته”.

ويقول “بول ليتل”: “عندما يسأل شخص: كيف يرسل الله الصالح الناس إلى الجحيم؟ هنا يجب أن نشير بأن الله لا يرسل أحدًا إلى الجحيم، نحن نُلقي بأنفسنا. الله صنع كل ما هو ضروري لنا لكي ننال الغفران والفداء والتبرير، ولكي نكون جاهزين للحياة معه في السماء. وكل ما تبقى هو فقط أن نستقبل هذه العطية. أما لو رفضنا نعمته فلن يكون لدى الله خيار آخر، إلاَّ أن يتمم اختيارنا، فبالنسبة للشخص الذي لا يريد أن يكون مع الله، فإن حتى السماء نفسها لن تكون سوى الجحيم بعينه”.

  • 6- الخلط بين المسيحية والشيوعية:

في البداية أخذت الشيوعية بعض سمات المسيحية مثل:

أ – الشعار السوفيتي الشيوعي (إن كان أحد لا يعمل فلا يأكل أيضًا”، مقتبسا مما ورد في رسالة معلمنا بولس الرسول الثانية لأهل تسالونيكي “إن كان أحد لا يريد أن يشتغل فلا يأكل أيضًا” (تسالونيكي الثانية 3: 10) مع الفارق، لأن النص يوضح “إن كان لا يريد”، أي إنه يملك إمكانية العمل، ولكنه لا يريد أن يعمل، فلا يأكل. أما الشيوعية فقد رفضت كل من لا يعمل مهما كانت حالته الصحية لا تسمح بالعمل، وهذا هو فكر “القس توماس مالثوس”، الذي أوصى بعدم مساعدة الفقراء والضعفاء على الحياة، بل يجب أن ينتهوا من الوجود، وهذه النتيجة التي وصل إليها “هتلر” إذ نفذ برنامج “القتل الرحيم” فقتل أطفال ألمانيا المعوَقين، وكان ينوي أن يقتل البالغين منهم أيضًا.

ب- أخذت الاشتراكية الشيوعية من المسيحية حياة الشركة في الكنيسة الأولى، والملكية العامة، فجاء في سفر الأعمال “وكان لجمهور الذين آمنوا قلب واحد ونفس واحدة ولم يكن أحد يقول أن شيئًا من أمواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركًا.. لم يكن فيهم أحد محتاجًا لأن كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها ويأتون بأثمان المبيعات. ويضعونها عند أرجل الرسل فكان يُوزَّع على كل واحد كما يكون له احتياج” (أعمال الرسل 4: 32 – 35)؛ فهكذا كانت تسعى الاشتراكية الشيوعية للحياة الفضلى المثالية التي يتساوى فيها الجميع، ولكن شتان بين المسيحية التي قامت على أساس الحب والبذل والتضحية، فكل من أراد أن يضحي بممتلكاته ضحى بها بطيب خاطر بدون إجبار من أحد، أما الاشتراكية الروسية فقد قامت على الإجبار والقمع والتعذيب والاضطهاد.

  • 7. أخطاء بعض الافراد أو المسؤليين داخل الكنيسة :

الجميع زاغوا وفسدوا معًا، ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد” (مزمور 14: 3).

يعثر الكثيرون بسبب أفعال خاطئة قد تصدر من بعض الآباء أو المسؤولين أو المنتمين للكنيسة. ونجد أن بعض من الذين ألحدوا يحملون تلك الأخطاء الى الكتاب المقدس، وعلى الرغم من انهم لو قاموا بقراءة الكتاب المقدس سوف يجدوا أن الله يدعوا الجميع الى الصلاح والتوبة ورفض الخطيئة. وكلمة “الجميع” هنا تشير إلى جميع الخُدام والقادة الروحيين.

للاستفادة من الكورسات، تحتاج أولًا للتسجيل في الموقع