هل يوجد إله؟!
هذا واحدٌ من أهم الأسئلة التي يطرحها الإنسان على نفسه وعلى الآخرين، وهو سؤال مصيري خطير. ومنذ فجر التاريخ انشغل الإنسان بملاحظة الطبيعة وظواهرها من حوله محاولًا إيجاد تفسير لما يراه ويشعر به، وشعر أنه بالتأكيد هناك قوةٌ أكبر هي المسؤولة عن هذا النظام الكوني البارع؛ فمضى يعبد قوى الطبيعة ويفترض بعض الحكايات التي تفسر بداية الخلق والآلهة وما إلى ذلك من معتقدات. وأصبح الدين ذا تأثير كبير على حياة الإنسان؛ إذ كان وراء كل حضارة قائمة ديانة تُسيّر مجرى التاريخ، وكانت عظمة الحضارات ترتبط بديانة قوية تدفع الناس للتقدم والمعرفة اليقينية التي ارتبطت باستقرار الإنسان وتقدمه.
وفي البداية فكر الإنسان في وجود إله أو إلهة لكل مجال من مجالات الحياة والطبيعة، لكنه فيما بعد استطاع أن يصل من فكرة التعددية إلى فكرة توحيد الإله.
إذًا ففكر الإنسان الطبيعي يرشده لوجود إله أنشأ هذا الكون ويحركه ويحكم قوانين حركته بدقة شديدة.
ومن فكرة التأمل في الطبيعة ننطلق نحن أيضًا لنكتشف هل يوجد إله أم لا؛ فوفقا لـ Ask an Astronomer -وهي مدونة يديرها علماء الفلك في جامعة كورنيل في إيثاكا بنيويورك- تدور الأرض -بكل ما عليها من جبال ومحيطات وبحار وأنهار- حول الشمس بسرعة 67 ألف ميل في الساعة (110 آلاف كم / ساعة). في حين أن أسرع الطائرات لا تتجاوز سرعتها 1000 كم/ ساعة. هذه الحقيقة تضعنا أمام أحد احتمالين: أن تكون هذه الخليقة بدون خالق، وهنا نحن أمام أزمةٍ، إذ أن هذه الكرة تطير بهذه السرعة بلا حاكم ولا رابط ولا ضابط، ويطير معها أيضًا عدد غير متناهٍ من الأجسام الفضائية وبسرعات كبيرة أيضًا. فهل يستطيع أحد أن يأمن ركوب طائرة بدون طيار؟ الاحتمال الثاني أن يكون هناك خالق. وهنا يكمن الاختيار، الذي يستدعي وجود عقل مفكر متروٍّ في ماذا يعتقد وبمن يؤمن.
وإذا تأملنا في تكوين الإنسان نفسه نستطيع أن نجد يد الله واضحة في خلقه وتكوينه، فالعقلُ البشري يعالج في وقتٍ واحدٍ مقدارًا مذهلًا من المعلومات، ويستوعب جميعَ الألوان والأشياء التي تراها، ودرجة الحرارة من حولك، وضغط قدميك على الأرض، والأصوات من حولك، وجفاف فمك، وحتى ملمس سطح لوحة المفاتيح. كما يستوعب العقلُ جميعَ عواطفك وأفكارك وذكرياتك ويعالجها. وفي الوقت نفسه، يحتفظ عقلك بسجلّ لوظائف جسمك المستمرة مثل التنفس وحركة الجفن والجوع وحركة العضلات في يديك. وكذلك عين الإنسان التي يمكنها التمييز بين سبعة ملايين لون، كما تتمتع بتركيز تلقائي، وتستطيع أن تعالج عددًا مذهلًا من الرسائل يصل إلى 1.5 مليون رسالة في وقتٍ واحدٍ. هذه الدقة في خلق الإنسان لا بد أن تشير إلى خالق غير محدود في علمه وقدرته.
كل هذه الإثباتات هامة وضرورية جدًّا للاقتناع بوجود الله، لكن الأهم هو شعورنا الداخلي الذي يحتاج لوجود خالق وإلى وجود علاقة قوية معه.